أجل شوقي زار لبنان؛ وكانت ذكرى مولد إحدى أجمل القصائد المغناة :
"يا جارة الوادي طربتُ وعادني*** ما يشبه الأحلام من ذكراك"، وهو يزور مدينة زحلة في أواسط سهل البقاع . وزحلة مصيف مشهور بوادي العرائش حيث تتجمع فيه مياه الثلوج المنسابة من جبل صنين المحاذي للمدينة من ناحية الغرب . والمدينة مشهورة أيضا بخمرتها وغزارة الشعر والشعراء . أحببت هذه المدنية؛ وفي مدارسها تابعت مرحلة الصفوف الثانوية .
أما شعراء الزجل في لبنان، فلا يتسع نص مقتضب قصير للإحاطة بهم، لكن طبيبا عرفته من أبناء بلدتي ممن نظموا الشعر على اختلاف أنواعه، ومنه الزجل وكانت تربطني به معرفة وثيقة كتبت عنها ذات مرة، ويقول في بعض زجلياته :
لَمَّا بساعة رحيلي.... بتسمعي
لَيِّ تَعِي وتبسمي.. ولا تدمعي
تَ صورك صورة وداع
طَبِّقْ عيوني وآخد الصورة معي
ويبقى أهم وأجمل ماقيل من الأزجال المغناة في لبنان
كانوا زغار
من كلمات وتلحين الأخوين رحباني
"كانوا زغار وعمرهن بعدو طري
ولا من عرف بهمن ولا من دري
يقلا بجيب الريح تاتلعب معك
وبكتب عيونك عالشتي تاتكبري"
في الطريق إلى النشر عما قريب نص بهذا المعنى.
https://www.youtube.com/watch?v=R-jceaZijmQ
إشارة مقتضبة أخيرة : إلى أنني ربما لم أراعِ "في سوء الظن.. عصمة" اعتبارات بعض من يعيشون تحت الاحتلال . وقناعتي أن " الوحيَ أتى للشعب اليهودي حتى يتغلبَ اليهودُ على طبيعتهم الحسية وتكوينهم الوثني، فانتهى إلى أن سادتْه الوثنية، وتغلبتْ عليه الطبيعةُ الحسيةُ. وأتى الوحيُ المسيحيُ داعيا للسلام، فملأ المسيحيون الأرضَ نزاعا وحروبا . ثم جاء الوحي الإسلامي ليُكوِّن خيرَ أمة أُخْرِجَتْ للناس، فإذا الأمة مستَعمَرةٌ مسلوبةُ الخيراتِ منتهيةٌ إلى عكس ما أتى به الوحيُ" .
هذه قناعتي التي لا أسمح لنفسي، ولا يصح أن أمليها على أحد، لتبقى المسؤولية مسؤوليتي وحدي؛ ولا ينبغي لأحد أن يشعر بالإحراج أو المسؤولية عن كلام أنا قلته "أو رأي تَبَنَّيْتُهُ"؛ فلم ولن نسامح الأتراك بلواء اسكندرون وهذه بلاد أهل الشام . كما لن نهادن "اليهود" أو نسامحهم بالقدس وأرض ليست أرضهم ولو بعد ألف عام، ولو برّأتهم من دم المسيح، محاكم "العدل" الدوليّة وروما وحاضرة الفاتيكان .
وداهية الدواهي في الخلاص تبقى في كارل ماركس "وعار المخيمات"، وقد رحل الرجل عن الدنيا مطمئن الخاطر خلي البال، أنه نظَّم أحوال البشر ورعى شؤونهم، فنالوا حقوقهم على الأرض بالعدل والقسطاس، ولم يبق أمامه إلاَّ أن يصلح برحيله أحوال أهل السماء..! وبعد: عودي بنا يا شهربان إلى الشعر والأغاني، فالشعر والأغاني يا صديقتي أجدى وأفضل، وتحمل إلى القلوب الموجَعة بصيصا من أمل .