في الثلاثين من آذار من كل عام يحتفل شعبنا الفلسطيني في الوطن المحتل وفي الشتات بذكرى يوم الارض الخالد .
في مثل هذا اليوم وأينما كان الفلسطيني يأتيه عبق الارض مع ربيع متجدد لعهد متجدد بأن تبقى هذه الأرض بلاد الفلسطينيين مهما اوغل الاحتلال الصهيوني سكاكينه في الكينونة الفلسطينية.
الجسد سيظل عصيا على الزوال والابادة، يطلق روحه الخضراء على حرائق الاحتلال، والتراب سيظل يحتضن شجرة الزيتون كرمز تاريخي لشعب يكافح من اجل الحق والعدالة، وفي سبيل حريته وتقرير مصيره في اقامة دولته المستقلة..حيث وفي مثل هذا اليوم يتجدد حلم الاستقلال بالدولة الحرة فوق ترابنا الوطني. نعض على جراحنا ونحلم..
في عرس الأرض نمد أوصالنا المقطّعة بكل الخلجات والنبضات كي يذهب نشيد الوطن عاليا فوق الاسوار والجدران العازلة وفوق الاسلاك الشائكة في التحام القرى الرافضة للمصادرة والقرى المدمرة منذ ان حفر الكيان العنصري مجزرته الاولى في لحمنا وترابنا.
لهذي الارض الق التخوم وتجليات الولوج الى لحظة هي كل حين حبلى بالتحول والبرق والرعود .. تحمل وعدها وتنتظر الميلاد، تنطلق صوب المخاض.....
ستقوم المدن العريقة من خرائبها وسيتفسخ الهيكل.سيتقدم المخيم منتفضا على آلامه خالعا قمصان العويل والبكاء، ليعانق الهواء القادم من فضاءات لا زالت تحفظ تذكارات اسلافنا.
الآن من رحمها ينهض مخيم جنين المقتول شاهدا ..وينهض مخيما صبرا وشاتيلا ومن اهدابهما تنتشر ثقافة الحياة بعدما ارادوا لهما تاريخ من المجزرة... تقوم غزة من جرحها الناري تقاوم الحصار وتقاتل المحرقة ، تشعل الف سؤال وسؤال للضمير الاوروبي والامريكي منتج حضارة العصر.
كيف لهذه الحضارة ان كانت صادقة ان تتعايش مع العدوان والاغتصاب، كيف تغمض عينيها عن آلة الدمار الصهيونية وهي تقوم بشكل يومي بابادة عرقية لكل ما يمت لفلسطين التاريخية بصلة؟
دعاة الحرية والديمقراطية الرسميون في الغرب ما شكل حريتهم هذه التي ينادون بها عندما يكونوا شركاء العدوان على بلادنا ويحتفلون حول نار محرقة شعبنا الاعزل؟
نعم انها مسألة اخلاق ومسألة ضمير.ومعايير العالم الغربي تصفعها دماء اطفال فلسطين المراقة بلا رحمة وبدم بارد ..
ويظل سؤال المرأة الغزاوية وهي تصرح به من خلال بكائها المر امام احدى كاميرات الفضائيات مدويا في بريتهم : ماذا فعلنا بكم حتى تلحقوا بنا كل هذا الاذى؟ ونضيف: كيف الحضارة تظل على انتمائها الى الرقي وانتم تطبخون لنا الكارثة تلو الكارثة على مدى اربع وستين عاما.
أم ان للتوحش ارتقاءاته؟
*****
ويدور اخوة لنا حول جراحنا ويسألون، فقط يسألون وهم في ابراجهم : ماذا فعل القتل بكم؟
لان لنا رائحة الزعتر.. لنا الموال والعتابا والميجنا.. ولنا نهار جميل مضى ولم نمت.
لنا طفل ينام العشب والشجر بين أصابعه .. تجري الانهار بين يديه ، ويولد في الافق غيم وسحاب.
تمطرنا بلادنا عرسا للارض ، ويكون لها يوم ونهارات اخرى ساطعة بالشموس تؤدي الى وطن يشبهنا على مر الازمان والتاريخ.
نلملم اشلاءنا في يوم الارض ونطلق الحناجر بالنشيد ، يشاركنا شرفاء العالم في هتاف انساني ضد صانعي الموت ومسببي القهر والاضطهاد، اولئك الذين يلطخون بهاء الوجود وينشرون في الكوكب كل اسباب الدمار والابادة.
هو لحمنا العاري امثولة الارادة في تحدي الطغيان، حيث اصفاد القتلة الصهاينة ذوبان امام نشيد الحياة الأقوى الطالع هدرا من اعماق التاريخ لسقوط الروايات الملفقة، ولتفسخ حديد ترسانات عسكرياتهم المتكئة على اساطير مهترأة لا تشفع لجرائمهم ولا تبررافعالهم المستبدة بألق وجودنا فوق هذه الارض، تحت هذه السماء، حيت الهواء لنا. ولنا ان نعيد الهواء الى قصباتنا الهوائية كي نؤمن الحياة لأجيال فلسطين القادمة.
هي الارض، في ثيابنا مفاتيحها
في اجسادنا تاريخها
وفي طيبتنا قدسيتها
نمنح الصبح دمانا.. فشرّعي مواسمك الخضراء لامتدادات احلامنا ولكل مايشبه الحياة في اندفاعاتنا .. وعانقينا ..آه ضمينا واحتوينا من بدايات الوجع الى نهايات اليقين.
هذا احتشادنا.. احتشاد الضحايا مند ان سحب الوطن من تحت اقدامنا على يد الحركة الصهيونية وبمساعدة القوى الامبراطورية الاستعمارية ندق جدران الكوكب كي الدنيا يعمها الامن والسلام. ندق جدران الكوكب من اجل حق العودة الى الارض السليبة، ليكون لنا الوطن المرتجى بكل شغف انساني.