اللوح السومري ما قبل الاخير

2011-09-21

رؤيا اليشن ـ 12

 

سَرتْ زينب الى سطح ضريح الحسين . ومن هناك عَرجتْ الى ذروة سنام القبة الذهبية ، والقت بجسدها على الراية الحمراء . قال الناس : ارتفعت زينب على عمود من نور ، وبين يديها سباع ميسان واور وبابل واشور . وعند امتداد قدميها ، على الارض الرملية ، تكدس البدو والحضر ، وهي تنادي :

جاحد من ينكرني ،

انا زينب ،

بقية الله ،

وسيفه والغضب .

انادي على جميع الامم

هذه رايتنا الحمراء

صوت الكون ، ونداء الله .

 

انا زينب ،

سفيرة الحُسين ، ربة الظهور الاخير ،

أَمَةُ الرحمة ،

وزيارة المهدي .

 

انا زينب

انتظر مجيء شعوب العرب

والترك والديلم .

السود والبيض

من اقاصي الدُّون ، حتى اقاصي الأنكا .

 

انا زينب ،

مكتوب عليّ ، اليوم ، تحويل الوقت الى لامنتهى ، بينما حبيبي ينادي :

اين المفر ،

يا خونة العراق ،

اين المفر .

 

انا زينب ،

انا هذا الشعب .

وشيلتي راية الحسين ،

والمقاومة !

 

استوت زينب عند قمة القبة ، على عمودها النوراني . خلفها وحولها رجال القبائل ، ونسوة الفيالق . العباءات السود ، والسيوف العربية. اسماك النهرين ، وورد البساتين . اكف قتلى كربلاء وشهداء الحروب الثلاثة . رائحة شاي العصر ، وخبز العباس . رغاء الفصائل المسبية ، وذوالفقار . باب حصن خيبر ، ورمل العرب . نفط العرب ، ومناجاة ليلة النصف من شعبان ، ...

.... وزينب تنادي :

ـ ايها العرب ، ايها الناس ، اليوم سيعود راس الحسين ،

والحسين ،

الى دار السلام !

ثم خيم علينا صمت ثقيل، صمت كأنه الدهور. كنا نرنو الى زينب ، التي استندت الى غصن شجرة رمان كربلائية ، منكسة راسها الى الارض ، ولا نسمع منها حركة سوى وجيب قلبها

هيمن علينا صمت زينب تماما .

افتكرت مع نفسي : في اي يوم نحن ؟

سمعت زينب تقول لي :

ـ انه يوم الجمعة ، يا اخي جمعة .

ما ان عادت زينب الى صمتها ، حتى عرفت انني سوف اشهد اليوم الذي انتظرته منذ قرون ، والذي من اجله بريت قلمي وذاكرتي مرات ومرات . فحمدت الله على هذه النعمة الفضيلة وقلت لزينب :

ـ أفي حلم انا ، سيدتي ؟

ـ لا وحقك يا اخي ، انما هي رؤيااك الصادقة .

لزمت ادبي ، ولم اعد الى استئناف اسئلتي . رايت الى السماء من فوقنا وقد انشقت ، فغمرتنا انوار شموس اليفة ، وثمة منادي ينادي من قبة السماء التاسعة عشرة :

ـ ايتها الامم : الشفيعة ، الصابرة ، المقاتلة ، الحيية ، المستجاب لكل كلمة منها ، تتحدث الى رب العزة .

استلَّ ابناء القبائل والامم على الارضين ، وفي السموات العلى ، سيوفهم وخناجرهم وبلطاتهم وقاماتهم ، فردا فردا ، وقبيلة قبيلة ، وامة بعد امة، فعاد المنادي ينادي :

ـ والانبياء والرسل.

هبط الالوف ، يتقدمهم سيد الخلق .

ثم اعاد المنادي نداءه :

ـ وكل امهات الشهداء .

فهبطت فاطمة .

رجع الينا بعض صوابنا . عرفت الان انني في اهاب يوم الفزع الاكبر . فعاد المنادي ينادي ـ سيدتي ، الوالدة لثأر الله .

راينا سيد الخلق ، وخلفه الانبياء والرسل ، يهرعون الى كرسي نصب لفاطمة ، التي ابت ان تجلس على الكرسي . بقيت واقفة رافعة يديها نحو عرش الله ، وهي تناجي رب العزة :

ـ اي ربي ، الحسين ذبيحة العراق .

لم اسمع نأمة خفيفة واحدة من البشر والحجر ، من الطير والوحش . الكل شخصت ابصارهم الى عرش الله ، وصوت فاطمة لا يزال يخاطب رب العالمين :

ـ انت يارب ، خلقت الحسين . وانت يارب ، تعرف قدر الحسن .

كان الصمت هو المرئي تحت عرش الله .

ولكن صوتا نسائيا شق ذلك الصمت :

ـ الحسين ذبيحة العراق ، يا رب .

واخذت زينب تهبط ، رويدا رويدا ، على عمودها النوراني ، حتى صارت قبالة والدتها ، فنهضت اليها فاطمة واعتنقتها ، ثم تبعها سيد الخلق ، وبعده جاء الرجال الاثنا عشر ، في المقدمة والدهم ، علي ، وفي الاخير محمد المهدي .

انفرد الحسين ، حاملا راسه فوق راحة كقه اليمنى ، وهو يقول :

ـ هذا من اجل العراق .

ولم نشعر الا وصوت فاطمة ينطلق جليا :

ـ اين حفيدي ، اين ابن طورسينين ؟

تقدم شاب بهي الطلعة ووقف بين يدي فاطمة ، وهو يقول :

ـ لبيك جدتي .

نادت زينب ، وهي قبالة والدنها :

ـ اين امير الامم ؟

فتوجه الشاب البهي الطلعة نحو زينب ، وهو يقول :

ـ بين يديك ، سيدتي .

لم اسمع بعد ذلك اي نداء ، او صوت ، او حركة . اللهم الا نور سرى في بدني ، فوجدت كفي اليمنى تمسك بقلمي ، والحشود تلوح باسلحتها ، بينما كان سيد الخلق ومن حولة الانيبياء والرسل ، يتوجه نحو دار السلام ، والجموع خلفه وحوله ، وصوت ينادي في السموات البعيدة والقريبة:

ـ هيهات ، من اهل العراق الذلّة

ونادى سيد الخلق :

ـ هيهات ، منا الذلة .

وعلا صوت زينب :

هيهات منا الذلّة .

هيهات ،

هبهات !

** ــــــ **

من ( عيون زينب ـ 2010 )



 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved