مجموعة سعد الجادر الصياغية مسئوليتنا في الحفاظ على أثمن مجموعة إسلامية

2009-08-16
مجموعة سعد الجادر الصياغية مسئوليتنا التاريخية في الحفاظ على أثمن مجموعة إسلامية
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/dab34758-6b7a-47d2-85a0-f9da9f0b21ca.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/3f2e1c89-5941-486f-8b0b-b159ba3e76c6.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/bf95813f-345d-4754-83fa-0a0b63643021.jpeg //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/2f3bdbcb-6f6e-4dd7-8427-cd37f33cd1ba.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/f6854001-5a12-4f9a-8dbf-61428013a81d.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/8f41dbc0-303c-40a4-b8cd-f85748cb2c6c.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/00b2ab0a-4e6d-450a-bd8e-b0524c3a98bc.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/7b4897f9-fbb2-4233-930d-f6b813b9e3ea.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/bae89be1-58e9-4507-9cf2-b02fae84ff15.jpeg  //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/34953aa9-1ce8-4549-9fc6-c753741dcd68.jpeg
فاجأنا سعد الجادر صاحب أكبر وأثمن مجموعة شاملة من المصوغات الفضية المنتقاة من البلاد العربية والإسلامية بأنه في آخر مراحل التفاوض مع جهة خارج العالم الإسلامي لتوثيق مجموعته الفريدة من نوعها واقتنائها, عدا تحف الصياغة العراقية التي يرغب أن تكون نواة مؤسسة فنية عراقية هدفها المنفعة العامة وتمول من ايرادات بيع المجموعة.
ويبدو انه قد اضطر الى ذلك بعد أن كاد ييأس من تحقيق طموحه بأن تأخذ احدى الحكومات أوالهيئات العربية والأسلامية على عاتقها مسئولية اقتناء المجموعة والحفاظ عليها والأستفادة منها كتراث فني وثقافي , رغم أنه ذكر بوجود بعض الوقت أمام هذه الجهات.
وفي نفس الوقت طالعنا بمبادرة متميزة, تضمنت أعلان وصيته بضم كامل مجموعته النادرة الى المتحف العراقي في بغداد في حالة وفاته وتعذر تنفيذ مشروعه الحالي, فضلاً عن كامل لوحات أخيه الراحل الفنان الكبير خالد الجادر, مع مكتبته في لندن وبغداد. وبعد الدعاء له بالصحة وطول العمر, نشير الى أن هذه الوصية قد لاقت تقديراً كبيراً لدى جميع الفنانين والمثقفين, ونرى أن النداء المذكور وهذه الوصية يستحقان منا التأمل وفهم المعاني الثقافية والإنسانية العميقة وراء ذلك.
ان الكثير ممن عرف المهندس سعد الجادر يعلم كيف أنه أفنى شبابه وكم بذل من جهد وتضحيات لجمع هذا الكنز الضخم والمتنوع من المصوغات الفضية قطعة قطعة والحفاظ عليها لانقاذ هذا التراث القيم من الضياع والاندثار. وبالرغم من ذلك فأنه يسارع الى هذه المبادرة مؤكداً وبدون أي تردد بأنه ينظر إلى مجموعته على أنها ليست ملكاً شخصياً وبأنه يحب أن تكون ملكية اسلامية وانسانية مشاعة يستفاد منها الجميع. وفي هذا التوجه معاني عميقة منها صفاء الروح والنظرة الإنسانية والوطنية الدالة على محبة وطنه وأبناء بلاده.
انني كبقية الحريصين على التراث الفني والثقافي أشعر بالمسئولية, وأشعر بأنه تقع على عاتقنا جميعاً حماية هذا التراث الفريد من نوعه ونسعى الى توظيفه لخدمة الثقافة العربية والاسلامية, قبل أن تضيع الفرصة, فالزمن يمر والدولاب يدور, ولا ندري ما ذا يخبئ المستقبل.
ان نداء سعد الجادر يتطلب الاستجابة والتحرك السريع والدعم من جهات حكومية ومؤسسات وهيئات فنية وثقافية تكون قادرة على وضع المجموعة في متناول شبابنا للاحساس بهويتهم واصالة تراثهم ويستقوا منها العبر وليواصلوا حمل رسالتها والاستفادة منها في جهودهم الرامية للتطور العلمي والثقافي.
ومن المعلوم ان مجموعة سعد الجادر الفضية تتميز بخصائص عديدة أعطتها هذه الأهمية المنفردة وجعلتها تستحق كل الرعاية والعناية التي نتحدث عنها, ومن ذلك :
_ الحجم الضخم لهذه المجموعة التي تضم ما يزيد على أحد عشر الف قطعة فنية مخزونة في احدى المناطق الحرة في سويسرا.
_ التنوع في استخداماتها, وتأتي في المقدمة تخصيصها كحلي وزينة ( 7 آلاف قطعة ), ثم استخدامات منزلية واجتماعية كالمباخر والشمعدانات ومرشات ماء الورد ( حوالي الفي قطعة ), والمسكوكات النقدية منذ تاريخ ما قبل الأسلام ( الفي مسكوكة ), فضلاً عن السيوف والخناجر والأختام والأوسمة والمداليات العديدة.
_ التنوع في طراز الصياغة والمواد المشغولة معها, كالفضة المعشقة بالذهب أو بالأحجار الكريمة, والفضة المعشقة باللؤلؤ أو المرجان أو العنبر أو العاج, أو الفضة المعشقة بالمينا الملونة والسوداء.
_ الشمول, حيث تمتاز المجموعة بتنوع الأماكن والأقاليم الإسلامية التي صنعت أو استخدمت فيها, كشرق ووسط آسيا والقارة الهندية, والبلقان وإيران وتركيا, والعراق ودول الخليج العربي واليمن والشام, وبقية الدول العربية بما فيها مصر والمغرب العربي, فضلاً عن مختلف الأقاليم الأفريقية.
_ البعد الزمني المتنوع للمجموعة, حيث تمتد جذورها الى ما قبل ظهور الإسلام مروراً بالعصر الأموي والعصر العباسي والعصر العثماني وصولاً للعصر الحاضر.
_ المهارات الفنية العالية والإبداعات الرفيعة التي يمتلكها الصاغة الذين صنعوا القطع الفنية الثمينة, وحولوا بأيديهم الماهرة معدن الفضة الى تحف جميلة, والتي تدل على النضج الحضاري للمجتمعات العربية والاسلامية التي استخدمتها.
_ الشهرة الواسعة التي ذاعت للمجموعة من خلال عرضها في المعارض الدولية والفعاليات الثقافية المتواصلة, ومن خلال ذكرها في العديد من الكتب والمقالات عن فنون الصياغة الإسلامية التي نشرها سعد الجادر بعدة لغات ونالت جوائز وشهادات تقدير.
لقد أسعفني الحظ, حينما كنت أستاذاً ومستشاراً في السعودية, أن أحضر افتتاح المعرض الذي أقيم لمجموعة الجادر في الرياض برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز, والذي يعتبر أحد أهم المعارض الدولية الستة للمجموعة. وقد سعدت بمشاهدة أحلى المصوغات والفنون التي كانت أكثر من 700 قطعة , وأذكر منها مباخر ومزهريات ومرشات ماء الزهر وسيوف وأدوات بديعة عليها نقوش جميلة, يعود بعضها لملك العراق الراحل فيصل الأول , وهي تحف غاية في الذوق والجمال والتي تساهم في جعل العالم أفضل وأحلى في عيوننا.
وبأعتقادي أن مجموعة الجادر الفضية تستحق بحد ذاتها أن يكون لها متحفاً خاصاً يعرض هذا النوع المتميز من الفنون الاسلامية, ليعكس الوجه المشرق لحضارتنا أمام الشباب والزوار, وينشر المعرفة الفنية اذ لا يوجد لدى المسلمين متحف من هذا النوع.
ان عرض مجموعة فنون الصياغة في متحف أو مركز خاص للفنون الاسلامية والتراث الثقافي يوفر قاعدة متنوعة فريدة ويلبي حاجة الباحثين وطلاب المعرفة في مختلف المجالات الفنية والإجتماعية والإقتصادية. كما أنه يسهل مواصلة رسالة التراث الفني وتطويره ويستطيع أن يقدم رؤية جديدة للمصوغات والأعمال الفنية الراقية الى العالم ودلالات مادية ملموسة للروح الأبداعية للعرب والمسلمين وأذواقهم الجمالية.
وتكون هذه الرسالة رداً على المغرضين الذين يريدون تشويه صورة حضارتنا العريقة واتهام العرب بأنهم قوم جفاة لأن دينهم يحرم الفنون والزينة. وهذه بالطبع اتهامات ساذجة, فهل يعقل ان الدين الإسلامي أو أي دين سماوي آخر يحرم الفنون الجميلة التي تمس القلوب وتهذب النفوس والأحاسيس, في الوقت الذي يهدف فبه الدين الى إسعاد البشر. وأن العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة تؤكد على الجمال والزينة ما دامت انها هادفة ولا تدعو الى الشرك أو الرذيلة ( منها أن الله جميل يحب الجمال ) . كما أشاد عديد من علماء التاريخ الغربيين والمستشرقين المنصفين بتميز الفنون والثقافة الإسلامية ودورها في النهضة الأوربية, ومنهم جوستاف لوبون وسديو وهيوستن سمث واريك شارب. وتؤكد المساجد والنقوش والزخارف والمخطوطات والتحف الفنية البديعة المنتشرة في العالم أثر التعاليم الدينية ومعانيها الإنسانية على التعبير الإبداعي والحس الجمالي في المجتمعات العربية والإسلامية.
ولا بد من الإشارة الى أهمية أن يتحقق مشروع المركز الفني المؤمل لهذه المجموعة بوجود واشراف صاحب المجموعة المهندس سعد الجادر, حيث أنه يعتبر أكبر خبير في فنون الصياغة الفضية الإسلامية وأنه قد كسب خبرة فريدة من نوعها من خلال التفرغ لسنوات عديدة لأمرين متلازمين : جمع التحف الفضية الإسلامية النادرة, ودراسة فنون وتاريخ الصياغة الفضية وآثارها في المجتع والكتابة عنها . فضلاً عن ذلك فأنه يجمع بفضل الله بين الموهبة الفنية المتميزة والقدرة في معرفة المصوغات وتمييزها بسهولة, وساعد على ذلك أنه نشأ بين اخوة كلهم يهتمون بالفن والحضارة , وبالأخص الرسام الكبير الدكتور خالد الجادر رحمه الله.
ويبدو أنه لا تزال هناك فرصة أمام المؤسسات والهيئات العربية والإسلامية لتتحمل مسئوليتها وتؤدي دورها للحفاظ على هذه المجموعة الفريدة وحماية تراثنا وفنوننا الجميلة من التشتت والضياع لكي تلعب دوراً أساسياً في تطور الثقافة والابداع الفني. وبرأي أن مستقبل الأمة يمر عبر تراثها الأصيل, وأن التراث يربط الأنسان بحب الوطن ويعزز حرصه على الحفاظ عليه وتطويره نحو الأفضل. ونأمل أن لا يطول الإنتظار, وأن يحمل لنا المستقبل القريب بشائر وصدى للنداء ليتحقق الهدف من هذا الكنز الثقافي الفريد.
بقي أن أشير الى أن اعلان الجادرعن وصيته بضم كامل مجموعته للمتحف العراقي ببغداد في حالة وفاته قبل أن يتحقق مشروعه الطموح الذي تحدثنا عنه أعلاه له معاني كبيرة كما ذكرنا في البداية. ويبدو أن هذه الوصية عنده بمثابة احتياط ولا بد انه يدرك بأن ظروف العراق وخاصة الأمنية لا تساعد على تنفيذ مثل هذه المبادرة المخلصة. ولهذا فأنه قد وضع بعض الشروط لتنفذ وصيته بجعل المجموعة وقفاً خيرياً ثقافياً بأدارة المتحف العراقي ومنها موافقة اليونسكو على التعاون لتنفيذ المشروع وتوفر المناخ الأمني الملائم , ولا يسعنا إلا أن ندعو بأن تتحقق الاماني لتكون تحف هذه المجموعة الاسلامية الأصيلة في متناول الجميع.

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved