الأزمة الاقتصادية ليست جديدة وهي تطرأ في كل البلاد حتى المتطورة منها لسبب ما، أما في البلاد النامية قصة أزمتها الاقتصادية طويلة جدا إلا ما ندر في بعض منها ( النفطية ) التي تعتمد على النفط فقط وكل وارداتها من الخارج ولا تصدر شيئا وتعتبر من الدول الكسولة الراكدة، أما أن يكون المصدر الرئيسي النفط وفي نفس الوقت تشتكي من أزمة مالية اقتصادية فهذه استثنائية، فالأزمة الاقتصادية والكساد وجهان لعملة واحدة يشترك معهما الركود الثقافي والزراعي والسياحي والتعليمي والقضائي والسياسي والإداري والخدمي مما يؤثر على الفرد والمجتمع سلبيا وبالتالي يتراجع البلد إلى الوراء بدلا من أن يتقدم كباقي الدول العصرية الحضارية، المجتمع الذي يحيى في ظل اقتصاد ضعيف لا ينتج إلا كيانا ضعيفا نتيجة لسياسات اقتصادية خاطئة ومن لا يقوي داخل البلد ويبدأ من الفرد الذي هو جزء أساسي لأي تطور لا يمكن أن يقدم مجتمعا ثقافيا حضاريا يواكب الدول المتقدمة، فما بالك بالسرطان الاقتصادي الراكد يأكل رغيف المجتمع وتبذر مليارات الدولارات على الصور والمنافسة على المناصب الزائفة التي لا تقدم شيئا للفرد والمجتمع بل تباع المناصب بالملايين مثلا ؟
حينما تصل الأزمة الاقتصادية إلى الكساد تحتاج حلول جذرية من المفترض تطبيقها بأسرع ما يمكن حتى لا تؤثر على الجوانب الأخرى ومنها الثقافية فبناء فكر الإنسان يحتاج إلى اقتصاد منعش وليس راكد بلا روح، حينما يشتكي الفرد من حالة الركود والكساد وارتفاع الأسعار يجسد الخلل الاقتصادي في البلد دون معالجات سريعة لها، وأنا أتجول في سوق دهوك وبالأخص سوق المربع وجدت المحلات مزدهرة بكل الواردات الأجنبية فالدول النامية تعتبر دول مستهلكة وبعيدة عن الإنتاج وهذا سببا من أسباب ألأزمات التي تحدث فيها ومنها الحروب والجهل والفساد والخراب والدمار والتهجير والتشريد واللجوء إلى دول أوربية وضحيتها الفرد رغم ازدهارها بنعم الأرض الخصبة للزراعة والسياحة والتجارة .
التقيت بالشاب راوند طارق عمره 18 سنة عامل في محل لبيع الملابس وفي نفس الوقت يكمل دراسته الإعدادية وأنا ارفض مقولة إن الشاب العصري لا يقدم ولا يؤخر مائع مشغول بالنت وبأشياء فارغة لا تفيد نفسه ولا عائلته ولا مجتمعه، والشاب راوند نموذج للشاب المكافح يساعد نفسه أولا ووالده المعلم على المعيشة ثانيا، خاصة وانهم يسكنون في شقة إيجارها كبير في زمن اقتصادي صعب جدا وجرى بيننا حديث عن الركود الاقتصادي حيث حركة البيع والشراء ضعيفة بسبب قلة السيولة والضغوط الحياتية اليومية، يلجأ الناس لتوفير الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب وصحة وهذا ناتج من قلة دخل الفرد بشكل عام، والذي ليس له دخل شهري فهذا أمره أشد وأصعب خاصة إذا كانت " البطالة " وزيادة معدلاتها إضافة إلى الفقر سمة البلد الراكد اقتصاديا، وهكذا تستمر المظاهر والنتائج السلبية الراكدة التي تؤثر على ثقافة وتطور البلد حيث حملة الشهادات والخبرات الفكرية والأدبية والعلمية والاقتصادية ملوا من الفراغ والبطالة والفقر، ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين إن الركود والكساد الاقتصادي مؤشر خطير سيؤدي إلى الإفلاس الثقافي والتنموي، يا ترى هل هناك حل للركود الاقتصادي الذي يؤثر على فكر ونفسية المجتمع ؟ نعم وفقا لدراسات عالمية اقتصادية وضعت وقاية من الركود والكساد ومنها، اتفاق آراء الاقتصاديين العالميين على أن البلد قادر على مع منع حدوث الركود " والتضخم الركودي " باتخاذ قرارات معينة مهمة تضمن قدرة واستمرار الأفراد والعائلة العيش بصورة كريمة ومنها مخصصات الضمان الاجتماعي وإعانات البطالة وخلق اتجاهات وخطط اقتصادية منعشة قصيرة وبعيدة المدى تكون كفيلة بمنع حدوث واستمرار الركود الاقتصادي، اهنأ الشاب راوند طارق على استمرار كفاحه منذ الصغر ومساعدة أهله وأرجو من الشباب أن يكون العمل ديدن تفكيرهم ومساعدة الأهل صوب أعينهم مع ديمومة التعليم النهاري أو المسائي لتحقيق ثقافة اقتصادية متطورة تساعد البلد على النهوض من الركود .