جامعة مشيخات النفط العربية... وتدمير سورية؟

2014-01-20

ه//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/700bd0dc-d235-4c31-98b3-2b41b3eeb558.jpegكذا استنبتوا للجامعة العربية، الهيكل والسرداب، أظافر وأنياباً وولوا عليها حراساً من طراز لا يعرف الحق ولا يخشى الله ولا يعترف بالأواصر القومية ولا يتورع عن خدمة المشروع الأجنبي بصفاقة الأشرار وببرودة المجرم الخبير، والآن تكتشف الجامعة دورها ومداها فإذا هي قوة استفاقت للتو من نومها العميق واستلمت توجيهاً وبندقية لضرب سورية على هذا النحو الذي يتخيلون ويدعون، كان كل الوجود العربي مجرد مساحة جغرافية للاستعمار الغربي، يحتل وينهب الثروة ويقتل ويزرع الأفق موتاً وإرهاباً وتجزئة.‏
ففيما يشكل حالة إعلان حرب سياسية ضد سورية دعت جامعة مشيخات النفط العربية ائتلاف الدوحة إلى احتلال مقعد سورية في الجامعة بعد تشكيله هيئة تنفيذية لشغل هذا المقعد، حيث أعلن الأمين العام للجامعة ''نبيل العربي'' في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري ''محمد كامل عمرو'' في ختام اجتماعات الدورة العادية '139 لوزراء الخارجية العرب أن الوزراء دعوا الائتلاف إلى شغل مقعد سورية.
فـ ''حمد'' و''الفيصل'' وبقية الإمعات في مشيخات الجامعة العربية الملوثة أيديهم بدماء السوريين لا يخجلون من التنظير بالحرص على حياة ورفاهية شعوب العرب بينما ترصد أموالهم لتغطية نفقات قتل العرب ليثبتوا مجدداً مع أبواق إعلامهم المجرمة أنهم رعاة الإرهاب والتطرف وسماسرة المواقف السياسية الفارغة وأعداء الحرية والديمقراطية البعيدتين عنهما بعد الأرض وعن السماء ولأن فاقد الشيء لا يعطيه بأبسط تعبير.
لقد كشف المستعربون في مخيمات النفط من مرتهني الإرادات والعاملين حرساً على آبار غاز الغرب عن نواياهم وأدوارهم الحقيقية فيما خططه وأعده أسيادهم على ضفتي الأطلسي. فبالأمس وقبل اجتماع جامعة مشيخات النفط العربية، كانت تلوح في الأفق الدولي، مبادرة لوقف هدم دولة سوريا وتدميرها من الداخل، وفي سرعة البرق، يجتمع وزراء خارجية التشتيت العربي، في كنف غرفة عمليات جامعة الهدم العربية، ليقطعوا الطريق على وقف نزيف الدم السوري، فقرروا وعلى الفور ودون أدنى تفكير، واستباقاً لأي جهد تبذله روسيا، قرروا تنصيب (زوابعهم) على كرسي سوريا في جامعة الشؤم العربي، وهذه سابقة خطيرة تتيح للآخرين التدخل في شؤونهم كما هم يتدخلون، وسيؤيدون من يقوم ضدهم بسلوك نفس الطريق، وإن المعارضين الذين يقبعون في سجونهم اليوم، لهم أهل قد يجدون من يتبناهم بنفس الطريقة، والعرب جبلوا على الثأر، والثأر المضاد، وبخاصة وقد ابتعدوا كثيراً عن دين الإسلام وتفرقوا شيعاً ومذاهب.
منَ المؤكد دائماً أن التاريخ معَ العملاء هو هوَ لم يتغير ولم يتبدل... معَ دولٍ عربية ارتضت التآمر والعمالة والارتهان معَ الغرب... طعناً بالعروبةِ وخرقاً لميثاق الجامعة ونكراناً للدم والأخوة والعمومة وكل القرابات والروابط الآدمية والإنسانية والأخلاقية، معاهدين ساداتهم أن يخونوا الدين السمح ولا يخالفوا لهم أَمراً ولو كان الأمر بقتلِ الشعب الشقيق وتسليم الأرضِ والعرضِ لهم طوعاً وانصياعاً. هذه المؤامرة العربيّة الغربيّة على سوريةَ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.

إنها سورية التي لا تشرب السم اتكالاً على الترياق، انكشف الشعور العرباني وفاحت رائحة العفونة من عباءاتهم التي تغلفها المهانة ونسيج خيوطها القباحة التي غدت خنجراً يطعن قلوب المخلصين، إن استوى فهو سكين وإن أعوجَّ فهو منجل. تاهت في الوقوف على الحقيقة عقولهم، وعميت عن الحق بصائرهم فغدوا مشغولين في البحث عن ذرائع تبرر عمالتهم، حيث غاصت في وحل التآمر والخديعة ركبهم، فأجمع العربان على طعن الأمة في قلبها للقضاء على أي بريق أمل للقومية العربية التي تقذف بسهام المذلة والهزيمة والخنوع، وهي تحتضر على مذبح الحرية كل يوم في هذا الزمن العجيب، فعلى أيدي الأعراب يقتل ياسمين الشام أولئك الأعراب اللاهثون خلف الأمريكي ظناً منهم أنهم أصحاب قرار في جامعة عبرية تورعت فيها قطر وانتجبت أطرافها فظن ''الحمدان'' أنها كبرت وهي تمارس دور أكبر من حجمه.

قطر هذه أصغر الدويلات العربية هي عراب الذل وهي الحارس الأمين على تعاليم الصهاينة المجرمين، والساعية وبكل ما أوتيت من قوة على قتل ما تبقى من الكرامة العربية، قطر هذه الجاسمة على صدر العرب اليوم بحمديها اللامحمودين، يعملان جاهدين على إرضاء الاسرائيلي تشويهاً للوحة العروبية في النفوس وغسلاً للعقول للاقلاع عن معاداة الصهاينة على الرغم من مرتسمات الخراب المعادية للسلام في دنيا من الانكسارات والسقوط. وهاهم في جامعة مشيخات النفط العربية يغتالون الحلم العربي، ويجهزون على كل إيجابية يمكن أن تساهم في لم الشمل المفرق، ولم يعد خافياً على أحد أدوارهم القذرة في قتل الروح العربية في آخر قلاع الأمة الصامدة سورية التي ستظل قوية عصية على الرغم مما يحيكه العملاء ضد الحضارة والثقافة والنور، وتسطحت أدمغتهم ونسوا أن دمشق موطن القرار الوطني الحر الذي ينبثق من مصلحة الوطن والأمة ويتقاطع محبة صادقة مع فكر الجماهير العربية المناضلة من المحيط إلى الخليج.
فالقرارات المصنعة في الغرب والمستوردة بترخيص خليجي والتي خرجت بها الجامعة في إحدى مسرحياتها الهزلية كشفت دقة توزيع الأدوار المسبقة بصرف النظر عن بروتوكول أو خطة عمل وغيرها في وظيفة هذه الجامعة الموكلة إليها في إعطاء المبررات القانونية والسياسية لقتل الشعب السوري واستهداف سيادته.
لقد أعلنت جامعة مشيخات النفط العربية بقراراتها الخاطئة بحق سورية وشعبها أنها مطية لتنفيذ الأجندات الاستعمارية وأنها رهينة الموقف السياسي المنحاز لدول خليجية وتحاول استهداف سورية ولاسيما قطر والسعودية اللتين تعملان منذ بدء الأزمة على تشويه حقيقة ما يجري على أرض الواقع من إرهاب منظم وتسخران أموال النفط من أجل تقديم السلاح للجماعات الإرهابية واستقدام المرتزقة من كل أصقاع العالم وتدريبهم ومدهم بالمال والمعلومات الاستخبارية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني وتسهيل عبورهم إلى سورية عبر دول الجوار لارتكاب الجرائم وبث الفوضى وتدمير قدرات الشعب السوري واستهداف علمائه ومراكزه البحثية لإضعاف سورية والنيل من دورها المقاوم والممانع، الأمر الذي يؤكد أن هذه الجامعة التي باتت عبرية وليست عربية أطلقت رصاصة على كل أهدافها التي أنشئت من أجلها بل أنها تعمل الآن ضد مصالح الشعوب العربية خدمة لمصالح الغرب الاستعماري عبر تبنيها لمشاريع قرارات دمرت ليبيا واليمن وتونس وتحاول الآن تدمير سورية.
ويبدو أن هناك سباق محموم في سوق السمسرة السياسية على سورية وشعبها لا سابقة له، مكانه الجامعة العربية حيث يقام المزاد التآمري العلني، أصحابه تجار السياسة العربية المأجورين الذين باعوا ضمائرهم وأخلاقهم في واشنطن وعواصم أوروبية، وأتوا برصيد تآمري كبير ليتاجروا به على حساب الدم السوري وأمن سورية واستقرارها، وفي مقدمة هؤلاء المتاجرين (الحَمَد و الفيصل) اللذان راحا يتباريان في سمسرة العمالة إبان كل جلسة في الجامعة العربية أو مجلس الأمن... بشأن سورية. يتبارى أميرا السعودية وقطر، بتشجيع من أمراء خليجيين، في مزايدة مكشوفة لأخذ دور بارز في المؤامرة التي تتعرض لها سورية، بالتنسيق مع أصحاب المشاريع الأمريكية ـ الصهيونية التي تستهدف المنطقة العربية بعامة وسورية بخاصة، علهم يحققون من الدخول في هذه المزايدة مكاسب ترفع من مكانتهم الوضيعة وتحسّن من صورتهم القبيحة، الملطخة بألوان العمالة والتبعية للاستعمار القديم والجديد على حدّ سواء، وتاريخهم يشهد على ذلك منذ ما قبل الثورة العربية الكبرى 1916 وحتى الوقت الراهن، في تعاونهم مع الاستعمار البريطاني القديم ومن ثمّ مع الاستعمار الأمريكي الجديد، وإن لبسوا العباءات العربية البعيدة عنهم في أصالتها وشيمها، ولمَ لا؟
أليس هذا التستّر المشبوه من صفات السماسرة وأساليبهم في الخداع، سواء في السياسة أم في التجارة أم في العمالة مهما كان نوعها؟!
فادعاءات هؤلاء السماسرة بمساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته وأوضاعه المأساوية، هي ادعاءات باطلة في الشكل والمضمون، ولا سيّما التذرع بنشر الحرية والديمقراطية التي يسوقها لهم أسيادهم، عن طريق التسلح والإرهاب وممارسة القتل الجماعي.
فأية حرية يزعمون؟ وأية ديمقراطية يدّعون؟ وهم لا يعرفون من الحرية والديمقراطية إلاّ ما يحقق مصالحهم ويتماشى مع أنظمتهم (الأسَرية والقبلية)، التي تسمح لهم بممارسة العنف والقتل ضد كل من ينتقد نظامهم، ويحرّمون أي اجتماع أو مظاهرة تطالب بإصلاحات، حتى وإن كانت سلمية، والأمثلة على ذلك كثيرة كما في (السعودية وقطر...البحرين وغيرها) لأن في ذلك مخالفة للشريعة، على حدّ فتاوى مشايخهم، لأن سلطة الملوك والأمراء لا تنظمها قوانين ودساتير، كونها مستمدة من مشيئة الله (على حدّ زعمهم)، ليصل الأمر إلى تسمية الدولة بإسم الأسرة الملكية الحاكمة، كما في (المملكة العربية السعودية) نسبة إلى آل سعود. وهذا يذكرنا بحكم الأباطرة في العصر الوسيط، الذي أطاحت به الثورات التحررية، وفي مقدمتها الثورة الفرنسية.
فالأصيل في المؤامرة على سورية هو الكيان الصهيوني ودول الاستعمار القديم، والجديد والوكيل هو مشيخة قطر وعائلة آل سعود، وبخاصة في ظل عجز الأصيل عن استمرار تأمره بعد هزيمته في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وسورية.
أليس من المضحك المبكي أن كل أمن قطر والسعودية ورغم ثروتهما النفطية والغازية لا تزالان تصنفان ضمن الدول النامية ويتفننون في بعثرة أموالهم على تدمير المنظومة العربية، وتأخذ هذه الثروة الشكل السلطوي من الأعلى للأسفل ويغيب عامل الثقة بين عائلتي آل ثاني وآل سعود والشعب السعودي والقطري ويذهبا ذليلين أمام الطاغية الأردوغاني ويعتمدان في تأمين أمنهما على الغرب الأطلسي من أمريكا وأوربا، ويغيب غياباً كلياً مفهوم المواطنة عن نجد والحجاز وقطر.
وهنا نريد أن نذكر بما حصل بعد اجتماع جامعة الدول العربية العادي لوزراء الخارجية رقم 139 وتجسيد التأثير الحرام لرأس المال النفطي الخليجي في خرق ميثاق الجامعة وبخاصة المادة الثامنة، ودعوة (ائتلاف الخيانة) لاحتلال مقعد سورية بتآمر واضح، ورغم اعتراض كل من الجزائر والعراق ونأي لبنان بنفسه إلا أن القرار اتخذ من قبل الأمين العام للجامعة والتي تحولت إلى ملحقية قطرية سعودية تركية اسرائيلية أمريكية غربية، وكأن هذا القرار هو أول نتائج زيارة ''كيري'' إلى المنطقة، ومن جراء معارضة بعض الدول العربية للقرار الجائر والظالم خرج العربان عن صمتهم ووجهوا نار غضبهم ضد العراق و الجزائر ولبنان لينتقموا منهم على وقفتهم المشرفة من الشعب السوري، كل هذا يتم من خلال أموالهم المتراكمة وهي تجسيد مباشر لرأس المال الريعي المرابي الحرام.
أليس في هذا فجور سياسي، ودجل أخلاقي بأبعاده الاجتماعية والإنسانية؟! ولكن لا غرابة في ذلك طالما أنه يتمّ في مزاد السمسرة العربية، وفي سوق جامعة مشيخات النفط العربية التي تحولت إلى سوق لتجار السياسة العربية، بالمال والنفط ورصيد العمالة والتآمر على الأمة العربية، بحاضرها ومستقبلها، بدلاً من أن تكون البيت الحاضن للأسرة العربية، التي تغار على أبنائها وتؤالف بينهم، وتعمل على حلّ مشكلاتهم بالتعاون فيما بينهم، وليس من خلال التفرقة وتأجيج نار العداء والفتن. على أي حال، لم يتم توظيف دول مشيخات النفط العربية المغفلة، إلا بعد أن فشلت ادعاءات الغرب في دعمه للديمقراطية وحقوق الإنسان. ولسخرية الأقدار، أن هذه المشيخات كانت الأشد قمعاً لأي حركة شعبية مطالبة بالديمقراطية في الداخل. وجميع هذه الدول، الموصوفة إما بالممالك، أو المشيخات، أو الإمارات، أو السلطنات، يحكم بقبضة حديدية من سلالات عائلية تملك شعوبها بعقلية القرون الوسطى، وتعاملهم كعبيد.
إن سورية هي مفتاح الشرق ولؤلؤة العرب كما كان العراق بوابة العرب الشرقية، وإن سورية يشهد لها التاريخ، وقد فككت أزمات دولية وإقليمية وعربية مثلما أوقفت نزيف الدم والحرب الأهلية في لبنان على عكس طاغوت أمريكا التي فككت يوغوسلافيا إلى الجبل الأسود والبوسنة والهرسك، ودمرت اليابان في هيروشيما ونكازاكي، واحتلت أفغانستان ودمرت وجزأت العراق الموحد، وفدرلت ليبيا وقسمت السودان...
وهنا يجب الانتباه والتذكير أن الأحداث التي عصفت بسورية من هذهِ المؤامرة الدنيئة وإحداثياتها، فهي موجودة في المحضر السابع من بروتوكولات حكماء صهيون... ''في مقدرتنا إحداث الثورات كما نشاء وحينَ تعَْرض حكومة ما سبيلَ خطتِنا، نثيرُ عليها الدولَ المجاروةَ، ولإنجاحِ خطتنا نستغل ما يسمونه الرأي العام الذي قبضنا عليهِ بواسطةِ الإعلام بكل أشكالهِ، وإذا وقفت في وجهِ مخططاتنا أي حكومة حركنا الإرهابَ فيها عن طريقِ الجرائمِ والعنف''.
عربان اليوم نسوا قضية الأرض وحاربوا كعادتهم نبض الشارع العربي، إنه زمن الغربة القومية والغفلة الإنسانية عندما بويع ''حمد'' حارساً أميناً على زناة العرب وزنادقة المستعمرين. وهو الذي أدبر غريره وأقبل هريره، أحقاً أصبحت الفأرة العمياء رأس الهرم العرباني؟ فعباءة الشر تتسع للظلم والقهر والتشرد، تكشفت عورتهم وظهرت أحقادهم المليئة بالتهديد والوعيد في دنيا الخيبة والهزيمة والانهيار، هذه حال العربان اللاهثون وراء سراب خال من كل شيء إلا من لعنة التاريخ التي ستلاحقهم كل يوم، فهم الذين طعنوا كرامة الأمة وها هم يعبثون بدماء الأبرياء ويكتبون صك الخيانة والولاء للصهاينة والمجرمين، وإن إجماع دعاة الذل على طعن سورية وهي ضمير الأمة وعنوان وجودها ويعرفون أنها آخر قلاع العرب التي ترفع راية الأمة العربية الواحدة التي يحاول المجرمون على تمزيقها، والقضاء على كل ما تبقى من عمل الشرفاء الذي تمثله سورية بعظمة مواقفها المقاومة.
إن الرجعية العربية التي باعت نفسها للشيطان الصهيوني ـ الأمريكي لم تعد هي التسمية الجامعة للعرابين الجدد، وفلسفة الرجعية أضحت في ظل العولمة واحتلال قواعد العدالة الدولية تحت سياسة القطب الواحد وتشريع سياسة قانون الغاب، وصارت التسميات فضفاضة بحيث تشمل ألف باء الرجعية والخيانة وتقسيم المقَسّم ودعم الصهاينة ومساعدتهم مع أمريكا في ضرب العرب والعروبة ومن ثمّ ضرب إيران والاعتراف (بإسرائيل) كدولة شقيقة مستقلة وتحويل الجامعة العربية إلى أداة لتفريق العرب وليس لجمعهم... واللائحة السوداء تطول وتطول لتغطي وجوههم المزخرف بفلسفة دراكولا الدم العربي المنسوج حراماً بحرام من قبل تجار الحروب وسماسرة السياسة وتجار الدم.
إن قدر سورية الحالي في كونها في عين العاصفة الغربية إنما يعود، على الأرجح، إلى رفض سورية الشديد، في شباط 2010، دعوات واشنطن للتفاوض على إبرام صفقة معها ضد إيران. لكن خريطة الطريق العسكرية الأميركية الغربية تذهب إلى ما هو أبعد من إعادة تقسيم الشرق الأوسط. فكما يشرح ''ميشيل تشوسودوفسكي'' بشكل قاطع في كتابه الجديد ''نحو سيناريو الحرب العالمية الثالثة''، فإن الخريطة العسكرية لواشنطن هي الهيمنة العالمية، أما الجزء الخاص بالسيطرة على الشرق الأوسط ومناطق آسيا الوسطى الغنية بموارد الطاقة، فهو أمر حاسم في تهميش المنافسين من الوزن الثقيل، روسيا والصين. فالتحالف بين هاتين الدولتين وكل من سورية وإيران، فقط أعطى هذه الأهداف الحالية زخماً إضافياً لعملية تغيير النظام التي يقوم بها الغرب.
فمتى تُزال الغشاوة عن أعينِ العربِ الموتى في حياتهم... النائمين في أحضان الغرب والصهيونية؟ هَلْ يستيقظونَ من ثباتهم العميق؟! ومتى؟! الصامدون وحْدَهم الذينَ يعشقونَ ويعانقون النجوم... والانهزاميونَ هم الذين يذهبونَ إلى الجحور...‏‏
ما من شك أن اللوحة مأزومة اليوم، ولكن لن تستمر إلى ما لا نهاية، مهما بلغت مرتسمات الخراب التي ستزول بتصميم الثائرين وستسقط عنفوان دهائهم وهم يعلمون أنه مهما خبا الصوت لن ينقطع فالحر حر وإن مسه الضر، ولا بارك الله في قوم يقودهم ''حمد'' الذي سبق درته غراره، وهو الذي يعرف سورية جيداً وكأنه نسي ''اللاحمد'' أن الشعب السوري يستف التراب ولا يخضع لأحد على باب. فعروبة سورية هي فعل التاريخ وقدر الجغرافيا تضم شعباً تجاوز عمره السبعة آلاف سنة ولديه من الحضارة ما يكفي ليفهم عقد الآخرين تجاهه وهو من علم الجميع عبر التاريخ العروبة والإسلام وسيعلمهم في المستقبل الديمقراطية والتعددية وستبقى سورية جبلاً لا تهزه ريح.

مصطفى قطبي

باحث وكاتب صحفي من المغرب

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved