مَزْمُورُ الرّثاءِ الأَخِير!

2012-08-21

يَا شَمْسُ يَا أُغْنِيّةً لِلأَرْضِ إِذْ تَزْهُو عَلى أَلْحَانِها
يَا كُسْوَةَ الْفُقَراءِ وَالشّفَةِ الّتي حَنّتْ إلى أَلْوانِها
وَستَطْلُعِينَ مِنَ الْغُرُوبِ بِلا غَدَائِرَ تَمْشُطِينْ
أَوَ تَذْكُرِينْ ؟
هُدْبَ الْحَدائِقِ كَيفَ تَرْنُو لِلسّماءِ وَتُدْفِئينْ
وَرْداً يُعَبّأُ في الأَواني لِلْمَراقِصِ وَالنّوادِي وَاللّقاءْ
وَاللّونُ عَرّسَ في الْخُدودِ وَتَسْكُبِينْ
حَبَّ النّدَى حِينَ الْعِناقِ مَعَ الضّحَى
فَلْتَنْظُرِي أَرَقَ الْجُفونْ
لَيسَتْ تُقاوِمُ مَنْ أَتَى يَخْتارُ لَونَ ضَرِيحِها
وَتَهَيّأَتْ لِلرّمْسِ هَوناً لا تُجادِلُ مَنْ يَخُونْ
أَبْناؤُنا قُمْصانُ خَوفٍ نَرْتَديها لِلْبَقاءْ
وَانْشَقَّ بَحْرُ شُعوبِنا فَتَعَطّلَتْ سُفُنُ الْعَطاءْ
وَاللّعْنُ يَخْلَعُ سِتْرَهُ لا يَسْتَحي مِنْ سَوءَةٍ حَطّتْ عَلى عَرَقِ الْجَبينْ
الأَمْرُ جاءْ
يَا شَمْسُ هَلْ تَتَعَذّرينَ عَنِ الْخُروجْ
فَتَوَضّئِي، قَرُبَ الْقَضَاءْ
طُوبَى لِمَنْ رَفَضَ السّياحَةَ في رِواقِ الأَثْرِياءْ
وَتَقَلّبَتْ أَرْكَانُهُ في ظِلِّ سَجْداتٍ على نَغَمَ الإيابْ
عَجّلْ أُفُولَ الشّمْسِ يا اللهُ..
مَا عادَتْ غُصُونُ الْبَيتِ تَنْهَلُ مِنْ تَرانِيمِ الإخاءْ
نَدْعُو إلى الأَنْداءِ وَالصّحْبُ اخْتَفَى
فَتَنُوا عُيونَ الْوَقْتِ وَانْجَرَفُوا مَعَ اللّغَةِ السَّرابْ
فَزِعَتْ شَوارِدُنا مِنَ التّاريخِ..
تَاهَتْ في الْمَحابِسِ وَانْغِماسٍ في الظّلامْ
وَتَناوَبَتْ فينا الْخُطوبُ وَدَنْدَنَتْ بِالشّعْرِ في كُتُبِ الرّثاءْ
لَمْ نَلْقَ في سِيَرِ الْمَجازِرِ غَيرَ أَسْبابِ الْخِصامْ
هَلاّ رَأَيتِ فُروعَنا كَيفَ الْتَقَتْ فِرَقاً عَلى غُصْنِ الْجَفاءْ
وَالْبُعْدُ يَجْمَعُنا عَلى طُرُقِ الشّقاوَةِ وَالأَنِينْ
وَعَلى رِصيفِ الْمَوتِ نَنْتَظِرُ الْمَواسِيَ مِنْ تَصامِيمِ الصّدِيقْ
وَالْحَقْلُ يَذْرِفُ وَرْدَةً في كُلِّ ضِيقْ
وَقَدِ ارْتَوَى جِذْرُ الْجَنائِزِ وَانْتَشَى عُودُ الْحَريقْ
وَنُكَحّلُ الأَيّامَ شِعْراً مِنْ تَصاوِيرِ النّساءْ
وَالشّعْبُ تَخْبُو جَذْوَتُهْ
حَيثُ الْمَواني وِجْهَتُهْ
بَينَ الْعَواصِفِ وَالْمآسِي قَبْضَتُهْ
وَهُناكَ قَدْ عَزَّ الْحَنينْ
فَتَمُوتُ أَنْجُمُ لَيلِنا صَمْتاً بِلا ضَوءٍ وَلا ظِلِّ الْوَلاءْ
يَا شَمْسُ يَا أَنْتِ الّتي غَصَّتْ فَسَائِلُها وَلَمْ تَجِدِ السّقاءْ
فَتَشَرّدَتْ في حَيرَةٍ وَتَناوَشَتْ فيها الدّماءْ
وَاشْتَدَّ فِيها عِنْدُها فَاسْتَوحَشَتْ مِنّا الْبُيُوتْ
اللهُ يا اللهُ كُنّا ظَالِمينْ
وَغُثاءُ سَيلٍ بَينَ أَودِيَةِ الأَنَامْ
في هَامِشِ الإنْسِ انْتَفَى حِسُّ الإباءْ
قَدْ حَجَّرُوا ضَحِكَ الصّبايا والْحُقولْ
فَإِذا الْخَواطِرُ لَمْ تَعِشْ في أَرْضِها
وَالشّعْبُ بِالأَحْلامِ نَاءْ
وَاجْتاحَ أَفْئِدَةَ الشّعُوبِ رِياحُ شِرْكٍ يَخْتَفِي فِيها الْحَقُودْ
مَنْ غَبَّرَ الأَنْباءَ في أَثَرِ الصّحَابَةِ وَالْجُدُودْ ؟
يَا غُرْبَةَ الْحَقّ الّتي زَلَقَتْ عَنِ الدّرْبِ الْعَتيقْ
يَارَبِّ عَجّلْ غَرْغَراتِ الشّمْسِ إِذْ كَرِهُوا أَزاهِيرَ النّقَاءْ
وَاخْتَالَ مَنْ في قَلْبِهِ خَبَثُ الطّغَامْ
فَنَرَى جَفاوَةَ قَومِنا اشْتَدّتْ عَلى وَجَعٍ رَقِيقْ
وَالشّعْرُ مَجَّ حُرُوفَهُ عِنْدَ الرّغِيفِ وَبَعْدَما وَصَلَ الْعَطاءْ
وَمَفاتِحُ التّغْريبِ يَلْمَعُ بَرْقُها بَينَ الأَيادِي وَالنّوَاصِي وَالْمَدائِنِ وَالْقُرَى
وَعَلى دُرُوبٍ ذُلّلِتْ لِمَنِ امْتَطَى سَرْجَ الْهَوَى
يَارَبِّ عَجّلْ قَدْ نَأَى وَجَعُ الضّمِيرْ
يَارَبِّ شَمْسُكَ زَفّهَا قَلَمُ السّماءْ
وَحْياً لَنا فِيهِ الْعَزَاءْ

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved