( لم تكد دماء رلى يعقوب تجف في حلبا، حتى كانت جريمة مروّعة تخرج من قلب الاحياء الشعبية البيروتية، هذه المرة. وفي منطقة طريق الجديدة، انهال الزوج محمد النحيلي بالضرب على زوجته منال العاصي ساعات، دون ان ينجح قريب او جار في ردعه عن اراقة دم ضحيته التي تنضم الى لائحة طويلة من ضحايا العنف الاسري، يجزم العارفون ان عددهن لم يتزايد في الآونة الاخيرة، بقدر ما نجح اهتمام الاعلام بجعل قصصهن قضية لم تتوّج حتى ا
لآن باقرار قانون حماية النساء من العنف الاسري.)
منال عاصي شابة لبنانية فارقت الحياة، إثر تعرّضها لضرب عنيف من زوجها محمد النحيلي، في منزلهما بالطريق الجديدة، مستخدماً أواني مطبخية وكراسي وطاولات وغيرها من أثاث المنزل، وذلك وفقاً للتحقيقات الأمنية والقضائية، ولإفادات عائلة الضحية.
وقد أشارت العائلة أنّ محمد النحيلي. اتصل بوالدة منال وقال لها إنه يضرب ابنتها ودعاها إلى أن تأتي للـ"فرجة"، فأسرعت الام بصحبة ابنتيها وابنها محمد الذي حاول ردع الزوج، لكن الزوج كان قد "أنجز مهمته" بتوجيه ضربات قاضية، بـ"قدر الضغط" الى جمجمة الضحية قبل وصول العائلة التي قامت بنقلها الى مستشفى المقاصد حيث لم تلبث أن فارقت الحياة، بعد ساعات قليلة في حين أكّد الطبيب الشرعي، المكلّف من النيابة العامة للكشف على الجثة، في تقريره أنها ماتت نتيجة للضرب المبرح.
واعتبرت القصة أبعد وأخطر من العنف الزوجي أو الأسري، بل هي متجذّرة في الثقافة المجتمعية، حيث ترغم النساء المعنفات (وحتى الاقارب) على طمس ألآمهن لاعتبارات اجتماعية، خوفاً من "فضيحة" أو حفاظاً على "شرف العائلة"، خصوصاً وأن التحقيقات الأولية أفادت أن عائلة منال تكتمت عن حادثة الضرب، فكانت اول إفادة للوالدة أن "ابنتها وقعت في المطبخ وماتت"، بعدما ارتاب الطبيب المعاين لما رآه من آثار كدمات، اتصل بفصيلة الطريق الجديدة في قوى الأمن الداخلي لابلاغها بذلك. ولولا أن أبت إحدى شقيقات منال الصمت أمام المحققين فأفادت بالحقيقة التي تعلمها، لكانت القضية أقفلت على كونها "موتاً طبيعياً
تقول عبير عاصي، شقيقة الضحية منال التي اعتدى عليها زوجها محمد النحيلي بالضرب بعد مناوشة كلامية بينهما سببها خلافات تعود الى زواج محمد من امرأة اخرى. وسرعان ما تطور النقاش الكلامي الصاخب حين اخذ الزوج الذي يعمل نجاراً بضرب زوجته بكل ما أوتي من قوة مستخدماً أواني المطبخ والكراسي والطاولات وعصي التنظيف. وكلما حاول الجيران التدخل، كان محمد يبادرهم بأن الامر عائلي ولا يحق لاحد التدخل.
وعندما وصلت امها مع شقيتيها واخوها، كان الزوج كان قد "أنجز مهمة" توجيه ضربات "قاضية" الى جمجمة زوجته، فلم تستطع العائلة سوى نقلها الى مستشفى المقاصد حيث لم يقاوم جسدها النزف الداخلي في الدماغ سوى ساعة واحدة. كما وثق تقرير الطبيب الشرعي الذي كشف على جثة منال.
والاهم ان منال سقطت ضحية زوجها، وهي والدة لابنتين تبلغان 13 و15 سنة، كانتا في المدرسة خلال جريمة والدهما. ومضى على زواج المغدورة 15 سنة مارس خلالها محمد العنف على زوجته مراراً. وحين تُسأل العائلة لماذا تركتم ابنتكم مع "الوحش" طيلة الفترة الماضية؟ يأتي الجواب: "لم نتوقع تمادي الاجرام"!. اما لماذا لم تبلغوا الامن قبل ان تقصدوا المنزل الذي تتعرض فيه ابنتكم للضرب؟ فيجيبون: "لم نتوقع ان تضرب ابنتنا حتى الموت".
الزوج هارب الآن، فيما تم دفن ضحيته في جبانة الشهداء، دون ان يحرك موتها ساكناً في ضمائر ما زالت تدرج قضية العنف الممارس على النساء في سلم دوني من الاهتمامات.
والسؤال فهل يحتاج تدخل الجيران لإنقاذ امرأة تضرب حتى الموت الى قانون؟ هل سكوت عائلة عن ضرب ابنتها مدى سنوات يمكن ان يكسره اقرار قانون فقط؟ لماذا لم تتصل العائلة بالشرطة قبل ان تقصد منزل الضحية وتشهد موتها؟