الطاولة المستديرة

2012-10-25

لا تستغرب يا عزيزي إن قلت لك: إنني أعرف الديمقراطية، بل أعشقها رغم أنني من مواطني العالم الثامن.. أقصد الثالث، لكني أسكن إحدى الغرف في الطابق الثامن.. وهنا عليّ أن أحذرك من مغبّة الظن بأنني أسكن في الطابق الثامن لأن راتبي لا يسمح لي باستئـجار غرفـة في الطابق الأول أو الثانـي أو حتى السابع.. بل لأني وزوجتي مؤمنان بالسطح القائل..أقصد بالشطر القائل (كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاَ)..ثم إن الارتفاع يخفف من الجاذبية الأرضية، فنسمو حينئذ بجوهرنا الروحي، أما ازدياد الضغط الجوي فلم يكن بالحسبان ...
على أي حال، فقد قدر للجاذبية، بالرغم من ازدياد الضغط الجوي وتواتر زاوية الميل و الانحراف، أن تجمع رأسينا ..  ربما لأنهما يحملان الأفكار نفسها.. عن الحرية والديمقراطية والحب ودافعة أرخميدس .. ولأنا ديمقراطيين، فقد قررنا عدم إدخال التوتر العالي إلى منزلنا لئلا تتكهرب علاقتنا الزوجية، فتعمل دافعة أرخميدس عملها في إبعادنا عن بعض . كما قررنا الجلوس إلى طاولة مستديرة، ومناقشة المشاكل الطارئة على بيتنا الأبيض (مع وجوب التحذير هنا بأن بيتنا الأبيض لا علاقة له بأمريكا ) .. كما قمنا بسد شقوق الجـدران لئلا تتجاوزها مشاكلنا( هذا بالطبع..إن وجدت) .

لكـن يبدو أن المخططات الرأسمالية بدأت تنخر رأس زوجتي، فقد طلبت مني بعد شهـر واحد من زواجنا شراء غسالة...وبعد ستة أشهر شراء براد، ولما حاولت أن أشرح لها أن هذه ليست إلا مخططات صهيونية غايتها غسل أدمغتنا وتجميد عواطفنا استنكرت و شجبت اعتراضي بعنف وأعلنت مقاطعتها، ثم اعتصمت عند أهلها واعتصمت بحبل الله.. ولما قمت بمراجعة الإشكالات التي لم تخرج من شقوق الجدران إلى الجيران فحسب، بل إلى المدينة بأكملها، وجدت أن الولايات( عفوا)ً...الجارات لما حاولن التدخل كانت أزمة الزوجين قد وصلت المحاكم، وانتهت بالطلاق.
وفي جلسة أحادية قمت باسترجاع شريـط الأزمة والسبب في عدم جلوسنا إلى طاولة مستديـرة للقضاء على فيروسها قبل التسلل من شقوق الجدران، وجدت أن المشكلة الأساسية ليست انعدام الديمقراطية. فقد كنا ديمقراطيين كما أسلفت ، لكن المشكلة الحقيقية... هـي عـدم امتلاكنا طاولة مستديرة...أوحتى مستطيلة .

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved