الزهاوي وحالاتُ المادةِ الخمس – 5 –

2021-11-16

 سأتَعَرَّضُ في هذه المقالةِ الى موضوعةِ (ما تكون عليه المادةُ من حالاتٍ)، كما تناولها شاعرُنا المُمَيَّزُ جميل صدقي الزهاوي في ما خطَّه يراعُهُ في المُجْمَلِ ممّا رآه .  حين يحدِّثُك الرجلُ عن حالات المادة، يقول لك أنَّ المادةَ تكون على حالاتٍ خمسٍ، بدل الشائع المعروف على أنَّها ثلاثٌ : غازيةٌ او سائلةٌ او جامدة، حيث يضيف حالتين اخرَيَيْن هما :
1.  الحالة الإفلاتية .

  1. الحالة الإلكتروني.

 

 يقول اما الحالةُ الإفلاتيةُ، كما سمّاها هو، فهي الحالةُ التي  تتوسَّطُ  الحالتين الغازيةَ والالكترونيةَ كما أنَّ الغازيةَ تتوسَّط الحالتين الافلاتيةَ والسائلةَ، كذلك السائلة تتوسط الحالتين الغازية والجامدة .

ثم يقول ان جميع هذه الحالات الخمسِ تقع تحت تأثير دفع الاثير (لاحظ انه يستعمل عبارة دفع الاثير، حيث يؤمن كما قلنا في المقالات السابقة أنَّ الاثير يملأ الكونَ وأنَّ هناك دفعاً للمادة بواسطة هذا الاثير وليس جذباً لها)، ويقول ان تاثيرَ الدفعِ هذا يختلف حسب الحالة، حيث يكون اقلُّهُ في الحالة الالكترونية مقارنةً ببقيةِ الحالات .

 

 ثم يضربُ مثلاً على دفع الاثير فيقول : (وقد ثبت اخيراً أنَّ النورَ المارَّ فوق الشمس ينحرف اليها قليلاً، وهذا الانحراف مهما كان طفيفاً فهو موجودٌ قد تولَّدَ من دفع الاثير له إلى مادة الشمس) .  لم يحدد مصدر النور فيما إذا كان ذلك الناتج عن انعكاس ضوء الشمس عن الكواكب التي لا تشع  ضوءاً بذاتها ام ماذا ! 

 

 ثم يقول أن المادةَ في حالتها الإفلاتية انما هي ما يَتَصَعَّدُ من الأجسام غير الشفافة متطايراً في كل وقت ، ولذلك دعاها بهذا الاسم وهي أسرع من الغازات في تطايُرها، تفلت من المادة في زمن البرد والحر على السواء .  ويقول واني مشاهدٌ، بعد السَّدَفَةِ من الليل على ضوء النجوم، صعودَها المتموِّجَ بسرعة فائقة، من كل جسم الأرض وما عليها، الّا الأجسام الشفاقة .

  ومن خلال التجربة البسيطة والمراقبة، يقول كنت أُشاهد المتصعدات بعيني بعد إنعام ودقة .  وأعتقد أن لهذه المتصعدات شأناً مع النور، فانها اقسامٌ : منها ما يمتص النور بتمامه، ومنها ما بعكسه برمته، ومنها ما يمتص بعض الألوان ويطلق بعضاً .  وما ظهور الألوان في الأجسام الّا مسبَّباً عنه .

 

 لم يذهبْ بعيداً في وصف الحالة الألكترونية وإنَّما قال إنها الحالةُ الخامسةُ التي تكون عليها المادة، ولا أدري هل كان يقصد أنَّ المادةَ هي الكتروناتٌ فقط وما مصدرُ هذه الألكترونات ، وهل هي الكتروناتٌ حرةٌ قد فلتت من مداراتها ؟

أزعُمُ أنّي لوكنت معه لصدَّعْتُ رأسَه مثلما صدَّع رأسي وهو في عالمه الآخر ينتظر أن يتولَّدَ من جديدٍ كما نظَّر في الناموس الدوري الأعظم !  

 

 هنا تجدر الإشارة إلى أن العلماء كانوا قد صنفوا الحالات الى أربع .   فبالإضافة إلى الحالات الثلاث المعروفة، اكتشفت حالة البلازما عام 1879 وكان العلماء يسمونها آنذاك المادة الإشعاعية ولم  تحدد طبيعتها إلّا في عام 1897 .  وفي عام 1928 سميت الحالة رسمياً  بحالة البلازما (Plasma) لدى المجتمع  العلمي (Scientific Community) .

 

 هنا أُعيد للاذهان أن  الزهاوي ولد في (1863) وتوفي في (1936)  إلّا أنه لم يذكرالبلازما بالإسم في مخطوطته، فإمّا أنه لم يكن قد سمع بها أو على الأرجح  لم  يأخذ إلّا بما توحي إليه تنظيراته المشوبة أحياناً بالخلط  والتعميم وعدم الوضوح .  إنه  المتمردُ والماردُ، وهذا ما يهمنا في إبراز شخصيته الفريدة التي نحترم .

 

 إن البلازما لا تتعدى أن تكون حالة من الغاز المتأيِّن وليس أي غاز، وهنا ينبغى التمييز، إما كيف يحصل التأبن  فانما يكون ذلك حين يحصل فقدان الألكترونات أو كسبها من أو إلى الذرة .

 

 لا وجود لحالة البلازما على الارض كالوجود الطبيعي للحالات الثلاث الأُخرى، لكنها تملأ الفضاء المترامي الأبعاد، وما الشمس والنجوم المنبثة  في هذا الكون السحيق إلّا كُرات او كتل بلازمية خالصة .

 

 ومن الممكن الحصول على البلازما في المختبرات عن طريق تسخين الغازات الى درجات عالية من الحرارة أو تعريضها لمجالات كهرومغناطيسية قوية إلى الدرجة التي تصبح فيها الغازات المتأينة موصلة للكهرباء .

 

 

بقي أن نذكرأنَّ للبلازما مسميّات متعددة حين تُحضَّر تحت ظروف مختلفة .  كلمة أخيرة أن هناك احتمالاً كبيراً لوجود حالات للمادة غير ما ذكرنا في هذا الكون الواسع إذ لم يستطع الإنسان ولا أدواته أن يسبر غور هذا الكون المستمر في التوسع،  واستمرارية توسع الكون حقيقة قرآنية دامغة (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) .

  

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved