السعودية سمر المقرن" امرأة وأكثر "، أم صحافية ، كاتبة عمود وروائية ، "حروفها الوردية " تحولت إلى "مطر من كلمات " في روايتها" نساء المنكر" ، فانتهت بعاصفة من السجال الفكري والمذهبي تسببت لها بتهديدات بالقتل
"
-قلت " انا هنا ,لان الصحافة أنثى، والرواية أنثى ،والحرية أنثى " ، في أي مكان كنا سنجد سمر المقرن لو كان هذا الثالوث مذكرا ؟
- لو كان مذكراً لأنثته!، ذلك أن الحياة لا تستقيم بلا أنثى، و أقول أنها أكثر من النصف, بل في تصوري أنها الكل لأنها الجزء الأنثوي في المجتمع ولأنها مربية كل المجتمع، لذلك لا أجد نفسي في الجزء الذكوري أبداً، ولا أتصور نفسي فيه، ولذلك لم أستطع الإجابة على(لو)هذه لو حدثت، لأنها لم تدخل المتخيّل الذي أعيشه في عقلي، من الصعب أن تجد المرأة -السوية- مساحة لها في غير الأنثى التي في داخلها، لا يمكن أن لا تجد نفسها في غير أنوثتها وهي تقتسم الحياة مع الرجل العمل والقيادة والقوة ، ,وتضفي النصف الآخر جمالية الميك آب، واللون الزهري الذي يبهج والفستان والشعر الطويل، إن المرأة تزيد على الرجل في الجمالية والإضافة ولذلك لا أتخيل نفسي بعيدة عن نفسي مطلقاً.
-تحترفين الكتابة كعملة بوجهين, ألا تخشين أن يخون الحس الصحفي المتخيل الروائي؟
- برؤية مختلفة، هي تغذيّه وتمده، في كلا الطرفين ، فالصحفي يجد في المتخيل حسا يركض وراءه ولا يخيب حدسه دائماً, فيلتقط الحدث قبل وقوعه ويتوقع ما سيجد كما لو كان منجّما مأخوذاً بمعرفة المستقبل مجبولا على التشوق إليه، فالصحافة مهنة مهمتها أن تسير باتجاه تتوقعه لا فقط ما تحصل عليه (عكس ما يراه الناس), والرواية تستلهم جانبها المتخيل من الجانب الواقعي، الصحافة في واقعها وأحداثها اليومية تمد الخيال ببداية جيدة ورؤية رائعة لمتخيل، في رأيي أنها شراكة تكامل أكثر مما هي عمل متضاد، ويتبادر إلى ذهني الآن ما يحدث في المحاكم من قصص ووقائع غريبة، يمكنها أن تلهم الشخص خيالاً خصباً ,تشده للأرض، وتجعله يغوص في الواقع، في كل الحالتين (الصحافة والمحاكم) الأمر يتوقف على الكاتب والتدريب الذي يدرّب به نفسه وهو كيف يستخرج من الواقع خيال، من الحقيقة متخيلا مثيرا، من الإنسان اليومي إنسانا آخر لم نره ولم يعش معنا ,لكننا استطعنا أن نرسمه في العمل الروائي فهو وليد الصحافة !
-أثارت روايتك" نساء المنكر " الكثير من ردود الأفعال وأيضا القراءات خاصة انها أماطت النقاب عن جرائم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرفي السعودية , وقد ورد في احداها عبارة,,,, "كأنك لا تقرأ لامرأة أو كاتبة من السعودية بل تقرأ لكاتبة من المغرب العربي"
ما رأيك في هذا القول الذي يجعل المبدعة السعودية بمرتبة اقل جرأة؟
- السياسي عندما يصبح مبدعاً فإن الكثير من الناس يعزي جرأته لمنصبه السياسي ونفوذه في بلده، وهنا يحدث الخلط لدى الناس بين الإبداع وبين سرقة الإبداع بفعل عمل آخر، هذا ما يحدث بحق الإبداع في السعودية، الكثير يستكثر على الأديبة السعودية أن تقدماً عملاً جيداً يضاهي المنجز العربي, وربما السبب هو أن السعودية دولة ناشئة أو أنها دولة نفطية يعتقد أنها كما تشتري الكماليات تشتري الإبداع أيضاً ,وهذه ليست الصورة الحقيقة للمبدع السعودي، الصور الحقيقة للمبدع السعودي هي الحكم على منجزه من خلال الإنجاز فقط بعيداً عن كل مؤثرات أخرى يمكنها أن تنحاز ضده أو حتى معه، وأعود للعبارة هذه ، فرغم أنها مطاطة ويمكن تفسيرها بأكثر من احتمال، إلا أنني أراها في جانبها الإيجابي، المغرب العربي متقدم في عالم الرواية، وهو يقدم رؤية جديدة وجيدة للعالم عن حال العالم العربي في المستوى الثقافي وهذا الوصف ربما هو في صالحي وفي صالح الثقافتين السعودية والمغرب العربي معاً, وهو أن العمل الإبداعي العربي في المشرق والمغرب قريبان من بعضهما البعض.
-كيف تقيمين زمن المبدعة السعودية في عالم العولمة؟
- أظن أن العولمة أقدمت على كسر الزجاجة، واخترقت المجتمعات من داخلها، وكأنها تبعث رسالة واضحة جداً لتلك المجتمعات: المجتمعات الضعيفة يجب أن تقاوم وتتحول لمجتمعات قوية أو عليها أن تذوب في المجتمعات القوية، وهذه الرسالة سارت في صالح االمبدعة العربية والسعودية على الخصوص، فعليها أن تقدم رؤيتها بقوة أو عليها أن تذوب في الإبداع العالمي مستسلمة له تذوب فيه, لا ترى فيه ملامحها الخاصة ولا حتى تراثها،
العولمة والمبدعة السعودية خلقت اسماء وصلت للمغرب العربي بل لأوربا وامريكا والشرق, سواء من خلال التقنية أو من خلال الإمتزاج الحضاري, ووجودي معكم الآن في المغرب هو جزء من منظومة العولمة وعلاقتها في المبدعة السعودية.
-هل تعتقدين اننا قد نقوى على خلق عالم معرفي عربي حقيقي داخل بنية افتراضية ؟
- إن كنت تقصدي عالم التقنية فنعم، بشرط أن يدعم هذا العلم المعرفي رغبة السياسي أن يحفظ حقوق المبدع، وأن يسن القوانين لحماية الحقوق الفكرية للكتاب الإلكتروني والكاتب في العالم الإفتراضي, وإلا فإن الكاتب سيعود نحو الطريقة التقليدية للنشر وسيخضع لسلطة الرقيب المتسلطة ويقل إنتاجه، وبعبارة أكثر دقة، تداول الكتاب الإلكتروني العربي بشكل مجاني في النت بدون اي حماية من الدول العربية سيقلل من فرص خلق عالم معرفي في العالم الإفتراضي لأن الكاتب سيخسر وهذا ما يحدث الآن، المقالات تسرقها المواقع من الصحف الأصلية ويعاد نشرها وتخسر الصحف الأصلية بسبب أن القارئ يجد المقال في كل مكان، وعندما يكتب المبدع فإن أي شخص يمكنه أن يسرق ما كتبه المبدع وملكية ما كتبه لا أحد يحميها، وسؤال يفرض نفسه على سؤالك: هل سينشر الكاتب وهو يسرق وهو انسان يريد أن يعيش؟
في الأخير: نعم نقوى أن نخلق عالم معرفي في العالم الإفتراضي إن كانت هناك من يريد لنا أن نخلقه من خلال حمايتنا من أنفسنا !!
-الجبهات التي تفتحينها بفضل قناعاتك وافكارك ترتب عنها تهديدات بالقتل ، خاصة بعد هجومك على رجل الدين السعودي محمد العريفي في مقالك
ما سلاحك للصمود بوجهها كامرأة اولا, وصاحبة قلم ثانيا ؟
- سلاحي قناعاتي نفسها، كصاحبة قلم، فالحديث المقنع يجب أن يكون مقنعاً, ما يجعل الكاتب محمي بالناس من المتطرف منهم، إن أفضل قناعة يمكن أن يخلقها الإنسان هو أن يقدمها بنفس الأداء، الناس ليست سيئة، لكن تم خطف عقولها، ولن يعيد عقولها لها إلا الحديث المقنع والكلام العقلاني الذي يصل للعقل ويستطيع أن يقنع الآخر، أن خلافنا هو مصدر قوتنا، وأن علينا أن نستمع لبعض بدلاً من خلق التطرف في دهاليز الخوف والرغبة في القتل
أما كامرأة ، فإني أراهن على أن المرأة كائن لديه القدرة على التغيير في العالم العربي أكثر من غيره لأنه صوت مميز، صوت يكاد يختفي، فإذا جاءت امرأة وقالت الحقيقة أعتقد أنه ملفت للنظر لذا يستمع الناس إليها ,و يشاركوها فكرتها إذن سلاح المرأة هو أنها امرأة قادرة على كسر حواجز الرتابة والتابوهات .
-قلت في إحدى مقالاتك الصحفية أن المرأة" ثروة وسلاح", نود أن نعرف المرأة ثروة وسلاح لمن اولأية جهة ؟
- هي ثروة وسلاح لمجتمعها، هذا هو الأصل، هذه هي المرأة الوطنية التي تعمل بشراكة حقيقة مع الرجل من أجل الأوطان، وأن هذه الثروة هي نصف المجتمع بل كله، في مجتمعاتنا الشرقية تم تعطيل هذا النصف بنسب مختلفة من مجتمع لآخر، ماذا لو تحرك هذا النصف وأدى دوره، ألا ترين أنه سلاح قوي جداً، أليست ثروه عندما يتحرك نصف المجتمع بطريقة هادرة وقوية لصالح التنمية والعقل العربي، أليست مساهمة عظيمة عندما تتحول الأم من اسلوبها التقليدي في الحياة اليومية العربية إلى أم مثقفة تسقي طفلها الحليب الطبيعي والثقافة الحرة في يومه, أليست سلاحا عظيما جداً نخلقه من جديد ..
وهذا السلاح يمكن أن يكون سلاح في طريق الخطأ لو تم استغلاله بشكل خاطيء وهذا ما لا أود أن أراه في مجتمعاتنا !
-عرف المشهد لثقافي السعودي ظهور عدة اصدارات نسائية هل يمكن ان نعتبرها بداية لتراكم طفرة إبداعية النسائية ؟
- هي كذلك، وقد أشرت في ورقتي لهذا الجزء في المؤتمر، وهي أن المرأة السعودية زاحمت الرجل ويكاد يكون النصف بالنصف تماماً في عدد الإصدارات، بل حازت بعضها على جوائز كالرجل تماماً، والسؤال : هل هي طفرة أم تطور طبيعي للمرأة في ظل إتاحة مساحة حرة لها؟ أظن أنها طفرة في اتجاه مساحتها الحقيقة التي يجب أن تحظى به .
-ماذا عن مشاريعك الأدبية ,هل ستكونين وفية لجنس ادبي واحد ام ستمدين الجسر نحو ضفاف اخرى ؟
في الحقيقة، كانت بداياتي منذ الطفولة في القصة القصيرة، لكني الآن لم أعد أجد نفسي فيها ووجدت نفسي في الرواية، وأقوم حاليا بإعداد رواية جديدة.
زمن ماقبل العولمة
-قبل زمن الشبكة العنكبوتية التي بددت الحدود الابداعية المعرفية والفكرية , كيف كانت علاقة المبدعين والمبدعات السعوديات بالكتاب المغاربة وكتاباتهم ؟
- يقرأ المبدع السعودي العقل المغاربي بشكل جيد، وهو يتقاسم مع الإبداع والفكر والثقافة، ففي ذاكرة المبدع السعودي: محمد شكري ، ومحمد عابد الجابري والطاهر بن جلون ومحمد اركون وغيرهم الذي يشكلون عقل المفكر السعودي ويساهمون في إعادة بناءه ومع احتفاظ المفكر السعودي برؤيته المحلية إلا أنه يرى في هذه الأسماء وغيرها رؤية تقدمية للفكر العربي ولذلك فهو تلميذ لكثير من هذه الأسماء, وزميل ومشارك لأسماء أخرى في شراكة كبيرة جداً وواضحة بالفكر والإبداع، ما أريد أن أقوله، أن العلاقة الشرقية المغريبة العربية علاقة قوية ورؤية جميلة جداً, لسبب أن البعد أحياناً يعطي فرصة انتقائية جميلة جداً بدلاً من الوقوع في شرك الإقليمية الضيقة بين دول الجوار، وإن كنت أعتقد أننا في المشرق نتابع إنتاج المغرب أكثر من العكس.
-سبق أن زرت المغرب في أي سياق؟ وكيف تتمثلينه كمبدعة وصحفية ؟
زيارتي للمغرب كانت في دورة خاصة بالمرأة القيادية بتنظيم المعهد الأمريكي الديمقراطي، وقد كانت فرصة جيدة للالتقاء بالسياسيات والمناضلات المغربيات والاطلاع على تجاربهن، تقريبا لم تكن هناك فعاليات ولا لقاءات في الجانب الابداعي، كانت دورة تدريبية زرت خلالها عدد من المواقع الهامة من أهمها البرلمان المغربي.
-ماذا عن سمر الام ؟
اسألي أولادي: موضي ونواف وفواز
-هل لك اهتمامات بغير نكهة الحبر ؟
اهتم بأسرتي، ووالدتي ووالدي، لا أملك وقت فراغ كبير لذا فوقتي ما بين الحبر والقراءة والأولاد ووالديّ بالتأكيد، أيضا أحب أن أمنح عقلي بعض الاستراحة في ممارسة بعض الألعاب الموجودة على شبكة الإنترنت ومن أهمها لعبة الفارم فل.
تعريف بالكاتبة
سمر المقرن صحفية وكاتبة سعودية أصدرت روايتها "نساء المنكر" التي استلهمتها من تحقيقها الصحفي في سجون النساء ،وأدانت من خلال تجربتها تلك هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لوصايتها على الحياة الخاصة للافراد، وتكتب زاوية بعنوان" ضوء"، في صحيفة أوان الكويتية، وزاوية بعنوان "مطر الكلمات"، في صحيفة الجزيرة، وزاوية بعنوان "حلو الكلام"، في مجلة (هيا) إم بي سي، وتكتب في صحيفة البلاد البحرينية، وفي صحيفة العرب القطرية، وعملت في وظيفة رئيسة قسم المجتمع، بصحيفة الوطن السعودية، وهي أول امرأة سعودية، ترأس قسم يومي في صحيفة سعودية، خارج الأقسام النسائية، وعملت معدة لبرنامج " امرأة وأكثر " لقناة LBC والخاص بقضايا المرأة السعودية،

