كتاب نقدي للشاعرالعراقي الكبير حسب الشيخ جعفر

2008-11-26

نزل إلى السوق الثقافية، في تزامن مع الدورة الخامسة عشرة لمعرض الدار البيضاء الدولي للنشر و الكتاب، كتاب نقدي هامّ من تأليف الناقد والمترجم بنعيسى بوحمالة، يتناول على نحو معمّق و مستفيض، مستسعفا أدوات مستحدثة في تحليل الخطاب الشعري وتأويله، التجربة المميّزة للشاعر العراقي حسب الشيخ جعفر، أحد أبرز الأصوات الشعرية في جيل الستينات العراقي. يقع الكتاب في جزأين (الجزء الأول في 224 صفحة و الثاني في 431 صفحة) و هو من منشورات دار توبقال المغربية، و فيما يلي الكلمة التعريفيّة بهذا المشروع النقدي و التي يأويها ظهر الغلاف:

 

أيتام سومر.. لربّما هو النّعت الأوفى تشخيصا لهوية جيل الستينات في الشعر العراقي المعاصر. و لعلّه يتم مركّب في حالة شعرائه: يتمهم في سومر.. مسقط رأسهم الحضاري العريق.. سومر تلك الالتماعة الحضارية الراقية في سديم العالم القديم، و يتمهم في بدر شاكر السياب.. أبيهم الشعري الرمزي و رأس الحربة في شعرية الرّيادة.. هم الذين لم يتورّعوا عن الفتك بمنجزه، و ضمنيا بكامل تراث الرّيادة، و إزاحته، بالتالي، من طريقهم الشّاقة نحو الحرية.. صوب القصيدة..

 

جيل شعري قدير، نابه، و طليعي سوف ينفرز عنه عراق ستينات القرن الماضي فكان أن اعتنق مبدأ التجريب وصمّم على إعمال قطيعة جذرية مع السائد الشعري مجترحا، من داخل يتمه المركّب هذا، جملة من الإبدالات الكتابية المتقدمة والمنتجة التي ستكون لها مفاعيلها الملموسة في القصيدة العربية المعاصرة.. جيل يذكّرنا، بناء على سيرته ونشاطيّته، بأبرز الأجيال الشعرية التي تمخّضت عنها الحداثة الغربية: جيل التعبيريين الألمان، جيل المستقبليين الروس، جيل 27 الإسباني، جيل البيت الأمريكي.. إذ هو يتمتّع بنفس جدارتها الإبداعية والثقافية ويقاسمها، و ياللمطابقة، مآلها المأساوي الذريع أو، بالأحرى، لعنتها..

 

إن الكتاب ليضعنا في صورة هذه السيرة وتلك النشاطيّة من خلال التجربة الشعرية لحسب الشيخ جعفر، أحد ألمع شعراء الجيل وأكثرهم عمقا وحيويّة.. شاعر أمدّ الشعرية العربية المعاصرة، ومنذ وقت مبكّر، بجماليات فارقة في البناء الشعري، كالتدوير الإيقاعي وتقنية الحكي الشعري والإيهام الحلمي..؛ وكذا أسطرة الوقائع و التوضّعات، والصدور عن رؤيا أورفية للعالم.. الرؤيا الأدقّ تعبيرا عن جوهر الكتابة الشعرية والأبلغ ترميزا لمفارقيّتها المحيّرة والجاذبة في آن معا..

 

لكن وفرضيات الكتاب تنبني، في المقام الأول، على أعمال ودراسات الباحث الأمريكي مايكل ريفاتير المتمحورة حول الدّالية، كمفهوم يعنى بتوصيف ونمذجة السيرورة التكوينيّة المتنامية التي تمرّ بها القصائد المفردة أو المتون الشعرية العريضة وهي تنضج، على أكثر من صعيد، نواتها الصلبة الأصلية.. فإن هذا الاختيار المنهجي لسوف يخفره نوع من الانفتاح إزاء مظانّ مرجعية أخرى عديدة، لسانية وسيميائية وأسلوبية.. رديفة، مسعفة، ما في ذلك شك، على استغوار هذه التجربة واستكشاف إوالياتها البنائية ودينامياتها التخيّلية علاوة على محفّزها الرؤياوي.. وأيضا بإزاء ذخيرة من الكتابات والوثائق التاريخية والأدبية والأسطورية و الفنية والفلسفية والأنثروبولوجية والتحلينفسية.. المؤهلة لإدنائنا من تمظهراتها النصّية العيانية ومن لاوعيها الشعري المضمر سواء بسواء..

 

و إذن فهو، أي الكتاب، يسعى، إن شئنا، إلى قراءة تجربة حسب الشيخ جعفر، كممثّل لجيل شعري مائز، قراءة فاحصة، مسائلة، وفاعلة.. علميّة، بالأولى، غير أن هذا لا يمنعها من التحلّي بأخلاقيات الإنصات، المحبّة، والتفاعل لأنها، أي القراءة ، تبقى معنية، وعن الآخر، بانتواءات هذه التجربة ورهاناتها القصيّة..

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved