السوناتا Sonata

2012-11-15

ترتبط السوناتا في أذهان جماهير الموسيقى بالشكل الذي وصلت إليه، في مؤلفات عظماء الكلاسيكية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ومصدر هذه التسمية هو الفعل الإيطالي ( Sonare) أي ( يعزف ) وقد التصقت التسمية بالمقطوعات التي تعزف بالآلات الموسيقية في مقابل النوعية الثانية من الموسيقى، وهي التي كانت تغنى بالصوت البشري وتسمى ( كانتانا ) . وهي مشتقة أيضا من اللاتينية وأصلها ( Contare ) بمعنى ( ما يغنى) بالصوت البشري.

ولقد //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/0a17fd8c-9f56-4be6-bd57-4f553783f3ad.jpeg عرف في عصر الباروك من السوناتا نوعان:
1- سوناتا الكنيسة.. ويميزها الطابع الجدي الوقور.
2- سوناتا منزلية.. ويميزها الحركات الراقصة المتباينة في السرعة والأسلوب

وتتكون السوناتا من ثلاث حركات في أغلب الأحيان وتوجد بعض الأعمال من أربع حركات وعدد أقل من حركتين وهي تكتب أساساً لآلة البيانو ومنها ما يكتب لآلتين يكون البيانو أحدهما ويكون البيانو ألة رئيسية في السوناتا دائماً لأنه الوحيد الذي يتمكن من عزف ثلاثة خطوط لحنية أو أربعة أو أكثر في نفس الوقت بينما تعجز آلات الأوركسترا عن عزف أكثر من صوت واحد بنفس اللحظة باستثناء الآلات الوترية وتتألف من ثلاثة حركات .

تكون الحركة الأولى سريعة في الزمن وتسمى ( اليجرو ) أما الحركة الثانية فيه بطيئة وغنائية الطابع أما الحركة الثالثة والأخيرة فتكون سريعة وبراقة وذات صيغة تعرف بالروند( Rondo) (وهو نوع من أنواع التأليف الآلية ينحصر في جملة موسيقية أساسية تستعمل لتكوين مقطوعة ذات جزء واحد , وذلك بتكرار الجملة في أوضاع لحنية مختلفة , على أن تنقسم هذه الجملة إلى قسمين , يتجاوبان سويا في نظام معين)
و تطورت السوناتا لتصبح أهم القوالب الموسيقية على الإطلاق فهي ذات قالب يشتمل على العرض و التفاعل و إعادة العرض و الختام ، و يشتمل على الحوار و الدراما بين المقامات و جزئيات الألحان و تفاعلها و دراستها.

وهنا يجب علينا أن نفرق بين قالب السوناتا وبين السوناتا كمقطوعة موسيقية مستقلة تستخدم قالب السوناتا أيضا في حركتها الأولى فالسيمفونية مثلا وعلى وجه الخصوص السيمفونية الكلاسيكية هي عبارة عن سوناتا مكتوبة للأوركسترا الكامل بينما السوناتا تكتب بوجه عام لآلة البيانو وكانت قبل وجود البيانو تكتب للآلات ذات لوحات المفاتيح مثل ( الكلافيكورد والهاربسيكورد ) وهي التي تطور عنها البيانو قبل منتصف القرن الثامن عشر ، ومنها ما يكتب لآلتين يكون البيانو أحدهما. فمثلا توجد سوناتات للبيانو والفيولينة، وأخرى للتشيلو والبيانو، وأخرى للكلارينت والبيانو. ويكون البيانو رئيسيا في السوناته دائما لأنه الآلة الوحيدة التي تتمكن من عزف الموسيقى كاملة بألحانها وهارمونياتها، أو القادرة على عزف ثلاثة خطوط لحنية (بوليفونية) أو أربعة أو أكثر في نفس الوقت . بينما تعجز آلات الأوركسترا جميعا عن عزف أكثر من صوت واحد في نفس الوقت باستثناء الآلات الوترية وبتحفظات كبيرة. يتمكن البيانو أيضا وحده من عزف نغمات متعددة في مساحة صوتية كبيرة جدا ، تشتمل على مساحة جميع الآلات الموسيقية الحادة الطبقة والغليظة الطبقة على السواء. ولقد حافظت السوناته حتى ما بعد منتصف القرن التاسع عشر على القيم العلمية للتأليف الموسيقي في هذا القالب الرصين
وقد كتب كثير من العباقرة و على رأسهم ( هايدن و موتسارت و بتهوفن ) عدداً كبيراً من روائع التراث الموسيقي في قالب السوناتا إلا أن هذا القالب العظيم قد مر بتاريخ طويل من التطور حتى وصل إلى الشكل الذي يرتبط بأذهاننا

لا تخلو مناهج لآلة موسيقية على الإطلاق من أعمال السوناتا ، أما البيانو فإنه الآلة التي لا يستمتع بها أحد دون أن يعزف أو يستمع إلى مؤلفات السوناتا ، تلك المؤلفات التي احتفظت بقيمها أكثر من أي قالب موسيقي آخر، ففي الموسيقى المعاصرة نجد أيضا السوناتات في صور جديدة تختلف كثيرا عن السوناته الكلاسيكية المجيدة، ولكنها تحتفظ مع ذلك ببصمات التراث العظيم في الوقت الذي نجد فيه القوالب الأخرى مثل الافتتاحية والسيمفونية والكونشرتو قد اتخذت، مسارات تجريبية شديدة البعد عن جذورها العريقة


الكونشرتو Concerto

برز في الفترة الباروكية شكل موسيقي خاص بالآلات الموسيقية هو شكل ( الكونشرتو ) ليفتح به صفحة جديدة تبشر بما ستكون عليه الموسيقى، تلك التي تبدع فيها الآلات الموسيقية التي تحل محل الصوت البشري والايطاليون هم مبتكرو هذا اللون من التأليف في عصر الباروك على امتداد قرنين ، من الزمان تقريبا من سنة 1550- 1750
وعصر الباروك يعني عصر الزخرفة والتحلية والتأنّق والفخامة في المباني والنحت والرسم وسائر الفنون ومنها الموسيقى .. وكان لتطور آلة (الفيولينة ) كآلة صادحة رقيقة شادية تتمتع بقدرات هائلة في التعبير ولها تأثير كبير على تطور أشكال التأليف الموسيقي الغربي , إذ بلغ تكنيك العزف عليها مرتبة من التقدم والرقي مما دفع بالموسيقيين في القرن السابع عشر إلى التوسع والتفنن في طرق الانتفاع بهذه الآلة الجميلة ـ وحدها ـ أو مجتمعة بغيرها من الآلات الوترية في الأوركسترا

و الكونشرتو أشهر القوالب الموسيقية الكبيرة و أقربها إلى قلوب المستمعين لأنه القالب الموسيقي الذي يتضمن أكثر من غيره تجسيدا للحوار و الدراما و البحث عن الحقيقة بافتراض الشيء و نقيضه

كلمة كونشرتو مستمدة من فعل إيطالي معناه (المشاركة أو المباراة في العزف)
والكونشرتو على نوعين

1 - كونشرتو الآلة واحدة (كونشرتو الكمان بمرافقة الفرقة الموسيقية) أو (كونشرتو الفلوت بمرافقة الفرقة الموسيقية) وهو يكون الدور الرئيس لهذه الآلات (الكمان أو الفلوت)

2 - الكونشرتو جرسو الكبيرة ، Concerto Grosso مؤلفة موسيقية لأكثر من آلة واحدة بمرافقة الفرقة الموسيقية حيث تلعب كل آلة دورا بارزا في هذا العمل الموسيقي، وفيه تقوم بمهمة العزف مجموعة كبيرة من الآلات الوترية , وتقابلها مجموعة صغيرة , والمجموعتان تتشاركان وتتباريان في العزف , لان كلمة كونشرتو ايطالية مستمدة من فعل المشاركة والمباراة
إن تسمية كونشرتو روسو ونسبتها تعودان إلى الموسيقى الإيطالي ( كوريللي )

و الكونشرتو كما نعرفه من أعمال عباقرة التأليف الموسيقي الكلاسيكيين عبارة عن عمل كبير لآلة منفردة مع الأوركسترا الكامل ، و تقوم هذه الآلة بالدور الرئيس في حوارها مع الأوركسترا الكامل لأن الكونشرتو يكتب أساسا لإلقاء الضوء على الآلة المنفردة فيقال كونشرتو للبيانو أو للكمان أو غيرها مع الأوركسترا ففيه تستعرض الآلة إمكانياتها بأقصى طاقتها على يد عازف بارع متمكن من أداء كل مايكتب للآلة مهما كانت صعوبته. و الكونشرتو هو أيضا تمجيد للعازف المنفرد الذي يفني حياته في التدريب الشاق و الدراسة الطويلة الجادة من أجل الوصول إلى مستوى الأداء المطلوب و يسمى مثل هذا العازف فيرتيوزو أي العازف البارع جداً و يسمى أحيانا سوليست و أحياناً اخرى كونسرتست.
و قد استعملت الكلمة بهذا المعنى في أواخر القرن السادس عشر و حتى منتصف القرن السابع عشر عندما كانت مقطوعات الموتيت للكورال و الارغن الديني تسمى بالكونشرتو الديني كما هو الحال في مؤلفات ( جابريللي - و بانكيري - و شوتس ) الذي كتب أعمالاً صغيرة للكونشرتو الديني لا تزيد عن كونها أعمالاً من الموتيت (Motett) ( وهو نوع من ألاحان الدينية . تؤدى بواسطة مجموعة من الآصوات المختلفة تبعاً لنظام الترديد (Canon) . والكانون هو مصطلح يطلق على الجملة التي تحلق في أوضاع متقابلة .) للكورال بمصاحبة الارغن
وفي الكونشرتو جروسو تستهل الحركة الأولى بلحن بسيط واضح تقدمه المجموعة الاوركسترالية الكبيرة , ثم يتلوه جزء انفرادي , فتقدم المجموعة الصغرى (الكونشرتينو ) لحناً آخر , وهكذا تتطور الأدوار بين المجموعتين , ويتداخل العزف بينهما , ثم ينفصل الى العزف الانفرادي للمجموعة الصغيرة , وتتم العملية من عرض إلى نشر

و الإستعمال الأول لكلمة كونشرتو كقالب تعزف فيه الآلات الموسيقية كان في عام 1686 عندما نشر ( توريللي ) ماسماه كونشرتو الحجرة لآلتين من الكمان و آلة باص و سار على نهجه أساتذة الكمان الايطاليون مثل ( كوريللي و جيميناني و فيفالدي ) فكتبوا من أعمال الكونشرتو عدداً وفيراً يشبه السوناتا كان يتميز بمجموعة صغيرة من الآلات الوترية تعزف معاً و تسمى منفردة تتحاور مع المجموعة الكاملة للأوركسترا و تسمى ريبينو أي الكامل فكانت عناصر الدراما الموسيقية تتواجد بين المنفرد و الجماعي و المنفرد كان يعني عازفين أو ثلاثة أو اربعة أو خمسة و الكامل يعني كل الأوركسترا .
__________________

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved