من ديوان _ جذور الفجر
ملَّت من النغمِ المحزونِ ناياتي
وأتعبت فَرَسَ الأحزان آهاتي
جفَّت على شفتي الصفراءِ أُغنيةٌ
خضراءُ، وانطفأَتْ دنيا ابتساماتي
أُلملمُ البسمةَ الخجلى مكابرةً
حتى تُقهقهَ في أَذنيَّ مَرثاتي .
وأكتمُ الفرحَ المقتولَ في لغتي .
ويفضحُ الدمعُ في عيني جراحاتي
مهما استترتُ فإن االصمتَ يَكشفُني
وتنشرُ الآهُ للدنيا حكاياتي
أنا المغرِّدُ والآلامُ تأكلُني،
والحزنُ يَمتصُّ كالأفعى مسرًّاتي
وأقتفي الشمسَ والأشباحُ قافلتي
ودمعةُ الشعبِ يا بغدادُ راياتي
آهٍ، وعينيكِ، ما مسًَ الندَى يَبَسي
يوماً ولا اخضوضرتْ بِشراً وريقاتي
قد أتعبتني قفارُ اليأسِ واستلبت
حُلمَ الطريقِ، وقد طالتْ مسافاتي
وأنكَرَتْنيَ يا بغدادُ جاحدةً
حتًى لِداتُ الصِبا حتًّى حبيباتي
عجًّت بباخرتي الأمواجُ فانتحبي
يا روحُ قد غِرقتْ أغلى بضاعاتي
مثدي ضفافَك يا بغدادُ، واحتضني
قلبي إليكِ فإنًّ الموجَ بيْ آتِ
وأفرحي بفنارٍ منكِ أشعتي
فقد تعذًّبتُ في ليلِ المتاهاتِ
وأرجعي نَفَسَ الدنيا إلى رئةٍ
ونبضَ قلبٍ لحيٍّ بين أمواتِ
ضاعتْ ملامحُ وجهي كيف أُبصرُها
تَهَشًّمت بصخورِ الهمِّ مرآتي
أنا الحزين وذي الأشعار صاحبتي
كم هَدْهَدتْ ليْ، جزاها الله، أنَّاتي!
تُنَهْنِهُ الدمعَ عن جفني، وتَحضنُني
حتى أنامَ، وتَشفَى بِي احتراقاتي
وإنْ أمتْ ويُخَبِّ الرملُ زقزقتي
وتطمرِ الحفرةُ السوداءُ غاباتي
ستتركُ اسميَ للسمَّارِ أُغنيةً
للحَزانَى شتَروي دورَ مأساتي
1/1/1969م
بغداد _ العراق