الربيع الصّهيوني وإسقاط الأنظمة والشعوب...؟!

2015-01-06
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/406c158a-4c6e-4403-b072-54fe7af47b09.jpeg
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على بداية ما سمي في مستهل الأحداث ''الربيع العربي'' بتأثير من المرجعية الغربية المهيمنة، يتساءل المواطن العربي، ما الذي فعله هذا الربيع ''كما سمّوه'' وهل حقاً إسمه ربيع، وإذا كان إسماً على مسمى، فأين ثماره، ومن قطفها، الشعوب العربية التي أزهر بها الربيع أم أمريكا...؟ 
هل قرأ الربيع العربي واقع الأمة قراءة حقيقية، أحلامه، تطلعاته، تاريخه، ثقافته، حدوده، محرّماته...؟ وهل ارتفعت هامات الشعوب العربية، هل أزهرت صباحاتهم بالأمن والأمان، وهل فاضت حواراتهم واجتماعاتهم بالديمقراطية والحوار الشفاف وانتخابات حرة، وهل نبع صنبور ثوراتهم بشعارات وحقوق وقوانين تتناسب ونَفسهم الثوري الجديد...؟ 
وفق المعطيات التي نشاهدها على الأرض، فالربيع العربي في دول عربية عدة: اليمن، تونس، ليبيا، مصر، سورية... أزهر انهياراً اقتصادياً، تقسيمياً، فوضى، حروباً داخلية، قتلاً مجانياً، تخبطاً، خطفاً، واحتلالاً...!

فكل ما ذكر ثمار فاسدة نضجت وأينعت دماً، فاض على الطرقات العربية، وكان بشارة خير لأمريكا وحلفائها لتتنعّم بخيرات هذه الشعوب التي وقعت طمعاً بيديها...؟  فأمريكا تعمل بنظرية ''حق التضحية بالآخرين'' أي النظر إلى الآخرين كأجناس أدنى يمكن إتلافها عندما تقتضي مصلحة الأجناس الأعلى ذلك! وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض من تاريخنا المعاصر لتأكيد هذا العمل: الشاه في إيران، صدام حسين في (العراق)، الجنرال بينوشيه (تشيلي)، أورتيغا (بنما) محمد حسني مبارك (مصر)، زين العابدين بن علي (تونس)، علي عبد الله صالح (اليمن)...
والمفارقة التي يصعب فهمها أو اللغز الذي يصعب حله أن هذا ''الربيع'' المزعوم لم يقدر له المرور في أكثر بلدان المنطقة قحلا وصحراوية في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وأعني هنا الممالك والمشيخات الخليجية المفصلة على مقياس ومزاج أسر وعائلات مرتبطة مباشرة بالغرب ومصالحه، ما يدعو لطرح عشرات الأسئلة المستفزة حول شرعية هذا الربيع ومبرراته إذا كان ممنوعاً ومحرماً على بعض الشعوب والمثال هنا شعب البحرين وقطر والسعودية طبعاً...؟! ‏ 
فمن بلاد الشام إلى بلاد الروهينقا، مروراً بالعراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وسوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس... يغص المشهد بألوان الدم والدخان، وبالقتل والحرائق وبيارق الفرق المتناحرة... وتضج الأنفس بالشكوى من أشكال الظلم والقهر والجوع والرعب، ومن انحطاط أخذ يتفشى ويتفتق عن مكائد وسموم في سياسات وكتابات ووسائل إعلام بلغ بعضُها درجات من التحلل والانحلال والتهافت والتهالك على الصغائر والمهالك... 

نعيش اليوم بكل أسف وحزن عصر عرب بلا عروبة ومسلمين بلا إسلام، عصر باع فيه بعض العرب العرب وقتلوا فيه من العرب أضعاف ما فعل بهم الآخرون منذ قرون طوال، إن لم يكن في تاريخهم كله، ومن يراجع أعداد القتلى العرب بأيدي العرب من عاصمة الرشيد إلى الفيحاء إلى ليبيا إلى اليمن إلى...  لوجد أن أخطر وأكبر قاتل للعرب هم عرب اللاعروبة ولكن من ينكر أنهم ليسوا عرباً. 
لقد تفشت ثقافة العدم والذبح والموت والقتل، وهي ثقافة صحراوية رمالية مرتبطة بعصر البترودولار، ثقافة لا ربيع فيها من حيث تكوينها البيولوجي والروحي، وهي ثقافة كانت أزاهيرها أنهاراً من الدماء العربية، وثمارها أهرامات من الجثث العربية وغير العربية، ويحار المرء لماذا يصعد العرب وحدهم سلم التاريخ للأسفل ثم الأسفل وصولاً إلى عصر الكانابوليزم، أو عصر أكل لحوم البشر؟! 

ولدينا من الشهادات الكثير عن تفشي هذه الظاهرة في أوساط طلاب الحرية على الطريقة الوهابية، وهناك ما هو أكثر فقد وجد الأطباء الصهاينة الذين انكبوا على معالجة أشقائهم من جبهة النصرة عصيات غامضة في أجساد هؤلاء، فهل تجرؤ (الدولة اللقيطة على قول الحقيقة) إن هذا النوع من العصيات يوجد بين أكلة لحوم البشر دون الآخرين من أبناء آدم؟!

أينما نظرت إلى الخريطة العربية تجد الأشلاء والدماء، من البوابة الشرقية في العراق إلى أرض الشام واليمن فالسودان وليبيا و تونس ولا ننسى أرض الكنانة، وحدهم عرب أمريكا لا ينزفون ولا يألمون، وكأن في الأمر سراً... وحدهم عرب أمريكا في جنة ونعيم... وكأننا في الآخرة ولسنا في الدنيا، طبعاً الآخرة بالمعايير الأمريكية الإسرائيلية.

في وقت سابق من صراعنا الوجودي مع العدو الصهيوني قال أحد قادة الصهيونية العالمية: ''إنه لولا إسرائيل لأكل العربُ العربَ''، ويبدو أن هناك من قرأ المقولة اليهودية، وبدأ مسحوراً ومنهوب العقل وهو يقوم بتطبيقها.

أكثر من ثلاثة أعوام ودماء الوطن العربي تنزف من المحيط إلى الخليج، والإنسانية تشهد أكثر درجات الانحطاط الخلقي والأخلاقي في تاريخها، إنه عصر ''الربيع الصهيوني'' لا عصر ربيع العرب.

وللأسف لم يصحُ العرب بعد موت أبو رقيبة عميلاً، وشنق صدام صديقاً، وهروب زين العابدين ذليلاً، واغتيال للقذافي مراً، وخلع مبارك من قصره محبوساً، وأصبح العرب بلا ناموس، وما زال انحطاطهم كابوساً، يتآمرون على بعضهم كما يريد أسيادهم، الذين هدموا سياج الأمة الثقافي الروحي، ونصبوا على حدودها مشانق تحت حجة الديمقراطية، وأصبح العرب في مهب الريح يتسابقون للحصول على مباركة من يد ملطخة بالدم العربي، وهي تهدم أساسه حتى تصدع، وما زالوا حتى اليوم يحكمون بكلمة توجيهية من فم جاسوس صهيوني، ربما عربي الولادة ولو على حساب مقدساتهم وحقوقهم، ولا يفرقون بين من يقاتل عدو الأمة إسرائيل، ويهزمها، ومن يبيع القدس وحق العودة.
منذ أكثر من ثلاثة أعوام يعيش العرب أزمات متعددة، وضعتهم في مأزق ومفترق طرق، وحالة من عدم الاستقرار والفوضى والاقتتال المسلّح بين أبناء القطر الواحد، ضعف في التنمية واتساع لموجات الفقر في معظم البلاد العربية، وكأن العرب مع ما يسمى بالربيع العربي، هم على أعتاب مرحلة  مجهولة الآفاق إلى حد كبير، يسير فيها العرب من بناء الدولة إلى تفككها، ومن الإصلاح والحداثة إلى الماضوية، ومن التحرر إلى الاحتلال المباشر أو غير المباشر والتبعية من جديد للاستعمار.
والأزمة العربية هذه تتسم بتفاقم المخاطر والتحديات، وضعف الوعي بها أو العجز عن مواجهتها، ما ينذر بتحولها إلى أزمات مستعصية تهدد الشخصية الوطنية والقومية في الصميم.
إن وعي أي أزمة هو ضروري، وهو جزء من الحل لهذه الأزمة، ونعتقد في ضوء ذلك أنه يمكن توصيف الواقع العربي الراهن بمجموعة من النقاط البارزة:
ـ غياب الاستراتيجية الواحدة وانعدام الرؤية والتوقف التام عند الحركة، في عالم يتحرّك ويتغير، ولمّا كان التقدم هو سنة الحياة، فمن لا يتقدم يتأخر ومن لا يتحرك يتحلل، والأمر لا يتعلق بالنظام القطري وحده، بل أيضاً بالنظام العربي وعلى رأسه الجامعة العربية والمنظمات الإقليمية التابعة لها، ولجان التنسيق بين الدول، فالبرلمان العربي والسوق العربية المشتركة والنظام الدفاعي العربي، كل هذا لم يخرج من مستوى القول إلى حيّز الفعل، وبمعنى آخر ظلّ حبيس الأدراج!
في الوقت ذاته وبالمقابل نجد إسرائيل تقوى وتقضم المزيد مما تبقى من الأراضي الفلسطينية، والولايات المتحدة ودول حلف الأطلسي الأساسية يزداد نفوذها في المنطقة يخاصة في دول ''الربيع العربي''، إلى درجة أن السفارات الغربية باتت مصدر القرار في هذه البلدان، والتدخلات في الشؤون الداخلية لها توسعت لأن الأنظمة الجديدة فيها لا همّ لها إلا البقاء في السلطة ولا تهمها من قريب أو بعيد المصالح العليا للبلاد، ليبرز إلى السطح انكسار أحلام أجيال بالتغيير، ليضاف ذلك إلى نكبة فلسطين عام 1948و نكسة عام 1967، واحتلال العراق وتدمير ليبيا واحتلالها غير المباشر من قبل دول الناتو، مع غياب تام لأي استراتيجية عربية واحدة للرد على تحديات اللحظة.
فالجامعة العربية غائبة أو مغيّبة ومشلولة، بل تحولت وبعد أن سيطرت عليها السعودية وقطر إلى مطية للغرب، والشواهد كثيرة، فاحتلال ليبيا من قبل الناتو تمّ بمبادرة من الجامعة، وهاهي الآن تُلح على التدخل العسكري العربي في سورية، أما مواجهة إسرائيل والهيمنة الأمريكية على المنطقة، فلا علاقة لها بذلك! 
ـ التبعية للقوى الاستعمارية الخارجية من قبل بعض الأنظمة السياسية في الداخل العربي، لاسيما دول الخليج، هذه الأنظمة التي  فقدت الشعبية في الداخل جرّاء ممارساتها القمعية وإفقارها لشعوبها، لأنها بالأساس لا تعبّر عن مصالح مواطنيها، بل كل ما يهمها أن ترضى عنها القوى الكبرى، للمحافظة على عروشها، فراحت تحتضن القواعد العسكرية الأجنبية من أمثال قاعدة العيديد في قطر التي لا يجرؤ أميرها على النوم إلا بعد الاستئذان من قائد تلك القاعدة! هذا مع توقيع معظم دول الخليج على اتفاقيات عسكرية ثنائية مذلة بالنسبة للجانب العربي.
ـ محاولة تقسيم وتفتيت الوطن العربي إلى دويلات طائفية وعرقية وإلى قوى عشائرية متناحرة داخل البلد الواحد، لدرجة أصبحت معها وحدة البلد الواحد مهددة بشكل فعلي، وغاب الحديث عن وحدة الوطن العربي، ووحدة الأمة، فالعراق مهدد بالتقسيم، والسودان تمت تجزئته وإقامة دولة جنوب السودان، والحبل على الجرار كما يقال، وفي لبنان تلوح نذر الحريق، وكذلك في مصر التي يحدق بها الخطر. والمغرب العربي ليس أحسن حالاً، وليبيا تكاد أن تكون مُقسّمة عملياً إلى ولايات.
وفي سورية يتم العزف على الوتر الطائفي أيضاً بهدف تقسيم البلاد إلى دويلات، عبر حرب كونية تُشن على سورية يصورونها على أنها حرب أهلية، وهي ليست كذلك، فبمجرد أن ينتهي دعم مجموعات الإرهاب في سورية بالمال والسلاح سينتهي العنف في سورية. 
إنّ كل هذا الذي يجري هو من أجل أن تصبح إسرائيل المهيمنة على المنطقة، مكتسبة شرعية من طبيعة الجغرافيا السياسية التي تعيش فيها بدلاً من شرعية "أرض الميعاد'' و''شعب الله المختار'' والأساطير التي أوردها ''هرتزل'' في كتابه ''الدولة اليهودية'' عام 1897، وليتراجع، بالمحصلة، أمل أن يجتمع العرب ويبقى الوطن العربي أسواقاً شاسعة وعمالة رخيصة للغرب، ومورداً رئيسياً لمدّه بالطاقة الرخيصة.
هذا وتترافق عمليات تجزئة بعض دول الوطن العربي ومحاولات تجزئة حتى المجزأ وتفتيت المفتت، تترافق مع حملات إعلامية أمريكية وغربية وإقليمية لضرب مفهوم المواطنة في الدول العربية، وترسيخ مفاهيم وقيم عدم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، هذا إلى جانب محاولات طمس مفهوم العروبة وتغييبه، وضرب روابط المصير المشترك والوحدة الثقافية والتاريخ العربي المشترك
ـ حالة الاستقطاب السياسي والثقافي الشديدة بين جناحي الإسلاميين والتقدميين والسلفيّين والعلمانيّين، هذا الاستقطاب الذي قد يصل إلى درجة الانفجار، أو تنشأ من جرّائه قطيعة بين الجناحين إلى درجة الخصام والاستبعاد المتبادل، كما هي الحال في مصر وليبيا وتونس، حيث تحاول جماعة الإخوان المسلمين ترسيخ هيمنتها الواحدة على السلطة وإبعاد الآخرين حتى الذين قاموا بالثورات في هذه البلدان بمساعدة من أمريكا وحلفائها التي رأت في هذه الجماعة منفذاً لمخططاتها ورغباتها ومصالحها في المنطقة العربية بأسرها.

هذا مع العلم أن الولايات المتحدة تعمل خفية على استبعاد أي حوار مع الآخر،  وتغذية الخصومة في الدين والوطن والرأي، بمعنى آخر تعمل على ضرب مقومات التعددية الفكرية والسياسية خدمةً لمصالحها.
ـ اللجوء إلى العنف كوسيلة للتعامل بين الفئات والتيارات السياسية، وبالتالي غياب الحوار وإحلال أساليب إقصاء الطرف الآخر، بل القضاء عليه، كما يجري في مصر وليبيا وتونس أيضاً. 
وعندما يغيب الحوار يغيب العقل ويعزّ البرهان، ثم لصق هذا العنف بالثقافة الإسلامية وبالدين الإسلامي عن طريق استخدام الدين الإسلامي الحنيف لتحقيق مكاسب وأغراض سياسية بعيدة عن جوهر الإسلام القائم على العدل والتسامح والتعاون. 
وما يجري في سورية مثال على ذلك، حيث يُستخدم عنف المجموعات المسلّحة المدعومة من الخارج لتدمير سورية، جيشاً وشعباً ومؤسسات وحضارة من قبل هذه المجموعات التي لبست لباس الإسلام والإسلام منها براء. فلم يترك هؤلاء المرتزقة نوعاً من أنواع الجرائم والقتل و الاغتصاب والنهب واللصوصية والسلب إلا أقدموا عليه، بل اخترعوا أنواعاً وأنماطاً من الفقه الإجرامي لم يتعرف لها ولمثلها التاريخ حتى في أشد لحظاته ظلامية وعدمية وانحداراً.
فالعنف اليوم يضرب مصر من أقصاها إلى أقصاها، وليبيا وتونس واليمن وسورية بهدف تدمير مؤسسات وحضارة وقيم الإنسان في هذه الدول، والمستفيد الأكبر من ذلك إسرائيل التي تمرّ بأحسن الظروف، العرب يقتتلون ويتركون لها إتمام مخططها التهويدي. 
فقد تمكنت المخابرات الأمريكية المتسيدة على مثيلاتها في قطر وتركيا، من إعادة تكييف وتأهيل تنظيم القاعدة وتوابعه السلفية الجهادية، ودفعه باتجاه العمل في الداخل العربي والإسلامي، ورفع راية العداء للشيعة والنصارى والعلمانيين العرب، واعتبار الجهاد ضد روسيا وإيران والصين أولى منه ضد أمريكا وأوروبا وإسرائيل.
وعلى هذا المقتضى نسأل الطبقة السياسية العربية التي تمسك بزمام مشاريع الأعداء في بلادها وتركن مشاريع الوطن والناس: لماذا منذ أن وجدَ أبو رغال ما زال العرب على هذا النهج والمنهج؟ 
لماذا تستثمرون الدين لخدمة السياسة وتتركون السياسة بأخلاقية المتدين الصحيح؟ ثم لماذا تصرّون على أن تندرجوا في مشاريع الصهاينة ولا تتحمسوا لمشروع البقاء العربي على أرض العرب، والدليل لقد أسقطتم من جدول أعمال القمة العربية بند الصراع العربي ضد الصهيونية لتضعوا بديلاً عنه: عملية السلام؟ 
لماذا استمعتم بخشوع للرئيس الأميركي أوباما وهو يتحدث عن الدولة اليهودية، ولم تخشوا على القدس من التهويد، وعلى الضفة من ضمها، وعلى عرب الثمانية والأربعين من الترحيل؟ 
هل حرية المواطن العربي تلزمكم بأن تنفقوا تريليونات الدولارات تعطونها لأميركا وإسرائيل ضامنتي الحرية للمواطن العربي، ولا تلزمكم معها بحرية القدس، وحرية الضفة، وغزة، والجولان، وجنوب لبنان، واليمن، والسودان، والعراق، ولبنان، وسورية؟!
أكثر من ثلاث سنوات كانت في غاية الوضوح، بحيث تجلى فيها من يخطط، ومن يدفع المال، ومن يراهن، ومن يفترض سقوطه... فالذين دفعوا وما زالوا الأموال على إسقاط الأنظمة، حجبوا بكل أسف ولو جزءا منها عن إمكانية التنمية في العالم العربي... والذين خططوا، هم من كانت لديهم الأفكار القديمة باغتيال العالم العربي في كل مرة تنمو فيه رغبة في التغيير، إعطاؤه جرعة من التغيير لكن تحت الكنترول. 

أما المراهنون فهم الصامتون الذين لا نفهم منهم إذا كانوا يقبلون بدور الممولين على المديين القريب والبعيد، ولكن، يجب التنبه له، أن الولايات المتحدة وكل أذرعها الإسرائيلية والغربية، لا تقبل نظاماً له كل هذه المهمات كي يخرج بأقوى مما تتحمل المنطقة مع أنه أصغر من خرم إبرة.

أمام هذا المشهد العربي والذي يعيش شتاءً ساخناً وبعد أن تبين  المسار الحقيقي المرسوم للمنطقة، والذي رسمته مصالح الأجندات الخارجية، بات مطلوباً  من الأحزاب والتنظيمات والحركات وكل قوى التغيير العربي، كل  حسب واقعه المحلي من البحث الجدي والفاعل عن نقاط الالتقاء ولو في حدودها الدنيا، وتشكيل جبهات وطنية، وفق برامج الحد الأدنى المشترك من أجل إنجاز مهامها الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية... 

وبعيداً عن نموذج ''الاسلام السياسي التركي'' الذي يعاني من أزماته الداخلية، وحالة  من العداء مع محيطة الجغرافي، وبما يخدم قضايا أوطاننا وأمتنا العربية التواقة إلى مستقبل الشراكة السياسية  وتحقيق قيم ومبادئ العدالة الاجتماعية، حيث الوطن فوق الجميع، ويتسع لجميع مكوناته السياسية، هذا هو المشهد الذي نعيشه اليوم، والذي يتقلب على صفيح ساخن في شتاء بارد. 

وأنا أعلم تمام العلم أن ما يفعله أعداء العروبة والقومية، هؤلاء العملاء ومن حيث لا يشعرون، يؤسس لشارع عربي قومي علمته الجراح والدماء، أننا جميعاً أمة عربية واحدة وأن الوعد لإسرائيل والالتزام بأمن إسرائيل وسلامة إسرائيل هو وعد من خرج من جحرٍ في جبلٍ أشم لا يمثل إلا نفسه.

مصطفى قطبي

باحث وكاتب صحفي من المغرب

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved