كوميديا

2008-11-16
الخميس : 2 ـ 4 ـ 200

كوميديا

 

الشعر ضرورة... وآه لو أعرف لماذا"

(جان كوكتو)

 

بهذه العبارة يبدأ الكاتب النمساوي ارنست فيشر، الفصل الأول المعنون: "وظيفة الفن" من كتابه: "ضرورة الفن" في ترجمة أخيرة، أو "الاشتراكية والفن"، كما صدر بالقاهرة سنة 1966.

كوميديا.

جرى تغيير العنوان، ليلائم خطاباً كان سائداً بمصر في حينه، على حساب الأمانة، وربما على حساب المؤلف ذاته، إذ إن قوانين الملكية الفكرية في بلداننا العربية، في حينه، لم تكن معروفة أبداً.

وقد يجد بعض العرب عذراً لهذا التلاعب في الكتاب. تماماً مثلما يجد بعض آخر من العرب، تبريراً لأحد الممثلين عندما يعتدي على زميلته، وعلى خشبة المسرح، وأمام الجمهور، بكلمات نابية، وأوصاف قبيحة، بحجة إضحاك الجمهور.

هذه مدرسة لها أساطينها.

وفي الإعلام نجد أيضاً تعبيراً لها، يقول لك أحدهم: مالك وهذه الهموم الثقيلة؟ انظر الى ما حواليك، الناس تريد السريع والسريع، في المأكل والمشرب، فلماذا لا تكتب شيئاً مثل هذا؟

مثل هذا؟ هل وصلت الرسالة؟

يبصق ممثل في وجه ممثل آخر، على المسرح، وبين أيدي الجمهور، وهو يسمي عمله القبيح هذا: كوميديا. ويبقى مصراً على رأيه، فيضرب فردة عحيزته اليسرى، بقدمه اليمنى، ويقول: هذا هو الفن.

هذا القول الشائن، والفعل المماثل له، صحيح تماماً عندما نفهم عبارة الرسام موندريان، حول انعدام التوازن في الوضع الإنساني. فما دام هذا التوازن مفقوداً بين الإنسان وبين وضعه في مجتمعه، يكون الفن، حتى التعبير الهابط عنه، تعويضاً.

يحلم أحدهم بمسكن مناسب، وعندما لا يجده، أو عندما يعرف أن السبب يعود الى وضع "خارج" عن إرادته يغبط القرد الذي على الشجرة، والخلد الذي في جحره، والقملة التي في الملابس الداخلية لأحد عمال الميكانيك في مرآب قذر.

وحين لا تعرف مبادئ القراءة والكتابة، ولا تفرق بين "الفَرْق" و"الفَرَق"، فأي فن هذا الذي تعبر عنه، أو يعبر عنك؟

كوميديا على كوميديا، من الباب الى المحراب.

كوميديا في المسرح، والشعر، والرواية، والتصوير. كوميديا في الجوائز والمناسبات الثقافية، وندوات التوجيه. كوميديا من الألف إلى الياء.

انظر الآن حولك، وستعرف أن كوميديا ادعاء المعرفة، هي كوميديا الأخطاء والخطايا ذاتها، في مجتمعات قائمة على تغييب مفهوم الإنسان الحر، الذي ولد حراً، لكنه مستعبد، ويستعبد.

وبعضنا يقبل بهذه الكوميديا.

 

جمعة اللامي

www.juma-allami.com

juma_allami@yahoo.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved