مباشرة بعد سقوط أول الثلوج في فصل شتاء هذا العام كانت المقطوعة الدينية " الفصول" للمؤلف النمساوي الشهير جوزيف هايدن حاضرة بقوة في الحفل الثالث من أجل المناخ في العاصمة الألمانية برلين .ويعتبر العمل الزراعي ورحلات الصيد وعلاقات الحب والاحتفالات البهيجة في العصور القديمة من بين أهم موضوعات القطع الموسيقية التي عزفتها الأوركسترا في كنيسة القيصر فيلهلم التذكارية برئاسة المايسترو اينوك تسوغوتنبرغ.
وفي مطلع القرن19،عندما ظهرت المقطوعة الدينية " الفصول" كان يعيش هايدن ومعاصريه في وئام مع البيئة الطبيعية. وحتى العواصف الرعدية الشديدة لم يكن بإمكانها تدمير النظام الإلهي، الذي كان يشعر الناس فيه بالأمان والطمأنينة.ولكن الأمر أصبح مختلفا في الوقت الحالي. ولهذا فإن فرقة العزف الموسيقية " ستاتسكابيله" تسعى إلى التوعية بحماية البيئة ومواجهة الكارثة المناخية الوشيكة، وهي تسعى لإيصال هذه الرسالة النبيلة عبر الحفلات الخيرية التي يذهب ريعها في خدمة مشاريع البيئة في مختلف أنحاء العالم. ولهذا توجه المايسترو غوتنبرغ الذي ينشط منذ عدة سنوات في مشاريع الحفاظ على البيئة للجمهورفي برلين محذرا من عواقب الاستهلاك المفرط للطاقة و خطورة انقراض أنواع كثيرة من النباتات والحيوانات.
مبادرة برعاية بارنبويم
العازف ماركوس بروغاير ورفاقه في الأوركسترا، نيكو هانجر بوبا، بوتش سيباستيان وزملاء آخرون جاءتهم قبل بضع سنوات فكرة الجمع بين الموسيقى ونشاطهم الخاص في مجال الحفاظ على البيئة. وبعدها قاموا بتأسيس جمعية" NaturTon" بشراكة مع مظمة حماية البيئة WWF .ومن خلال مبادرة "أوركسترا التغيير" قاموا بفتح صفحة على الإنترنت للتنسيق وتبادل الأفكار مع الموسيقين والعازفين من أجل بلورة مشاريع مشتركة لحماية البيئة. ومن خلال هذه المبادرة لم يستطيعوا فقط إقناع زملائهم في أوركسترا ستاتسكابله، ولكن أيضا عازف البيانو الشهير دانييل بارنبويم، الذي تولى رعاية هذه المبادرة.
وتذهب جميع عائدات هذا الحفل في كنيسة ميموريال لصالح "مشروع غابات سحرية" في إحدى المجالات الحضرية شرق برلين. وهكذا تريد الجمعية تقريب عالم البيئة والأوبرا للأطفال وتوعيتهم بأهمية الحفاظ على المناخ والنباتات. ويلقى هذا المشروع دعما مهما أيضا من شركة "غرون" برلين. والباريتون توماس كواستهوف يدعم هذا المشروع أيضا كسفير ثقافي.
وبالتعاون مع مجموعة من البستانيين والفنانين سيتم إنشاء فضاء للمغامرة الموسيقية في "حدائق العالم" في منطقة مارتسان هيلرسدورف شرق برلين، والذي يستوحى بعض معالمه من الأعمال الأسطورية للمؤلف الموسيقي الألماني ريتشارد فاغنر. وفي هذا الفضاء الخلاب، حيث تجتمع الحدائق الآسيوية الإسلامية والأوروبية يتم في الوقت الحالي تثبيت تمثال "التنين سيغفريد".
وفي العام المقبل يريد الرسام والمصمم آخيم فراير وضع تمثال آخر مستوحى من سلسلة الأوبرا"حلقة النيبِلُنغين" . ومن المقرر أيضا تنظيم "جائزة العلم الأخضر" من طرف حديقة المعرض الدولي IGA عام 2017.
حفلة موسيقية من أجل الهند
وانطلق أول حفل لحماية البيئة في مطلع سنة 2011 بمشاركة المايسترو الهندي زوبين ميهتا، الذي كان أول من الواقفين على منصة العزف. وخصصت عائدات هذا الحفل لمشروع للتنمية البيئية المستدامة في جبال الهيمالايا الشرقية، وذلك برعاية منظمة حماية البيئة WWF. وفي مايو من هذا العام لعبت عازفة الكمان المولدافية باتريشيا رفقة مجموعة ستاتسكابله من أجل دعم استعادة الغابات النهرية في وطنها الأم.
العازف بروغاير متفائل بتطور مبادرة المحافظة على البيئة حيث يقول:"لقد أدركنا أنه بإمكاننا كسب فنانين بارزين للمشاركة في الحفلات الموسيقية التي ننظمها" ويضيف:"وزملاؤنا في ستاتسكابله فخورون بأننا نشارك هنا بمبادرة إبداعية من أجل توعية الرأي العام".
وقد انضم مؤخرا إلى مجلس إدارة جمعية NaturTon الخبير الكبير هانز يواكيم شيلنهوبر، مدير معهد بوتسدام لبحوث التأثيرات المناخية. كما تجذب الحفلات أيضا الكثير من الجمعيات البيئية مثل "WikiWoods" أو "مؤسسة حماية الطبيعة" التي تشارك بحماس في الحفلات. ولهذا يأمل العازف ماركوس بروغاير في تعزيز التعاون بين الموسيقيين وحماة البيئة من أجل طبيعة صافية وهواء نقي.