بــاب الــمــبادرة :
بالتأكـيد أنه استفاضت أفاضت النقاشات والتحليلات؛ بمختلف مستوياتها ومداركها العلمية والمعرفية والتاريخية تجاه ما أصاب العالم؛ من اجتياح الجائحة [ الكورونية ] وفي غفلة من الجميع؛ إذا الوباء بسرعة مذهلة أظهر أثره وقوته على الناس والدول .مما تغيرت معالم الحياة الخاصة والعامة؛ ووضعت الكل أمام تحديات غير مسبوقة، للقيام بإجراءات غاية في الحيطة والحذر. للحَـد من انتقال العَـدوى كـرهانات مقاوماتية تسابق الزمان ضد – كوفيد19- والذي خلق انعكاسات سلبية في البنية الثقافية / الإبداعية؛ التي هي طبعا ليست بمعزل عن البنيات الأخرى . بحيث تم إغلاق المسارح ودور السينما؛ مع توقف الصحف الورقية وكل الأنشطة الثقافية والفنية والترفيهية؛ التي تم استبدالها بما ما هو عنكبوتي/إلكتروني / افتراضي/ تفاعلي/ مقابل كل هذا تمظهرت بشكل جلي وضعية الفنان والمبدع؛ في عدة دول عربية؛ بأنها وضعية اجتماعية بئيسة جـداً واقتصاد هش ومتدني؛ ولكن أكبر ملاحظة أن أغلبية المبدعين والمثقفين والفنانين غير مواكبين للتطورات التقنية والتكنولوجية ووسائل التواصل الإجتماعي . بحيث لا زال البعـض منهم يجتر نفس الأساليب ونفس الخطابات التقليدانية والنمطية في التعاطي مع الأزمة الوبائية؛ إلى حد انفصالها الكلي عن الواقع المادي الملموس؛ وروحه. وبعيدا عن الذهنية المندمجة في عوالم التواصل الإجتماعي وفروعه . ورغم هاته الملاحظة المتجلية؛ برزت عِـدة مبادرات فنية / ثقافية وإن كانت محتشمة جدا؛ سواء من لدن أفراد أو مؤسسات وجهات عربية صرفة . أما الأوربية فتلك رؤية أخرى ووضعية جد مختلفة عنا شكلا ومحتوى . ولكن كلاهما يهدفان للتخفيف من حالة الملل والضغط والتوترات النفسية والإصطدامات الأسرية جراء الحجر الصحي المفروض على المواطنين للمكوث في منازلهم تفاديا للوقوع بإصابات "الكورونا" : من هنا نذكر المبادرة المميزة التي قدمتها وزارة الثقافة هنا في الأردن بعنوان “موهبتي من بيتي” والتي لاقت إقبالا ومشاركة واسعة من الشباب والشابات على منصات التواصل الإجتماعي .... ونذكر أيضا مبادرة فرقة جفرا الفلسطينية والتي قدمت عروضا فنية تضمنت حلقات الدبكة في الطرق وعلى أسطح المنازل في مدينة الخليل لتسلية الناس وهم في منازلهم، وأيضا زميلتها فرقة جون التي بثت أمسية غنائية عبر الإنترنت بعنوان “الأمل”، لتصب أيضا في اتجاه التخفيف عن الناس أثناء حظر التجوال وإعطائهم جرعات ثقافية غاية في الرقي، ومبادرة الفرقة الموسيقية في قطر ومن على الشرفة بدأت تقدم معزوفات موسيقية، تهدف إلى سد ثغرة الفراغ التي يشعر بها المواطنون....واستطاع العديد من الفنانين أقلمة الوضع الجديد ليخدم المجال الثقافي، فمنهم من حاول الترفيه عن الناس في بيوتهم وآخرون قدموا مبادرات تهدف إلى مساعدة الأسر الفقيرة والمحتاجة كما هو الحال في لبنان، حيث تقدمت مجموعة من الفنانين والمثقفين اللبنانيين بمبادرة لتقديم طرود غذائية للأسر الفقيرة، ورصدوا لذلك تبرعات من جهات عديدة (1) فمثل هاته المبادرات التي تندرج ضمن التآزر أو التضامن أو التعاون أو التكافل الإجتماعي؛ الذي يؤشر لأجمل علاقة في هذا العالم بين البشر؛ ولاسيما أن التضامن ليس اختيارا بقدر ما هو بكل بساطة واجب إنساني. ولأن الضرورة تقتضي مساعدة تلك الفئات التي انقطع دخلها بتوقف عملها . وكذا الفئات الإجتماعية الأقل حظا والغير قادرة على تأمين قوت يومها، ارتباطا بالظروف الإستثنائية التي يمر بها العالم . وهذا ما انتبه إليه العديد من الفعاليات العربية ؛ وحاولوا تفعيل المبادرات التضامنية كل حسب نواياه وأهدافه؛ كما أشرنا . وهناك نماذج أخرى للمبادرات الأهلية العربية التي تعبر عن هذه الروح . بحيث : تقترح جمعية أكورا للفنون فتح حسابها لخط تضامني مهني مخصص لضمان مساعدة، مالية أو عينية، لكل المهنيين في قطاع السينما، المسرح والسمعي ـ البصري عموما، والمتضررين من الحجر الصحي.... الحاملين لبطاقة الفنان، بطاقة التعريف المهنية للمركز السينمائي المغربي (2) ولكن هل تحقق هـذا الإقتراح أم لا ؟
وبناء عليه هل تحققت دعوة الإئتلاف الوطنـي للنقابـات الفنية التي طالبت : الوزارة الوصية على القطاع بضرورة دعم فئة المغنـيـين والموسيقيين والتقنيين والأساتـذة المكلفين بالدروس في المعاهد الموسيقية والمشتغلين بالفنـادق والعلب الليلية والأعـراس وغيــر المنخرطين بصندوق الضمان الإجتماعــي ولا بالمكتب المغربي لحقــوق التأليف، والذيــن تأثــروا بشكـل كبير في ظل الحجر الصحي المعلن.... واقترح الإئتلاف ... تخصيص جزء من ميزانيات المهرجانات، التي ألغيت من أجل مساعدة الفنانين في وضعية هشاشة (3) هنا سنلاحظ وجه الإختلاف والمفارقة الصارخة؛ في مسألة التضامن والتـآزر . نقابات تطالب الجهات المسؤولة لدعم الفئة الفنية والإبداعية؛ ونقابات تطالب زملاء الوسط لفتح باب المساعدة وذلك من خلال : مبادرة «ساعد زملاءك» التى أطلقتها نقابة المهن التمثيلية برئاسة الفنان أشرف زكى، وهدفها مساعدة الفنانين القادرين لزملائهم المتضررين من الأزمة التى تعْـصف بدول العالم أجمع، بالإضافة إلى مشاركة العديد من الفنانين فى «تحدى الخير» ضمن مبادرة جمعية «رسالة» الخيرية، التى دعت للتكفل بمصاريف الأسر الفقيرة المتضررة (4) هنا يمكن أن نستحضرالمسرح والمساعدات الخيرية (5) لنفهم كيف نمت وتقوت الأقليات في المجتمع العربي، أواسط القرن التاسع عشر وما بعده .
باب الـــتضامن :
أساسا التضامن يتضمن جانبا حسيا في حياة الكائن والذي يشعُـر به المُتضامِن مع المُتضامَن، لأن في عمقه فعل إنساني صرف، قبل أن يكون اتحادا وتكافلا وتعاونا وتآزرا، سواء أكان ذاتيا أو اتفاقيا بين جماعة من الأشخاص، تسعى للتضامن والإلتزام بمعاونة ومساعـدة أي كان من المحتاجين والذين هم في وضعية هشة اجتماعيا واقتصاديا . ولاسيما أن التضامن ذو شقين : [مادي]= (مواد عينية) و [معنوي] = (الإحساس والشعور) بالمستضعفين /المتضررين . وهذا ما تحقق في عِـدة مناطق كما أشرنا : وفى سياق مختلف، لم يتردد الممثلون والممثلات فى المشاركة بـ«تحدى الخير» حيث لم يجدوا أفضل من حساباتهم على مواقع التواصل للإعلان عن إسهاماتهم، خاصة أنها تحظى بمتابعة الملايين من محبيهم (6) تلك فكرة صائبة، وهذا ما طلبه العديد من المدونين والمعقبين على بعض النداءآت وخاصة النداء المفتوح لكتاب وأدباء وفنانون مغاربة . بحيث : أعلن الموقعون على النداء مساهمتهم في “التبرعات الموجهة إلى الصندوق المخصص لتدبير وباء كورونا فيروس”، وناشدوا “كل الكتاب والمفكرين والمبدعين المغاربة المساهمة في هذا المجهود الوطني من خلال التبرع للصندوق المحدث لهذه الغاية.... ويطالبون فيه إلى توجيه التضامن والمساندة إلى “كل فئات الشعب المغربي وبالخصوص إلى تلك التي توجد بفعل الفقر والهشاشة والبطالة والسكن غير اللائق ضمن الفئات الأكثرعرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس(7) بداهة هو نداء في شكله مقبول ومبادرة جليلة في عمقها، لأن مواجهة الوباء ومؤثراته على المجتمع مسؤولية جماعية، للخروج من نفق هذه الهزة العنيفة التي أصابت الجميع، لكن ما يؤلم حقيقة ويحيَّـر في نفـس الوقت أن ترى توقيعات لبعض الأسماء ممن كانوا في موقع القرارأو مجاورين له أو فاعلين فيه . قد ساهموا في تفقير وترسيخ معضلة الفقر والهشاشة والبَـطالة والسكن غير اللائق . للعَـديد من الشرائح الإجتماعية ! هـذا واقع سوريالي لا مفـرمنه الآن ؟ ولكن كان من باب الأولى كشف مقدار ما أعطـوه؛ كما فـعل العديد ممن ساهموا في الصندوق التضامني ضد الجائحة : وفي هـذه اللحظات يجب على من يريد أن يساهم أن يظهر المبلغ الذي ساهم به أو يتوارى إلى الوراء، حتى إذا كان المبلغ المتبرع به محترما، شكرناه وقدرناه، أما اذا كان المبلغ قليلا فمن الأحسن أن لا يخرج للعالم ليعلن عن تبرعه وهو يعلم أن تبرعه سيكون بمبلغ صغيرا جدا . فيجب على المستغلين لفرصة الظهور بمظهر الكرماء بمبلغ غير معروف ولا يراه أي أحد، أن لا يفعل، ويترك من يقدمون المبالغ الكبيرة والضخمة لمساعدة بلدهم هم من يظهرون للعلن، حتى يشجعوا آخرون على التبرع بمبالغ كبيرة . وأدعو من هذا المنبر مسؤولي كورونا أن يصدروا بيان تفصيلي لكل المتبرعين ويشهروا أسمائهم بحسب المبلغ، وأن لا يقل المبلغ المتبرع به عن 1000 درهم . تعليقي هذا كان لأنني أعرف من الموقعين على هذه اللائحة من لا يمكنه التبرع حتى ب 200 درهم ولكنه يحب دائما الظهور بمظهر الكريم الذي يحب الخير على ظهر الأزمات والكوارث . وأعرف أشخاصا عاديين يساهمون بإعالة عائلات دون ضجيج ولا إشهار(8) المثير لا تعليق على هذا التعليق أو تفـنيدا لما جاء به صاحبه هو غيره وما أظن أن بعضهم لم يقرأ تلك التعليقات ! لكن الأهم عندي في كل هذا لماذا صاحب '' الإحتفالية'' وقع كفـرد وتضامن كشخص وليس جماعة ؟ كفرد تلك حرية شخصية؛ لكن بما أنه يشدد ويتنطع أنه يمثل ( تياراً ) ويَـدعي ما مرة أن هناك ( جماعة ) والتي سميتها شخصيا (جوقة) ورد عليها بقوله : وكيف تعَرِّف (جوقة) الإحتفاليين وهم نخبة النخبة مغربيا وعربيا، فيها وزيرة وأساتذة جامعيون ومؤلفون ومخرجون وإعلاميون وشعراء وزجالون ومؤرخون ونقاد ومنظرون وفلاسفة وممثلون (9) هنا مبدئيا؛ لماذا لم يـذكر من ضمن [ الجوقة ] طالبا أو سمساراً أو ميكانيكيا أوخياطا أو مياومـا أو صعـلوكا أو نجارا أوعـاطلا أو عاملاً أو طباخا أوكـياسا... ؟ فهؤلاء هم صناع المسرح المغربي حقيقة؛ والذي لم ينتبه إليه من يتكلم أو يتمشدق بالمسرح !! وثانية : فلماذا الإنفعال والتوتر على إثر لفظة ( جوقة / chorus/ la chorale) إن كانت هنالك فعلاً ؛ وتشتغل كخلية لترسيخ المشروع (الإحتفالي) كرؤية فاعلة في النسيج المسرحي وبناء على هـذا؛ فلماذا لم تعلن عن تضامنها الجمعي اللامشروط؛ من خلال المساهمة المادية في الصندوق الوطني الخاصّ بمكافحة وباء "كورونا" باعتبارها (جوقة la chorale) ؟ ولو أن للجوقة قيمة تاريخية؛ من خلال تطور الإبداع المسرحي وتجلياته . بحيث أمست (الجوقة) مشتبكة مع الحياة؛ تؤدي دوراً حياتياً في سيْـر الأحداث أو في مسار "بطل" وهذا مالم يحاول أن يفقهه فقيه (الإهتبالية) !
ولنقل (جماعة / le groupe ) الأهم أن تتضامن لتكشف للوسط الثقافي/ الإبداعي، بأن (الإحتفالية ) و( جماعتها ) لها سيادة وهوية جماعية إنسانية، أصولها ليست مسألة اختيار، وإنما هي مسألة إدراك للذات . لتحقيق التماسك والتفاعل ضد تداعيات "الفيروس" الذي هـدّد الإستقرار الإجتماعي للعديد من المبدعين والمهنيين والمسرحيين . فمثل هذا الفعل التضامني/ الجماعي وحده يمكن للمفرد أن يخرج من فردانيته، وأن يجـد إنسانيته، وأن يحقق حريته، وأن يتحرر من عزلته، وأن يستعيد دوره داخل الجماعة المفكرة والمبدعة والمفسرة والمغيرة، أمام الوضعيات الحرجة وضد وضعية الهشاشة الإجتماعية التي أمسى يعانيها أغلب الفنانين والعاملين في المجال الثقافي . وهذا سيذكي بأن ( الإحتفاليين) لديهم توازن بين الفعل والقول؛ والممارسة والسلوك وأنهم أكثر انسجاما مع ذواتهم ومع كل المجتمعات المختلفة، وذلك ارتباطا بمفهوم الجماعة والتجمع الذي هو شكـل من أشكال التعبير الإنساني الذي فرضته الحاجة لأداء بعض الطقوس، منها التضامن /التكافل . الذي يعتبر نموذجا لاحتفال جماعي . مادام يصاحبه تقديم بعض الأموال أو الهدايا للمنفعة الإنسانية /الإجتماعية . قياسا بالإحتفالات التي كانت تقام لأداء بعض الطقوس الدينية وعلى إثرها؛ تقدم بعض الهدايا والقرابين إلى الآلهة لتجلب لهم الخير وتدفع عنهم الشر. ومن باب التضامن يمكن أن نلمس تلقائيا، بأن الإحتفال هو الجانب الحسي في الحياة، أما الحياة فهي مجموع القوى التي تقاوم الموت، هذا الموت الذي يتخذ مجموعة من المظاهر المختلفة، فهو الفقر والجوع والمرض والإعتقال والجهل والظلم وكل ما يشكل عقبة في وجه الإنطلاق والنمو والتجدد والإستمرار، أي كل ما يعطل الإحتفال الذي هو بالأساس ظل الحياة وملحها وقوامها . ومحصلة كل هَـذا، تفعيل لمقولة [ أنا أتضامن؛ إذن فأنا موجود] قياسا [ أنا أحتفل؛ إذن فأنا موجود] التي تم تحويرها من مقولة ( ديكارت) وهـذا التفعيل عمليا سيساهم في تحقيق النظرية بالممارسة؛ والممارسة التضامنية بما تحمله نصوص الإحتفالية التي يُقال عنها أنها تُـجسد وتشخص هموم المهمشين والفقراء والكادحين من العباد : وأنا في كل مسرحياتي شخصياتي من الهامشيين أو من الصعاليك، والمرة الوحيدة التي كتبت عن أمير صعلوك.... ابن الرومي... الشاعر الذي له غنى روحي ونفسي ووجداني، ولكنه مع ذلك يعيش الفقر المادي في زمن الغنى المادي (10) ولكن تبقى شخوصا ورقية إبداعيا بالأساس، أما على مستوى الواقع الذي ينتج بشكل وآخرتلك الشخوص الورقية . هل تم التضامن ولو معنويا مع تلك الشخوص المنتمية لشريحة الكادحين والمهمشين والمعوزين عيانيا وإجرائيا ف(جماعة احتفاليين) لم تنخرط في باب (التضامن / Solidarité ) أو التكافل الإجتماعي من أجل ترسيخ حضورها الفاعل في المشهد الإجتماعي والمسرحي والثقافي؛ لتصريف المفاهيم التي تؤمن بها كالإحتفال والفرح والعيديية . لأن الإقتسام في مثل هَـذه الحالة، يزيد من حجم الفرح، ويجعل الإحتفال أقوى وأغنى . والسبب أنه ليست هنالك (جماعة ) ولا ( جوقة ) ( احتفالية) من المنطلق . فلوكانت هنالك فعلا كما يدعي وأدعى علينا في إحدى ردوده الفايسبوكية؛ رغم تمظهر (الأنا / المتضخمة ! المريضة !) التي تفوح منها هلوسات وهذيان : إن فهم هذه الإحتفالية، والذي استعصى على كبار الباحثين والمسرحيين المغاربة والعرب في عقود طويلة لا يمكن أن يتحقق إلّا من حاقد في ساعات قليلة، واذا كنت تجهل نفسك، ولا تعرف قدرك، ولا تعرف نفسك، وأنت لا شيء، فكيف تعرف الإحتفالية والتي هي أهم وأخطر ما في الفكر العربي وفي الفن العربي الحديثين.... وأنت تجهل نفسك ولا تعرف نفسك (12) فأين هَـؤلاء الجهابذة والأباطرة (الأحتفاليين) ليمارسوا التضامن الفكري على الأقل . والتآزر العملي والعلمي تواطؤا . ليكشفوا للعموم جَهلي؛ وتنطعي؛ لأقـِف عند حُـدود نفسي؛ التي تطاولت على مولاهُـم (الإهتبالي) وكـَذا لإيقاف الضربات التي يتلقاها ( شيخهـم) لكي يخرسوا أفواهنا بالحجة والبرهان؛ لكي تغلق الأبواب المشرعة على تحليلاتنا ورؤانا وعنادنا وشغبنا . رغـم أن فقيه ( الإهتبالية ) حاول بطرقه وعلائقه أن يناور ويختلق افتراءآت ليصد علينا بعض أبواب النشر؛ وسيأتي ذكر ذلك في باب من الأبواب المتبقية . وبالتالي فكيف لمن يؤمن بأن المسرح الحقيقي يوجـد في المواسم والأسواق الأسبوعية ؟ أمسى وحيدا يعيد إنتاج أوراقه المتهلهلة والمضللة ؛ فأين تلك (الجوقة ) التي كانت تسبح للشيخ العـيدي/ الإحتفالي من أجل المشاركة في مهرجان مسرح الهواة (المأسوف على اغتياله) ؟ فأين الذين كانت أعينهم وحقائبهم على عتبة الأسفار مشكلين صورة ( الشيخ والمريد) ؟ أين هي جمعية ( جماعة الإحتفاليين) التي تأسست بفاس ثم الخميسات والدار البيضاء ؟ أين تلك الجمعية التي تحمل اسم « أصدقاء [ع الكريم برشيد] للفنون الدرامية « التي قيل أنها تأسست ب(مكناس) ؟ ومامصيربيان [الشارقة ] للاحتفالية المتجددة (؟) وأين أصحاب بيان تازة للإحتفالية المتجددة ؟ وبيان [عمان] للمسرح ؟ وبيان [الخرطوم] للمسرح الإحتفالي ؟ وعلى ضوئه أتساءل : كنت من المكرمين في (مهرجان البقعة الدولي للمسرح) في دورته ال16 سنة 2016 فكيف أعددت لوحدك ( هذا ) البيان ! وهل طلبته منك الهيئة المشرفة عن التكريم ؟ بالله أقول : أليست هاته قلة مروءة فأين الجماعة؛ فأين التواصل والتناسخ أو التناسج بين الذين آمنوا ب((فنكوشيتكم)) ؟ ولكن انقلب السحر على الساحر؛ فمسرحيو – السودان – اكتشفوا أوهام تلك ( الإحتفالية) وانضاف إليها التحول السياسي الذي عرفته بلادهم (الآن)؛ قبل بزوغ فجر الجائحة، التي كشفت عن كل شيء . بما فيه بيان [سيدي قاسم] الذي يعتبر آخر مهزلة المهازل للإحتفالية ؟ ورغم ذلك نتساءل أين هي مؤسسة [ع الكريم برشيد] لاحتفالية الفكر و الإبداع ؟ كل هـذا مجرد مفرقعات وفقاقيع صابونية . لتمييع ما تبقى من الفكر الإبداعي المتجدد والمتنور. والخطير في كل هَـذا وعبر قراءة برانية؛ مارس الهَـدم حول ما سبق قوله أو بناؤه بمعول ذاته، التي تجيب نفسها من خلال كتاب هو عبارة عن حوار شامل ومتكامل لقضايا متنوعة ( عبد الكريم برشيد وخطاب البوح ـ حول المسرح الإحتفالي)(13) أقول ما يلي : ( ما ظهر واختفى لا يمكن أن يعول عليه، ووحدها الأشياء الحقيقية هي التي تظهر وتبقى، وهي التي تنمو داخليا، وهي التي تتعدد في الفضاء الزمكاني، وهي التي تتجدد مع تجدد الأيام والأعوام، أما ( التيارات) التي تظهر سهواً، أو خطأ، وتختفي في غفلة من الزمان، فإنه لا يمكن أن يكون لها أي معنى(14) وفعلا منذ تمظهر ما يسمى التيار الإحتفالي وهو بدون معنى؛ لأنه كائن حربائي وزئبقي ساهم عمليا في هَـدم معنى المعنى، باعتبار أن ( الإحتفالية ) هي مؤامرة من دواخل مركز القرار[ المسرحي] لبلقنة المسرح من خلال خلط الأوراق عبر ( البيانات) وتضبيب المفاهيم المسرحية التي تهجَّـنت عبر( الصراع) الإيديولوجي؛ البعيد عن الصراع المسرحي/ الفني؛ مما استطاعت ( الإحتفالية) معية (الإدارة) أن تغرس تصوراتها الشعبوية والتقليدية المحافظة، عبر النصوص التي كانت تفوز في المشاركة لمهرجان الهواة؛ والتي تهافت عليها العديد من الجمعيات ! ونفس الورقة / اللعبة أعيدت في رحاب ما يسمى ( الدعم المسرحي) مما انقلب مساره الطلائعي والدينامي؛ رغم الإكراهات ومحاولة ترويضه من لدن القطاع الوصي ( آنذاك) إلى مجال لإنتاج للفوضى والغموض والمحسوبية والفئوية، وتمرير القرارات التي تطبخ طبخا في المطابخ السرية، ليستفيد أصحاب القرار من وضعية الفوضى والشتات في المسرح المغربي . وإن كان له معنى، فإنه لن يكون أي شيء آخر سوى الإبتزاز من طرف صناع ( الإحتفالية) وأدلجة المسرح لمنطوق الترويض لصالح ( الإدارة ) وفي هذا السياق؛ ما صرح به : أننا جميعا في مركب واحد، وأن مصيرنا واحد وربنا رب واحد ومن الدروس المستفادة من هذا الوباء هو تقوية حاسة التضامن والتكافل في المجتمع؛ إذ لا معنى أن يذهَـب أحدنا للسوق ويأخذ كل شيء ويترك جاره بلا شيء (15) مجرد تطريز كلام/ لسْني، مغلف بكلام/ بلاغي . لأن قبل الوباء طرحنا عليه سؤالا، ولا أنكر بأنه كان استفزازيا؛ والعجيب تبين أن له علاقة بالتضامن/ التآزر المادي؛ ولم يكن هنالك تضامن فعلي وعملي مثل (الآن) . لأن – برشيد- هو الإحتفالية؛ والإحتفالية هي برشيد؛ فمن هذا التزاوج والتداخل يسمح لنا مواجهته؛ لأننا في الأصل نواجه ( الإحتفالي) التي يعتبر(الإحتفالية) دستوره المسرحي الأسمى؛ وبالتالي في قول السؤال كان ذلك التمازج : في نطاق فلسفتكم أوليست الإحتفالية تؤمن ( بإنسانية الإنسان) من هنا ؟ فهل يا ترى أموال ما جلبته ( احتفاليتكم) تنفقونه على أنفسكم أو على المسرح أو على ذوي القربى ؟ هل بها تساهمون في رفع معـنوية المرضى من ذوي القربى والفنانين؛ أم أن إنسانية الإنسان ماهي إلّا ديماغوجية ليس إلّا ؟ فها هو اليوم الفنان : (محمد الصعري ) الذي خـدم المسرح وخدمكم شخصيا وفي إطار النقابة الأولى؛ هاهو طريح مرض مزمن وكذا (محمد اللوز/ حميد نجاح/ مولود أوحموش ( رفيق محمد رويشة) و(محمد الطبعي) و(...) ربما هؤلاء لـيسوا ( احتفاليين ) (16) لكن من مكرالصدف بدل أن يلتزم الصمت أو اللامبالاة تجاه سؤالنا؛ انطلق لعنان الرد ويحتج بجمود الجامدين على السؤال وتعاليمه، التي تقتضي الحوار واستعمال العقل الذي يدعيه ( دائما ) للتفرقة بين التضامن المادي والمعنوي بدل الرد بهذا القول المضحك المبكي : تخاريف وجنون بلا فنون، وكلام بلا معنى، وبلطجة وابتزاز . وأذكرك بان كل ما تكتبه ليس له سياق، وليس له ما يبرره، وما تقوم به إبحار في بحر الحمق والهذيان المريض، وهو خروج عن الموضوع وعن آداب الحوار، وهو إلقاء الحجر في كل الجهات، ولعب دور بلطجي رأس الدرب، مع الذين كلفوك بتخريب صرح الإحتفالية العتيد ؟ ولتقول مثل هذه التخاريف التي تحمل أُسلوب الإبتزاز (17) لا يمكن هنا إلّا أن نتعجب؛ في اهتبالية صاحبنا، فمن ينادي أو يتساءل عن الفعل الإنساني الذي ينادي به ويطنطن به الصحف والأوراق؛ يوصف ب[التخاريف/ الجنون/ الحمق/ العميل/ الهذيان/ البلطجة/ الإبتزاز] ولاسيما أن الإبتزاز والبلطجة يتمان بشكل مباشر . وليس عبر هذا الموضوع أو غيره . لكن الخوف من ( أمواله) أفرزت خرفا منقطع النظير . مادام الخـرفُ : مرض يصيب الوظائف الإدراكية والعاطفية والسلوكية . مما يتقلص التفكير؛ وتتضرر القدرات العقلية؛ لتـصاب (الذاكرة ) تدريجيا بالتلف . وبهذا التلف أمسى يعيش الغربة والوحدانية . من هاته الزاوية تسلل أولا للتوقيع على عريضة تطالب بالحرية لمعتقلي حراكـَيّ الريف وجرادة ؟(18) والمتتبع لما يكتبه عن الإحتفالية ذات المنظور لليبرالي المتوحش؛ سيتساءل عن توقيعه (؟) وثانيا أدرج إسمه في لائحة التضامن (19) والمفارقة أن أغلب العناصر المساهمة لا يمكن أن يلتقي معها لأسباب متعددة ؟ فالمهتم القارئ سواء في المجال المسرحي أو السياسي سيعرف لماذا ؟ وبالتالي فلو كان مؤمنا بقضية التضامن كما أشار: فالمهم أن يعرف الإنسان أولا أن أجمل ما في الوجود هو حيويته وإنسانيته وليس جشعه وطموحاته الليبرالية اللامتناهية، طموحات حولت كل شيء لسلع، متناسيا هذا البعد الإنساني الكامن في دواخلنا، بعد أن انغمس النظام العالمي في عنصريته وغلوه وإقصائه وتهميشه (20) فهذا التصريح رغم تناقضه مع العمق الإيديولوجي للاحتفالية ! كان بالإمكان تصريفه وتحقيقه (عمليا ) وليس ( لغويا ) مساهما على الأقل ببعض منشوراته وكتبه ( مجانا )عبر "الانترنت" بطريقة ( PDF) إبان ذروة الحجر الصحي؛ كما فعـل العديد من الكتاب والمؤسسات الثقافية/ الفنية/ السينمائية . ألم يقل ( المرصد) أنه ستتأسس مؤسسة [ع الكريم برشيد] لاحتفالية الفكر و الإبداع ؟ فعبرها يمكن أن يتحقق على أبعَـد تقدير مفهوم التضامن المعنوي الذي ينوب عن التضامن المادي . لكن من خلال نشر الكتب عبر الأنترنت للقراء ( مجانا ) لا يبقى هنالك فـَرق بين المادي والمعنوي : فالذي نؤكد عليه اليوم هو القيم الإنسانية من تكافـل اجتماعي وتضامن إنساني بمفهومهما الجمعي الكوني النبيل (21) هذا قول الإحتفالية التي هي برشيد؛ وبرشيد هو الإحتفالية؛ لا غير سواه .
الإحـــــالات :
1) انعكاسات أزمة كورونا على الحياة الثقافية لخوله كامل الكردي صحيفة النبأ في2020 /05/11
2) مخرج يفتح خط حساب جمعيته للتضامن ...- الكاتب : أنفاس بريس بتاريخ 2 إبريل 2020
3) نقابات تطالب بدعم الفنانين لأمينة كندي جريدة الصباح المغربية بتاريخ8 أبريل 2020
4) نقابة الممثلين تطلق مبادرة "ساعد زملاءك" بقلم خالد فرج لصحيفة الوطن بتاريخ25/03/2020
5) انظر لدراستنا حول الموضوع في صحيفة زمان الوصل السورية بتاريخ كانون الثاني 2014
6) نقابة الممثلين تطلق مبادرة "ساعد زملاءك" بقلم خالد فرج لصحيفة الوطن بتاريخ25/03/2020
7) كتاب وأدباء وفنانون مغاربة يوجهون نداء لتعزيز التضامن من أجل تحدي “كورونا” موقع - لكم- بتاريخ /26/03/2020
8) مثقفون يتبرّعون لصندوق وباء "كورونا" ويتطلّعون ل"مغرب جديد" موقع هيسبريس مجال الردود والتعليقات رقم 32 – علال في 26 /03/ 2020 -
9) انظر لدراستنا في : ما جاء في باب جـوقة الاحتفالية في: صحيفة مدارات ثقافية بتاريخ 25/11/2018
10) حوار مع برشيد أجراه - مولود القنبي : بمجلة طنجة الأدبية في 12/06/2007
11) برشيد :الاهتمام بما ينفع الناس ويمكث في الأرض: مجلة تيلكيل عربي ص21 –ع/- 47 16أبريل2002
12) كان بالإمكان أن يتمعن القارئ في ردود برشيد على كتابتنا التي كانت في جدارية جناح التامي بتاريخ 12/10/2018 ولكن تم مسح كل ما جاء من نقاش بيننا ؛ من جداريته؛ ولازالت موجودة في جداريتي.
13) (عبد الكريم برشيد وخطاب البوح) لعبد السلام لحيابي/2015 إيديسوفت الدار البيضاء
14) نــــفــــسه ص 169
15) عــزلة المسرح في زمن كورونا (10) ملف إعلام الهيئة العربية للمسرح في– 08/06/2020
16) انظر لجداريتنا بتاريخ 04/11/2018
17) كان بالإمكان أن يتمعن القارئ في ردود – برشيد- على كتابتنا التي كانت في جدارية جناح التامي بتاريخ 06/11/2018 ولكن تم مسح كل ما جاء من نقاش بيننا ؛ من جداريته ؛ ولازالت موجودة في جداريتي
18) تصفح العريضة بموقع فبراير كوم بتاريخ 22 أبريل 2019
19) انظر للائحة في موقع – لكم – بتاريخ الخميس 26 مارس 2020
20) تصريحات لبرشيد في مجلة العـدالة والتنمية" عدد 3 - بتاريخ 18/أبريل/ 2020
21) نــــفـــــســهـــا