قال الرسول : كلُكم راعٍ وكلُكم مسؤول عن رعيته !
قال الإمام علي : رضا الناس غاية لا تُدرك !
قال الجنرال ديغول في إحدى حالات برّمه من الطلاب وحراكهم السياسي وسَخطه من نشاط العمال (سي جي تي) وإضراباتهم، فقال متبرماً : "كيف لي أن أحكم شعبا يعشق 250 نوعا من الجُبن"، ونسي أن يقول : ويعشق 20 نوعا من مشروبات القهوة الساخنة والشوكولا الساخنة أيضاً بالحليب أو بدونه، مع تنويعات مع الكونياك !! ونسي أن يقول : وما لايحصى من الخمور أحمرها وأبيضها وورديها من مقاطعتي بورغونييه وبوردو.. نعم أراد أن يعبر بلاغياً عن تعدد مزاج الفرنسيين وأذواقهم، ولكنه ظلم المرأة الفرنسية ولم يقدِر أن يقول : أن لها العشرات المُعشّرة من أغلى العطور من كرستيان ديور إلى شانيل إلى مدام روش إلى غلامور إلى جافنشي إلى شاليمار.. وهذه كلها من كلاسيكيات العطور.. فالمرأة الفرنسية مغناج وأجمل مافيها تغنجها ومضغها الكلام في لغةٍ لثغاءَ بالراء !!!
في عراقنا؛ لو قُدّر لحاكم شريف عفيف نزيه أبيض الكف ناصع الثوب ديمقراطي محبُّ للفقراء يفتح بابه للناس يشكون مظالمهم ويدخلون عليه دون حاجب أو عساس، يسمع إليهم بكل جوارحه ويسجل مايقولون ويأخذ عناوينهم ويعدهم خيراً في مهلة لا تتعدى أياماً ثلاثة .. ثم يبت في شكاواهم ويخصص للوزراء ساعات محددة يجلس معهم ويحل مشاكل الناس .. وينجح في في حَلّ جُلِّ "مصايب الله" ويبقى نفر قليل قد لا يرضى عليه ويسخط على الحاكم وينعته بالظالم، ويتبرم الحاكم هو الآخر على طريقة ديغول فما عساه أن يقول؟! أصدقائي أمنحكم مهلة بعدد النقاط فكل نقطة ثانية : ..............................................
لا بأس عليكم ولا تثريب ! سأفكر عنكم، سيقول : كيف لي أن أحكم شعباً لديه ثلاثمائة أو أربعمائة وخمسين نوعا من التمور طريها ويابسها ومكبوسها.. من الزهدي إلى الخستاوي مروراً بالبرحي والبربن وأصابع العروس والتبرزل والعمراني والأشرسي والدكل والبريم والسعادة والجسب (معشوق البدو) ....الخ .
أقول لكم "قولاً يُدّل به ويُعتبر" وفق قول الجواهري الخالد، أقول هل مرّ على العراق منذ تأسيس الحكم الوطني (1921) حاكم عادل من نوع الذي وصفنا أحبّ شعبه والفقراء منهم وفتح ديوانه لسماع شكاوى الشعب ووزع على فقراء الشعب أراضياً وبيوتاً ليبتنوها ويسكنونها آمنين راضين شاكرين للحاكم العادل الذي أنصفهم ؟!! هل رأيتم حاكما شيّد المدارس والمشتشفيات التي لا تحمل إسمه بل تحمل اسم"المستشفى الجمهوري" في كل بلدية ومدينة.. أضيفوا وزيدوا لطفاً فإن إضفتم وزدتم ستدركوه بالفطرة السليمة دون عناء تفكير..
أطالب بقوة وبكل ما أوتيت من قوة أن ينصف الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم وأن يعاد اسمه لمدينة "الثورة" التي غُير أو غُيّب اسمها لتسمى بعدة مسميات لتزييف التاريخ واسمها الحالي هو آخر التزويرات فماعلاقة الصدر باسمها، هو لايمت بصلة لها لامن قريب ولا من بعيد ! يمكن أن تسمى باسم الصدر معاهد إسلامية في النجف أو كربلا والشهيد الصدر أصلا كان زاهداً في الأسماء والألقاب وزاهداً في داره المتواضع وفي مأكله ومشربه ..
لست من مزكّي الزعيم عبد الكريم قاسم من الأخطاء قط، بل ارتكب أخطاء قاتلة في تهاونه مع الأعداء وأقصائه لمحبيه ما أدى الى أم الجوائح "عروس الثورات" انقلاب 8 شباط الدموي الذي جرّ العراق إلى كوارث ومآس وحروب أورثها إلى ما نحن عليه الآن .. وأزيد أن تسمى شوارع معتبرة في بغداد ومدن العراق من شماله إلى جنوبه باسمه، أعرف أن هذا يزعج المتسلطين الإسلاميين الجدد لأن قاسماً فيه زهد علي وعدله، وفيهم فساد معاوية وظلمه .. وشتان شتان !
لكن يبقى قاسم أشرف من حكم العراق وأنجز للعراق في مدى أربع سنوات وبضعة أشهر ما لم ينجزه من الحكّام لا سابقوه ولا لاحقوه !!
23نيسان/أبريل 2019