قالت لي
حدثني عن المخيم
قلت
المخيم هو القصائد المنفية
وزورق الحكايات
المخيم الأرض الثكلى
هو زهرة الحب
في الفرح
فراشة في الخيبات
رقصة الموت
المخيم وحشة الحسرة
ألواح الخراب
ملاذ الخائفون
قالت
من أين يأتي المخيم ؟
ومن أين لقلبه
هذا الطفل الشقي ؟
قلت من ضفة الضوء
من مناديل الحوريات
يمرّ المخيم ليلاً
يحضن قيده
صراخ وتراب وفراغ
نصفه دروب تنبض بالأفخاخ
ونصفه الآخر
قبور فوق القلاع
وزهرات حنّون
في المخيم تتهشّم الأعناق
والعويل بلا أصابع
ولعنة المدينة ترقص في الشوارع
ووجه الأم يهوي في الجرح
والعصافير تحلّق بعيداً
عن شجرة الغرباء
أسير في هذا الموت
يعانقني صغير ويبكي
ثم يغفو على زندي
لذاك الذبح الموغل
طعم الشرف المدفون
هذا دمنا الحزين يتعمّد
هذا الرحيل رهين الماء
وهذه الموانئ رماح
فمن يرمّم دروب المخيم
ويدق فوانيس المدى
كي نزهر
أيها الموت
انسدل خلف جثتي
طفل وضفيرة
أيها المخيم
الأفق مثقوب
ومن سبعة أبواب
دخل الطاعون
أجهشتْ بالبكاء
قالت
سمعت عن شمس سوداء
في أرض بعيدة
حين كانت النجوم
بحجم الذاكرة
وضعتْ كفي قرب أنفها
يا قلب أمك
تتّسع المسافة
قبل أن تسحبني عيناي
إلى هاوية
مضت وهي تهذي
ملعون ذاك البحر
ملعون
يعود المخيم يتوغّل
يتدحرج على وجه الماء
طيف يتلوه وشم
فوق أمنية
يطلُ المخيم
من شرفة الأوجاع
صوب حلم حزين
لا شيء يباغته
سوى الضجيج
فوق الأرصفة النائمة
لاشيء
سوى دموع الراحلين
وهم يعبرون
حسن العاصي
كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك