الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي

2011-06-22
· لايمكن تجنب الصدام مع الواقع على خشبة المسرح لأنه فن المواجهة
· النقد عندنا غائب بسبب قلة العروض والملتقيات
· يتراجع المسرح لأننا نعيش حالة نكوص حضارية
· دور المسرحيين يكمن في تحريض المجتمع على الجمال
· حب المسرح يبدأ بتربية الشباب جماليا منذ خطواته الأولى

من شاهد مسرحية (سقراط) التي قدمتها فرقة كلية التربية بعبري سيعرف من هو عبد الرزاق الربيعي في مهرجان المسرح الجامعي بجامع//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/1b34cef1-7957-4522-a668-e58e948ae702.jpeg ة السلطان قابوس 2006 م،ومن قرأ كتابه المسرحي (الصعاليك يصطادون النجوم)الصادر عن مركز الحضارة العربية2004 وجلس في بهو المسرح في مهرجان المسرح العماني الثالث ليتابع فرقة ظفار وهي تعرض مسرحية (ذات صباح معتم ) 2009و تفاعل مع ممثلي كلية التربية بالرستاق وهم يقدمون نصه (الصعاليك يصطادون النجوم) سيتأكد من حميمية الربيعي وتفاعله مع المشهد الثقافي العُماني حيث شاركت أعماله في عدة مهرجانات مسرحية من بينها (المهرجان العالمي الثامن لمسرح المضطهدين 1997 في تورنتو) بمسرحيته ( آه أيتها العاصفة) التي قدمها المخرج الراحل كريم جثير في صنعاء وتورنتو ومونتريال وقدمها المخرج الكويتي سلطان خسرو في مهرجان المسرح الأردني 2003 وقدم المخرج محمد شيخ زبير نصه(سقراط) في أيام الشارقة المسرحية 2005 , و المخرج رسول الصغير مسرحية (البهلوان)في هولندا ولندن وأعاد تقديمها ثانية المخرج حسين علي صالح على المسرح الوطني ببغداد2005 وأخرج له الفنان فاروق صبري(أمراء الجحيم ) التي عرضها في اوكلاند وهولندا وأربيل ومسرحية (لا أحد يطرق بابي ) التي قدمها في اوكلاند ومن المؤمل أن تشارك في مهرجان بغداد المسرحي الذي سيقام الشهر المقبل وقدمت له فرقة مغربية مؤخرا نصه المشترك مع الكاتبة رشا فاضل(الطيف) والآن يشتغل المخرج عبد الغفور البلوشي على نص مسرحي جديد للربيعي بعنوان (ضجة في منزل باردي ) ويستعد المخرج سعيد عامر لتقديم مسرحيته (رأس خارج القانون) وقد التقيناه على هامش فعاليات مهرجان ( أربعين شمعة مسرح ) ودار الحوار .....


** نتساءل عن فرص إنجاز مسرح عربي مستقل في القرن الجديد، وإذا تحقق ذلك ما الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا المسرح؟

· لم لا؟ لدينا مواهب في الأداء والتأليف والإخراج , ومنظّرون قادرون على صياغة نظرية مسرحية , ومخزون هائل من الأحداث التي تشكل مادة لكتاب الدراما , كذلك لدينا إمكانيات وكلها عناصر من شأنها أن تؤسس لحركة مسرحية متميزة.

** مادام الأمر كذلك ما العمل ؟
· علينا أن نبحث عن الخلل , لنعالجه وهذا يحتاج إلى قراءة متفحصة للواقع المسرحي العربي , منذ نشأته والى اليوم, عبر تنظيم العديد من الندوات والملتقيات , فالدور الذي يمكن أن يلعبه المسرح في حياتنا كبير , المسرح معرفة وجماليات ومتعة وإسهام في البناء الحضاري .

** قيل: لا أمة بلا مسرح، وان كل أمة تريد أن تثبت وجودها في رقي الإنسان في سبيل المعرفة، كيف لسلطنة عمان أن تسعى لامتلاك قاعدة فنية تساعد الإنسان العماني في تفتيشه عن ذاته ؟
· لابد من دعم الأنشطة المسرحية في المراحل المبكرة من حياة الإنسان , حيث هناك يكمن التأسيس و"التعلم في الصغر كالنقش على الحجر"كما قال أجدادنا , المسرح فن نخبوي يحتاج إلى مران على المشاهدة ومداومة وتواصل وقراءة وانفتاح على الفنون المجاورة كالموسيقى والغناء والفنون البصرية كالرسم والتصوير فإذا بدأنا مع النشء الجديد وربيناه جماليا منذ خطواته الأولى يمكن لنا أن نغرس به حب المسرح .

** كيف؟ ومن يحدد مواصفات المسرح العربي ؟ ونحن نعيش في عصر تتجول فيه الأفكار كما تتجول السلع، وبالتالي من الصعب القول بأن هذا المسرح هو إنتاج عربي مستقل، وتلك المسرحية إنتاج أوربي مستقل وتلك الثالثة أو الرابعة إنتاج عُماني مستقل!!

· هذه مسؤولية النقد , والنقد عندنا غائب بسبب قلة العروض والملتقيات وعدم الانصراف الجدي لهذا الحقل الجمالي , وحين نتكلم عن مسرح أوروبي ومسرح عربي وآخر عماني الخ... فإننا تجزيء الصورة , لندع هذه التسميات جانبا فالمسرح يتحرك ضمن فضاء إنساني واسع مع وجود الخصوصية .

** نعرف أن المسرح يعيد تأليف الأحداث بشكل يتيح للملتقي أن يرى فعله ويشاهد نفسه ويمتلئ من صورته المثبتة أمامه وقد تجلت بخطوط وألوان مختلفة لكن الكثير من النصوص المطروحة هروبا من الرقابة تلجأ إلى (الفانتازيا) وتهرب من الواقع أليس هناك حل أو منطقة وسط لإرضاء الرقابة وتمرير الرؤى الخلافية ؟

· لا يمكن لمن يشتغل في المسرح تجنب الصدام مع الواقع , لأنه فن المواجهة ,وهذه المواجهة فرضها حضور الجمهور , طبعا دون التفريط بالجانب الرمزي والبلاغي والإشاري , و(الفنتازيا) لا تعني الهروب من الواقع بل التحليق في فضاءاته والنهل من عوالم المخيلة لتعود إليه , من السهل مراوغة الرقابة حين يعرض النص عليها لكنك تستطيع أن تقول كلمتك ببساطة على الخشبة , وحسب ظروف العرض, لذا فسلطة الرقابة في العرض تكون ضعيفة وبالتالي لا توجد ضرورة لوضعها في البال عند الإقدام على عمل مسرحي .


** المسرحيون العرب عاشوا قرناً صاخباً ممزقاً بين محاولة إرساء قواعد المسرح التقليدي وبين محاولات التمرد بحثاً عن صيغ حياة مسرحية جديدة تعتمد التجريب، المسرح العربي بدأ بوعود طليعية كبيرة، كيف يرى المسرحيون العرب ما انتهى إليه مسرح القرن العشرين؟
· لقد نجح المسرحيون العرب خلال النصف الثاني من القرن العشرين في إرساء قواعد جديدة في المسرح وإيجاد أساليب مبتكرة وصنع فضاءات تعتمد التجريب وتمردوا حتى على بيئة العرض وعادوا إلى التراث ليستلهموا من حلقات التجمع في الأسواق والمساجد شكلا بديلا للعلبة الإيطالية التي خرجوا عليها وكسروا الجدار الرابع الفاصل بين الخشبة والجمهور , ولا يزال الشباب المسرحي يجرب ويواصل رفد هذا المجال الجمالي بكل ما يستطيعون من طاقة على الإبداع والابتكار.


** نعرف أن ( الصدق ) في العمل المسرحي ينتقل بالمشاهد، إلى التعمق والاستغراق لينال مبتغاه ويشبع رغبته وفضوله، لكن كثيرا من الأعمال التي شاهدناها نرى مبالغة من المؤلف في تحري الصدق مما يوقعه في السطحية .. كيف يمكننا تحقيق المعادلة (الصدق والتعمق) الذي يشع بهما العمل الفني ؟

· للمعادلة المسرحية طرفان أساسيان هما : المؤلف والمخرج ومن الصعب الحكم على عرض بأنه سطحي واتهام (المؤلف ) كما جاء في نص السؤال ب(السطحية ) فللمخرج قراءته ولظروف العرض من إنتاجية وممثلين أحكامها التي تفرضها على المخرج , وكثيرا ما تنعكس تلك الظروف على النص فيختصر المخرج الأحداث ويحرّف مسارها فيقع العرض ب(السطحية ) وقد يحصل العكس , فيقوم مخرج العرض بتعميق الأحداث , إذن المسؤولية تقع على عاتق الاثنين معا.


** البعض يقول إن المسرح لم ولن يجد مكاناً ودوراً في حياة المجتمع العربي، فهل حقاً هناك خلل في علاقة الإنسان العربي بالمسرح؟

· الخلل موجود ومؤشر فعلاقة الإنسان العربي بالمسرح ضعيفة جدا , بسبب انتشار الأمية وعدم دخول المسرح ضمن مفردات برامجنا اليومية , فلا توجد عائلة عربية تضع في برنامجها الأسبوع فقرة مشاهدة عرض مسرحي , فتراجع المسرح مرتبط بتراجع القراءة وتهاوي البناء الحضاري .


** في المسرح يتحمل الممثل وحده عبء مجابهة الجمهور، لذا عليه أن يملك ناصية المهنة، فيتمتع بمقدرة أدائية كافية تدعمه في طريقة عرضه للموضوع أو الحالة المراد تقديمها.. هل الأزمة التي يعيشها المسرح عربيا أزمة تأليف مسرحي أم أزمة ندرة في الممثلين الجيدين ؟

· كما قلت في بداية الحوار لدينا ممثلون يمتلكون قدرات عالية على الأداء , فمن الظلم أن نتحدث عن أزمة ممثلين جيدين , الأزمة التي يعيشها مسرحنا لا يمكن تعليقها على رقبة المؤلف ولا الممثل ولا المخرج , الأزمة هي أزمة حضارية , ومادمنا نعيش حالة نكوص حضارية من الطبيعي أن يتراجع المسرح .

** الطفل في العالم وصل مرحلة كبيرة من التطور الإبداعي مكنته من تفجير إبداعاته الداخلية على مستوى المسرح عن طريق التمثيليات واللوحات الراقصة .. برأيك لماذا تأخر مسرح الطفل العربي عن مسايرة مسرح الطفل العالمي في تطوره ؟

· الطفل عموما في مجتمعاتنا مهمل وموضوع على الرف , أقول هذا عن قرب من هذا العالم المدهش , فلي تجربة في الكتابة للأطفال امتدت سنوات لم أجن منها سوى التعب , والإقلال المتعمد من شأني كوني "كاتبا للأطفال " ومادام حال الطفل ومن يكتب له كذلك فكيف يكون مسرحه؟

** أخيراً نتساءل هل يمكن أن يكون للمسرح دوراً في إغناء مخيلة المجتمع العُماني وتحريضه على الإبداع الفني؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه المسرحيون في تحريض المجتمع؟

· البيئة العمانية ثرية بفنونها وموروثاتها والمسرح حاضنة لكل الفنون ومن شأن المسرح أن يستثمر هذه الموروثات ويحافظ عليها ويعيد إنتاجها على الخشبة , كما نرى هذه الأيام من خلال مهرجان المسرح الشعبي العماني الذي تقيمه الجمعية العمانية للمسرح
أما عن الدور الذي يمكن أن يلعبه المسرحيون فهو تحريض المجتمع على الجمال وهو غاية الفن وهدف كل فنان .


------------------------------

ناصر أبو عون
كاتب وصحفي مقيم في سلطنة عمان

kalemat.nasser@gmail.com

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved