في مدينة ستوكهولم مساء الثلاثاء 3/10/ 2012, وعلى قاعة يحيى حقي في المركز الثقافي العراقي في السويد, وضمن نشاطات وفعاليات مهرجان ايام الثقافة العراقية في اسكندنافيا 2012, استضاف المركز الثقافي العراقي في السويد الاستاذ حسين الاعظمي المؤلف الموسيقي وقارئ المقام العراقي المعروف في امسية حوار ثقافي عن الغناء والمرأة والمقام والموسيقى بشكل عام.
ورغم ان المساء لم يكن من أيام عطلة الأسبوع فقد حضر الامسية جمهور كبير من محبي الثقافة والموسيقى والمقام من ابناء الجالية العراقية والأصدقاء حيث احتفت بهم قاعة المركز الكبيرة وسط اجواء بهجة عراقية وحماس للاستماع والاستزادة من ثقافة
ومعارف الفنان الأعظمي.الأستاذ أسعد الراشد مدير المركز الثقافي قدم باسم المركز الثقافي العراقي الشكر والامتنان للفنان حسين الاعظمي على مشاركته في ايام الثقافة العراقية مرحبا به ضيفا عزيزا, وشكر الحضور الكريم على دوام ومواصلة حضور فعاليات المركز الثقافي, معبرا عن سعادته باستضافة المركز الثقافي العراقي لفنان مرموق ومبدع وقامة من قامات العراق الفنية والثقافية, والذي قدم الكثير في رحاب الفن والإبداع, الفنان حسين الأعظمي.
قرأت في الامسية صفحات من سيرة الفنان الاعظمي الحياتية والفنية والمنجز الابداعي الذي اتحف به الثقافة والفن في العراق.
الفنان حسين الأعظمي تحدث وسط مشاعر الحب والحماس للجمهور الذي احتفى به وجاء للاستماع, حيث شكر الحاضرين واثنى على دور المركز الثقافي العراقي في السويد, شاكرا حسن الاستقبال والحفاوة والترحيب, ومعبرا عن فرحه وسعادته ان يكون في المر
كز الثقافي العراقي ووسط محبيه.
وفي لغة الموسيقي العارف بأسرار وخفايا الموسيقى والمقام تحدث بلغة بسيطة المفردة عميقة المعنى عن تجربته مع الموسيقى والغناء والمقام, وعن ايام طفولته وصباه وتعلقه بفن الموسيقى.في حديثه تناول موضوع المقام العراقي ارتباطا بالتطورات العلمية والتكنولوجية وثورة المعلومات, حيث هناك ثورة علمية ازالت الحواجز وتحاول ان تلغي المحليات والخصائص التي تؤلف لمجموعة من الناس. ثم تحدث عن الانجاز الكبير الذي شهدته بداية القرن العشرين بظهور الة التسجيل الصوتي والاسطوانة والكاسيت, حيث فسح المجال بشكل واسع للغناء والمقام بالانتشار والشعبية والتطور, بخلاف الفترة التي سبقت هذا التاريخ حيث لم يعرف الكثير من التراث الثقافي والموسيقي بسبب صعوبة الحفظ والانتشار. وعن التجديد تحدث كونه من دعاة التجديد بشرط عدم الغاء الجذور والخصائص وتقاليد الفن والتراث الخاص بالشعوب, معبرا عن التفاؤل بمجموعة المطربين والمؤدين للمقام المتواجدين في مدينة بغداد والعراق اليوم, والذين يعمل ويتواصل معهم, حيث تهتم المجموعة بالمقام وتتدرب على احياء تقاليده, حيث ان لكل شعب ولكل وطن ثقافته وموسيقاه وتقاليده, والمراكز الثقافية العراقية يفترض أن تنهض بمهمة نشر وإشاعة الثقافة العراقية والتعريف بها للأمم الأخرى.
وعبر سرد تاريخي جميل حكى عن سقوط الدولة العباسية عام 1258ميلادية, والتي بعد سقوطها ولمدة سبعة قرون عاشت بغداد فترة مظلمة في حياتها حيث تخلفت الفنون والآداب والحياة الثقافية عموما. وأشار الفنان الاعظمي لكون قسوة المحتلين الذين حكموا بغداد قد انعكست على اضطهاد النساء, وقد كتب الكثير عن ذلك في مؤلفاته عن الموسيقى والغناء والمرأة في تلك الفترة, ولم تشهد تلك الفترة بزوغ مطربات او فنانات بسبب القمع والاضطهاد الذي لاقته المرأة.
وحسب وجهة نظر الفنان الاعظمي فأن المقام العراقي قد نشأ وبدا في الانتشار عمليا مع بداية القرن العشرين, حيث لعبت الشعائر الدينية الدور الأهم في المحافظة على الموروث الشعبي. وان المهم حسب وجهة نظره محافظة المقام على القوة التعبيرية وليس على الشكل العام للمقام والموسيقي وان التعبير هو أحاسيس والتراث يمتلك ولا يعط حيث اللهجات تكون بمثابة المعبر عن الاحاسيس والخصوصية, وهناك تقارب في الحياة وليس تطابق.
وقص بأسلوب الفنان العارف والداري بخفايا المقام والموسيقى والغناء الكثير عن كتابه المعروف (المقام العراقي بأصوات النساء), والذي حكى فيه بسرد تاريخي وتحليل نقدي موسيقي عن تجربة سبع من الفنانات العراقيات اللواتي أدين المقام ومنهن:
(سلطانة, صديقة الملاية, سليمة مراد, زهور حسين, مائدة نزهت, سحر طه, فريدة محمد علي ).
وواصل الحديث عن الخصائص الصوتية والقدرات الأدائية لكل واحدة من المطربات اللواتي كتب عنهن في كتابه, وبحثه الطويل والمضني من اجل تجميع المعلومات عن حياة وإبداع كل واحدة منهن.
وفي حديثه اشاد بالتراث والمنجز الابداعي للمؤديات والمطربات النساء رغم ظروفهن الصعبة ورغم ان الرجل كان يستهجن ويرفض ان تؤدي المرأة المقام باعتباره حكرا على الرجل, ودعا الى ان يبذل المجتمع قصارى الجهد من اجل تثقيف المرأة وبذلك يضمن تطور المجتمع.
وبصراحة الموسوعي والعارف تحدث عن اصول المقام الجبلية وليست المدينة كما يظن البعض, ورغم كونه بغدادي ويعشق مدينته, ولكن بغداد كانت عاصمة حضارية وثقافية مما سهل ان تكون مركزا لتطور المقام وفنونه واصوله.
وبأداء المطرب والمغني القدير وبصوته الشجي أمتع الحضور بأدائه لبعض مقاطع من المقامات.
الجمهور الكريم حاور الفنان الاعظمي عبر مجموعة من الاسئلة والملاحظات والآراء التي تمحورت حول اهمية الثقافة للشعب عموما وليس للمرأة فقط, واستفسارات عن بعض من غنى المقام من النساء, واصل المقام العراقي, وعلاقة المقام بالغناء الأندلسي والأسباب التي دعت لان يتميز العراق عن سواه من البلدان بانتشار ثقافة المقام فيه.
الفنان الاعظمي حاور بصراحة ووضوح الحاضرين مجيبا على اسئلتهم وملاحظاتهم.
اختتمت الامسية بتقديم الشكر والامتنان للفنان الاعظمي باسم المركز الثقافي العراقي والحضور على ما قدمه في الامسية من عرض ممتع وتاريخي وقدم مجموعة من الحضور الورود للفنان الاعظمي حبا وتقديرا له. ووسط آلفة وأجواء عراقية ثقافية وصور الذكرى احتفى الجمهور بالفنان الاعظمي.
اعلام المركز الثقافي العراقي