كشف العلماء طريقة جديدة لكبح المناعة الذاتية وتحفيز الجسم على محاربة السرطان . تستعمل هذه الطريقة مساراً قابلاً للاستهداف كان مجهولاً سابقاً للتلاعب بالخلايا المناعية، يتعلق الاكتشاف الجديد بجزيئة اسمها «تيترا هيدرو بيوبترين»، علماً بأنها معروفة بالنسبة للباحثين الذين يحللون المعطيات البيولوجية للدماغ والجهاز العصبي، ويكشف البحث الجديد أن جزيئة التيترا هيدرو بيوبترين تؤدي دوراً لم يكن معروفاً سابقاً، إذ تسهم في السيطرة على نمو الخلايا التائية في جهاز المناعة .
تشير الخلايا التائية إلى خلايا الدم البيضاء التي تبحث عن مُسببات أمراض مضرة وتهاجمها، مثل الفيروسات والجراثيم والخلايا الفاسدة، وحتى تلك التي قد تُسبب السرطان .
المشرفون على الدراسة باحثون من «معهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية» في «الأكاديمية النمساوية للعلوم»في فيينا، فضلاً عن باحثين آخرين من «مستشفى بوسطن للأطفال» في «ماساتشوستس». ونُشرت النتائج حديثاً في مجلة «الطبيعة» .
يقول أحد المشرفين على الدراسة، جوزيف بينينغر، المدير العلمي والمؤسِّس لمعهد التكنولوجيا الحيوية الجزيئية: «يتعلق جانب مدهش من اكتشافنا بقدرة جهاز معروف في علم الأحياء العصبي منذ عقود على أداء دور محوري في علم أحياء الخلايا التائية. تربط النتائج بين جهازَين مختلفين بالكامل داخل الجسم. كان مدهشاً فعلاً أن نكتشف أثر هذا اللاعب الأساسي الجديد في علم أحياء الخلايا التائية. ما كان مثيراً للاهتمام بشكل خاص هو الاكتشاف المرتبط بكيفية السيطرة على نمو الخلايا التائية مقارنةً بطريقة تنشيط الخلايا» .
السرطان والمناعة الذاتية
يُفترض أن تُمهد هذه النتائج لمجموعة متنوعة من الاستعمالات الطبية، بدءاً من السيطرة على أمراض المناعة الذاتية والربو والحساسية، وصولاً إلى ابتكار طريقة جديدة لإطلاق مناعة مضادة للسرطان .
أصبح تسخير آليات الجسم الشفائية لمحاربة الأمراض مجالاً سريع النمو في أوساط الأبحاث الطبية. فاز عالِمان بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب لعام 2018 بعدما طوّرا مقاربة لمعالجة السرطان عبر تحفيز القدرة الكامنة في جهاز المناعة للقضاء على خلايا الأورام .
بدأ هذا النوع من الاكتشافات يطلق ثورة فعلية في طريقة معالجة مرض السرطان الذي يصيب ملايين الناس عالمياً ويؤثر بشدة في المجتمعات .
قد تنجم الأمراض أيضاً عن فرط نشاط جهاز المناعة أو سوء توجيهه. ثمة أكثر من 80 نوعاً من أمراض المناعة الذاتية، وتنشأ هذه الأمراض لأن جهاز المناعة يهاجم النسيج السليم عن طريق الخطأ باعتباره مصدر تهديد.
تتعدد أمراض المناعة الذاتية الشائعة، من بينها مرض التهاب الأمعاء، والنوع الأول من السكري، والذئبة الحمامية الجهازية، والتهاب المفاصل الروماتويدي .