إلى غادة السمان

2017-06-25

إلى غادة السمان بعد أن قرأت مقالتها بصحيفة القدس 25-02-2017


فرانسوا فيون المرشح اليميني لرئاسة الجمهورية الفرنسية وحامل لواء الطهارة الأخلاقية يتورط في قضية وظائف وهمية . مليون دولار قيمة مرتبات تلك الوظائف لسنوات. وظّف زوجته البريطانية الأصل ووظّف ابنيه قبل فوزهما بإجازة القانون وقبل التحاقهما بالمحاماة . كان يتباهى بين نظرائه المرشحين بأنه الوحيد الطاهر أخلاقيا وبأنه لم يُتابَع قضائيا بأي قضية كانت . ملفه ابيض كالثلج . لكن بعد إبعاد منافسيه في الحزب الجمهوري وفوزه في الانتخابات الأولية الحزبية بمقعد مرشح الحزب الوحيد خرجت العفريتة من القمقم وفي يدها ملف ذهب بكل ادعاءاته . العفريته هي جريدة لو كانار انشيني المتخصصة في الفضائح . نشرت وثائق الأداء وأسماء المستفيدين الزوجة والابنين بنت وابن . المقادير الشهرية المصروفة لهم عظيمة تفوق بسنوات ما يجري به العمل في الوظائف المماثلة في فرنسا . تتهمه الصحيفة والأحزاب وأغلبية الراية الفرنسي بجريمة اختلاس أموال لفائدة أقربائه تحت ستار وظائف وهمية . رد عليهم فرانسوا فيون بانها وظائف حقيقية، وان زوجته كانت تكتب له التقارير وتجري له الاتصالات وأنها كانت تشتغل معه بصفة ملحق برلماني وان ولديه أيضا كانت وظائفهما حقيقية . طالبوه بالحجج . اجروا مقابلات مع برلمانيين وسياسيين محليين . كلهم قالوا إنهم لا يعرفون أن زوجته تعمل ملحقة عنده،  وقال خصومه في الإعلام أنها لم تشاهد يوما في البرلمان ولا في الاجتماعات الحزبية . تحولت القضية إلى سيل طاغ من الاتهامات ذهبت بسمعته وأسقطت نصابه في مراكز استطلاع الرأي . صار لا يستطيع أن يخترق صفوف الجماهير خجلا وخوفا من الشتائم والسباب . أظهروه مرة يمر أمام جماعة ليدخل إلى قاعة الاجتماع . واظهروا تلك الجماعة وهي تسبه ( يا لص . يا مختلس. تفو) . 
انتقل الأمر إلى الشرطة . لم يفلتوه . استدعوه . استنطقوه . استدعوا الزوجة والولدين . بثت القناة الثانية مقابلة مع زوجته  عملت قبل سنتين أو أكثر وفيها أعلنت الزوجة أنها لا علاقة لها بشغل زوجها البرلماني . انطبق السقف عليه ولم يعد له ولا لها ولا لأولاده من مهرب . بعد أسابيع انتقل الأمر من الشرطة إلى القضاء وملف ثلاثة قضاة بإجراء التحقيقات معه ومع أقربائه . طالبه بعض أعضاء حزبه بالانسحاب من المسابقة الرئاسية . رفض. تعلق آخرون من طلاب الانتفاع به  وهم من حزبه لأنهم إن انسحب خسروا آمالهم فيه فهم معه في سفينة واحدة . ضرب بعض أعضاء حزبه بالانتخابات التي جعلت منه مرشح الحزب عرض الحائط وتقدم واحد منهم للانتخابات الرئاسية محتجا بأنه لا يجوز له أن يغرق وان يغرق معه كل ركاب السفينة .
المهم أن البائس فرانسوا فيون المرشح الرئاسي المنكوب سيء الحظ، فلو كان يحمل جنسية عربية وتقدم إلى الانتخابات في بلد عربي ثم اتهم بوظائف خيالية لفائدة أقاربه، لما أصابه النكد الذي أصابه بسبب كونه فرنسيا يتقدم لانتخابات فرنسية . في البلاد العربية هناك حكمة ( عفا الله عما سلف ) فإذا فرضنا انه  كان اتهم في بلد عربي، فان التهمة تُنسى بعد أن تكون سلفت بدقيقة أو ساعة من الزمن، ثم ينطلق بعد ذلك إلى خوض غمار الانتخابات التي تكون نتيجتها معروفة، عند العلماء قبل إجرائها . والويل لمن يتعرض له أو يحتج أو يشتمه . لماذا ؟  لان أخلاقنا خير من اخلاقهم، لأننا نتسامح مع المخطئين ولو كانت أخطاؤهم كالجبال . مسامحتنا عظيمة كمسامحة الله . نحن آلهة المسامحة . نحن مشركون محترمون لأننا ننافس الله في القدرة على المسامحة فنسامح القاتل والمزور والمختلس والمغتصب و.. وكل متصف برذيلة من الرذائل بشرط إن يعود إلى عبادة الطاغوث  . أما الفرنسيون فمجرد بشر لا ينبغي أن نتخذهم قدوة لنا فان الآلهة مثلنا الغفارين للمجرمين لا يجوز أن يتشبهوا بالبشر !!!!


//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/cbc1390f-1b87-4804-92b7-ebdbacf824c7.jpeg
25-02-2017 صحيفة القدس العربي
غادة السمان 
هل في وسع الصحافي الإطاحة حتى برئيس للجمهورية؟ نعم بالتأكيد، في البلاد الديمقراطية حقاً، وشرط أن يدعم ما يخطه بالوثائق، انطلاقاً من حقيقة لها أدلة وأن يضمن القانون حرية الصحافة بلا أقنعة إعلامية ومن دون ( مراعاة ) لمصالح هذا الفريق أو ذاك وبالذات الفريق الذي يقوم بدعم رأيه بقوة ( السلاح ) غير الشرعي مثلاً. ونتذكر فضيحة «ووترغيت» الأمريكية حيث أطاح كشف صحافي برئيس الجمهورية نيكسون. واليوم تعيش فرنسا ذات الصحافة الحرة فصلاً من فصول «بنلوب غيت» وبنلوب هي زوجة مرشح اليمين للإنتخابات الفرنسية ( الذي كان الأكثر حظاً في الفوز بالانتخابات الرئاسية ) 
السيدة فيون تقاضت حوالي مليون دولار من مال دافعي الضرائب بذريعة ( عمل وهمي ) هذا إلى جانب ابنين لهما كما اتهمهما الإعلام مع الوثائق على ذلك !
«البطة المقيدة» تطيح برئيس ممكن للجمهورية
 
مثير الفضيحة هو: جريدة فرنسية عريقة ساخرة متواضعة الأناقة الطباعية، اسمها «لوكانار أنشينيه» أي البطة المقيدة (!) لعلها استطاعت مؤخراً تحويل مجرى تاريخ فرنسا مع انتخاب رئيس ( محتمل ) للجمهورية هو زعيم اليمين الفرنسي فرنسوا فيون. فهم في فرنسا لا يعرفون من الذي سيربح معركة الرئاسة قبل عامين ونصف مثلاً !! ولا يعرف أحد لحظة كتابة هذه السطور مَن الذي سيربح الانتخابات الرئاسية عندهم ولعل المرشح للرئاسة … فرنسوا فيون خسر فرصته بعدما كشفت «الكانار نشينيه» عن عدم امتلاكه لنزاهة فوق الشبهات .
قوة الصحافة وبأسها في الحرية والصدق
 
الصحافة الفرنسية تتمتع بالحرية المطلقة، لأنه ليس لفريق سياسي فرنسي «ميليشيا» تهدد الكاتب النزيه الذي يكشف عن الحقائق كما قد يحدث في لبنان وعلى نحو أكثر ضراوة في بلدان أخ رى.
كشفت الجريدة أن فرنسوا فيون استطاع إضافة أكثر من مليون دولار ( للقوة الشرائية ) لأسرته بذرائع قانونية وباختراع مهنة وهمية لزوجته كمعاونة له وهي التي سبق لها أن نفت قبل أعوام في جريدة «الديلي تلغراف» البريطانية أنها ( معاونة مهنية لزوجها )، كما تقاضى ابناه أيضاً بعض الرواتب بصفتهما من المستشارين له وكانا لا يزالان يدرسان في الجامعة !!
ردة فعل فرنسوا فيون كانت تقليدية أي في التهجم على الصحافة الفرنسية والإعلام المتلفز واختبأ من المنطق بالكثير من الذرائع مثل إعلانه «أحب زوجتي» ولجوئه إلى كاثوليكيته ( الملجأ الديني ) وإلى لعب دور المظلوم .
تتساءلون: لماذا أحدثكم عن ذلك؟ وهل بدأت أتحول من سورية / لبنانية إلى مواطنة فرنسية؟ بالتأكيد لا… لكنني أولاً وجدت في ما يدور في فرنسا مناسبة لإعلان انحيازي كعادتي للحرية، لحرية الصحافة شرط أن تدعم أقوالها بالحقيقة… أما مصير الصحافي الجريء الصادق في العالم الثالث فهو غالباً السجن أو القتل ناهيك عن التشهير به واتهامه بالخيانة .
فرنسوا فيون: أهلاً بك في لبنان !!
احتمى «فرنسوا فيون» بنظرية «المؤامرة».. وهي نظرية شائعة جداً في لبنان.. وكل من يخالفك في الرأي هو «عميل لإسرائيل».. ( ولا أدري لماذا يدس البعض باسم إسرائيل دفاعاً عن سلوكهم المشبوه الذي يمنعون الصحافة من الحديث عنه ) ثم أن حدود إسرائيل مع العرب هي الأكثر هدوءاً باستثناء قذائف فلسطينية تُعبرُ عن غضبها المحق ولم يعد ثمة من يقول كلمة عن «تحرير فلسطين» حلمنا وجرحنا الأكبر، وقد يقول ذلك البعض لكنه يذهب ليحارب في اتجاه معاكس !!..
سلوك فرنسوا فيون بمجمله يبدو بالغ البراءة بمنظار معظم السياسيين اللبنانيين، ثم إن ( المسكين ) لم يضف الملايين في «الجنات الضرائبية» السرية كما فعل بعض ( الزعماء ) اللبنانيين والعرب . وإذا كانوا قد يجدونه في فرنسا أقل نزاهة من المطلوب لرئاسة الجمهورية فهو بالمقاييس السياسية اللبنانية «آدمي ومظلوم» بل و ٍخلاصة الأوادم»!! وثمة صديقة فرنسية سألتني بدهشة بعدما علمت بتعطيل المجلس النيابي اللبناني عن العمل طوال عامين ونصف بذريعة «المقاطعة»، سألتني: وهل تقاضى النواب رواتبهم خلال فترة عطالتهم عن العمل؟ ولم أجبها لأنني أعرف أن أمراً كهذا لا يمكن له أن يحدث في فرنسا .
سياسية ألمانية هالها سلوك فيون سألت: هل أعاد المليون دولار إلى الخزينة ؟
الشاعر حافظ محفوظ وفلسطين
 
وسط ذلك البحر المتلاطم من قمع الحريات في مدّ وجزر في هذا البلد العربي أو ذاك وقتل الصحافيين والتنكيل بالكلمة يقول المواطن العربي انه قد يكون المقصود من ذلك كله أن تنسى القضية المحورية العربية ( في نظري ) أي فلسطين، والتي تفرعت عن إهمالها الشرور كلها التي تلتهمنا كعرب وتقودنا إلى الحروب المحلية . ولذا انتعشت حين طالعت مؤخراً قصيدة اسمها «فلسطين» للشاعر اللبناني/البريطاني حافظ محفوظ الذي لم ينس أصوله في بلدته «مرجعيون» على الحدود مع فلسطين المحتلة ( المدعوة مؤقتاً بإسرائيل ) هذا بعدما شحت الإبداعات التي تتذكر فلسطين ومما جاء في القصيدة :
نكبة العصر بل جميع العصور/ في فلسطين حتى يوم النشور/ أهدى بلفور لليهود بلاداً/ازدهت دائماً بشعب جسور/خدعوه وشردوه وداسوا/أرضه دون وازع من ضمير/عنصري ملطخ بدماء/بارع في الهجوم والتدمير/منذ بن غوريون يشن حروباً/ضد أبناء يعرب في نفير/واحتلال الجولان والقدس رمز/مستمر لنقض حق المصير.. 
وفلسطين حقها يتجلى/عبر تاريخها العريق النضير 
مضيفاً: أنت يا فلسطين زهرة مجد/ستعودين جنة للزهور..
قصيدة جميلة لا تخون التراث ولا تخون الشعر ولا تخون نبض القلب العربي الشعبي المنحاز لفلسطين.. ويبقى ألا نضيّع نحن «بوصلة فلسطين».
أهل الكهف ناموا أربعين عاماً فقط وقاموا من نومهم.. فمتى نصحو نحن على الحقائق الرثة لحياتنا العربية مستلبة الحرية حتى في حقل الصحافة ؟
 
سونيا جداد
 

 صديقتي  الدكتوره لطيفه حليم أهنئك على تعليقك وكذلك السيدة غاده السمان على طرحها هذا.  اسمحوا لي وبكل تجرد
 أن اعبر عن رأي الخاص وأضيف، أن المشكلة في العالم العربي، أقولها دائماً وأعيدها الان، هي الفكر القبلي الذي تواجد في المنظقة منذ أقدم العصور ولم يزل هو القائم حتى  يومنا هذا.  لأ ننسى ايضا الأنتماء الديني الذي هو يعلو فوق اي تفكير أو أدراك أو تحليل… الشعب العربي
 لا يحق له التحليل كي لا يتهم بالأشراك والخيانة، ثانيا المثل الذي يقول:"أنصر أخاك ظالما أو مظلوم" هوالقاعدة.  لذلك عالمنا يعيش عصر الظلام ويتراجع الى الوراء ليس بسبب العملاء والمخططين الغربيين او اليهود ولكن بسبب السرطان الفكري الذي يضرب النفوس، سواء التي تتدعي
 الثقافة ام الأمية.  وأكبر دليل على صحة هذا الكلام هو ما حصل بالبل\ان العربية المنكوبة بالربيع العربي… ساعة سقط الديكتاتور المتسلط والذي لجم حقيقة الأمور لسنوات، بانت النفوس على حقيقتها… الحقد والتعصب والكراهية هم أسياد الموقف… هذه الكارثة لآ تولد بين يوم وضحاه
 لكي نقول بأنه برنامج مدبر من الغرب، بل لأن الغرب يعرف حقيقة التفكير ويعرف متى يعطيه الضوء الأخضر… علينا أن نتعلم قيم الديمقراطية وقيمة الأنسان قبل أن نحلم باي حرية نصبو اليها في العالم العربي. الصحافة في لبنان كانت القوة السابعة التي تهز المنابر فيه، ولولا
 خيانته من أخوانه العرب!!!  بالذات لكان اليوم يعتلي أعلى منابر العالم بمنارته الفكرية والديمقراطية والحضارية… عندما كان الجميع يتاجر بالقضية الفلسطينية كلن لبنان الوحيد الذي يدافع عن القضية أمام المنابر العالمية، والنتيجة كانت أتفاقية القاهرة وكمب دايفيد والخ
 من الخيانات التي ذبحته  وذبحت العالم العربي بأطكله والان يُدفع الثمن …

الخيانة داء على العرب الخروج منه وبعدها نتكلم بالحريات والشرف والكرامة وكل ما يميز الفكر المتحرر ثم ينتقلون
 الى محاكمة اللصوص بعدها ! 
 
 ليلى قاصراني
 
  سيدتي الطيبة والفاضلة لطيفة، 

لقد تأثرت جدا بموقفك النزيه الواضح في تعقيبك على مقال الكاتبة السورية غادة السمان، عن المرشح الفرنسي فرانسوا فيون. مقارناتك وتساؤلاتك وطرحك كله في مكانه، تخيلي، الرجل سرق مليون فقط، وظيفة وهمية واحدة، العراق قبل سنة كان متورط في ثلاثين ألف وظيفة عسكرية وهمية، فيها يتقاضى الضباط رواتب . 
المشكلة أننا شعب غير نزيه، والأنسان النظيف لا يقدر أن يعيش طويلا بين غير النظيفين، لذلك نحن نغادر البلاد العربية. 

لقد قرأت المقال أكثر من مرة، لذلك تأخرت في الكتابة لك لأنني كنت أريد أن ادرسه . 

كوني بألف خير سيدتي . 

ليلى

لطيفة حليم

 أستاذة جامعية وكاتبة حاصلة على شهادة الدكتوراه، تعيش ما بين كندا وبلدها المغرب، صدرت لها روايتان “دنياجات” عام 2007 عن منشورات زاوية الفن والثقافة، و“نهاران” عام  2012   عن دار فكر المغربية بالرباط . بالإضافة إلى نشرها العديد من المقالات والمواضيع في مطبوعات متعددة .

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved