هل تحلّ الدّواعش وأخواتها محل الجيوش العربيّة...؟

2015-03-11
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/700bd0dc-d235-4c31-98b3-2b41b3eeb558.jpeg
 لقد صدق هنري كيسنجر، الأب المعاصر للصهيونية يوم قال بعد حرب تشرين التحريرية 1973 بأنه سيجعل المنطقة تغرق في حروب عربية ـ عربية لا يُعرف فيها القاتل من المقتول... حيث يتم في هذه الحروب العربية المدعومة من حثالات الشعوب وأبالستها وثعابينها من القاعدة، وداعش ونصرة وتكفيريين، تحقيق الهدف الاستراتيجي ـ الصهيوأمريكي، وهو استئصال خلايا الأمل من دماغ المواطن العربي وضميره، وذلك عبر القضاء على ثلاثة جيوش عربية هي الهاجس الأكبر لدى أمريكا وإسرائيل وهم الجيش السوري والعراقي والمصري. كل الجيوش العربية التي تم إنشاؤها ضد إسرائيل، ها هي تنهار ولم يبق منها ما يحكي عنها. 
إن ما تواجهه الجيوش العربية في سورية ولبنان ومصر والعراق والجزائر وتونس واليمن، من استهدافات من قبل مرتزقة وعصابات الدواعش وأخواتها، لا تتعلق بظروف محلية طارئة وإنما تنفيذاً لمخططات كبرى لا يستفيد منها إلا أمريكا و''إسرائيل'' والقوى المرتبطة بهما. 
وعلى ضوء ما يجري في بعض الدول العربية، أصبح من الواضح أنه لا جدال في أن استنزاف وإشغال الجيوش العربية المركزية واستهلاكها وإضعافها إلى أكبر حد ممكن هي مسألة مخطط لها من الدوائر الأميركية والغربية والإسرائيلية، وتشكل في الوقت نفسه هدفاً مرحلياً لهذه الدوائر، ولاسيما منها جيوش ما تسمى دول الطوق.
وهذا الهدف المرحلي يخدم ـ بطبيعة الحال ـ هدفاً إستراتيجياً للدوائر المذكورة يتمثل في تحويل بلدان هذه الجيوش أو دولها إلى دول ''فاشلة''، أو شبه فاشلة من الناحية العملية حتى من دون الاضطرار لتتويجها بهذا اللقب بفضل الفوضى العارمة التي ''ترفل'' بها، وحالات عدم الاستقرار التي تعيشها على المستوى الرسمي والشعبي وانعكاسات ذلك على الاقتصاد والتنمية فيها.

لقد دارت دواليب المخطط التآمري المتعدد الأطراف والأهداف لتهميش دور العسكرية العربية، وإبعادها عن دورها المركزي والقومي في مقاتلة العدو الصهيوني الغاصب والدخيل، وإشغال بعضها بمهام وأدوار أخرى بديلة، وإحالة البعض الآخر على التقاعد، حيث تم عزل الجيش المصري خلف أسوار معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وإقحام الجيش السوري في معترك الحرب الأهلية اللبنانية بعد تفكك الجيش الطائفي هناك عام 1976، ثم توريط الجيش العراقي في الحرب مع إيران عام 1980 حيث تتابعت فصولها لأكثر من عشرة أعوام انتهت بخروج هذا الجيش من الكويت عام 1991.

وهو العام الذي شهد تقريباً بداية انغماس الجيش الجزائري في حرب أهلية مع جبهة الإنقاذ الإسلامية دامت قرابة عقد من الزمان، فيما أنهمك الجيش اليمني في معركة الحفاظ على وحدة البلاد التي حاول بعض قادة الجنوب العدني تقويضها عام 1994، في حين تعرض الجيشان المغربي والسوداني لحروب استنزاف مزمنة وطويلة المدى على أيدي رجال البوليساريو وثوار جنوب السودان.

أما الجيش الأردني الذي شارك جزئياً، عبر الجبهة السورية، في حرب تشرين، فقد وجد نفسه عام 1994 أسير معاهدة وادي عربة التي وضعته خارج دائرة الصراع مع العدو، فيما تولى اتفاق أوسلو عام 1993 ليس تحييد غالبية جيش التحرير وفصائل المقاومة الفلسطينية فحسب، بل إخماد انتفاضة الحجارة أيضاً.

أما في العراق، فقد كان هدف أمريكا في حربها ضده عام 2003 هو إسقاط الدولة العراقية، والجارة لسورية ذات الصلات العشائرية والإنسان الواحد والشخوص الواحدة والحضارة الواحدة، والهدف من ذلك هو تدمير الجيش العراقي الباسل، وهو ما جعل ''كوندليزا رايس'' وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة تقول ''لا نعول على الجيش العراقي أن يقوم بعد الآن بعمل ضد إسرائيل''، وهذا القول ما جعل مشرعي مشروع الشرق الأوسط الكبير يطلقون بنود هذا المشروع علناً أمام العالم.
ما قالته الوزيرة الأميركية ينصب في جوهر المشكلة الحقيقي على أن إسرائيل هي أول من شارك في وضع بنود مشروع الشرق الأوسط الجديد، إذ بعث ''شمعون بيريز'' بثلاث رسائل إلى الصهاينة في البيت الأبيض الذين شاركوا في صياغة هذا المشروع.
أولهما: التأكيد على إنهاء تسمية الوجود القومي للأمة العربية وإلغاء دور الجيش العربي، لأن في ذلك تأجيج للوعي القومي ضد إسرائيل، 
وثانيهما: الرجوع إلى تصريحات وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر عام 1977، بخلق فوضى عارمة في الوطن العربي لمدة مائة عام، وهو ما يجري في دول عربية معينة كالعراق وليبيا وتونس والسودان ومصر وغيرها.
ثالثهما: العمل على خلخلة وتدمير العسكرية العربية بعدم مشاركة الغرب الأوروبي في تدريب الجنود العرب وفق مراحل التطور لجيوش العالم مع زيادة الدعم اللوجستي للمعارضة في الأقطار العربية والاستفادة من الميليشيات ودعمها بالمال والسلاح، لتحل فيما بعد محل الجيوش العربية مستقبلاً.‏‏ 
وعلى هذا الأساس منذ كان مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي انبثق من رحم ما يسمى بالربيع العربي يهدف إلى إسقاط العسكرية العربية أولاً،  وثانياً: عودة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج العربي إلى عهود الانتدابات دون مقاومة عربية، وثالثاً: السعي لقيام دويلات الطوائف التي انتهت في المشرق والمغرب وهي تجر أذيالها وجراحها النازفة جراء ضربات الهيمنة العثمانية والإنجليزية والفرنسية. 
ويمكن للمراقب ملاحظة أنه في ظل هذه الفوضى يوجد عامل ممانعة إلى حد ما يملك  ـ فيما لو تكلم ـ الكلمة الفصل التي تساعد على ممانعة المشروع وإسقاطه، وتمثل هذا العامل بـ''الجيوش الوطنية'' لهذه البلدان، والتي باتت اليوم عنواناً للفصل الجديد من فصول أزمة منطقتنا.

وطبعاً هذا العنوان هو الناطق بإسم رغبة وضمير الشعب الذي دخل قسم منه في حالة الفوضى، وبالتالي فإن تحول المشهد كتم صوت الشعب الحقيقي في لحظة التفاعل، وهنا كانت مسؤولية الجيش.

في وقت مبكر، بدأت دراسة دور الجيش في مراكز تسويق خطة ''الفوضى الخلاقة'' التي كان يفترض بها أن تنتهي بتعميم النموذج التركي وإيصال جماعة الإخوان المسلمين لرأس السلطة في الدول العربية.

وهنا يمكن للمراقب تصنيف مواقف الجيوش العربية خلال مراحل تطور الأزمة التي مرت في المنطقة في ثلاثة نماذج، طبعاً باستثناء ليبيا التي شهدت تدخلاً بحرب عسكرية مباشرة من قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).

أولاً: النموذج الحيادي: وظهر هذا النموذج في بداية انطلاق ''الموجة''، وبدا واضحاً في تونس ومصر عام 2011، وكانت الجيوش ميالة لحالة من الحياد أمام اندفاعات بشرية بداية المشروع وضبابية المشهد لدى البعض. ولم يتمكن الرئيس التونسي آنذاك ''زين العابدين بن علي'' من الصمود مدة طويلة وغادر البلاد بينما أشيع أنه ركب الطائرة ولم يكن يدري أنها ستغادر تونس.

وبدا المشهد أكثر وضوحاً في مصر التي تملك أكبر جيوش المنطقة، ولم يصمد رئيسها ''حسني مبارك'' إبن هذا الجيش سوى 18 يوماً من الاحتجاجات، ليخرج بيان التنحي، وما رشح أن موقف رئيس الأركان آنذاك الفريق ''سامي عنان'' كان العامل الحاسم والمعبر عن موقف الجيش، إذ أبلغ ''مبارك'' بأن الجيش سيكون على الحياد، وبالتالي كان خيار ''مبارك'' الوحيد هو الرحيل.

ثانياً: النموذج المنقسم: وبدا في اليمن التي شهدت خلال فترة أزمتها الطويلة نسبياً بالنسبة لمصر وتونس، انشقاقاً داخلياً في الجيش بعد انشقاق فرقة مدرعة كاملة هي الفرقة الأولى بقيادة اللواء ''علي محسن الأحمر''، وكان ذلك من أهم العوامل التي أجبرت الرئيس اليمني ''علي عبد الله صالح'' على قبول المبادرة الخليجية وتسليم السلطة لنائبه ''عبد ربه منصور هادي''.

ثالثاً: النموذج الممانع: وينطبق على حالتين الأولى في الجيش العربي السوري منذ انطلاق الأزمة في سورية وحتى يومنا هذا، والثاني في الجيش المصري منذ 30 حزيران الماضي.

والآن، نأتي إلى بعض التفاصيل حول هذا الأمر كشواهد حية على ما جاء أعلاه: 
فالجيش السوري أصبح استنزافه وتدميره وبخاصة سلاح الجوية، هو الهدف الأول للمجموعات الإرهابية المسلحة الممولة والمدربة من الولايات المتحدة وحلفائها وأذنابها من أطلسيين وعرب، وقد كان هذا الاستهداف واضحاً منذ الأيام الأولى لبدء الحراك في سورية، حيث دارت نقاشات واسعة بين أطراف المعارضة الخارجية في العواصم الغربية والإقليمية حول هذا الأمر، وحول ضرورة طلب التدخل الخارجي العسكري لتدمير هذا الجيش، ثم استبدل هذا المطلب الذي تعذر تنفيذه بسبب الموقف الروسي الصيني بطلب التسليح وفتح الحدود أمام المتطرفين والتكفيريين وعناصر القاعدة وداعش وأخواتها، وتوجيهها بعد تدريبها وتسليحها إلى العمل لتحقيق هدفين اثنين أساسيين أولهما: استنزاف الجيش، والثاني تدمير المؤسسات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية في سورية.
أما الجيش المصري، فمنذ مطلع عام 2011 تجري على قدم وساق محاولات لجرجرته للخوض في مستنقع حرب عصابات على الجماعات الإرهابية المتحصنة في سيناء، التي راحت تشن هجمات يومية ''منظمة'' على منشآت وقواعد القوات المسلحة المصرية منذ الضربة التي تلقاها الإخوان المسلمون بإبعادهم عن السلطة وعزل رئيسهم ''محمد مرسي'' عن سدة الحكم من الجماهير المصرية التي عانت الأمرين من قمع وتسلط جماعة الإخوان ومن إحكام قبضتهم على السلطة، بل احتكارها. 
هذا إلى جانب الاتهامات الموجهة إلى الجيش المصري بأنه نفذ انقلاباً غير شرعي على الرئيس ''مرسي''، علماً بأن مثل هذا الاتهام عار من الصحة، لأن الجيش المصري لم يتدخل في بداية الأمر، بل اضطر إلى درء خطر حرب أهلية كادت تبدأ، مستجيباً لرغبة عشرات الملايين من الشعب المصري خرجت إلى الشوارع والميادين، رافضة لحكم الإخوان المسلمين ومطالبة بإسقاط رموزه بعد أن عاثوا فساداً في مصر طوال عام كامل من حكمهم، وما زالت المحاولات مستمرة من الإخوان المسلحين وأسيادهم لضرب وحدة الجيش المصري وإحداث انشقاقات في صفوفه عبر الدعوات المغرضة لتشكيل الجيش الحر في مصر على غرار ما جرى في سورية، عندما أوجدوا ما يُسمى الجيش الحر الذي تقاتل باسمه عشرات المنظمات والجبهات المستوردة من الخارج وتنظيم القاعدة وغيره.

من يتأمل المشهد الذي يسود منطقة الشرق الأوسط، لا بد أن يحكم على مسيرة تعيد الاعتبار للجيوش العربية وتجعلها من جديد الآمر الناهي في لعبة المصالح الوطنية، فقد عادت الدول لتعتمد على جيوشها من أجل تصحيح أوضاع داخلية والقضاء على شراذم الإرهابيين وشذاذ الأفاق.

ففي العراق، يقدم الجيش العراقي الحديث العهد في العدد والعدة، صورة عن جيش يريد أن يصنع دولة، بل دور المخلص لها من أزمات تراكمت بفعل غيابه يوم قام الاحتلال الأميركي بفرطه من جذوره، ثم اكتشافه هذا الخطأ الذي ارتكبه. يعود العراقيون إلى إعطاء دور لجيشهم كي يتخلص رويدا من عقدة إعادة بنائه، فيقدم صورة نموذجية عن آخر حالة بلغها من التقدم العسكري.

أما في لبنان، فتجري محاولات مستميتة ومتواصلة لتوريط الجيش اللبناني في التجاذبات المُندلعة بين المكونات السياسية اللبنانية، وما يتخللها من حوادث أمنية تجري في مختلف المناطق اللبنانية بتدبيرٍ خارجي، والزج به في نزاعاتٍ وحروب مناطقية مُتنقلة ومُفتعلة، لكن الجيش ما زال يمسك الملفات الصعبة وخصوصاً الأمنية منها، فقد أصيب مؤخراً بضربات متتالية لكنه ما زال يحافظ على دوره الذي لن يتخلى عنه.

وما الهدنة السائدة الآن هناك إلا غطاء سياسي مؤقت لصراعٍ ساخنٍ قد ينفجر في أي لحظة، ولاسيما أن عمليات الشحن الطائفي من تيار المستقبل وغيره جارية على قدم وساق، كذلك جرت محاولات مُماثلة في البقاع وغيرها من المناطق، هدفها ـ كما أشرنا ـ جرّ الجيش اللبناني إلى وحول نزاعات طائفية تُضعفه وتستنزف قدراته وإمكاناته، علماً بأن هذا الجيش ترفع دائماً عن الانجرار وراء مثل هذه النزاعات.

أما في اليمن فقد وجد الجيش اليمني نفسه بشكل مفاجئ يخوض غمار حرب ضارية على عناصر ميليشيات تنظيم القاعدة التي راحت تشن بأسلوب حرب العصابات هجماتٍ منسقةً على قيادات وقواعد الجيش اليمني وقواه الأمنية، على غرار حرب العصابات التي يشنها فرع تنظيم القاعدة في مصر على الجيش المصري.

أما في السودان فهناك الحرب الأهلية التي ما انفك الجيش السوداني يغوص في أوحالها، حتى بعد خضوع السودان للضغوط الأميركية والأوروبية الهائلة التي مورست عليه وموافقته على التخلي عن أراضيه الجنوبية لمتمردي جنوب السودان وإقامة دولة مستقلة هناك، رغم ذلك لم يترك السودان يلملم جراحه، بل تستمر محاولات إشغال جيشه في الجنوب نفسه وفي دارفور وغيرهما من المناطق بهدف المزيد من استنزافه وإضعافه.

أما الأردن فالدوائر الغربية الصهيونية والخليجية تحاول ليل نهار الزج بالجيش الأردني في أتون الحرب الكونية المفروضة على سوريا، وفي هذا الإطار يرى الصهاينة الخطر المحدق بالأردن، وأعينهم لا ترتفع عن الأردن، وهم يرون أنه في خطر وأنه ''يحتاج إلى سند عسكري استراتيجي واضح، وأن السند الاستراتيجي والعسكري الوحيد العملي له هو “إسرائيل''... 

ويأتي هذا في الوقت الذي أبدت فيه المملكة العربية السعودية قلقها على الأردن واستعدادها لإرسال قواتها لحمايته من التفكك على يدي التنظيمات المسلحة وعلى رأسها داعش التنظيم الذي خرجت مسيرات مؤيدة له في ''معان'' جنوب الأردن، ورُفعت راياته هناك على حدود السعودية مع الأردن...

وللأسف الشديد أنّ العقلاء والحكماء في الأردن لا يصدقون حتى الآن أن إسرائيل تضع الأردن على جدول عملها في مشروع تفتيت دول المنطقة بعد استهلاك دوره بموجب مشروع (عوديد يينون) لانشاء إسرائيل الكبرى عن طريق إعادة تقسيمه بين أراض تضمها إسرائيل وأخرى تنقل إليها الفلسطينيين من الضفة الغربية وأخرى تخصصها للقبائل الأردنية.
فالاستراتيجية الأميركية المخصصة لهذا العقد الثاني قي الألفية الثالثة هي استهلاك جيوش الدول المتحالفة مع واشنطن وإعادة تنظيمها بعد تقسيم الدول المجاورة لإسرائيل إلى دويلات صغيرة بعد تفتيت جيوشها المركزية.

وهذا يعني أن الاستهداف الممنهج للجيوش في الدول العربية لا علاقة له بالشعارات البراقة لما يسمى الربيع العربي، أوالديمقراطية أو حتى استجابة لظروف أمنية وسياسية طارئة، وإنما هو لإكمال المؤامرة الكبرى على الدول العربية وعلى دول العالم الثالث وإضعاف جهازها المناعي المتمثل بالجيش وبالقوى الأمنية بغية إشاعة الفوضى ''الخلاقة'' وتفكيك تلك الدول لإعادة تركيبها من جديد وبما يخدم المصالح الأمريكية ـ الإسرائيلية... 

فلم يعد بعد اليوم شيئاً خافياً بعد تدمير العراق، وحرق الدولة الليبية، وتقسيم السودان، والفوضى في مصر، ونهب مياه العرب، في دجلة والفرات والنيل، والخطر الأكبر الذي يهدد الدول العربية اليوم، تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي مؤخراً ''أن هناك ميليشيات مدربة ومسلحة ستحل محل الجيوش العربية مستقبلاً...؟''.‏‏ 
وحري بنا نحن الشعوب العربية أن نحافظ على الجيوش العربية الوطنية، حتى لا تطمس معالم هويتنا العربية، وإذا كان الصهاينة الأمريكان الذين وضعوا تشريعات ومبادئ مشروع الشرق الأوسط الكبير مصرون على حل الجيوش العربية بين عشية وضحاها، لإنهاء قوة العرب في العالم، فإن ولادة هذه الجيوش ليست كولادة الجيوش الأمريكية التي ما تأسست إلا من خلال عبور اللصوص والقتلة من خلال تلك الأدغال والمستنقعات المائية ليطردوا الهنود الحمر من وطنهم الأصلي، فكوّنوا جيش لقيط من هؤلاء العابرون والمحتلون الجدد، ومثلهم كمثلْ جيش الكيان الصهيوني اللقيط الذي تأسس من كل سفلة وسفاحي دماء الشعوب في العالم، فالجيوش العربية هي امتداد لشريعة حمورابي وجيش محمد وفتوحات بني أمية، وفيالق الرشيد المتآلفة مجداً وكبرياءً.
فإلى بواسل الجيوش العربية العقائدية البطلة تتوجه اليوم فعاليات المجتمع السياسي الوطني والعروبي بالعالم الحر، بالتحية والتقدير وهي تعلن ـ كما نشهد في وسائل الإعلام والتواصل ـ أننا مقاتلون سياسيون وعسكريون...، ولا ضير في العسكرتاريا التي تضفي الطابع العسكري على أغلب مظاهر الحياة العامة في أغلب بلدان العالم المعاصر حين تهزم السياسات الغاشمة التي تنزع إليها قوى الهيمنة والاحتكار والرجعية والإرهاب، لأن العسكرتاريا أدرى بقيمة الحياة، وبمخاطر ويلات الحروب، وبالكوارث الناجمة عن مشهد التغيير السياسي العربي الراهن الذي يخدم مجاناً الأحلام العسكرية وغيرها لإسرائيل.

مصطفى قطبي

باحث وكاتب صحفي من المغرب

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved