ان الحديث عمن نحب، شيق وممتع. فكيف الحال اذا كان هذا الحديث عن حبيبة تعيش في اعماقنا.. يسري حبها في عروقنا ..تريحنا اذا استدعيناها ساعة تعبنا.. تساعدنا على النوم الهادئ ان حاورتنا ساعة ارقنا..ترقصنا و تنعشنا ان كلمتنا ساعة فرحنا.. تحب كل البشر..لا تبخل على احد بشئ.
ولأني لست مع الشاعر الذي قال:
كتمت صبابتي يامن تلمني
بليت، ولكن لا اقول بمن، لأني
إذا ما قلت من هو يعشقوه
بل اقول بأن حبيبتي اسمها[ الموسيقى] . أبدأ حديثي عنها لكي يتعرف عليها كل الناس فيعشقوها كما عشقتها، ويستمتعوا بحديثها كما استمتع دائما.
لما كانت الموسيقى بكافة اشكالها ومضامينها ومنها الغناء بالطبع، حاجة يومية لكل فرد كغذاء روحي، بالإضافة الى وضائفها الأخرى، حريّ بنا ان نهيئ انفسنا للإستماع لها ونسلك افضل السبل للإستفادة منها والإستمتاع بها بوعي، لكي نتمكن من التمييز بين ما هو جيد ومفيد، وما هو ردئ ودون فائدة ان لم يكن مضراً .
من هذا المنطلق سيكون حديثنا عن عالم الموسيقى .. عالم الجمال .. عالم الإنسانية. نستكشف خفاياه بما يساعدنا على زيادة متعتنا بالإستمتاع للموسيقى.
اصدقائي.. إن لم يكن بمقدوركم ان تتعلموا العزف على آلة موسيقية، فبإمكانكم بالتأكيد، أن تكونوا مستمعين جيدين للموسيقى وبشكل واع . لأن ما اعتاد عليه المستمع العربي هو الإستماع للموسيقى بالشكل الذي يساعد على تخديره. أي أسلوب المصطلح المتعمد إشاعته [الطرب]. ولذا نرى أن الإستماع للموسيقى والغناء مترابط في أغلب الأحيان مع جلسات شرب الخمر.
إذاً، ماذا نعمل لكي ينمو إدراكنا للموسيقى بما يزيد من إستمتاعنا بها حين الإستماع لها؟ مصاحبة للغناء كانت أم موسيقى بحتة.
كل شئ جديد يصعب إستيعابه وتذوقه في البداية، خاصة اذا كان غامضًا لنا. ولكن بعد فترة، نجد أنفسنا قد تعودنا عليه واصبحنا نستمتع به. هذه تجارب مرت علينا جميعًا، احسسنا بها أم أغفلناها. والإستماع للموسيقى بدون غناء حالة لم يتعودها المستمع العربي كثيرًا . فهو ميال للغناء أكثر منه للموسيقى. لذا نجد صعوبة بالإستمتاع بها.
ومن أجل أن نستفيد من الإستماع للموسيقى، من الضروري أولآ الإطلاع على ماهيتها وأساليبها وأنواع الآلات الموسيقية المؤدية لها . وثانياً الإستماع المستمر لها من خلال الوسائل المتنوعة المتوفرة.
وقبل أن ندخل في تفاصيل الموسيقى البحتة، نعرج على ألوان الغناء العربي الذي نسمعه يومياً من وسائل الإعلام المسموعة أوالمرئية. لأن الغناء هو الأكثر شيوعًا
في هذه الأجهزة.
هناك مسألة أود التطرق إليها. يتساءل أكثر الناس عن كيفية تأليف الموسيقى أو تلحين الأغاني. وأكثر ما يتساءلون عنه هو مسألة [الوحي]، وهل هو حقيقة أم لا؟ أي ، هل هنالك شرط نزول الوحي على الملحن لكي يلحن أغنية أو يؤلف موسيقى؟ . أما الملحنون فيعرفون الحقيقة وهي أنه لا يوجد شئ إسمه [الوحي] رغم تبجح بعض الملحنين بهذه الكلمة للإستهلاك الإعلامي. إذ أننا ، وخاصة المحترفون منا، بإمكاننا أن نجلس يوميًا ونلحن،ولكن مستوى الإنتاج بالتأكيد يختلف من يوم لآخر تبعاً للظرف الداخلي[النفسي] والخارجي [المحيط] الذي يعيشه الملحن. إذ ليس معقولا
ان يجلس الملحن مكتوف الأيدي بدون إنتاج بإنتظار أن يأتيه [الوحي]. فقبل أن يحاول أحدنا البدء بالتلحين ، يسأل نفسه، هل لديه إستعداد للتلحين؟ أي هل هنالك مشكلة أو مسألة ما في عقلي تشغلني عن التلحين أم لا؟ مع العلم أن كثيرًا من المشاكل الشخصية والإجتماعية تكون عاملا مساعدًا في التلحين. وهذه تجربتي الشخصية. من هنا تأتي اهمية وعي وثقافة الفنان واندماجه مع محيطه.. مع ناسه.. مع ما يجري حوله. فتلك أمور تساعده على ابداع الجديد والجميل من الأعمال الموسيقية التي تؤثر في الناس لأنها متأثرة بهم. والى لقاء جديد لإستكمال الحديث.