مائة وأربعون صفحة في سيرة حياة كاتبة هيروشيما حبيبي ..
ليس من السهل الخوض في سيرة كاتبة مثل ماركريت ديوراس، لكن الصحفية الكيبكية دانييل لوران انجزت وبجرأة متناهية، معالجة لسيرة حياة الكاتبة في كتاب من مائة وأربع صفحات، بواقعية مطلقة ودون ادعاء او استعراض للعضلات،واستطاعت بقصتها هذه أن تخطئ( نويل كودان) الكاتب البلجيكي الذي دأب منذ عام ألفٍ وتسعمئة وتسع وستين على نقد الروائية الفرنسية ماركريت ديوراس، والتي هي أيضاً مثله كانت قد ابتعدت في كتاباتها عن الأسلوب التقليدي السائد حيث جعلت احد أبطال قصصها يقول:
"أنت تقتلني أنت.. تسعدني".
ان الكاتبة ماركريت ديوراس قد وضعت كل إبداعها في حوار( هيروشيما حبيبي) الفلم الذي أخرجه المخرج المبدع( آلان ريزنه) عام.ألف وتسعمئة وتسع وخمسين.والذي خلق شهرة الكاتبة ديوراس . أن الصحفية والكاتبة دانييل لوران اعطت وبشكلٍ واعٍ صورة الكاتبة والسينارست التي نذرت عبادة حقيقية للشاشة العريقة، بإسلوب استثنائي متفرد.
إن كل الأعمال الخيالية والسينمائية للكاتبة ماركريت ديوراس والتي كانت تساهم في إخرلجها استطاعت ان تلخصها في نصها (هيروشيما حبيبيي)، لكن الكاتبة دانييل لوران لم تكن موفقة في توضيح وجهة النظر هذه في كتابها( ديوراس، المستحيل)، شأنها شأن الكُتاب الآخرين الذين كتبوا عنها وقللوا من شأنها، لكن دانييل لوران اعتقدت أن بتسليطها الضوء، بتلك الطريقة ستستطيع ان تجعلها مفتاح لفهمها. تقول دانيال لوران في كتابها (ديوراس المستحيل):
انها بقراءتها لروايتها ( نشوة لول ستين) العمل الذي جعلها تنغمر في احزان حب شاب في التاسعة عشر من عمره . بكل عنفوانها، جعلها تؤمن بقدرة ديوراس على صنع المستحيل .."إنني مدانة لك لأنني لازلت حية" هكذا أباحت دانييل لوران للكاتبة ماركريت ديوراس، في كتابها الرسائلي الذي يقع في مئة وثمانين صفحة، والذي تزامن نشره مع قصتها( ديوراس، المستحيل) .
إعتمدت في كتابها هذا على عشرات الرسائل التي بعثها: الكتاب، المساعدون وبعض الشخصيات المعروفة، إلى ماركريت ديوراس بعد مماتها، في عام ألف وتسعمئة وستٍ وتسعون، ومن بين هذه الرسائل رسالة الكاتب دومنيك نوكيز، فالكاتب قد أبدل كل سوء نية بدر عن الكاتبة ديوراس بالعفو عنها بإسلوب عاطفي غاية في إثارة المشاعر
مؤكداً على ان ما تركته الكاتبة من فلسفة وإبداع يمسح أي إساءة لها، وكذلك فعلت دانييل لوران رغم ان الكاتبة ديوراس رفضت ان تقابلها رغم محاولاتها المستمرة، ورغم انها سافرت إلى فرنسا من أجل اللقاء بها،لكنها لم تسمح لها باللقاء، ولم تحض بالحديث معها سوى عبر اسلاك التلفون . " إنني أتصرف بشكٍ دائم " هكذا قالت الفرنسية بطلة هيروشيما حبيبي، لحبيبها الياباني.
كانت هذه البطلة قد تزوجت برجل الماني، لكنها أحبت آخر من أقصى الشرق.. ومن بين ركام الجثث حيث كانوا، كانت تأمره: "شوهني حد القبح "وبعدها منحته إسم هيروشيما، لكن حبهما لم يدم سوى ليلة واحدة..
هكذا كانت أعمال ماركريت غاية في الغرابة غاية في الواقعية والعاطفة الجياشة .وكما اعتقدت دانييل ان كتب ماركريت ديوراس قالت للعالم والحياة ان علاقة الحب يمكن ان تفنى لكن الوجد ازلي،لايزول .. لذا فإننا نعفوا عن كل إساءة بدرت من ماركريت ديوراس لانها جعلت الموت، الحب والكتابة في بحرٍ واحد .