ما هو فحص "السكر التراكمي" ؟

2017-04-19
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3bc41e19-6d27-4dad-bdeb-fa3e9afece9f.jpeg
 
تتطور المدارك العلمية بمقتضى تراكم المعرفة . فمن المؤكد ان العلماء يعملون ومنذ مئات السنين على سبر اغوار الكثير من الأمراض والاقتراب من الغازها العديدة، بما فيها وسائل متابعتها والتي تبدو انها اصبحت تخطو خطوات واثقة بفضل تقدم العلوم الطبية التكنولوجية والثورة الالكترونية، وعديدة جداً هي تلك الأمراض والحالات التي اصبح التعامل معها وفق المنظور العلمي الحديث، على سبيل المثال: تشخيص الحمل كنا في السابق نعتمد على تحليل الادرار وبعد مرور ما لا يقل عن اسبوعين عن انقطاع الدورة الشهرية، أصبح الآن من الممكن معرفة ان المرأة حامل في الأيام القليلة الأولى من خلال تحليل الدم، ومثال أخر فالطب لم يك يعرف بالرنين المغناطيسي والمفراس والأشعة السينية الألكترونية ..وغيرها التي غيّرت وجهة تشخيص ومعرفة سير الأمراض والحالات المختلفة.
وحتى الأدوات والأجهزة المختبرية قد تطورت هي الاخرى بحيث لا يمكننا الشك بدقة المعلومات التي تعطيها، ومن تلك الأجهزة التي لم تكن معروفة هو جهاز فحص نسبة السكر التراكمي.
في السابق كان الأطباء والمحللون يعتمدون على التحليل اليدوي باستخدام مختلف المركبّات والمحاليل لمعرفة كمية السكر الموجودة في كل مئة مللتر من الدم، وكان التحليل يأخذ وقتاً طويلاً وقد يصل الى ساعات بحكم  طبيعة التحليل نفسه وكذلك بسبب كثرة التحاليل والمراجعين، أما اليوم فأن أجهزة فحص هذه الكمية بالأجهزة الالكترونية الحديثة والى جانب دقتها، تجدها تختصر الزمن الى مَدَيات قياسية. كما ان تحليل وجود السكر في البول كان من اهم التحاليل التي يعتمد عليها في معرفة مستوى السكر في الدم قد تجاوز الـ 180 ملغم/ سي سي (عتبة تسرب السكر الزائد من خلال الكليتين)، الاّ أن هناك تحاليل اصبحت تشخص تشخيصاً دقيقاً مستوى السكر وتجاوزه العتبة الكلوية.
ولما كان الانسان هو هدف العلم والعلماء، وبالتأكيد تبعاً لذلك لابد انهم يكرسّون جل وقتهم لصحة الإنسان فقد اصبحت مفاهيم جديدة هي الشغل الشاغل لهم، ومن تلك المفاهيم، كيف تسير دورة حياة المرض (ان صح التعبير)، الغاية منها توفير بدائل تحصّن الإنسان من مضاعفات تلك الأمراض وخصوصاً المزمنة منها، ولأجل التوصل الى فهم علمي دقيق في كل ما هو متعلق بداء السكري، فقد ابتكر العلماء اختباراً جديداً مهماً جداً، وهو ما يُطلق عليه فحص (السكر التراكمي)، وبالتالي فقد أصبحت لدينا التحاليل التالية الخاصة بداء السكري:
1.   تحليل كمية السكر في الدم العشوائي .
2.   تحليل كمية السكر في الدم بعد الصوم.
3.   فحص تحمّل الكلوكوز.
4.   فحص الادرار.
5.   تحاليل هورمونات معينة.
6.   تحليل السكر التراكمي، [ أو ما يعرف بالهيموكلوبين السكري(وهو موضوعنا الحالي)].
تحليل السكر التراكمي: هو قياس كمية السكر المرتبط بالهيموكلوبين ويرمز له  HbA1C ، يستخدم لـ :ـ
أ‌)    تشخيص مرض السكري في الكبار والأطفال.
ب‌)   مدى انتظام مستوى السكر في الدم.
ت‌)   يعطي الدلالات والمؤشرات على احتمالية الاصابة بالمضاعفات، فقد تبين للعلماء أن مقدار زيادة نسبة السكر التراكمي عن المعدل بـ 1% ، فأن ذلك يعني زيادة نسبة المضاعفات 25%. من تلك المضاعفات النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الكلى والاعتلال العصبي وتأخر شفاء الالتهابات الجرثومية  وغيرها.
ان زيادة السكر في الدم (ولأي سبب كان) تجعله يرتبط  بأواصر خاصة بجميع بروتينات الجسم ومنها جزيئة بروتين (الكلوبين) الموجودة في مكوّن الـ (هيموكلوبين)، والهيموكلوبين هو تركيب بايوكيمياوي (بروتين + صبغة) معقد جداً تحمله الكريات الحمراء، يرتبط بحياة تلك الكريات والبالغة كمعدل ثلاثة أشهر.
ولما كان السكر الفائض او الزائد يرتبط بالهيموكلوبين، لذلك فأن قياس كمية السكر المرتبطة به يعطينا فكرة عن مستوى السكر خلال الشهور الثلاثة.
وكلما  زادت هذه النسبة فأن ذلك يعني ان مستوى السكر غير منضبط ، وبنفس الوقت فهو مؤشر للأحتمالية العالية للإصابة بمضاعفات داء السكري.
لقد اصبح هذا الفحص من الاهمية بمكان بحيث عدته منظمة الصحة العالمية الاختبار رقم واحد من بين تحاليل السكر لدى المصابين به او للمرشحين الاصابة به، ولكنه في جميع الاحوال لا يغني عن التحليل المنزلي الذي يجب ان يكون منتظماً وباستمرار.
ولأجل معرفة وقت اجراء هذا التحليل وكم عدد المرات التي يتم إجراءها فلابد من لمحة سريعة عن أنواع داء السكري.
السكري نوعان:
 الأول/ وهو المعتمد على الأنسولين في علاجه وهو يصيب الاطفال وكذلك الكبار الذين تتحول طبيعة العلاج لديهم (من النوع الثاني والذي هو عبارة عن تناول الحبوب وليس زرق أبر الأنسولين).
الثاني/ وهو الذي يصيب الكبار ويعتمد في علاجه على الحبوب المحفزّة للبنكرياس (تحفز البنكرياس لفرز الأنسولين الطبيعي الى الدم)، وكذلك على الحبوب المساعدة والتي تتعامل مع نسبة السكر المرتفعة في مجرى الدم.
وكلا النوعين محكوم بالحمية الغذائية بطبيعة الحال. ان هذا التحليل يمكن أجراؤه في أي وقت ودون الأخذ في الاعتبار أن المريض قد تناول طعامه أو لا.
وألان اذا كان مستوى السكر  غير منضبط ومن النوع الاول فنحتاج اجراء هذا الفحص اربع مرات سنوياً، اما اذا كان مستوى السكر منضبط ومن النوع الثاني فيجرى هذا التحليل مرتين بالسنة واذا كان مستوى السكر غير منضبط ومن النوع الثاني ايضاً، فيمكن اجراء هذا الحليل 3- 4 مرات سنوياً. وهذا لا يعني التقيد بهذه الصيغة بشكل مطلق، فالطبيب المعالج هو الذي يحدد ذلك.
•     المستوى الطبيعي لسكر الهيموكلوبين في الانسان الطبيعي 4.5 – 6% .
•     اذا كانت النسبة 5.7 – 6.4 % فهذا مؤشر على المرحلة ما قبل الاصابة بالسكري، او ان الشخص مرشح قوي للإصابة بداء السكري.
•     اما اذا كانت النسبة 6.5% في اكثر من فحص فهذا مؤشر على الاصابة بالسكر.
المهم ان تكون نسبة تحليل HbA1C بحدود 6,5 – 7% للمصابين بداء السكري وهم تحت تنظيم مستواه، أما بالنسبة للحوامل فالمطلوب ان لا يزيد السكر التراكمي لديهن عن 6,5 % لتجنب تأثير السكر على الجنين
ان ارتباط السكر الفائض او الزائد مع الجزيئات البروتينية قد لا يؤثر تأثيراً ملحوظاً على المريض ولكنه (وسيلة) لمعرفة مدى تقيد المريض والتزامه بمستوى السكر لديه.
أما درجة دقة تحليل السكر التراكمي، فهي عالية جداً ولكن تلك الدقة تتأثر في حالة وجود أمراض الدم كالأنيميا على مختلف أنواعها المكتسبة والوراثية.
وهناك علاقة بين ارقام الفحصين، الفحص التراكمي والفحص ألاعتيادي او بين مستوى الهيموكلوبين السكري ومستوى السكر في الدم، وكما موضح فيما يأتي:
اذا كانت نسبة الهيموكلوبين السكري 5% فأن سكر الدم تكون 80 ملغم/100 سي سي
              6% ــــــــ 120 ملغم/100 سي سي
              7% ـــــــــ 150 ملغم/100 سي سي
               8% ــــــــــ 180 ملغم/100 سي سي
               9% ـــــــــــــ 210 ملغم/100 سي سي
               10% ــــــــــــــ  240 ملغم/100 سي سي
                11% ـــــــــــ 270 ملغم/100 سي سي
                12% ــــــــــــ 300 ملغم/100 سي سي
إن هذه الأرقام العالية (150 فما فوق) ، تدل على أن مستوى السكر في الدم وخلال الأشهر الثلاثة الماضية كانت مرتفعة، وحينما تكون مرتفعة بمعنى أن كل خلايا الجسم تتأثر بالفعل التخريبي للسكر العالي أو الفائض على الخلايا والأنسجة، وهذا بحد ذاته يكون مدعاة للاحتراس والحذر وكلما زاد المستوى، كلما كان التخريب أوسع وأسرع وأخطر.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved