كل عام و دموعنا بألف خير

2015-09-01
تزحلق الزمن .. ومرّ علينا عامٌ ، ليس ككل الأعوام ، كان كالذبحة الصدرية التي قطعت أنفاسنا ..وسيأتي القادم المجهول ، ملفعا بعتمة الإبهام، وبآمال باهتة ، قابعة في دهاليز المستقبل المظلم ..
وبعد أن خسرنا ما خسرنا طوال أحد عشر عام، فهل نختلس الفرح، لنتبادل كلمات التهاني بعد أن مرّ علينا عقد من الزمن لا يستحق منا سوى الإشمئزاز؟. لكن حلفاؤنا ( دعاة الديمقرطية الجديدة في العالم ) بشرونا بأن لا خوف علينا ولا هم يحزنون، وبأن السموم التي زرقوها في أوردة وطننا المُحنّط، ستزول بمشيئة البيت الأبيض، بعد ثلاث سنوات . وبعد أن يكون الوشم الذي إسمه العراق قد أزيل من خارطة العالم .. آنذاك سوف لا نشعر بأي ألم ، لأننا أساسا سوف لا نكون موجودون ، فطوبى للُمبشرِين والمُبشًرَين .
أما أنا فإعذروني أيها الأحبة ، أريد أن أفتح صدري وأريكم ما تكدس به من ألم، وأرجو ألاّ تحرموني من البوح .. فأنا بهذا العمر لم أجد نفسي قادرا على الخوف ، ولا الإسراف في التأويل .. ولم أعد قلقا على شئ , فقد تعودت على الخسارة ، وليس لدي ما سأخسره لاحقا . نعم أنا الذي كنت دائما مرفوع الهامة، ومتفاخرا بهيبة قاتلة . ورغم كل الإنكسارات المتوالية، كنت أعاود، وأدخل في صراع غير متكافئ مع الزمن، باحثا عن مساحة صغيرة لفرحٍ، حتى ولو كان عابراً  ... كانت الأعوام تهرول أمامي وتجرني وراءها مثل خروف منذور لا يدري متى سَيُذبح، أيكون ذلك في مناسبة حزنٍ أو فرح ْ ... ولأني كنت دائما أكره الإنتظار ... وأتصور دائما بأن لا وقت لدي.. تأبطت قدماي وأتيت للوطن، باحثا فيه عن مساحة للحلم ، متوخيا إنعاش ذكريات باهتة أخاف عليها أن تموت ... أردت أن أكون هنا، وأرى بأم عيني، وكي لا أكون كمشاهدِ لمسرحية يقص عليّ ممثليها أحداثها ... نعم كنت أريد وأريد أن أتأكد بأن كل ما راودني طوال العمر المستباح، هو محض حقيقة، أم أنه ظلّ حلما بعيد المنال ... لقد قامرتُ وغامرتُ بتصوفي الشهواني، علني أجد المسقبل الأفضل الذي رسمته في مخيلتي، مذ كان يحدوني أملاً بأن الجنة الموعودة في السماء، ربما تستطيع دماؤنا  ودموعنا أن تأتي بها الى الأرض .. إني أتيت الى هنا بلا معطفٍ طائفي أو قومي أو حزبي أو عشائري، لا يستر عورتي سوى رداء إنسانيتي الشفاف . ويا ويلني مما وجدت ..
 إسمحوا لي أن أقول لكم بأني وجدت نفسي غريبا في وطني ( الذي ظل قابعا بقلبي طوال سبع عقود ) ...
العام الجديد على الأبواب، والقدر الآتي من خلف السحاب, آتٍ، آتٍ لا ريب، أخاف أن يخطف الموت في هذا الشتاء القلة الباقية من أصدقائي و أحبائي، قبل أن يدثرني الثلج فلا أحس بدفء الجنوب يتسرب الى عظامي، آنذاك سأنسى إسمي و أنسى أن لي وطناً كان وكان  ...
أرجو ألا أكون قد عكرت عليكم، نشوة إنتظاركم للعام الجديد ... معذرة لكم ... ولإحلامي التي قَبَرَتها إنبطاحات سياسي آخر الزمان

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved