تقول بعض تقارير خبراء الصحة في الدول الثلاث الآتية : الصين وبريطانيا و الولايات المتحدة، بأن الدواء المكتشف لدى كلٍ منها لمعالجة وباء الكورونا قد يتم انزاله لعموم الناس في تلك البلدان مع بداية السنة الجديدة (2021) . وهذا يعني، يمكن أن نحتاج في بلداننا الى سنوات أطول وأبعد ليصل الينا، وبهذا فأن صيغة الحياة التي نعيشها ستحتم علينا أن نفكر بوضع دراسات عن حياة الأنسان وممارساتها الجديدة والمجبر عليها والمجتمع في ظل هذه الجائحة التي تجتاح كل نواحي الحياة .. لذلك علينا كمعماريين ومخططي مدن، أن نقوم باعادة النظر في بيئتنا المعمارية التي نعيِش في وسطها (أفرادا، وأسرا، و جماعات ).. مثلما حدث للبشرية آنذاك مع حلول الثورة الرقمية، حيث لم نعد معها نحتاج إلى بناية كبيرة لإدارة البريد والتي تحتوي على عدد كبير من صناديق البريد الفردرية الصغيرة.. .. ولم نعد نحتاج إلى الذهاب إلى مثل هذه الأبنية، إلا ماندر..
لقد أعطت ثورة المعلومات والإتصالات إمكانيات جديدة لطي البعد المكاني وتغير الشروط المكانية لأداء بعض الوظائف . لهذا إختلفت بالتبعية احتياجات المستخدمين للمسطحات وسادت اللامركزية في مراكز الإنتاج والعمل . حتى أن فراغات المعيشة بدأت تتأثر في هيئتها الهندسية لاختلاف أساليب التسلية والتعليم والعمل والمعاملات المصرفية والكثير من الأنشطة الإجتماعية .
وتبعت أساليب الإنتاج التحكم عن بعد كما شاهدنا في مثال"Guggenheim Museum " وبنك شنج هاى بمدينة هونج كونج . وستشهد إمكانية العمل في المنزل ( الذي تطلب هو الآخر حتمية وجود مسطح مناسب للعمل بالمنزل وهو مؤشر إلى تغيير ببرنامج الأنشطة داخله) . والإجتماعات ومولد واختفاء عناصر وظيفية على المستوى المعماري والعمراني كما تنبأ الكثير من الأخصائيين الإجتماعيين بأن أوقات العمل والراحة ستصبح نسبية في المجتمعات في ظل الثورة الرقمية، وستظهر فراغات معمارية ذات أنشطة جديدة في مشاريع معمارية مغايرة لطبيعة هذه الأنشطة .
كما شاهدنا تحولاً في أنماط المنشآت العامة مثل المكتبات والمصارف وأماكن التسوق وشاهدنا إضافات لبرامج المشاريع الكبرى مثل دمج مراكز الإتصالات ببرامج مشاريع المطارات، و أصبحت الفنادق أماكن للعمل في عصر الثورة الرقمية شهدنا مولد واختفاء عناصر وظيفية على المستوى المعماري والعمراني والإقتصادي، فتتقلص أنشطة هنا وتزداد أخرى هناك . كما أظيفت مشاريع مستجدة ما كانت موجودة من قبل على المستوى العمراني..
مثل هذا التغيير حدث أيضا مع بداية إجتياح الكورونا لكوكبنا الأرضي حيث تعطلت وظائف الكثير من الأبنية كالفنادق و المدارس والجامعات و المسارح ودورالترفيه .. وللوقت الطويل الذي يُجبرعليه الناس في البقاء بمساكنهم، فلا لنا أن نعيد النظر بوظاف الفضاءات الداخلية للمنازل، وحتى الشقق السكنية للمباني العالية، يمكن أن يكون تصميمها يتخطى التصميم النمطي للعمارات السكنية والذهاب إلى التصميم الحر الذي يراعي إحتياجات كل أسرة، وفق عملها وهواياتها.. وهذا يتطلب تفكيرا جديدا للهياكل الإنشائية، وفق متطلبات المهندس المعماري، الذي يشير بها لمهندسي البناء والإنشاء.. وإذا أريد منا ألا نختلط مع بقية البشر فستكون المسافات التي نقطعها خارج بيوتنا قصيرة، ربما سنُجبر على استبدال استخدام السيارات بالدراجات الهوائية أو استخدام السيارات التي توجه أوتوماتيكا (بلا سائق ) من أجل تلافي إنتقال العدوى ... وكثيرا من الأمور التي يجب علينا إعادة النظر بها .. وفق ما تفرضها علينا طريقة حياتنا الجديدة . إذا لا بد لنا من التباحث (كمهندسين معماريين ومخططي مدن).. لوضع تصورات جديدة، خوفا من طول الزمن الذي سنعيشه تحت وطأة هذا الوباء اللعين .