الدين بين الفكرة والمنطق السائد

2011-04-25

وفقا لمعناها اللغوي في قواميس اللغة, تختلف كلمة "دين" في شكلها وتتفق في مضامينه. الذل والخضوع، يقال: دان لفلان أي خضع له وذل. الملك، والسلطة، الطريقة، الحكم.هذه معاني كلمة "دين", بفصل الدين عن الإله كون مفهوم الله يتغير ويختلف بين الأديان السماوية. وبالطبع تتغير كلمة "دين" في معانيها بين اللغات الأخرى كالإنجليزية والعبرية، لترسم صورة غامضة غير واضحة المعالم والملامح لماهية الخالق وتناقضا جوهريا بين الديانات الثلاثة على مر العصور، نظرا لحساسية الموضوع وشفافية الطرح يجب من البداية الفصل بين "الدين" وبين "الإله" (الله), والأسباب تتعدد":

1 ـ بعد نشر الأديان السماوية الثلاث، والتي هدفت حسب الكتب نشر ثقافة ووجه الإله ودحر التفكير بتعدد الآلهة والأصنام وإلى آخره، وتذويت فكرة الإله الباري وتعميم هذه الفكرة والعقيدة والشريعة في جميع أنحاء العالم، نرى في القرن الواحد والعشرين بعد حوالي 3000 سنة من مجيء "النبي موسى"، أن العالم لا يقتصر على ثلاثة أديان. فهناك مئات الديانات التي تصور الإله كما تريد وكما كتب لها وكانت هي قبل اليهودية والمسيحية والإسلام، وهنا يختلف مفهوم الإله بين كل الأديان، وهذا ما يثير الشك في المفهوم الصحيح بين هؤلاء، وبحسب علم الإحتمال في الرياضيات: كلما زادت الخيارات والإحتمالات زادت بذلك نسبة الإختيار الخاطىء وقلت نسبة الإختيار الصائب.2 ـ الأديان السماوية الثلاث تتشعب وتتفرع إلى العديد من المذاهب والمجموعات والفرق، وتختلف فيما بينها على تفسير "الكتب المقدسة"، وتختلف فيها المراجع الدينية والأحكام، وهذا ما يثير البلبلة عند المتابع الخارجي حيث يرى تناقضا كبيرا في داخل الدين، فلن يستطيع اختيار القرار الصحيح بسهولة، في الوقت الذي وجدت الكتب السماوية كمرجع أساس اختلفت عليها الناس تفسيراً منطقيا أو لغويا مباشراً. وأيضا بحسب علم الإحتمال في الرياضيات.3 ـ في داخل الأديان هناك مذاهب، وداخل المذاهب مجموعات، وداخل المجموعات أشخاص مؤمنون، لنصل إلى أصغر الأشياء وتفرقها ليتضح أن كل إنسان من هذه المذاهب، لا يتفق إن علم أو لم يعلم، على صورة الإله وتختلف الآراء بين الناس، والسؤال: لماذا على الرغم من الكتب السماوية والأديان السماوية والمذاهب والطوائف والتعليم الديني والمراجع الفقهية، يبقى تفسير الإله عند الناس مختلفا، وتصويره مختلفا؟ أليس من المفروض أن يوضح الدين ويضع حدا فاصلا لهذه الألغاز؟وأيضا بحسب علم الإحتمال في الرياضيات.إن الأديان ليست وليدة أمس، وليست فكرة حديثة كما يعتقد البعض، فوفقا لمعناها اللغوي قامت الأديان منذ وجود "الإنسان الأول" وتطورت وفق تطوره وتشعبت عند كثرته وانتُقدت عند تعدده. فبعدم الفصل بين الدين والأديان السماوية التي تعتبر هي حديثة, يتضح أن الأخيرة أثرت وانعكست سلبا على علاقة الفرد بالآخر وعلى فكرة الدين التي توجب على "الأنبياء" إرسالها للعالم دون اختلاف بين الجنس والعرق واللغة والثقافة.ومن هذا ينبع تشعب الأفكار التي تصدق وتكذب حقيقة أو صدق الأديان من الناحية الإلهية ووصف ماهية الإله وكينونته, نعوته وإلى آخره.ففي الوقت الذي يطمح الإنسان إلى عيش أفضل وحرية أعمق, ويبحث العالم عن الديمقراطية, لا يمكن وضع الدين في محطة أولية وأولوية لأن بذلك تناقضا مع مفهوم الاديان والحرية. بهذا لا يمكن جمع الدين مع الحرية بالوقت الذي يفرض عليك الدين مثل الصلاة والتصرف الحسن وغير ذلك، فتتقيد زمنيا وجسديا.فكل ما يتطرق إليه الدين السماوي هو منطقي وبديهي ولا حاجة لتدريسه وتلقينه، ثم يأتي الكثيرون بفكرة أن الدين هو واضع الأسس والأركان الأخلاقية، وهو الأول والوحيد لا قبله ولا بعده. هذا خطأ يقع فيه الغالبية، فالأخلاق لم يأتِ بها الدين السماوي بل وجدت في المجتمع إن كانت حسنة أو سيئة منذ نشوئه, ولم يغير الدين في هذا إلا إلى الأسوأ حيث تشعبت الأفكار وتعددت المذاهب والطوائف وانتشر التطرف والأصولية والعنصرية، فبات يتعامل الإنسان مع الإنسان دينيا ليس أخلاقيا مما يشكل جوا مشحونا في ما بينهم.تتناقض أفكار الأديان السماوية مع حياة الإنسان، وتسيطر على تفكيره كليا كأنها مخدر يسيرك كما يريد، وذلك لعدة أسباب ومنها:1 ـ يرى الدين في الإنسان روحا خالية ومجردة من الحقوق كليا، ويضع للإنسان شروطا ليعيش ويرهبه بما هو أبعد وأكبر، فواجبات الإنسان عند الأديان تقتصر على ركائزه وعلى ما كتب في الكتب "المقدسة"، مانعين أي نزوة عنها وأي انحراف عنها مدعين بأنها الطريق الصواب والوحيد، فيرهبون الناس بما يسمى الجحيم والجنة ويوم القيامة الذي يتم فيه حساب كل إنسان على أفعاله. ويأتي بهذا السياق أن يرضخ المرء لهذه الأمور مقتنعا وغير مقتنع بفكرة الثواب والعقاب، وبهذا يكون الدين قد ألغى وجود الإنسان كإنسان له غرائزه وملذاته وحياته الخاصة الذي هو بنفسه الدين أو الإله قد وضع في "خلقه" هذه النزوات وهذه الشهوات.2 ـ يشمل الدين في طلباته كل جوانب الحياة عند الفرد والجماعة، ليصل الحد إلى رفض أعياد الميلاد، والتدخل في الأكل الذي تأكل، والشراب الذي تشرب، اللباس، الحب، الغرائز، وحتى أبسط الأمور وهي التفكير، يمنع الدين تفكير الإنسان إلى حد ما في التشكيك بالأشياء واضعا له حاجزا تخويفيا بوجود "يوم عقاب". ونحن اليوم في عصر التطور، لا يمكننا الرضوخ تحت قيود وسلاسل تمنعنا حتى من التحرك (الغفران في اليهودية).3 ـ الكثير من الأمور تغيرت على مر السنين، ولا يتفهمها الدين، كالعلاقة البريئة بين المرأة والرجل (الصداقة)، العلاقة الجنسية قبل الزواج, رؤية الزوجة قبل الزواج، الزواج المختلط، المراهقة، وغيرهم. لذلك يرى الإنسان الحديث أن هذه الأشياء أصبحت من الروتين وأصبحت من الواقع ولا يمكن دثرها (إلا بدين جديد)! لهذا فإن الدين يمثل فترة انتشاره وليس ما بعدها أو ما قبلها، وإنه يمثل البقعة الجغرافية التي عم فيها وليس في أي بقعة أخرى.بناءً على كل ما ورد في الثلاثة بنود، أعتقد أن فاهمهم سوف يرى أنه لا تتماشى العقيدة الدينية مع أسس العصر الحالي، وأن الدين أخذ الصورة العامة للأشياء ولم يفصّلها، أتى العلم ليفصّلها فحاربه الدين. عالم صراع أيديولوجي فيه إلى ما لا نهاية من الأفكار، وأرى بأن مشاكل اليوم وصراعات اليوم: سياسية، إقتصادية ودينية.ولا فصل بين الثلاثة، فرجل الدين الذي يتقاضى مبلغا على حساب الآخرين، يشعل حروبا هنا وهناك.لذلك، من أراد الإيمان فليؤمن، ومن أراد الإلحاد فليلحد، ومن أراد الرسم فليرسم، نحن في عصر توجب علينا أن نكون أحرارا لا مقيدين، ولنا خيارات ليست محدودة.عذرا إن تعرضت للبعض أو جرحت البعض، لكن، الناس ليست الفقهاء، والفقهاء ليسو المذاهب، والمذاهب ليست الأديان والأديان ليست الإله.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved