
كان بنتر قد كتب هذه المسرحية بعد مرور ثلاث سنوات على رحلتة التي قام بها هو وآرثر ميللر إلى تركيا عام ١٩٨٥ بدعم من منظمة العفو الدولية وتكليف من الجمعية العالمية PEN وهي جمعية عالمية تهتم بشؤون الشعراء والكتاب المسرحيين والروائيين والنقاد والصحفييين للتحقق من الأوضاع السيئة التي كان يقاسيها الكتاّب في تركيا .
أقامت السفارة الأمريكية حينها حفلاً في مبنى السفارة على شرف الكاتب آرثر ميللر وتقدم هارولد بنتر لألقاء كلمة تتضمن معاناة الكتّاب ومعارضوا الرأي في تركيا من إذلال إنساني وتعذيب جسدي في سجون النظام التركي الذي كان مدعوماً من الحكومة الأمريكية أنذاك . كانت الكلمة غير متوقعة وأثارت حينها صدمة عنيفة لشخصية السفير الأمريكي ما دفعه إلى طرد هارولد بنتر من الحفل أمام مرأى الجميع، وما كان من ميللر حينها إلا أن يغادر هو الآخر تضامناً مع صديقه ورفيق رحلته بنتر . وقد تحدّث بنتر بشأن تلك الرحلة قائلاً :
" إن ما اكتشفته هناك كان معضلة حقيقية، فقد عرفت وعن كثب أن كرد تركيا كانوا ببساطة جداً غير مسموح لهم بالوجود أصلاً ومن ثم غير مسموح لهم بالطبع التحدث بلغتهم الأم . أتذكر أنني حين عدت من تركيا كنت كتبت ثلاث أو أربع صفحات بهذا الشأن إلا أنني لم أكن واثقاً أو متأكداً منها تماماً فرميتها يومها في سلة المهملات إلا إن أنتونيا، زوجتي، أخرجتها فوراً من السلة وقرأتها، وطلبت مني وبإلحاح أن أحتفظ بها، فوضعتها حينها في أحد الأدراج . وفي أحد الأيام وبعد مرور ثلاث سنوات، وبالصدفة، أخرجت تلك الأوراق من الدرج وأكملت كتابة النص بسرعة لا تصدق" . * لم يكن هدف بنتر كتابة شيء أكثر من تأمل تلك الصور التي شاهدها وبقيت عالقة في ذاكرته، صوراً مؤثرة وصاعقة كانت قد سببت له ما يشبه الصدمة يومها حقاً، سواء كان ذلك في ميدان الكتابة أو في خضم الحياة نفسها . إنها الفضائح المسكوت عنها، تلك التي كان يعرفها الجميع، لكن الجميع ظل وبشكل غير مفهوم، غير مبالٍ بذلك، زاعماً بإصرار أن لا وجود لها على الأطلاق!. "حين تقابل أولئك الناس الذين ُروّعوا بتلك الأعتداءات وتلك الخسارات المرعبة التي سببها لهم النظام هناك، تدرك تماماً أنهم بشر، بشر مثلنا ويشبهوننا، فلماذا يحصل لهم كل ذلك!؟ صحيح أن نقطة الأنطلاق في كتابتي لهذه المسرحية هم الكرد، لكن المسرحية ليست عن الأتراك أو الكرد مطلقاً . أظن أن ما قمت به هو وثيق الصلة بما يحدث لنا هنا في المملكة المتحدة، فالحكومة بدأت توجه هجومها بشكل قوي وعنيف أكثر من أي وقت مضى نحو مؤسساتنا الديموقراطية، وهذا ما يجد تعبيراً صارخاً له في التضييق على حرية الكلام والرأي وحظر الأفكار والمعتقدات المعارضة للحكومة، أو سن الفقرة 28 من قرار ( الأسرار الرسمية ) تلك التي منحت سلطات جديدة وواسعة لرجال البوليس . أعتقد أن الكثير من الناس هنا لا يدركون أن الصوت المخالف أوالمعارض أو الحديث عن الأقليات هو في خطر حقيقي في هذا البلد . مطلوب منا إذن أن ننظر إلى ما يحدث في مجتمعاتنا . ينبغي أن ننظر إلى الصورة الأوسع للديموقراطية . الديموقراطية هذه الكلمة التي أستخدمت وتستخدم اليوم بشكل زائف أصبحت كلمة مخجلة ومفرّغة من دلالاتها ولا تعني أي شيء" **

- شخصيات المسرحية ١ ـ الفتاة ٢ ـ المرأة العجوز ٣ ـ السيرجنت ٤ ـ الضابط ٥ ـ الحارس الأول ٦ ـ السجين ٧ ـ الرجل المعصوب العينين ٨ ـ الحارس الثاني .
(١)
حائط السجن ( مجموعة من النساء ينتظرن السماح لهن لمواجهة ذويهن من السجناء ومن بين تلك النسوة إمرأة عجوز مربوطة ذراعها بحمّالة من القماش وهي تنزف، وثمة سّـلة عند قدميها . تسند العجوز من الخلف فتاة ممسكة بها من كتفيها . يدخل السيرجنت يتبعه ضابط . يشير السيرجنت بأصبعه نحو تلك الفتاة ) السيرجنت :
الأسم!
الفتاة : سبق وأطلعناكم على أسمائنا .
السيرجنت: الأسم؟
الفتاة: لقد أعطيناكم أسمائنا .
السيرجنت : قلت الأسم؟
الضابط : ( غاضبا ً موجهاً حديثه إلى السيرجنت )
كفى . كـف عن هذه الثرثرة .
( موجهاً حديثه إلى الفتاة )
هل لديكِ أية شكوى؟
الفتاة: إن ذراعها تنزف .
الضابط : من ؟ لماذا ؟
( يلتفت نحو العجوز ) لماذا ؟ ماذا حدث لها ؟
الفتاة : لقد مُزقت ذراعها . أنظر إلى الدم .
السيرجنت : ( موّجهاً حديثه إلى الفتاة )
ما اسمكِ ؟
الضابط : اخرس قلت لك .
( يتقدم نحو العجوز )
ماذا حدث لذراعك ؟ هل عضّها أحد ما ؟
( ترفع العجوز ذراعها ببطء وتتطلع فيها )
من فعل ذلك ؟ من عّضك ؟
الفتاة : كلبكم .
الضابط : أي واحد منهم ؟
( وقفة )
أيّ واحد ؟
( وقفة )
سيرجنت !
السيرجنت :
( يتقدم نحو الأمام )
سيدي!
الضابط : أنظر إلى يدها، أنظر، أنظر. أظن أن الإبهام سيسقط ...
( يخاطب العجوز )
من فعل ذلك ؟
( تتطلع العجوز نحوه )
من فعل ذلك ؟
الفتاة : كلبكم .
الضابط : أيُهّم؟ من ؟ ما اسمه ؟
( وقفة )
ما اسمه ؟ كل كلب هنا لديه اسم ! وكل واحد منهم يعرف اسمه حين يُنادى عليه من قبل صاحبه قبل أن يبدأ العّض . وهذه إجراءات رسمية . ينادون عليه باسمه أولاً ومن بعد يبدأ العضّ . فما اسمه، ها؟ إذا قلت لي الآن أن واحداً من كلابنا عضّ هذه المرأة من دون أن يُعلـَن عن اسمه فسوف أطلق الرصاص عليه حالاً .
( صمت )
حسناً.. والآن... انتباه ! سكوت وانتباه ! .
سيرجنت !
السيرجنت : سيدي؟
الضابط : استلم الشكاوى الأخرى، هيا .
السيرجنت : من لديه شكوى؟ من، من، من ؟ هل توجد شكاوى؟ هل لدى أحد أية شكوى؟
الفتاة : قيل لنا أن نحضر إلى هنا في الساعة التاسعة من صباح هذا اليوم .
السيرجنت : نعم، هذا صحيح .
التاسعة من صباح اليوم . صحيح مائة في المائة . ما المشكلة ؟
الفتاة : الساعة الآن هي الخامسة عصراً . ثمان ساعات ونحن ننتظر في الخارج تحت الثلج والبرد . ثمان ساعات .
وفجأة، أطلق رجالكم الكلاب نحونا، فعضّ أحد تلك الكلاب ذراع هذه العجوز .
الضابط : وما اسمه ؟ اسمه . آه، عدنا من جديد . ما اسم ذلك الكلب ؟ الاسم، الاسم ؟
الفتاة : ( تتطلع في وجهه )
لا أعرف اسمه .
السيرجنت : عذراً سيدي، هل تسمح لي...؟
الضابط : ماذا ؟
( يتطلعان لبعضهما )
هيا، هيا بسرعة .
السيرجنت: ( يخاطب النس وة بغضب ) اسمعنني جيداً . السجناء الذين جئتن لزيارتهن، لا أعرف إن كانوا أولادكم أو أزواجكم أو آبائكم،
هم أعداء، أعداء للحكومة . وهم لسيوا سوى قمامة، أوغاد، قاذورات . مفهوم ؟
الضابط : ( يتقدم نحو النسوة )
والآن اسمعن جيداً . أنتن جبليات، وينبغي عليكن أن تعرفن أن من غير المسموح لكن هنا التحدث بلغتكم … الجبلية هذه، لأنها محظورة، مفهوم؟ لغتكم ماتت، اندثرت وهي ممنوعة الآن . لذا، فمن غير المسموح لكن التحدث بها مع رجالكم، ولا يجوز لكم استعمالها مطلقاً لا هنا ولا هناك لأنها لغة خارجة عن القانون . مفهوم ؟ اللغة الوحيدة المسموح بها هنا هي لغة العاصمة، لغة العاصمة فقط ولا يمكن لأحد التحدث بلغة أخرى سواها . أما من يجرأ منكم ويتحدث بلغته فسينال عقاباً قاسياً، نعم، هل هذا مفهوم ؟ هذا قرار عسكري . إنه القانون . أكرر وللمرة الأخيرة، لغتكم ممنوعة، ميتة، لم يعد لها وجود وغير مسموح لأحد التحدث بها مطلقاً . انتهى .
أسئلة ؟ هل هناك من أسئلة ؟
الفتاة : أنا لا أتكلم لغة الجبل .
( صمت )
(يتحرك الضابط والسيرجنت ببطء باتجاه الفتاة ويدوران حولها . يضع السيرجنت يده على وركها ويمسك بها من ذراعها )
السيرجنت : أية لغة تتكلمين إذاً، هه ؟ ( يدور حولها ويتطلع نحو جسدها ) لغة الأرداف المتمايلة هذه .
الضابط : سيرجنت . اسمع . لا تنسى أن هاتان المرأتان لم ترتكبا أية جريمة . فقط تذكّر ذلك . هه .
السيرجنت : سيدي! .. قلتَ لم يرتكبن جريمة ولم تقل لم يرتكبن فضائح ؟
الضابط : لا، لا، لا، لم أقل ذلك . قلت لم يرتكبن جريمة .
السيرجنت : هذه .. ( يشير إلى الفتاة )
أنظر إلى هذه المومس .. أنظر إليها كيف تتباهى وتتفاخر بفضائحها .
الضابط : نعم ولكنها لا تتكلم لغة الجبل .
الفتاة : ( تحرّر نفسها من ذراع السيرجنت مبتعدة ثم تلتفت لتواجههما معاً )
أنا اسمي سارة جونسون، وقد جئت إلى هنا لزيارة زوجي، وهذا هو حق من حقوقي . أين هو ؟
الضابط : أريني وثائقك .
( تناوله ورقة . يتفحصها ويلتفت نحو السيرجنت )
أوه، إنه ليس جبلي .. زوجها ليس جبلياً، إنهم لم يأتوا به من الجبال، نعم . يبدو أنهم جاؤا به إلى هنا مع الدُفعة الخطأ . ها…
السيرجنت : سيدي… يبدو لي أنها هي أيضاً جاءت بطريق الخطأ . أظن أنها عاهرة من… واحدة من
تلك المثقفات…
الضابط : قبل قليل قلت أن أردافها تتمايل .
السيرجنت : أكثر الخلفيات اغواء، سيدي، هي خلفيات المثقفات . إنها تهتز بشكل أفضل، وتتمايل في كل الاتجاهات . صّدقني .
( تتلاشى الإضاءة )
***
( ٢ )
غرفة الانتظار ( يجلس سجين وإلى جانبه تجلس المرأة العجوز، وبالقرب منها سّلـة . الحارس يقف خلفها . يتحدث السجين والمرأة العجوز بلهجة قروية غير مفهومة )
( صمت )
العجوز : جلبت لك خبزاً..
الحارس : ( يوخزها بالعصى )
ممنووووع . هذه اللغة ممنوعة .
( تنظر إليه فيوخزها ثانية ) ممنوع .
( يوّجه حديثه إلى السجين ) أفهمها، قل لها أن تتحدث بلغة العاصمة . هذه اللغة ممنوعة .
السجين : ولكنها لا تستطيع أن تتكلم بها .
( صمت ) إنها لا تستطيع
(صمت)
العجوز :
جلبت لك تفاحاً… الحارس : ( يوخزها بالعصى صارخاً )
ممنوووووع! ( يوّجه حديثه إلى السجين ) هل تفهم هذه الخرفة ما أقول ؟
السجين : كلا . الحارس : ماذا ؟
( يتقدم خطوة نحوها )
ألا تفهمين ما أقول ؟ ( تتطلع إلى الأعلى نحوه )
السجين : إنها عجوز . إنها لا تفهم .
الحارس: أفهمها أنت إذاً .
إذا كانت لا تفهم لغة العاصمة فالأفضل لها أن تسكت . ماذا تريد مني أن أفعل؟
( يضحك ساخراً ) هذا كل ما أستطيع قوله .
(صمت)
ينبغي لك أن تعرف أن لديّ زوجة وثلاثة أطفال، نعم، زوجة وثلاثة أطفال . ( يتطلع نحوهما باشمئزاز ) كومة قاذورات .
(صمت)
السجين : أنا أيضاً لدي زوجة وثلاثة أطفال .
الحارس : ماذا... ماذا لديك ؟
(صمت)
لديك ماذا ؟
(صمت)
ماذا قلت ؟ لديك...؟
( صمت )
ماذا... ماذا لديك ؟
( يضحك بصوت مرتفع ساخراً ثم يرفع سماعة التلفون ويضغط بأصبعه على الرقم واحد )
سيرجنت.. سيرجنت ؟ أنا الآن في الغرفة الزرقاء... نعم... الغرفة الزرقاء، وأريد أن أبلغكم أيها السيرجنت... أن... لديّ هنا شخص ظريف ويحب المزاح... نعم . إنه يجيد النكتة . ربما سينفعكم في التحقيق . أظن أنه منّكت… جوكر .
( تخفت الاضاءة وتصمت الشخصيات دون حركة . بعد قليل نسمع أصواتاً تأتي من الخارج )
صوت العجوز: طفلكَ في انتظارك .
صوت السجين: ذراعكِ تنزف .
صوت العجوز: الجميع بانتظارك .
صوت السجين: يا إلهي، لقد نهشت الكلاب ذراعك .
صوت العجوز: حين تعود إلى البيت ستُستقبل بالزغاريد . الجميع بانتظارك يا ولدي .
الجميع. الجميع في شوق لرؤيتك يا حبيبي .
( تتوهج الاضاءة . يدخل السيرجنت )
السيرجنت : أين هو المنكّت ؟ أين الجوكر.. ها ؟
( تتلاشى الاضاءة )
***
(٣)
( صوت في العتمة )
صوت السيرجنت : من هذه؟ من، من، من هي تلك الفاجرة، ها ؟ ماذا تفعل هذه العاهرة هنا، ومن سمح لها بالدخول إلى هذا المكان ؟
صوت الحارس الثاني : إنها زوجته سيدي .
( تتوهج الاضاءة لتكشف عن رواق . تدخل الفتاة في الرواق بطريق الخطأ فترى رجلاً منهكاً معصوب العينين شبه عار وقد بدت على جسده آثار التعذيب، فتميزه على الفور . أنه زوجها. يعترض الزوج كل من الحارس والسيرجنت ويشهران بوجهه السلاح . تقف الفتاة على مبعدة منهم وهي تتطلع نحوهم )
السيرجنت : ما هذا ؟
أهو حفل استقبال للسيدة داك ماك؟ أين النبيذ ؟ ومن سيهيء شراب البابيتشام للسيدة داك ماك ؟
( يتجه نحو الفتاة )
أهلاً، أهلاً، أهلاً . نحن آسفون جداً لرؤيتك هذا المشهد . لقد جاؤا بك إلى هذا المكان بطريق الخطأ بسبب خلل في جهاز التحّكم . شيء لا يصّدق . هل من المعقول أن إنساناً يعاقب بهذه الطريقة . على أية حال . هل يمكنني أن أقدم لكِ أية خدمة سيدتي العزيزة... ها،ها،ها... كما يقولون عادة في الأفلام ؟
( تخفت الأضاءة . تصمت الشخصيات دون حراك . ثمة أصوات في الخارج )
صوت الرجل : أتطلع إليكِ وأنت نائمة، وبعدها تفتحين عينيك وتنظرين إلى الأعلى نحوي مبتسمة .
صوت الفتاة : إنك تبتسم . حين فتحت عينيّ رأيتك واقفاً تبتسم لي . صوت الرجل : كنا عراة هناك عند البحيرة . صوت الفتاة : إنه الربيع . صوت الرجل : كنت أمسك بيديك لأبعث الدفء فيك . صوت الفتاة : حين فتحتُ عينيّ رأيتك واقفاً تبتسم لي .
( تتوهج الاضاءة . ينهار الرجل المعصوب العينين وتصرخ الفتاة )
الفتاة : تشارلي !
( السيرجنت يطقطق بأصابعه . يقوم الحارس بسحب جسد الرجل المعصوب العينين ويخرجه من المكان )
السيرجنت: لقد دخلتِ أيتها المرأة من البوابة الخطأ . إنه خطأ الكمبيوتر . نعم، لقد أصيب بفتق . نعم، فتق مزدوج .
والآن اسمعيني جيداً يا حلوة . إذا أحببت الدخول إلى هذا المكان فيمكنك ذلك بكل يسر .
هناك شخص سيأتي إلى هذا المكتب يوم الثلاثاء . إنه يأتي مرة واحدة في الاسبوع، كل ثلاثاء، باستثناء الأيام التي يهطل فيها المطر .
هذا الشخص يحتل مركزاًً مرموقاً هنا . أَعطيه موعداً محدداً وثابتاً من تلك الأيام وسوف يراك، مفهوم ؟ واسم هذا الشخص دوكس... جوزيف دوكس .
الفتاة : وهل بإمكاني... هل بإمكاني مضاجعته ؟
السيرجنت : ( يضحك انتصاراً ) بالطبع .
الفتاة : وإذا ضاجعته، هل سيكون كل شيء على ما يرام.. هه ؟
السيرجنت : مؤّكد .
الفتاة : شكراً .
( تتلاشى الأضاءة)
***
(4)
غرفة الزوار
( . المرأة العجوز. السجين )
(صمت)
( تظهر آثار دماء على وجه السجين وهو يرتجف . المرأة العجوز صامتة دون حراك . الحارس ينظر من النافذة نحو الخارج ثم يستدير ويتطلع نحوهما )
الحارس : أوه، نسيت أن أخبركما . لقد تغيرت الاجراءات، نعم، صدرت أوامر جديدة .
بإمكانها الآن أن تتكلم . بإمكانكم أن تتكلموا بلغتكم الأصلية . و... حتى إشعار آخر .
السجين : صحيح ؟ هل بإمكانها أن تتكلم الآن ؟
الحارس : نعم . ولكن… حتى إشعار آخر .
( وقفة )
السجين : أمّي، أمّي . يمكنك الآن أن تتكلمي . نعم يمكنك ذلك .
( وقفة )
أمّي، أنا أكلمك، هل تسمعينني؟ تكلمي، تكلمي، تستطيعين الآن أن تتكلمي . قالوا إن بإمكاننا أن نتكلم بلغتنا . نعم .
( العجوز ساكنة دون حراك ) تكلمي . تستطيعين أن تتكلمي الآن . قولي شيئاً . أرجوك .
( وقفة )
أمّي . هل تسمعينني ؟ إنني أتكلم معك بلغتنا .
( وقفة )
هل تسمعينني ؟ أنا أكلمك بلغتنا الجبلية، أرجوك، هل تسمعينني ؟ قولي شيئاً، كلميّني .
( وقفة )
ألا تسمعين ؟ أتسمعينني ؟
( لا تجيب )
أمّي ؟
الحارس : إنها إجراءات جديدة .. نعم، وحتى إشعار آخر . قل لها ذلك .
السجين : أمّي ؟
( العجوز صامتة دون حركة أو استجابة . يزداد ارتجاف جسد السجين أكثر فأكثر فيسقط من فوق كرسيّه على ركبتيه ويبدأ باللهاث والارتعاش . يدخل السيرجنت ويذرع الغرفة ذهاباً وإياباً بخطوات عنيفة قاسية وهو يتطلع نحو السجين وهو يرتعش على الأرض )
السيرجنت : ( مخاطباً الحارس )
أيها الحارس. أخرج هاتين الجيفتين من هنا بسرعة .
( تتلاشى الأضاءة )
( النهاية )
***
التعليق في أحد الأيام كنت متوجهاً إلى منطقة Haringey في شمال لندن لحضور بروفات مسرحية "لغة الجبل" في قاعة المركز الأجتماعي الكردي، لفرقة New Life Company، وهي فرقة مسرحية كوردية أعضائها لاجئون أكراد . حينها كنت أتهيأ لكتابة موضوع خاص بصحيفة الشرق الأوسط عن ذلك العرض . حين وصلت إلى مكان البروفة فوجئت بالطرق مغلقة وحشود الشرطة تقطع الأزقة المؤدية إلى بناية المركز الأجتماعي الكردي وثمة مروحية عسكرية كانت تحوم فوق المكان . ما فهمته فيما بعد هو أن أحد سكان المنطقة رأى مجموعة من الناس يرتدون ملابس عسكرية ويحملون أسلحة متنوعة، يدخلون ذلك المركز، معتقداً أن اشتباكاً سيحصل بين الأتراك والكرد، ولم يكن يعرف أن ما شاهده ليس سوى مجموعة من الممثلين . لذا فقد عاجل في الأتصال بمركز شرطة البلدية فوراً . عندها وعلى الفور واعتماداً على معلومته تلك قام رجال الشرطة بتجهيز مروحية ورجال بارعين في القنص ومعهم بنادق أوتوماتيكية وقاموا بتطويق البناية ومحاصرتها فيما حلقت المروحية فوق سطح البناية وقاموا بإنزال سريع إلى داخل البناية . بعد قليل خرج الممثلون من قاعة التمرينات وهم مكبلون بالقيود وخضعوا لمعاملة عنيفة وخشنة من قبل خمسة عشر رجل شرطة او أكثر، كما علمت . الجدير بالذكر أن رجال الشرطة منعت الكرد وقتها من التحدث في ما بينهم بلغتهم الكوردية، علماً أنهم لاجئون جدد ولا يعرفون التحدث بالأنكَليزية . المفارقة في الأمر هي إن ما حصل كاد يتماهى تماماً مع ما يحدث في ثيمة النص ذاتها ! فحرس السجن في المسرحية هم أيضاً يمنعون النسوة القادمات لزيارة ذويهن من السجناء التحدث معهم بلغتهم الأم، لغة الجبل ! . حين أكتشف رجال الشرطة أخيراً ملابسات هذا المأزق أطلقوا سراح الممثلين وسمح لهم باستئناف تمارين المسرحية . لا بد من التنويه هنا من أن الملابس العسكرية والأسلحة المصنوعة من البلاستيك تلك التي كانت سبباً لذلك الالتباس كانت قد أعيرت إلى الفرقة مجاناً من قبل المسرح الوطني البريطاني . بعد مرور أربع سنوات، وبناء على الشكوى التي قدمها الممثلون ضد رجال الشرطة، قررت سكوتلاند يارد تغريم شرطة تلك البلدية دفع مبلغ ٥٥ ألف باوند لأعضاء الفرقة لقاء تلك الأهانة التي لحقت بهم .
في كتابه "محادثة مع هارولد بنتر" كتب Mel Gussow يومها: *** "المسرحية، - من وجهة نظري -، تتحدث عن حظر اللغة وفقدان حرية التعبير . شخصياً أشعر أن المسرحية تمسنا نحن قبل غيرنا، فثمة علاقة بين ما يحدث في تركيا وما يحدث هنا في المملكة المتحدة . البعض من الأكراد قالوا أن المسرحية تفتح جراحاتهم وتعكس معاناتهم . هذا صحيح، إلا أنني أشدد ثانية أنها تلامسنا نحن أيضاً، نعم، إنها تتحدث عما يجري اليوم في بريطانيا من تضييق على حرية الرأي والكلام وحظر للأفكار والمعتقدات المعارضة والمخالفة للسائد . ما أراد أن يفعله بنتر في "لغة الجبل" هو أن يحدث فينا ما يشبه الصدمة في أن ندرك أن لا وجود بعد الآن لتقسيم آلي بين "هم ونحن"، بين الأفلاس الأخلاقي للحكومات الاستبدادية وما يسمى، ربما، بـالديموقراطيات الغربية الأعظم نفوذاً . المسرحية تقدم رؤية مكشوفة عن تلك النزعات التي تسعى لحظر وكبح وجهات النظر التي تتعارض مع المعتقد التقليدي السائد . وهي، أي المسرحية، تتضمن تلميحات سيكولوجية وسياسية إلى أن هناك مقدرة غريزية داخلنا تدعو لأقصاء ونفي والغاء كل ما ليس بمقدورنا معرفته أو إدراكه" . وفي مكان آخر من الكتاب يقول المؤلف : "لقد عبّر لي بنتر يوماً عن وجهة نظره في هذا الموضوع في محادثة لي معه عام ١٩٩٥ قائلاً : ( قرأت مؤخراً مقالة ممتازة لمارغريت آتوود تتحدث عن سلمان رشدي، أشارت فيها إلى شيء أنا شخصياً أؤمن به بشكل متقد، وهو أن الأمر هو ليس هم بل نحن . بإمكاننا جميعاً أن نتصرف بذات الطريقة . لا وجود لشيء سيء وشيء خير ـ هذا شيء مثير للضحك ومناف للمنطق . الرضا عن النفس، هذا الرضا الذاتي الذي ورثناه، كان قد اُسس على لا شيء حقاً . لا شيء سوى القوة .. نعم، لا شيء سوى قوة السلطة .".
الحقيقة أن بنتر كان يدرك تماماً تلك الفروق بين بلدان قطعت شوطاً في ترسيخ مؤسساتها الديموقراطية وبين بلدان لم تزل في القاع، وهو لم ينكر أيضاً أن ثمة درجات ومستويات للنشاطات القمعية والكبح مختلفة بين مجتمع وآخر، إلا إن ما أراده بالضبط هو ان يُحدث ثقباً في تلك الصورة المخادعة التي تزعم وبعجرفة أن الديموقراطيات الغربية صادقة وبريئة على الدوام . "لغة الجبل" من هذه الزاوية، ليست سوى مشروع إسقاط مجازي لمخاوف الكاتب الخاصة على مجتمعه البريطاني، لكنها، أي المسرحية، تشتغل على شحذ المخيلات مثلما تعمل في ذات الوقت على الوقائع، فهي تفتح خطوط اتصال مباشرة بين "ما دون الوعي" لدى الكاتب وبين "ما دون الوعي" لدينا نحن القراء أو المتفرجين .
إنه نص مسرحي مروّع وجريء تجري أحداثه في معسكر اعتقال للمعارضين السياسيين، حيث اللغة في مكان معادي كهذا تصبح أداة للمضطهِدِ، وسيل كلماته من شأنه أن يفسد فضاء المكان ويلوثه . لغة المضطهِدِ هنا موظفة كلماتها لفرض هيمنة سلطته بشكل قسري على أولئك الذين يخالفونه الوجهة . أما الأكثر رعباً في قواعد تلك اللغة فهي إنها، إجمالاً، قواعد عشوائية لا أساس لها ولا يحكمها أيّ منطق .
تلك العشوائية هي التي تمسخهم متوحشون عدوانيون وقتلة . في استهلال المسرحية وفي وقت مبكر يقال للنسوة أنه محظور عليهن التحدث بلغتهن، وإن اللغة الوحيدة المسموح بها هنا، منذ هذه اللحظة فصاعداً، هي لغة العاصمة فقط . وطبيعي أن الكثير من أولئك النسوة يجهلن لغة العاصمة، واللغة الوحيدة التي يستطعن التحدث بها هي لغتهن، لغة الجبل، وحين يفعلن ذلك سيتعرضن للضرب والمهانة .
العجوز التي قدمت لزيارة ابنها لا تستطيع التحدث بلغة سوى لغتها الأم، وهكذا وبعد كل ذلك الانتظار الطويل من أجل ذلك اللقاء لم يُسمح لها في التحدث معه إلا بلغة العاصمة . في النهاية وفي لحظة قاسية ومرعبة تصدر أوامر جديدة تسمح للعجوز أن تتحدث بلغتها الجبلية حتى إشعارآخر ! هكذا وبدون أي تفسير أو توضيح ُيذكر! . في هذه اللحظة المأساوية نفسها، وبسبب رؤيتها لجسد ولدها المدمّى، تفقد العجوز قدرتها على النطق ويسقط السجين ميتاً . يدخل السيرجنت وينادي الحارس : " أيها الحارس، أخرج هاتين الجيفتين من هنا بسرعة" . المرعب في الأمر هو أن القرارات الاستبدادية يمكن أن تتغير في أية لحظة . واقع الأمر أن الناس الذين عاشوا على هامش هذا النوع من القرارات الاستبدادية والاعتباطية والكيفية هم ليسوا قادرين على أن يتكيفوا معها دائماً . الكاتب بنتر في هذه الجملة يلمّح لنا بوضوح أننا لا ينبغي أن ُنُرَحِل المسؤولية الأخلاقية إلى الآخرين ونلصقها بهم دائماً . كلا، ذلك لأن الأرهاب موجود في داخل كل واحد منا وليس خارجنا ! .
المسرحية تتضمن وقفات صمت كثيرة تحمل دلالت . وعن تلك الدلالات علّق بنتر عام ١٩٦٥ قائلاً: "هناك نوعان من الصمت، الأول، حين لا توجد كلمات لتقال، والثاني، حين يصبح سيل اللغة مثل سحابة دخان تحجب عنا القدرة عل ى السماع ". واحدة من استشرافات النص هي، إذا كانت اللغة أداة للاضطهاد، فيمكن للصمت أن يصبح حميمياً وحّراً بشكل لا يوصف في النهاية . إن أكثر الأشياء التي تصعق قارىء لهكذا نص هي تلك الأحاديث التي تجري بصمت والتي يشير إليها بنتر بين أقواس ( voice over) أي الكلمات التي لا ينطقها الممثل على الخشبة بل تلك التي نسمعها على لسانه وهي مسّجلة على شريط كاسيت وُتسمع عبر مكبر صوت . يوظف بنتر هذه التقنية بشكل مبتكر في المسرحية لأقامة صلة حرّة أكثر حميمية بين الناس في مكان عدواني قاسٍ كهذا، عن طريق ما يسمى الـ Telepathy أو التواصل وتوارد الخواطر والأفكار بين إثنين من دون استخدام الحواس واقعياً، أو التحدث بصوت مسموع حسياً . فحين تلتقي المرأة بزوجها والعجوز بإبنها، تتنقل أفكارهم بينهم عبر جسر من الكلمات سُجلت سلفاً على شريط كاسيت لكي نسمعا نحن المتفرجين لنشاركهم تلك الصلة الخاصة بهم . لذا تصبح تلك الكلمات هنا أكثر سمواً ودلالة وأكثر رجاءً . ففي المشهد الثالث ( صوت في العتمة ) مثلاً يفصل حارس السجن ما بين الزوج والزوجة إلا أنهما يستطيعان أن يتواصلا من خلال تشييد صلة رقيقة وحزينة داخل صمت قاعة السجن دون استخدام الحواس، عبر هذا الـ telepathy :
صوت الرجل : أتطلع إليكِ وأنت نائمة، وبعدها تفتحين عينيك وتنظرين إلى الأعلى نحوي مبتسمة .
صوت الفتاة : إنك تبتسم . حين فتحت عينيّ رأيتك واقفاً تبتسم لي . صوت الرجل : كنا عراة هناك عند البحيرة . صوت الفتاة : إنه الربيع . صوت الرجل : كنت أمسك بيديك لأبعث الدفء فيك . صوت الفتاة : حين فتحتُ عينيّ رأيتك واقفاً تبتسم لي .
( تتوهج الاضاءة . ينهار الرجل المعصوب العينين وتصرخ الفتاة )
الفتاة : تشارلي !

عبر خصوصية صمت كهذا وتوارد خواطر ومن خلال كلمات مسجلة على شريط كاسيت voice over، يصبح هذان الأثنان هما الناجيان الوحيدان وربما الأخيران من مضطهديهم . إثنان من الناس استطاعا العثور على لغة حب تسمو بهما بعيداً عن رعب ومخاوف التجربة الكابوسية التي يمران بها في راهن حسي عدواني وقاسٍ . بعدها ينهار الرجل وتصرخ المرأة وينتهي كل شيء . إنه حوار بسيط حي ومباشر يتكىء على لغة الذاكرة أو الوجدان، ومن الممكن أن يكون صدىً لا شعورياً لمسرحية بيكيت "شريط كراب الأخير" الذي تتعارض فيه ذاكرة البطل الرومانسية مع وضعه الراهن القاسي والمعذب الذي يعانيه، لكن مع ذلك، يكشف لنا هذا المشهد أيضاً المديات التي يتحرك في إطارها استبداد السلطات حين تريد أن تحط من شأن الناس. بنتر يطرح على نفسه، وربما على سواه، أسئلة كهذه: ما هي أكثر الأشياء أهمية تلك التي علينا القيام بها في لحظات الرعب والأرهاب غير المحدود؟ وما الذي يدفع المرء إلى الاستمرار في هذا الوجود؟ وكيف يمكننا أن نحتمل أو نقاوم حتى النهاية؟ إن بإمكان السلطات القمعية أن تستلب كل شيء منك وبيسر، فبوسعها أن تسن قوانين تصادر من خلالها خصوصيتك، كرامتك، طعامك وعافيتك... إلخ... إلا أن الشيء الوحيد الذي لا تستطيع أن تسّنه أو تشرّعه هو مشاعرك . السجناء في هذه المسرحية يمتلكون أشياء سامية وعميقة هي التي تدفعهم للبقاء والاستمرار في هذا الوجود . فثمة شيء ما، أحد ما، ينتظرهم خارج سجونهم تلك . ثمة طفل لم يره السجين وهو الآن في انتظاره، ثمة ُامّ يعشقها بعمق، وثمة مجتمع هو بانتظار حلول أزمنة وأوضاع أفضل . حين تتطلع العجوز إلى ولدها تقول له بصمت : "حين تعود إلى البيت ستستقبل بالزغاريد . الجميع بإنتظارك يا ولدي، الجميع . الجميع في شوق لرؤيتك يا حبيبي" . أو الحوار السابق بين الفتاة وزوجها . هذه اللحظات هي أشبه بأزهار، أزهار بالغة الصغر تنبت وتنمو في أرض قذرة، إلا أنها خارقة في جمالها ووجودها الحقيقي . إن الأصوات التي تأتينا من الفضاء البعيد، من اللامكان، الأصوات التي لا يسمعها العسس، والتي لا يسمعها أحد سوانا نحن المتفرجين والممثلين وهم صامتون على خشبة المسرح، هي المصدر الوحيد لانتصاراتهم الصغيرة تلك وهي السبب في هزيمة مضطهديهم في نفس الوقت . إن أولئك الناس الذين يقيمون في الطرف النائي من العالم المتمدن لم تتحطم أرواحهم بعد تماماً رغم إنهم جُردوا وبشكل وحشي من كل شيء حتى من لغتهم . الشيء الذي يُحسب لبنتر هنا أيضاً هو هذه القوة الجبارة التي أضفاها على شخصياته النسوية في المسرحية، وهذا شيء ليس غريباً على كاتب مثله عُرف من بين جميع الكتاب بمقدرته الفريدة في الكتابة عن المرأة . فالنساء هنّ الباقيات على قيد الحياة بإصرار وعزم مدهشين، وهنّ اللواتي انتظرن في البرد والثلوج ورعب الحرس وكلابهم لساعات طوال خارج السجن من أجل لقاء عابر برجالهن . أو تلك الفتاة الشابة المسلوبة السلطة والقوة وهي تتحدى بكبرياء عدوانية السيرجنت في دفاعها عن العجوز التي عضها كلب حراستهم . وحتى وهي تختار مضاجعة الرجل الذي يمتلك نفوذاً في السجن، الشخص المدعو جوزيف دوكس، هو اختيار يصفعنا جميعاً بجرأته وتحديه . وأكثر من ذلك تلك العجوز التي جاءت لرؤية ولدها رغم كل الأذلال والمهانات، إلا أنها استطاعت دون خوف أو تردد أن تتحدث معه ولو بجملة واحدة أو جملتين بلغتهما المحظورة قبل أن تموت . النص في الآخِر عمل آسر للقارىء، وآسر لخشبة المسرح مثلما هو آسر للأذاعة أو التلفزيون . أما موضوعه فهو بمثابة تذكير موجع ومؤثر بسؤال أصبح سرمدياً دون حلول، وهو: ماذا يحدث حين تصبح سلطة الدولة طوق خانق لإنسانية الأنسان، وماذا يحدث حين تصبح حقوق الفرد عرضة للمصادرة بهذه المجانية سواء باستخدامها سلاح الأهمال والاستخفاف واللامبالاة، أو استثمارها القاسي والعدواني لوهن الإرادة عند هذا الأنسان .
هوامش: * من حديث لبنتر مع آنـّـا فورد. مجلة المستمع ٢٧ أكتوبر١٩٨٨. ** نفس المصدر السابق. *** Conversation with Pinter. Mel Gussow. .Nick Hern Books. London. 1994
a_film50@yahoo.co.uk
