الحريــة الناقصـــة

2008-07-11

الحريــة الناقصـــة

الجمعة : 7 ـ 11 ــ 2008

"أنا اليوم مثلي بالأمس، الحياة والحزن ملء إهابي.

وقد أحببتُ الله، وأحببتُ أبي، وأحببتُ الحرية"

(مدام دي ستايل)

 

هذا النص الذي بين أيديكم -في بعضه- شهادة شخصية على مفهوم الحرية، وكيف ينظر الانسان إلى هذا المفهوم، من ثقب في جدار أحياناً، ومن فضاء الله أحياناً أخرى.

عبر "ثقب" في جدار، بغرفة في فندق صغير، كان الروائي الفرنسي هنري باربوس يعري الحضارة الغربية، وأي حضارة تقوم على ثنائية "الأول" و"الثاني" في روايته الشهيرة: "الجحيم".

حدث هذا في فرنسا في القرن العشرين.

وقبل ذلك منعت فرنسا، أو الثقافة الفرنسية السائدة رواية، "مدام بوفاري" الشهيرة، بقرار من إحدى المحاكم. لكن "العدالة" انتصرت على "القانون" في ما بعد وعادت مدام بوفاري إلى الشارع الفرنسي.

ستتكرر واقعة "مدام بوفاري" في المستقبل أيضاً، لأن الانسان الحر، كما يقول البرت انشتاين، لا يتصرف بضغط خارجي فحسب، بل بوطأة حاجة داخلية أيضاً.

لا يعلمنا الكهنوت كيف نكون أحراراً.

وتبقى الفلسفة تتفلسف.

أما البؤس -غالباً- كما يقول البرت كامو، فإنه يعلم الإنسان الحرية: البؤس بمعناه الأخلاقي والاجتماعي. ولم يكن الإنسان في رحم والدته بائساً، كان حراً كما ينبغي أن تكون عليه فكرة الحرية، حيث كان خلقاً في المشيئة الإلهية.

وهكذا هي الحرية. فمن تنازل عن حريته، تنازل عن انسانيته، كما يقول جان جاك روسو، وان الناس في كل مكان، حسب ابراهام لينكولن، يمكن أن يكونوا أحراراً "وهذا أعدل شيء في قناعتي".

تعطينا الحرية نفسها كاملة. فإذا بنا -في أثناء ممارسة أفعالنا- ننقص من كمالها، لأن بعضنا لا يطيق أن يكون حراً، فيختار "حرية ناقصة". وهذا ذروة الابتذال.

يتقدم إليك إنسان ما، كما لو أنه هبة إلهية، فيتحدث عن الله الذي يسكن قلبه. فإذا بالخوف من الشيطان يستولي على قلبك، ويقودك إلى محاربه قلب حلّ فيه الله تعالى.

اختارت هيئة الإذاعة البريطانية، ومجلة "العربي" الكويتية، الفقير السعيد، حكماً في مشروع قصصي هدفه الانتباه إلى ابداعات الشباب العربي، فقلت في كلمة مسجلة ان "النقد الأدبي العربي" يتجه -مع الأسف- إلى "النقد العربي"، ولم يذهب إلى الإبداع.

تغلّب "فقه الجوائز" على حرية الناقد.

وأخبرني أحد المستمعين العرب لتلك الإذاعة الشهيرة ان كل ما قلته بصوتي حول "نقد ثقافة اللاحرية" لم يجد طريقه إلى المستمع العربي، في وسيلة اتصال، الحرية أحد شعاراتها.

جمعة اللامي

www.juma-allami.com


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved