حين يكون للدجاج المشوي احتفالية وللبحيرة رقصة..!! وقتها احتفالات النمسا حاضرة بعمق برفقة الفرق الموسيقية!!
اقليم (كيرنتن) يسمى دائماً باقليم البحيرات نظراً لكثرة البحيرات فيه واجمل بحيرات البلاد تقع في هذا الاقليم ولكن رغم ذلك فهناك حيث القصور التاريخية التي تحكي حكايات من زمن الامبراطوريات والابراج الاسطورية والقلاع القديمة. تكثر فيها المدن القديمة والبلدات الساحرة والقرى الاثرية باسوار والقلاع على التلال. جولة وسياحة رائعة في جميع فصول السنة لهذا الاقليم تمنح الانسان الهدوء والامان بين احضان الطبيعة والتاريخ القديم ولكل فصل خصوصيته مع الالوان والطبيعة. انطلقنا من مدينة ارشيدوقات النمسا صوب المنطقة الساحرة (القديس جيورجين على بحيرة لينك)،في هذه المنطقة ثلاث اشياء لها مكانة كبيرة ورائعة وتجعل من المكان والارض جنة طبيعية وهي(برج هوخ اوستافيتس) والذي يسمى بجوهرة الفن المعماري،وقف القديس جيورجين، بحيرة لينك)،فهذه المنطقة لها موقع ساحر وتقع في التلال الوسطى للاقليم حيث الغابات الكثيفة والمروج الخضراء والحقول.تكثر النشاطات الصيفية في هذه المنطقة حيث شواطئ جميلة على حافات البحيرة للسباحة،طرق هادئة ورومانسية للمشي لمسافات طويلة،السفر بالدراجات الجبلية،ركوب الخيل بالاضافة الى معسكرات الشباب وملاعب التنس الرياضة التي يعشقها النمساوين.تسمى المنطقة ب(القديس جيورجين على بحيرة لينك) نسبة الى وقف (القديس جيورجين) وهو تحفة معمارية لاقليم (كيرنتن) ويبلغ عدد ساكنة المنطقة ب3586 نسمة حسب اخر احصائية لها ومركزها بلدة(لاونس دورف) ضمن نطاق مدينة (القديس فايت على نهر كلان) وتاريخ المنطقة الموثوق مرتبط في الدرجة الاولى بتشييد وقف (القديس جيورجين) والذي يعود الى الاعوام 1002 ـ 1008 تاريخ تشييد الوقف.
في هذه المنطقة الساحرة من قلب الاقليم حيث الاماكن الرائعة لجذب السواح والزوار ومحط انظار المسافرين لها ومنها :برج هوخ اوستافيتس،قصر الحجر الاحمر،وقف القديس جيورجين، برج تاكين برون،قصر نيدر اوستافيتس،قصر دراسين دورف.وكما ذكرنا بان المنطقة ايضا مشهورة بالقصور والقلاع والابراج فلهذا فقد كتب الادباء والكتاب حول هذه المنطقة الساحرة ومنهم الكاتب(غونتر هيرمان عام 1962) وكتابه بعنوان(القديس جيورجين على بحيرة لينك) والكاتبة (كريستينى تروبار كتاباً تاريخياً حول المنطقة) .
للبحيرة سحر خاص وخلاب فالبعض يصفها بانها اجمل بحيرات النمسا الصغيرة بالاضافة الى برج (هوخ اوستافيتس) احد العلامات البارزة ومركز الاسرار في تاريخ الاقليم. تقع منطقة (القديس جيورجين على البحيرة) بين جبال وغابات كثيفة وتحيطها الاماكن الخلابة وعلى ارتفاع 537 متراً فوق مستوى سطح البحر وتصل درجة الحرارة في البحيرة 27 درجة.
منطقة القديس تعد من المناطق الاثرية والسياحية والثقافية وفيها تكثر ايضا الكنائس والمحميات الطبيعية والمباني التاريخية والاضرحة. ونظراً لموقع المنطقة المناسب والساحر للزراعة ، لذا اشتهرت منذ القرن الثاني عشر بمزارع الكروم في الاقليم وفيها يمكن تذوق اجود انواع الشراب الاحمر بالاضافة الى كثرة المطاعم الضخمة والشعبية والكل يقدم الوجبات المحلية من المطبخ الاقليمي ولكن (الوقف) يظل لؤلؤة المنطقة المطل على البحيرة وموقعه المتميز في الاقليم في اجواء ساحرة وخاصة حين يمتزج الضباب بالغابات ويتراقص على سطح البحيرة وقتها تكون الفرصة اتية لعشاق التصوير الفوتوغرافي.سنحت لي الفرصة لزيارة الوقف عدة مرات لانه يرمز الى الهدوء والسلام والثقافة والتاريخ القديم وقد شيد خلال السنوات 1002 ـ1007 وفي السنوات 1654ـ1658 يتم تصميم الوقف من جديد من قبل المهندس المعماري (بيترو فرانسيسكو كارلوني) على الاسلوب الباروكي مع الحفاظ على بعض اجزاء البنايات على اسلوب(عصر النهضة).
يعد الوقف اليوم مركزاً ثقافياً ونقطة التقاء الادباء والفنانين والندوات.لقد كتبت الكتب والروايات والقصائد على الوقف واحداث الوقف التاريخية من قبل الادباء والمؤرخين. يحتوي الوقف على دير كبير وفناءات واسعة وفيه ممرات كبيرة والجميل الاقواس في الطابق الاول وبالنسبة الى الطرق الجميلة حول الوقف لها رومانسيتها الخاصة واما في الليل فتسلط الاضواء الكثيرة على الوقف لتكون سحر المنطقة ويصل انعكاسات الاضوية لغاية البحيرة.حين يسافر المرء مرة واحدة الى هذه المنطقة ستتكرر زياراته لها وتترك انطباعا رائعا في نفسية الانسان وفي كل مرة يكون الهدف شيئاً اخر واما في الشتاء تكتسي المنطقة ثوباً ابيضاً والبحيرة تتجمد لتكون ساحة للتزلج على الجليد وتكثر الانشطة الثقافية والترفيهية بالاضافة الى وجبات الطهي الشتوية وشراب العنب. يدعو وقف (القديس جيورجين) عشاق الرياضة والباحثين عن الهدوء والاسترخاء والانسجام مع الروح بعيدا عن الفوضى لقضاء اوقات سعيدة للاقامة في مبانيه وبما ان البحيرة تعد من احب واجمل البحيرات الصغيرة في الاقليم للسباحة لذا تقام على شواطئها الفعاليات الفنية والاحتفالات والمهرجانات، ففي الشهر التاسع من كل عام تقام احتفالية دجاج الفلاحين المشوي وقد تأسست جمعية الفلاحين في اقامة هذه الاحتفالية عام 1995 وهو من الاحتفاليات الكبيرة في الاقليم ويحضره اكثر من 30 الف شخص،ففي هذه الاحتفالية ليس هناك شئ سوى الدجاج المشوي والزلاطة للزبائن برفقة الاحتفالات الموسيقية والاغاني المحلية ومن الصعب فهم لهجة (كيرنتن) المغناة بالاضافة الى ارتداء الجميع الزي الشعبي للاقليم فلكل اقليم ازيائه الشعبية الخاصة وتليها التحضيرات لاحتفالات اعياد الميلاد ولكن هذه المرة ساحة الاحتفال تكون فناء الوقف وله نكهة خاصة خلال هذه الايام.
يعد وقف (جيورجين) وقف الرهبان لاكثر من 10 قرون وهو المكان المثالي لقلب اقليم (كيرنتن) واليوم يسمى بمكان السلام والهدوء والثقافة وقد استمتعت الاجيال بهذا المكان وكذلك لانه يضم حجارة من ازمنة الرومان وقد وضعت بعضها في معارض زجاجية وهي وثائق على المنطقة بانها استوطنت بالاضافة الى العدد الكبيرة منها في فناء الوقف ولانه رحلة الى عوالم الهدوء والسلام في قلب النمسا!