محور الشر عند المفسدين

2008-10-01

الشر من وجهة نظر الإنسان هو كلما يضره أو يضر مصالحه أو يشجع أعداءه عليه ، ويختلف محور الشر باختلاف مصادره والمهددين به، ولأن الشر لم يعد خاضعا للتفسير القيمي الذي يتصل بالأشخاص فقد صارت هناك دول بكامل شعوبها تمثل محور الشر لدول أخرى وبقية الدول صارت ضحية لصراع هذه الدول فيما بينها ...
لكنا - والحمد لله- في اليمن مازلنا نفرق بين القيم ، ونعد الشر سلوكا يصدر من أشخاص، وليس من جماعات .... ولذلك يمكن أن يكون عدوك محور شر بالنسبة إليك، لكنه ليس محور شر بالنسبة لغيرك ...
فمن هم محور الشر بالنسبة للمفسدين؟ وكيف يتعاملون معهم؟ وما نتائج هذا التعامل وآثاره؟
يتمثل محور الشر بالنسبة للمفسدين في الأشخاص الذين يرفضون فسادهم وإفسادهم إما تصريحا أو تلميحا، وحينما يلاحظ المفسدون هذا الرفض أو يشمون رائحته يكرسون كل طاقاتهم وإبداعاتهم لمعاقبة الرافضين..
ويبدأ العقاب بإبعاد العاملين الجادين والمؤهلين عن المشاركة الحقيقية في أي عمل يمكن أن يجيدونه، ويضعونهم في أعمال ليست لها علاقة بتخصصاتهم ليس بنية تطوير خبرات الرافضين في مجالات مختلفة ، وإنما رغبة في التخلص منهم وتقليص قدراتهم الإبداعية، أو حتى ينشغل الشخص الرافض للفساد (محور الشر) في مأزق التعامل مع الورطة الجديدة أو الوظيفة الجديدة ..وبالتالي ينصرف عن رقابة المفسدين والفاسدين، وتكون نتيجة هذا الوضع مكلفة للمؤسسة، ومدهورة للخدمة التي تقدمها، وبالتالي تصبح سمعة المؤسسة على كل لسان...
وقد يكون عقاب الرافضين للفساد والمفسدين بتهميش أدوارهم والتقليل منها، حتى وإن كانت ماثلة للعيان، فتراهم يعملون ليل نهار من أجل خدمة مؤسساتهم وفي الأخير يعمل المفسدون على تجاهل منجزات العاملين، فلا يظهرونهم في الواجهة ولا يكرمونهم ولا يسال عنهم أحد، ويكون أثر ذلك إصابة العاملين الجادين بالإحباط الذي يتطور إلى انعدام الولاء للمؤسسة، ثم الرغبة في الهجرة خارج الوطن بكامله..
وقد يكون عقاب الرافضين للفساد والإفساد بأكل حقوقهم والاحتيال عليهم بحجج وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان، فيقوم المفسدون بسن سكاكينهم إذا ما اضطروا إلى دفع أجر العاملين الجادين تحت مبررات عديدة منها ؛ حق معاملة المكافأة وحق أمين صندوق المكافأة وحق فلان الذي مات أبوه للمرة الرابعة وحق المسكين الذي يتزوج ويطلق للمرة الرابعة ، وحق علان الذي خرج يشتري القات ودهس في طريقه طفلا ومضطر لدفع ديته ... المهم مبررات بدون توثيق ؛ وفي بلادنا ما أكثر الإبداع في اختلاق المبررات لاستلاب الحقوق!! فتكون النتيجة زيادة شهية المحتالين للاحتيال، ورغبة العاملين في النوم وعدم مغادرة البيت، أو قضاء أوقات الدوام في التجول بين المكاتب، والتخلي عن جديتهم التي لم تكلفهم سوى تعب القلب والعقل.
حقيقة هناك استراتيجيات مختلفة يستخدمها المفسدون بإتقان لمعاقبة محور الشر من وجهة نظرهم في المؤسسات العامة بالذات؛ ومن هذه الاستراتيجيات استغلال جهود الآخرين العاملين الذين يحبون الوطن فيكلفونهم بعشرات المهام لإنجازها ثم بدلا من مكافأتهم يقوم المفسدون إما بالتقليل من شأنهم أو احتقار ما قام به العاملون ، أو باتباع سياسة التطفيش والمماطلة عند طلب المستحقات وفي كل الحالات يبدي المفسدون امتعاضهم من العمل ، فييأس العاملون من جدوى عملهم، وحين ينسونه، وينسون الجهد الذي بذلوه في العمل، يفاجأون بان هذا العمل قد ظهر على مستوى إعلامي كبير داخل المؤسسة وباسم أحد المفسدين الذين تآمروا على العاملين الحقيقيين، وتكون النتيجة انتفاخ بطون وغرور المفسدين، أما العاملون الجادون فإما المواجهة وبالتالي استبعادهم تحت مبرر الخروج عن نظام المؤسسة، أو الذهاب لمصحة تؤهلهم من جديد ليستوعبوا ما يدور في واقعهم الذي يسير وفق شعار(لا يصح إلا الخطأ ) ، أو تفويض الأمر لله -سبحانه وتعالى- وهو من سيأخذ بثأرهم، ونحمد الله أنه يظهر كل يوم للعيان هذه الأيام أن الله سريع الحساب.

لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم


د/ سعاد سالم السبع
كلية التربية - جامعة صنعاء

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved