إلى روح المفكّر الإنساني والمؤرخ، الصديق،أبي الحسـن هـادي العلــوي.(1)
بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة على رحيله في27/9/1998م
لصوتـكَ لا لمـن صمتـوا البقـاءُ*** إذنْ أولـى بهــمْ منـك الرثـاءُ
عليــهــمْ لا عليـــكَ بكيتُ حزناً***وهانـتْ بالدمــــوع الكبريــاءُ
ومــا معنى البكــاءِ عليـك حيَّا ً؟***عليهـــم كلَّمــا ماتــوا البكــاء
لئـنْ أشــقاك صمتُهُــمُوْ بعــيشٍ***فقـد أشــــقاهـمو منـــكَ النـداءُ
وإنْ آذوا خـطاك فليـس عُجْبــا***لأنَّهــمو الصخـــورُ وأنت مـاءُ
وإنْ كنزوا وما اسـتغنوا لصغرٍ***فلـــم تكنـــزْ وأغنـــاكَ الإبــاء
وإنْ ســـاووكَ والمـوتى بقــولٍ***فهـــــمْ بالفعـل والمـوتى سواءُ
لـقـد ذلَّـــوا وأقـصى الموت ذلٌّ***بــــه الأحيــاء يدفنـُــها انحناءُ
فأيــن جبـــالُ عـزِّكَ مـن رمالٍ***لأمْســــاخٍ يُذرَّيــها الهـواءُ؟(2)
وأين فــراتُ عمرِك من سرابٍ***لأعمـــارٍ عــواقبـُهـــا هبـــاءُ؟
ســـهـرتَ مُذوِّبــاً عينيــكَ فجراً***لأرواحٍ أقـــــامَ بهــــا المسـاءُ
ومـا ألوتــكَ عـن نــورٍ ديـــاجٍ***ولاأثـنـاكَ في الثلــج انطفــاءُ(3)
ولم تهجعْ إلى أنْ فضتَ شمسـاً***لمن هجعـوا وأحرقــك الضياءُ
بحسبـِك مجدُ عطـرِك من حياةٍ***وإنْ وارَى أزاهــرَك الشـتاءُ(4)
ولـو لم تُغْنَ عـن جســدٍ بفكــرٍ***لأجَّــلَ مـا بذمَّتـِـك القضــــــاء
أمتَّ الجسمَ قبل الموتِ زهــداً*** وأعجلَـه الـى القبـــر الذكــــاءُ
أَعدتـَه للثــرى كبــراً ليـبـقى***بـلا عمــرٍ خلـــودُك والعـــطاءُ
جمالـُك مكتـفٍ بالحسْــنِ عنـه***ومُســتغنٍ بهـالتـِـه البهـــــاءُ(5)
ســتبقى مشـعلاً في كل عصـرٍ*** بــه للتيــهِ في الليـــلِ اهتـداءُ
نظيفَ الروحِ لم يُخضعْكَ حكمٌ***ولـم يُطمعـْكَ في الدنيـا ثـــراءُ
ــــــــــــ
أبا حَسَـنٍ ومـايفنـيـــكَ مـوت***لغيـرِك أيـُّها الهــــادي الفنـــــاءُ
هنيئاً أيـُّها الشيـــــخُ المصفَّى***لــكَ المجــدُ المؤبـَّـدُ والثنــــــاءُ
ورعيـاً آخـــرَ الثــــوَّارِ فينــا***أؤمِّــــلُ أنْ يجــدَّ بـــكَ اقتــــداءُ
وسـقيـاً قامـةَ النخـــلِ المفـــدَّى***أُجـلُّــك أن يكـونَ بـــكَ التـواء
أيا غـيـثَ المعارفِ في جفــافٍ***تنـاهَى في مــداكَ الإنتهـــــاءُ
وياصـدقَ النبـيِّ بعصر كـــذبٍ***تـَــــزوَّرَ فيـــــه حتَّى الأنبيـــــاءُ
وياغضبَ اللهيـــبِ على حديـدٍ***إذا استعصَى على الطرْقِ استواءُ
لمولــدِك الجديــــدِ فمـي يُغنِّــي***ومـن قلبي لــه شــمـعٌ يُضــــــاء
ومثلـُــك لاتليـــقُ بـــه المـراثي***ولايُــــرضي مُـريـديــهِ العـــزاءُ
ولـــكـنْ ثــــــورةٌ بــدمٍ تُـــدوِّي***ويَطلـعُ مــن بنـادقـِــــها الغنــــاءُ
ليـَرقَى باســمِهـا الضعفاءُ عـزَّاً***ويَهـــوي في لظاهـــا الأقويـــــاءُ
تكاد تثـورُ مـن غضبٍ عـروقي***على جســدي وتنفجـــرُ الدمـــاء
لقد أَسرفتُ في صبري وحـزني***وأتـعبَــنـي انتــظارٌ وادعــــــــاء
إلامَ نــظلُّ في قفــصِ المنــافي***ويحكمُـنـــا العتـــاةُ الأغبيــــــاءُ؟
نأتْ أَرضُ العــراقِ وشحَّ خزياً***علينـا في مقابـــــرِها الثــــــــواءُ
يُعـــادي بعضُنا بعضاً وأقــوَى***حليــفٍ للطغــاةِ بنــا العـــــــــداءُ
بنَى فيـنـا عليـنـا الجهلُ صـرحاً***لطغيـــانٍ وتـمَّ بنـــا البنــــــــــاءُ
وأَبدينـا الســكـوتَ لـه خنـوعــاً***كمــا أبــدتْ مفـاتنَهـــا النســـــاء
فـأغـــراه دمُ الأَحــــرارِ فينـــا***وزالَ الخــــوفُ عنــــه والغطاءُ
ــــــــــــ
أَبا حســـنٍ ولايُغضبْـك دمـــــعٌ***أســالـَـه رغـم مولــدِك الإخــــاءُ
عليــكَ الحـــزنُ حمَّلني خطايــا***وفي مَحـوِ الخطايــا لي رجـــاءُ
لمـــاذا الإنطــواءُ؟ أليــس ضدَّاً***لنهجِــك في الحيــاةِ الإنطـــــواءُ
أزحْ عنـكَ التـــرابَ فإنَّ روحي***لَـيـَـدفعُهــا لمثـــواكَ الفــــــــداءُ
أَزحْ عنكَ االترابَ تجدْ زهوري***على قدميــكَ يُحملُها الوفـــــــاءُ
أَعــدْ للكــأسِ خمـرتــــها فإنِّــي***أرَى الندمـــانَ أرهـقَـها العنــاءُ
وأَرجِـعْ للعيــونِ طلـــوعَ فجــرٍ***وشـمسـاً قد طواهــــا الإختفــاء
يـَــراعُـــكَ بيـن أَوراقٍ يتيــــــمٌ***كــأنَّـــه بيــن أَشـلاءٍ لــــــواءُ(6)
وإنَّ الجِــدَّ يَســألُ عنــكَ حـزنـا***ويَسـألُ عنـكَ بالدمـــعِ المضـاءُ
عـلامَ رحلـتَ عـن أُفـقٍ سريعا***وغـادرَنـا بـــرحلتـِـكَ الســـناءُ؟
وكـم ســـنـةً سـتنتظــرُ الليـــالي***لتـُطلـِـعَ مثلَ نجمتِــك الســــماءُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هادي العلوي:(1932-1998م)
مفكرماركسي- صوفي.مجدد في الفكر واللغة. نباتي.زاهد. مناهض للغرب السياسي.مؤيد للتجربة الصينية في بناء الإشتراكية. من معارضي الســلطة
السياسية في العراق 1968. يدعو الى تطبيق الأفكار في الســلوك الثقافي.
أسس "جمعية بغداد المشاعية" لمساعدة العراقيين المحتاجين خارج العراق
وداخله و"لجنة الرافدين" للدفاع عن المياه العراقية.
ولد في بغداد وأقام في سوريا والصين وتوفي في دمشق.
له مؤلفات كثيرة في التاريخ والفلسفة والسياسة واللغة. نذكر منها:
- نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي.
- فصول من تاريخ الإسلام السياسي
- المستطرف الجديد
- المعجم العربي الجديد
- المرئي واللامرئي في الأدب والسياسة.
(2) الأمساخ والمسوخ م المسخ : المشَّوه الخلق من صورة الى صورة أقبح.
(3) الدياجي: الظلمات.
(4) وارى الشئ : أخفاه
(5) الهالة ج الهالات : دارة القمر.
(6) اليراع : القلم. واللواء : العلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المولد الجديد 17