الطريق إلى الحَيْ

2010-01-06

 الطريق إلى الحَيْ
02/10/2009
"هذا العراق نُحبّهُ صَحْواً، وإنْ غَبُرْنَ كذالكا"
(مظفر النواب - نقرة السّلمان)

هذا السراج الذي يُضيء على هذا المتن، من قصيدة طويلة، غنائية واسرة، للصديق الشاعر مظفر النواب، ألقاها ذات ليلة صيفية، على مجموعة من السجناء المدنيين والعسكريين، بسجن نقرة السلمان الشهير الذي يقع بالصحراء على الحدود العراقية السعودية.

إنها قصيدة ذات أصوات متعددة، من بين قصائد أخرى، استخدم فيها النواب، شاعر العامية العراقية المجدّد، والمجدّد، والمجلّي، العربية الفصحى.

وهي نص كله هيام بالعراق.

ولدى الجيل العراقي الذي جاء بعد جيل الخمسينات، حيث بدأ مظفر وغيره، رحلتهم الشاقة في الفن والحياة، أي جيل الستينات، كان الهم الوطني حاضراً، مثلما كان التوق للجمال والتجدد ماثلاً أيضاً.

وَمِن بين مصادر أخرى، كان تاريخ العراق الحديث حاضراً، مع بداية تأسيس الدولة العراقية سنة ،1921 عندما استقدمت قبائل الجنوب والوسط، ولحق بها بعض مجموعات الأكراد، الأمير فيصل بن الحسين، حيث مَلّكوه عليهم.

في وسط العراق مدينة مشهورة هي الكوت. وحين يجيء ذكر الكوت، تأتي محافظة "واسط" التي هي الإقليم الكبير.

وحتى نتحدث في شأن الكوت أو واسط، تبرز مدينة الحَيْ، وهي قضاء مشهور، شهرة دجلة.

قبل ثمانٍ وعشرين سنة، اطلع قراء "ذاكرة المستقبل" على حكاية مدينة الحي، بين مصدق ومذهول. وقال بعض القراء: هذا أمر عجيب.

غير أن الأعجب، ولكن من زاوية أخرى، هو انسياق أجهزة الإعلام العربية، خلف خبر بثّته وكالة غربية من العراق، أو مجموعة صحافية يمولها المحتل الأمريكي من داخل العراق، حول امرأة فقيرة، لكنها عصامية، ولم تمدّ يداً لغير الله.

دعونا عند تاريخ الحي غير البعيد، لأنه أصل حكاية اليوم.

في نهاية النصف الأول من القرن الماضي، وحين كانت مصر تقود حركة التحرر العربية، كان العراق يغلي ضد سياسة الأحلاف الأجنبية، وكان لقضاء الحي دور خطير في هذه الحالة، حيث ثارت المدينة الصغيرة على السلطات الإقطاعية، وتمكن

الثوار من السيطرة على المدينة، وارتفعت الشعارات الوطنية والقومية في شوارعها. غير أن الكثرة القوية تغلب، مؤقتاً، القلة غير القوية. وكانت النتيجة فشل الحركة الاعتصامية، وإعدام اثنين.

وفي يوم 14 يوليو/ تموز ،1938 استعاد العراق كرامته.

قبل يومين سربت إحدى وسائل الإعلام خبراً عن "اكتشاف" امرأة عراقية عمرها 70 سنة، تعيش كما يعيش ناس "العصر الحجري" في كهف بمدينة الحي، في صياغة تفيد بأن الأمريكان سيعيدون العراق الى العهد ما قبل الصناعي، كما قال "بيكر" ذات يوم.

جمعة اللامي
www.juma-allami.com

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved