المستقبل العربي في ظل صراع الأقطاب ؟

2021-07-08
النظام الطاغوتي الربوي الصهيوني العالمي لا يخجل من صناعة "عقل جمعي" مزيف يدعو إلى نموذجهم "الوهمي" الذي يتم نفخه "إعلامياً" و الترويج له عن طريق وسائل الترفيه من أفلام و أغنيات مصورة و مسلسلات كوميدية قصيرة وعبر مرتزقة مواقع التواصل الإجتماعي وهي جزء من آليات صناعة الوهم والدعاية المزيفة التي تصنع "عالماً "غريباً ليس موجودا الّا في شاشات التلفزيون أو على أقراص الأفلام أو في ما تم استحداثه مؤخراً من منصات إنترنت تبث الترفيه رقمياً مع تركيزها القذر على الشذوذ الجنسي والنشر "المنحط" للإنحرافات الأخلاقية وكل ما يدمر "مفهوم العائلة الإنسانية الطبيعية" .
 
"لقد أثبت العلماء منذ فترة طويلة أن المعرفة بالشؤون الدولية تعكس غالباً التحيزات السياسية والثقافية والجغرافية لأولئك الذين ينتجونها . على سبيل المثال، كشفت دراسات ما بعد الإستعمار عن أن المناهج الأمريكية السائدة «ضيقة الأفق» وليست عالمية، أو تعكس الإفتراضات الفكرية والتفضيلات السياسية لمن هم في مركز النظام الدولي"* .
 
"ووجد بعض هؤلاء العلماء الملتزمين بالتفكير الوضعي الجديد أن الهيمنة الأمريكية في هذا المجال تميل إلى خلق «نقاط عمياء» في العلاقات الدولية، مما يؤثر سلباً على العلاقات الدولية . كما تؤثر التحيزات السياسية والثقافية أيضاً على وكالات التصنيف وقواعد البيانات، مما يؤدي إلى تقييمات وتوصيات من جانب واحد ."*
 
ان النظام الطاغوتي الربوي الصهيوني العالمي هو "ديكتاتورية" كمنظومة عالمية عابرة للقارات لا تريد ألّا ان يتم "فرض" ما تريده هي وهي تخدع شعوبها من خلال الإيحاء من أن هجومهم على الأقطاب الروسية الصينية "الصاعدة" هي جزء من "وطنية مطلوبة من هذه الشعوب !؟" وهي حالة "استحمار" خادعة يمارسها النظام الطاغوتي العالمي ضد شعوبهم !؟
 
"تخلق الأزمات الدولية والمعضلات الأمنية الظروف التي يصبح فيها إنتاج المعرفة الموضوعية وغير المتحيزة أكثر صعوبة من أي وقتٍ مضى . إن ضغوط الأزمات لها تأثير في تقليص الحيز الفكري لخطابات النقد والتأمل الذاتي، تاركة مجالًا فقط لخطاب التفوق والدفاع. عندما تتطور الأزمة إلى مواجهة سياسية وعسكرية، يتعرض المثقفون لضغوط شديدة للوقوف إلى جانب حكوماتهم، وقد يُنظر إلى بعضهم على أنهم خونة إذا انتقدوا سياسات دولهم. في ظل هذه الظروف، تهيمن المواقف والصور النمطية السلبية. ويتم الضغط على الدول لتقديم نفسها على أنها الحامي النهائي للمصالح الوطنية، ويمكن أن تميل إلى الانخراط في صناعة الأساطير القومية وإثارة الخوف والتستر الاستراتيجي ."*
 
هذا النظام الطاغوتي الربوي الصهيوني العالمي يلعب على الأرض العربية بالتدمير والسيطرة والإستغلال وسرقة مواردها الغنية ومحاولة تحريك هذا الطرف وذاك الطرف بما يخدم مصالح الكيان الصهيوني وادواتهم، والمنطقة العربية أصبحت منطقة "تدخل مفتوح" وملعب لكل من هب ودب في ظل غياب "المشروع العربي الشامل والجامع" وفي ظل غياب الوحدة العربية الحقيقية المطلوبة من أي أمة تريد صناعة نهضتها وأمنها الحقيقي وتنميتها الواقعية في خط خدمة الفرد والمجتمع من أجل الإنتاج الحضاري المستمر والمتواصل وهو الدور الذي غاب عنه العرب .
 
نحن نريد نقاش المستقبل العربي في ظل صراع الأقطاب ؟ 
وهل لنا دور في هذه اللعبة في ظل التفكك العربي السائد في المنطقة ؟
 
وما أفضل من التاريخ العربي لكي ننطلق منه لصناعة المستقبل وهو التاريخ الذي نريد قراءته لا لكي نستغرق فيه ونغرق في تفاصيله، بل هو التاريخ الذي ندرسه ك "تجربة" وك "محاولات عربية" نحاول دراستها من خلال سلبياتها لكيلا نقع فيها مرة أخرى، لكي ننطلق من جديد من أجل إعادة النهضة العربية في خط صناعة الحضارة والإبداع وهو الدور العربي الذي غاب عن العالم .
 
إن التاريخ موقع انطلاق لقراءة الحاضر وصناعة المستقبل، وكذلك لتقديم الدروس بعيدا عن المثاليات والأحلام الخيالية التي تصطدم مع الواقع الذي قد يخلق "احباطات" وفشل متكرر مما قد يصنع الردة عن الإيمان الفكري أو يدمر الأحلام، ومسألة الردة تزداد حساسيتها عندما تحصل عند المتدينين الذين قد يتفاجئون من تصرفات حزب من هنا أو انحراف قيادات من هناك أو حرمنه معمم هنالك وارتباط ذاك مع جهاز استخبارات .... الخ من صدمات الواقع الذي قد يعيشها ليس فقط "الإسلاميين" بل القوميين والماركسيين سابقا عندما يسقط المبدأ والفكر أمامهم ويشاهدون "الإنحراف" و"السقوط" .
 
شاهدنا ورأينا وعاصرنا كلنا مسألة "عبادة الشخصيات" وتقديس الأشخاص عند القوميين وبخاصة لدى الأنظمة الرسمية العربية وأنظمة حكم الحزب الواحد، نحن هنا لا نناقش فشل أو نجاح فكرة نظام الحزب الواحد ولا نسوق لفكرة الديمقراطية "الغربية" فالنقاش الفكري التحليلي  يطول في تلك المسألة وتتطلب دراسة منفصلة ولكن في عالمنا العربي رأينا كيف أصبحت الأحزاب "مافيات" وعصابات تجميع لأوباش البشر  ومواقع للمزاوجة بين الأمن والتجارة وهذه مأساة الأحزاب العربية بكل تفرعاتها وتنوعاتها فالأسلامي  سقط كما سقط القومي والماركسي اذا صح التعبير و، لعل ذلك منتوج أن الإيمان الفكري "سطحي" بعيداً عن القاعدة الإيمانية العميقة، أو أن ذلك منتوج "طغيان" ثقافة المجتمع على الإفقار الدينية أو القومية او الماركسية، فنجد على سبيل المثال عقلية البيك والعبيد عن "جزء" من شعبنا العربي في القطر اللبناني و التي تحولت إلى حالة أسوأ من عبادة الشخصية أو تقديس القيادات إلى مستويات مخزية من التضحية، أو أن يقتل أشخاص أنفسهم من أجل أن زعيمهم لم يحصل على موقع وزاري !؟ وهذه للأسف قصص حقيقية حصلت تعكس مشكلة اجتماعية في واقع أحد أجمل اقطار عالمنا العربي، وهو مثال مؤسف نذكره هنا من باب المثال وليس التفصيل لكي نقول :
 
 أن لدينا في عالمنا العربي قوة اجتماعية وعادات وعقليات عميقة التأسيس في الشخصية الجماعية العربية قد تكون أعمق أثراً من الأفكار الدينية والقومية والماركسية والليبرالية الحديثة بل أنها قد تلغيها من واقع الحركة والتطبيق وتتركها ك "شعارات" ويافطات" فارغة ولكن الحاكمية الأصيلة هي لمعتقدات المجتمع الموروثة .
 
إن مشروع الأحزاب والتنظيمات السياسية الفكرية أتصور أنها قد فشلت في الواقع العربي وانتهى دورها في مفهومها السابق وهذه المسألة قد طرحها قبلي الأستاذ صلاح عمر العلي في أكثر من موقع إعلامي وما يهم إطلاق الأستاذ صلاح لتلك المسألة أنه يقولها من واقع حركي تاريخي عاشه هو شخصيا كأحد اهم الشخصيات القومية العربية وأحد قادة انقلاب 1968 الشهير في العراق آنذاك أي ما أُريد قوله لأنه كان أحد بناة النظام الرسمي العربي المرتبط في حكم الحزب الفكري، من هنا تأتي أهمية مراجعاته وآرائه، ويقول الأستاذ صلاح عمر العلي بهذا الخصوص :
 
"لاشك بان الأحزاب الأيديولوجية أدت دورا مهما على امتداد القرن العشرين ومارست أدوارا توعوية بين شعوب المنطقة إلّا انني ومن منظار موضوعي اجد أن ما شهده عالم الْيَوْمَ من تطورات هائلة في مختلف مجالات الحياة وخصوصا في مجالات الإتصالات والإنترنيت والتواصل الإجتماعي وهذا الفضاء المفتوح لكل البشر والذي جعل مختلف المعارف متاحة أمام جميع البشر تمكن من خلق تغيرات جذرية في جميع مجالات الحياة بحيث بدأت كثير من القيم والمفاهيم والمعايير بالإنحسار والإنتهاء ومنها ظاهرة الأحزاب الأيديولوجية فأنا كإنسان كنت أشعر بحاجة شديدة قبل نصف قرن للإستعانة بمثل هذه الأحزاب لتساعدنا في إتاحة المزيد من الثقافة والمعرفة أما الْيَوْمَ فقد أصبحت أشعر أنني في غنى عنها وعن دورها القديم ."
 
وعن تجربة حكم حزب البعث العربي الاشتراكي في "العراق" يذكر الأستاذ صلاح عمر العلي نقاط مهمة ومراجعة تاريخية قيمة جاء فيها :
 
" مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي تحول البعث إلى جهاز من أجهزة الدولة التنفيذية، لا فرق بينه وبين اي جهاز تنفيذي أو أمنى من اجهزة الدولة الأُخرى . ينفذ ما يملى عليه من الأوامر والقرارات الصادرة عن القيادات العليا دون أن يملك حق إبداء الراي أو الإعتراض قبل أو بعد تنفيذ تلك الأوامر. وهو ما ترك أثره المدمر على بناء الحزب التنظيمي والفكري بصورة جذرية، فعطل مجمل اليات العمل المنصوص عليها في النظام الداخلي، وفقد هذا الحزب المتميز بشجاعة وبطولة أعضاءه وقدراتهم النضالية العالية في الدفاع عن مصالح أُمتهم وأبناء شعبهم ضد النظم الديكتاتورية العميلة، وبمستواه التنظيمي الدقيق، وانفتاحه المرن على تجارب وأفكار الآخرين، فقد روح الإبداع والمبادرة، وانعدمت اي قيمة فعلية لمؤتمراته الدورية المنصوص عليها في النظام الداخلي والتي كانت تتناول خلال فترات انعقادها كل ما له علاقة بالدولة والحزب بالنقد والتقييم الجريء والصريح ابتداء من أدنى القيادات صعوداً نحو المؤتمر القطري، أعلى سلطة في الحزب الذي تناط به مهمة وضع استراتيجية عمل الدولة والحزب للفترة المحصورة بين مؤتمرين متتاليين . والذي يختتم عادة بأجراء عمليات انتخاب ديمقراطية لقيادات الحزب المختلفة . وبدلا عن ذلك تحولت مؤتمرات الحزب إلى مناسبات لفرض المزيد من السطوة الفردية والهيمنة والإرهاب الفكري والترويع على جهاز الحزب يوم بعد آخر، تطبيقا حرفياً للنزعة الستالينية، وتراجعت تلك القيم والمبادئ النبيلة التي اكسبت البعث دوراً مهما في ساحة العمل الوطني والقومي خلال عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، فحلت ظاهرة بسط الهيمنة التامة على الحزب وترويضه لصالح الفرد .
 
 
لقد نمى البعث في بدايات نشوئه الأُولى على منطلقات فكرية ترفض عبادة الشخص والفكر الشمولي ونظرية الحزب الواحد التي كان أول من طرحها وتبناها في الساحة العربية هو أديب الشيشكلي، بعد ان سبقه إلى ذلك كل من الشيوعيين والفاشيين، وكان جهد قيادات هذا الحزب مركزا منذ عام 47 على تنشئة جيل واع وحركة عربية منفتحة، تؤمن بالحوار والإنفتاح على الآخر، وكان عضو القاعدة مساويا من حيث القيمة النضالية لدور عضو القيادة، كما كانت تشجع المبادرات والإبداع الفكري والنضالي للبعثيين، وكانت جهود المؤسسين الاوائل مكرسة لبناء هذا الحزب على أُسس اشتراكية ديمقراطية، إلّا أن البعث مع اقترابه من استلام السلطة عام 63 في العراق، ومع تعقيدات الوضع السياسي السائد آنذاك بدأت تظهر في عدد من أدبياته السياسية ما يشير إلى بداية تخليه عن تلك المنطلقات الفكرية، بدلا من العمل على إغنائها وتطويرها وتحويلها إلى ركائز أساسية متميزة في الحكم .
 
 
وبدلا من الإستفادة من أسباب فشل تجربتي ثورة 1958 و1963 في ادارة شؤون الدولة وكذلك فشلها في إدارة العلاقات الوطنية، وتجنب الوقوع في الأخطاء التي وقعت بهما الثورتين المذكورتين فان قيادة البعث التي قادت ثورة 17 تموز عام 1968 بعد ان تخلصت في وقت مبكر من عدد لا يستهان به من المناضلين الأشداء الملتزمين بفكر الحزب ومنطلقاته النظرية، سرعان ما تبنت فكرة الحزب القائد والفرد القائد ومن ثم القائد الضرورة في تراجع خطير عن العديد من المفاهيم والمقررات المقرة من قبل مؤتمرات الحزب القومية والقطرية ومن قبل قيادته في العراق . وبدلا من حشد وتكريس الإمكانيات الفكرية في الحزب وخارجه من أجل تطوير مشروع حكم في العراق يجعل من تجربته نموذجا يحتذى به وترجمة لحلم كان يراود الكثير من المناضلين العرب، فقد لجات القيادة إلى المفاهيم الستالينية في شكل الدولة وكيفية ادارتها .
 
ومثلما نجح الخط التحريفي في تعطيل آليات العمل بصورة شاملة داخل حزب البعث والغاء العديد من تقاليده النضالية والتنظيمية والعبث بكل صغيرة وكبيرة لها علاقة بهذا التنظيم، فقد حقق أيضاً نجاحا مدهشا في فرض سيطرته الكاملة على أجهزة الدولة المختلفة، وتوظيفها لخدمة تلك النزعة التحريفية المدمرة مستعينا بجيش جرار من نهازي الفرص وذوي النفوس المريضة من الإعلاميين، والسياسيين، فكل مواطن عراقي أصبح في منطقهم بعثي وإن لم ينتمِ !! هذه المقولة التي احتارت العقول في تفسيرها وفهمها .
 
 
وبعد أن تمت السيطرة على كل جزئيات الحياة في العراق بتفاصيلها الدقيقة، بدأت حملة إعلامية من الوزن الثقيل لترويج تلك الشعارات والمصطلحات التي تبشر بقيادة الفرد وعبقريته الفذة (القائد الضرورة) على حساب قيادات الحزب الجماعية والكوادر المتخصصة في شتى المجالات تغزو اسماع وعقول البعثيين قبل غيرهم من المواطنين العراقيين الآخرين. وبتطبيق حرفي لنظرية وزير الإعلام النازي غوبلز لم يرى المواطن العراقي، بعثيا كان أو غير بعثي، سوى الوجه السلبي للحقيقة، وفقد في لجة ذلك الإعلام الغوغائي مقدرته على التمييز بين الأشياء، فسقط سقوطاً مدوياً امام ذلك الكم الهائل من الدجل والكذب والتزوير والإعلام المظلل، إلى جانب ما كان يمارس ضده من اساليب الإرهاب والقمع الدموي وضد من يحاول التفكير، مجرد التفكير في الإعتراض أو النقد لتلك الأساليب التي سادت ومورست على نطاق واسع والتي راح ضحيتها مناضلين معروفين، من أكثر البعثيين اخلاصاً ووفاءاً لقيم الحزب القومية التقدمية . وأصبح البعثيون المخلصون يعانون من حالة إحباط وازدواج في الشخصية، ففي الوقت الذي يشاهدون فيه المؤامرة الدولية التي تستهدفهم وتستهدف بلادهم، ويجري العمل على تطويرها وانضاجها وتوفير وتحشيد كل مستلزمات نجاحها، يجدون انفسهم مسلوبي الإرادة والقدرة على الفعل الجاد لدرء ما يخطط ضدهم، الأمر الذي فرض عليهم شعوراً بالهزيمة المعنوية والنفسية قبل وقوع الهزيمة العسكرية الكارثية .
 
 
 
ومن العجب العجاب أن نجد قيادات وكوادر الهزيمة وهي تعود لممارسة مسؤولياتها القيادية في الحزب من جديد بنفس الأساليب والعقليات التقليدية التي أدت إلى الكارثة التاريخية التي راح ضحيتها العراق برمته ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وكأن شيئا لم يحدث، باستثناء بعض الإشارات الخجولة التي وردت في التصريحات أو البيانات الأخيرة التي صدرت عن السيد عزت الدوري والتي لا ترقى إلى مستوى الحد الأدنى مما يطمح له البعثيون، فلا ندوة متخصصة ولا مؤتمر قومي او قطري ولا حتى مجرد اجتماع موسع يشارك فيه عدد من كوادر الحزب الثقافية يكرس لأعادة تقييم ما حدث ومحاولة بناء استراتيجية جديدة تواكب وتعالج مستجدات الأوضاع المعقدة المترتبة على تلك الهزيمة التي مني بها الحزب . أما من يحاول ممارسة حقه المشروع في المطالبة بالنقد والنقد الذاتي فانه سرعان ما يوضع على لائحة المتهمين بالتآمر على الحزب، تماما مثلما كان عليه الأمر قبل الإحتلال، مع فارق لا يستهان به هو أن قيادات الحزب الراهنة لا تملك سلطة تنفيذ أحكام الإعدام على أيدي جلاوزتها المتكتلين في مواقع الأنترنيت وكأنهم خلايا دبابير سامة جاهزة للسع هذا ولسع ذاك من الرفاق بتوجيه تهم جاهزة، بالتأمر والخيانة والعمالة للمحتلين أو لإيران أو لسلطة المنطقة الخضراء في العراق .
 
 
فمتى يا ترى سيتم استيعاب الدرس ؟ وهل هناك ما يشي بإمكانية حدوث هذه المعجزة في المستقبل القريب، أم أن بعض من بقي من قيادات الحزب المختلفة لم تعد في وارد القدرة على التخلص من عقدة الشعور بالمسؤولية عن كل ما جرى للعراق والعراقيين ؟ وذلك من خلال إصرارها على إنجاز مشوارها التدميري حتى القضاء النهائي على البعث ورسالته القومية التقدمية ؟"
 
 
 , و لعل مسألة وسائل التواصل الإجتماعي والتحركات الشبابية في مختلف بلدان العالم العربي قد تجاوزت رتابة الاحزاب العربية التقليدية في مراحل كثيرة و أصبحت الحركة الثورية الشبابية العربية تتمحور حول مطلب من هنا و مشروع من هناك و هذه الحركة الثورية الشبابية العربية قد يتم إعادة تشكيلها عند تغير الإهتمامات والمطالب لذلك ما نريد أن نقوله اننا أمام عالم جديد وواقع الأحزاب العربية ليس لها دور فيه إلّا تثبيت الإنحرافات وإعادة محاولات إحياء إعادة صناعة الفشل من حيث التركيز على ربط القطر العربي بهذا الزعيم أو ذاك الحزب .
 
ويذكر الأستاذ صلاح عمر العلي عن هذه المسألة :
 
"تؤكد ثورتا تونس ومصر العربية جملة حقائق مهمة، يأتي في مقدمة تلك الحقائق أن عالمنا المعاصر يشهد منذ سقوط الإتحاد السوفييتي وباقي الدول الإشتراكية تزامنا مع ظهور ثورة المعلوماتية والإعلام العابر للقارات وبداية اشتغال الشبكة العنكبوتية التي وفرت للإنسان من المعلومات المجانية بسرعة خارقة ما لم يحلم به من قبل، دخوله في عصر جديد مختلف في العديد من المسائل الجوهرية عن عصر ما قبل ذلك، حيث اندثرت أو توشك على الإندثار قيم ومفاهيم وممارسات كانت سائدة منذ زمن بعيد ولم تعد صالحة للحياة إلّا على رفوف المكتبات أو في قاعات المتاحف، وفي المقابل برزت أو أوشكت على البروز قيم ومفاهيم وممارسات مختلفة بدأت تشق طريقها بسرعة فائقة، لتستقر في عقول أبناء هذا العصر وتحرك مشاعرهم ومواقفهم إزاء متطلبات حياتهم الجديدة لتحل محلها .
 
ففي الحقبة السابقة مثلا كان للعمل الحزبي المنظم بأشكاله وممارساته والتزاماته التقليدية، نيابة عن أو باسم الجماهير يقوم بمهام رائدة ومتقدمة وخطيرة في قيادة الجماهير من أجل تحقيق آمالها وتطلعاتها نحو أهدافها الكبرى قبل أن ينتهى دورها أو يوشك على الإنتهاء، بعد أن أدت ما عليها من التزامات سلباً أو إيجاباً، ليحل محلها أُسلوب العمل الجماهيري الإرادوي بعد أن لم تشعر تلك الجماهير بالحاجة الفعلية لمن يتكفل بالعمل أو يخطط نيابة عنها أو باسمها أو يفكر نيابة عنها . فقد تنامى الوعي السياسي بوتائر متسارعة بفضل ما تقدمه وسائل الإعلام المختلفة من خدمات غير محدودة في هذا المجال.  وعلى هذا نجد أن الجماهير في مختلف بلدان العالم أمسكت بزمام مصيرها بيدها بصورة مباشرة بعد أن أسقطت من حساباتها إمكانية الإستمرار بقبول من يعمل نيابة عنها من الأحزاب والحركات السياسية ."
 
"النصر على العدو يتحقق حينما تتحقق عوامله في نفوسنا أولا أكثر من ستين عاما مرت على نكبة العرب في فلسطين على أيدي الحركة الصهيونية ولا زلنا نسمع النداء تلو النداء من قبل حكام الهزيمة العرب وورثتهم في السلطة بضرورة وأهمية وفائدة السكوت على الممارسات الدكتاتورية وقمع الحريات العامة والتجاوزات الفاضحة على حقوق الإنسان العربي وعلى سرقة ونهب ثرواتنا تحت شعار تحرير فلسطين (فكل شيء من أجل المعركة) . فلا يجوز لنا المطالبة بإطلاق الحريات العامة للمواطنين ولا يجوز لنا المطالبة بإجراء الإنتخابات الحرة لاختيار حكامنا أو من يمثلنا في البرلمان ولا يجوز لنا الإعتراض على سياسات النهب وسرقة المال العام ولا يجوز لنا المطالبة بحرية الصحافة أو العمل السياسي أو إقامة جمعيات أو منتديات للفكر مستقلة عن هيمنة وسطوة أُولئك الحكام، فكل ذلك يجب تأجيله من أجل معركة تحرير فلسطين .
 
 
وتحمل المواطن العربي في جميع أقطار الوطن الكبير كل تلك الفضائح والإعتداءآت المتواصلة على حقوقه المشروعة في الحياة وصبر طويلاً على ممارسات القمع والإذلال تحت نفس المبررات، إلّا أنه اكتشف بعد حين بأن فلسطين لم تتحرر بل أوشك الجزء المتبقي منها على الضياع بصورة نهائية بسبب تواطؤ هؤلاء الحكام وخيانة بعض القيادات الفلسطينية الراهنة . ومع ذلك تجدهم سادرين في غيهم مستمرين في تخاذلهم وتواطئهم على حقوق ومصالح الأمة مقابل احتفاظهم بكراسيهم وامتيازاتهم .
 
 
ومن أجل أهدافهم (المقدسة) فلا ضير من الإستمرار بالتنازلات أمام الأعداء والطامعين في أوطاننا، فتواطئوا على احتلال العراق والغاء دولته ونهب ثروته وقتل أبنائه وتدمير بنيته التحتية، وإمعاناً في تلك السياسة التخاذلية المهينة والمدمرة فأنك تراهم وهم يعقدون مؤتمراتهم التي لم تثمر سوى عن المزيد من التراجع والضعف والهوان لهم ولأبناء أُمتهم . إن هذه الصورة المفجعة التي يعيشها العرب اليوم تطرح علينا سؤالاً ملحا لم يعد بالإمكان التغاضي عنه أو تجاهله، هل نحن أُمة مهزومة، أم أن هناك أسباباً منطقية زرعت في نفوسنا عوامل الهزيمة ؟
 
 
لقد تناول العديد من الباحثين والكتاب والمحللين العرب مهمة الإجابة على هذا السؤال من مختلف الأوجه وأشبعوه بحثا ودراسة وتحليلا، الأمر الذي يجعلني أشعر بأن أي محاولة للإجابة على هذا السؤال سوف لن يأتي بجديد، الّا أنني أعتقد بأن في الإعادة إفادة لمن يلقي السمع وهو شهيد .
 
 
في التحليل والدراسة الموضوعية لتاريخ الشعوب ليس هناك أُمة من الأُمم حكم عليها التاريخ بانها أُمة مهزومة أو منتصرة بالضرورة، فللهزيمة أسباب وعوامل موضوعية إن توفرت في الأُمة فستصبح عرضة للهزيمة، وللإنتصار أسباب مختلفة فحينما تتوفر في الأُمة فسوف تنتصر لا محالة .
 
 
وبناء على هذا، هل يمكن تصور انتصار أُمة في وقت نجد فيه أبناءها مهزومون في الداخل ويعانون ما يعانون من كم الأفواه وكبت الحريات العامة والقمع الشرس من قبل أجهزة الدولة وهل يمكن لأُمة أن تحقق نصراً في وقت لا يملك فيه المواطن حق إبداء الراي فيما يجري في بلده من أحداث خطيرة تمس مصالح الشعب ومستقبله في وقت نجد فيه عصابات من الجهلة والأُميين هم من يقررون سياسة الحرب والسلام دون غيرهم من أبناء الوطن والمتخصصين منهم على وجه التحديد ؟
 
 
فلو أخذنا تجارب بعض الشعوب التي تخلصت من الإستعمار وانتزعت حريتها ونهضت وتقدمت وتطورت في شتى مناحي الحياة في فترة زمنية لا تزيد عن الفترة التي أعقبت هزيمتنا في فلسطين وما تلاها من مسلسل الهزائم المذلة على امتداد الوطن العربي والتي كان آخرها ما حدث في العراق، لوجدنا بان ذلك ما كان ليتحقق لولا توفر عوامل النصر والتقدم . فهذه الهند وتلك ماليزيا، واليابان وعملاق آسيا الصين الشعبية، وغيرها، كلها أمثلة حية للدول والأُمم التي توفرت لها عوامل النصر التي يمكن أن نجملها باحترام ارادة الإنسان وكرامته وصيانة حقوقه المشروعة في تلك البلدان .
 
 
ولو توفر في أي بلد من البلدان العربية ما وفرته القيادة الماليزية مثلا لمواطنيها من ضمانات دستورية وقانونية لصيانة حرية المواطن واحترام آدميته وضمان المساوات بين المواطنين وبحق المواطن في انتخاب من يمثله في المجلس النيابي بكل حرية وشفافية، لتحقق في هذا البلد ما تحقق في ماليزيا بكل تأكيد .
 
 
عندما نقرا نصوص الدساتير العربية وما تتضمنه من بنود تؤكد على حقوق المواطنين العامة واحترام إرادتهم في التعبير عن آرائهم وغيرها من الحقوق يصيبنا العجب، ولو التزمت حكوماتنا بتطبيق الحد الأدنى من تلك الحقوق المنصوص عليها في دساتيرهم التي شرعوها بعيداً عن رأي المواطن لأصابنا العجب وأصبحنا في عداد الدول المتقدمة، الّا أننا حينما نراقب ما يحدث من تطبيق فعلي على الأرض نصاب بالحيرة واليأس فينطبق علينا المثل المصري الذي يقول (أسمع أخبارك تعجبني وأشوف فعايلك اتعجب !) .
 
 
ومع اندلاع الثورة العملاقة في تكنولوجيا الإتصالات والإعلام العابر للقارات وفي مجالات الوعي والثقافة الإنسانية وبروز ظاهرة العولمة التي أجبرت جميع دول العالم على المراجعة وإعادة النظر بسياساتها المختلفة بصورة جذرية ومع السقوط المدوي للإتحاد السوفييتي ومنظومة الدول الإشتراكية فقد ساد أوساط المثقفين العرب جو من التفاؤل بأن رياح التغيير قادمة لا محالة إلى المنطقة وستجرف معها وفي طريقها كل ذلك الإرث البغيض من الأفكار والمفاهيم والقيم البالية التي عطلت فاعلية وإبداع وحيوية هذه الأُمة العربية وأوقفت عطاءها الإنساني منذ زمن طويل وحولتها إلى مخلوقات طفيلية مستهلة لما ينتجه الآخرون .
 
 
ورغم مضى أكثر من عقدين من الزمن على ذلك الزلزال المدوي الذي شمل مختلف ربوع الكرة الأرضية باستثناء منطقتنا العربية التي بقيت عصية على أي تغيير وباي درجة كانت فلا حكامنا تبدلوا ولا أفكارهم تغيرت، وبقيت أوضاعنا العامة على كافة الأصعدة الرسمية والشعبية كما هي دون تغيير ودونما تطور بينما نرى العالم من حولنا يتطور بوتائر متصاعدة في مختلف مجالات الحياة وهي تنفتح على كل ما هو نافع ومفيد .
 
 
ومثلما مارست انظمتنا العربية طوال تلك الحقبة التي زادت على الستين عاما أخس وأحط وسائل القمع والإرهاب ضد المواطنين، من أجل تعطيل والغاء عوامل النصر في نفوسهم، نجد هذه الأيام بعضاً من حملة الأقلام من السياسيين العراقيين، من يحاول التصدي بكل صلافة وبأساليب إرهابية عفى عليها الزمن لأي صوت شريف يرتفع للمطالبة بالمراجعة والنقد الموضوعي الهادف لأعادة هيكلة الحياة في هذه الحركة السياسية أو تلك من الحركات العاملة في الساحة العراقية، وبنفس المبررات الخادعة التي استعملها من قبلهم حكامنا العرب خلال عقود من الزمن، فليس من حق أحد ممارسة النقد ولا الإعتراض ولا المطالبة بالتغيير أو الإصلاح وتحريك عوامل الإبداع والتطور الفكري المعطلة منذ أمد طويل بعد أن حل الخطاب الفردي الغوغائي محل الفكر القومي التقدمي الّا بعد إنهاء الإحتلال الأمريكي، بصرف النظر عن المدة التي ستستغرقها عملية تحرير البلاد من المحتل، حتى وإن طالت ستين عاماً أُخرى ما دام لدينا قادة ملهمين أودعهم الله سبحانه كنوز الفكر وعوامل الرجولة النادرة والبطولة الخارقة .
 
والأنكى من كل ذلك انهم نصبوا من أنفسهم حكاما ومراجع عظام يصدرون أحكامهم وفتاواهم حول قضايا معقدة وشائكة تحتاج إلى تظافر جهود كل المخلصين لبناء وتقرير مواقف واضحة وجريئة حيالها لا ان يقف شخص واحد بمفرده ليقرر ما هو صحيح أو خطأ ضارباً عرض الحائط تجارب آلاف مؤلفة لمناضلين أشداء تشهد لهم ساحات النضال الفعلية وليست ساحات الإنترنيت . وإن ما يثير الدهشة والتساؤل أن بعض هؤلاء سبق أن هاجموا في الماضي أنظمة الحزب الواحد والراي الواحد نجدهم اليوم في طليعة من يرفضون المطالبة المشروعة بنقد ومراجعة تجارب الماضي بكل ما فيها من الأخطاء الاستراتيجية والتكتيكية التي قادت هذه الأُمة إلى كوارث وهزائم لا مثيل لها في التاريخ .
 
 
وما يثير التساؤل والإستغراب حقا هو أن اولئك الكتاب يدركون تماما مثلما نحن بان النصر والتحرير لا يمكن أن تحققه حركة تعاني من حالة انهزام داخلي كما يدركون أن للنصر شروط موضوعية لم تعد متوفرة في تلك الحركات، الأمر الذي يفرض على كل مواطن عراقي وعربي شريف عدم الإصغاء إلى أصوات هؤلاء السياسيين المتخلفين ممن انظموا إلى جوقة الحكام العرب الذين دمروا طموحات وآمال أُمتنا العربية في التحرر والتقدم والتطور والمشاركة الفاعلة في ركب الحضارة الإنسانية من جديد بالتخلص من كل عوامل الضعف والهزيمة لتحل محلها عوامل الإنتصار على النفس الذي يشكل المدخل الحقيقي لتحقيق الإنتصار على العدو ."
 
هذه النصوص المطولة والجوهرية  للأستاذ صلاح عمر العلي تأتي أهميتها أنها صرخات ألم من واقع "تجربة" ومن خلال "واقع" حدث وجرى في واقعنا العربي من شخص كان مخلص ومؤمن في الوحدة العربية "الحقيقية", و نحن ذكرناها هنا لأهميتها وحيويتها في تشكيل مستقبلنا العربي لمن لم يعيش تلك التجربة والذي يجب أن تكون أحدى ركائزه هو تعزيز "دولة الإنسان" و المؤسسات الخادمة لذلك الأخير , والعمل الجماعي داخل تلك المؤسسات، و علينا ك "عرب" أن نقتل "عبادة الشخصيات وتقديسها" عن طريق تثبيت عقلية أن المواقع السلطوية هي "وظائف عامة خدمية للناس" و ليس مواقع "الهية مقدسة" وهذا أحد طرق تفعيلها هي إقرار مبدأ تداول السلطة وأيضا تفكيك شبكات النفوذ والتكلس الصانعة للفساد الممولة من خارج محيطنا العربي والتي قد يستغلها أعدائنا وعلى رأسهم الكيان الصهيوني وهذه إحدى اهم مشاكل الديمقراطية في مفهومها "الغربي" و هذا كله يأتي بمنع وجود أي شخص بموقع المسئولية لأكثر من فترتين متتاليتين بدون أي استثناء ومن موقع الرئاسة نزولا إلى مستوى رئاسة قسم او إدارة، ولعل مشروع النهضة العربية ومستقبل العرب وخاصة في ظل صراع الأقطاب وتغير مواقع السيطرة والقوة في العالم هو أحد أهم المواضيع التي يجب أن يتم نقاشها على أعلى المستويات  فأغلب الدول العربية حالياً تقع تحت سيطرة وهيمنة حلف الأطلسي والذي يمثل مصالح اللوبي الصهيوني في الدرجة الأولى أما المشروع الروسي أو الصيني والذي حتما سيغير قواعد اللعبة ويحول العالم إلى عالم ذو عدة أقطاب وهذا ما سيفتح المجال للعرب للتقارب والتحالف مع حضارات تحترم الشعوب الأخرى ولا تنظر لنا العرب بنظرة دونية وأيضاً تشاركنا من حيث المبدأ في المحافظة على العادات الإنسانية وقيم "الأُسرة" و"العائلة" في مفهومها التقليدي والإبتعاد عن افات النيوليبرالية الحديثة التي يتبناها حلف الناتو عبر ثوراته الناعمة بكل ما تمثل من شذوذ جنسي وانحطاط أخلاقي وقيمي وتفكيك مجتمعي وأُسري، فمن واجبنا ك "عرب" أن نتحرك في خط التطبيق وأن نراجع تحالفاتنا، لكي نعود ك "عرب" إلى صناعة التاريخ، وليس أن نكون "هامش" يكتب تفاصيله الآخرين !؟ .
 
 
مقتطفات من ورقة بحثية مشتركة عن روسيا والمجلس الأطلسي حرب بوتين الهجينة "اندريه تسيغانكوف، بافل تسيغانكوف، هالي غونزاليس"*

د. عادل رضا

أختصاصي الباطنية والغدد الصماء والسكري

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved