منذر عبدالحر
جمعة اللامي , المبدع العراقي الكبير , إنسانا وقاصا وكاتبا متألقا أينما وضع مداد قلمه فإنه سيضيء روحا محلّقة في فضاء استثنائي من الإبداع , من منا نحن المثقفين والمعنيين بالأدب الرصين لا يعرف هذا العلم الكبير , والعلامة المميزة في الثقافة العراقيّة ؟ أنا شخصيا بدأت علاقتي معه حين قرأت له مجموعته القصصية "من قتل حكمة الشامي؟" ثم " الثلاثيات " عرفت ُ حينها وأنا الغض الباحث عن دهشته في القراءة , أن لجمعة اللامي مشروعا مختلفا عن أقرانه من قصاصي جيله , وهو يرتبط بشكل أو بآخر ارتباطا فنيا عميقا بمشروعات أعلام القصة العراقية الأفذاذ محمد خضيّر والراحلين محمود جنداري وموسى كريدي في إحدى مجموعاته التي لا يحضرني عنوانها الآن , والذي يربط هؤلاء الكتّاب رؤيتهم الكليّة للمشروع الأدبي , والنسج الواعي المبدع ضمن مضماره , مما يوفّر للقاريء والناقد معا مفاتيح لقراءة فضاءات المشروع , بأجزائه التي تمثلها القصص القصيرة , وربما تكون الكتابة التفصيلية عن هذه الموضوعة المهمة في الأدب العراقي , تتطلب دراسة تطبيقية مستفيضة لنماذج معينة من القصة العراقية .
المهم هنا أنني , لم ألتق جمعة اللامي شخصيا , وظلّت متابعتي دائمة لما يكتب في صحف الخليج العربي وفي الصحف والمجلات الأدبية العربية الكبرى , واحتفظت بأرشيفي الشخصي بعدد من صوره وكتاباته المتنوعة , حتى جاءني نبأ مجيئه إلى بغداد , والاحتفاء به من قبل فارس الثقافة العراقية وجامع شتاتها بنبل المبدع الوطني الحريص وأعني هنا الشاعر نوفل أبو رغيف مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة , قال سنحتفي بالقادم من دفء الشوق , وهجير الدموع النبيه , وسادن الألم الإنساني المبدع جمعة اللامي , فتجمع أصدقاؤه ومحبوه , وغصّت قاعة دار الشؤون الثقافية , التي صارت قريبة من قلوب المثقفين بعد أن عانت بعدا وسباتا قبل حلول نوفل أبو رغيف فيها , وكانت احتفالية جمعة اللامي متميزة بكل شيء , ثم جاء عدد مجلة الأقلام الخاص به وبأدبه بافتتاحية مميزة بقلم رئيس تحريرها المحتفي برموز الثقافة والحريص الأول على عودة رموزنا(نوفل أبو رغيف) , وشارك فيه خيرة مبدعي العراق ,وبأنتضار صدور كتاب (الكائنات) الذي يضم أهم إعماله الروائية التي اختارتها دار الشؤون الثقافية.
وظل جمعة اللامي معنا , حتى حين عاد إلى بلاده البديلة , ظل يراسلنا ونراسله , وحين عقد ملتقى قصيدة الشعر الأول في بغداد , كان حاضرا بقوة عبر رسالة رقيقة عميقة قرئت كأول برقية في حفل افتتاح الملتقى , وهو يبارك ويعزز هذه التظاهرة الثقافية الرصينة في عالم الإبداع الحقيقي , ويتمنى لنا النجاح ومواصلة الإبداع .
ولم ننقطع عنه , والفضل بذلك يعود لأخينا الحبيب نوفل أبو رغيف , فهو ينقل أخباره إلينا , كما ينقل أخبارنا له , لنجتمع به ثانية في البيت العامر لنوفل أبو رغيف , مع نخبة من محبيه من الأدباء والمثقفين , حين زار اللامي بغداد وقد آلمنا أمر مرضه ومعاناته , ووجعه الذي نشعر مرارته , وهو الذي لم يكف عن الحديث الشيّق عن هموم الثقافة والمثقفين , وجديد الأدب والإبداع وطموحات المثقفين في تحقيق الأفضل على صعيد الحياة والعطاء الإبداعي ,
لقد كانت الأمسية التي جمعتنا بالرائع جمعة اللامي , لقاء ثقافيا راقيا على درجة عالية من البوح والتعبير عن ما يريده المثقف العراقي في المرحلة الراهنة , وهذه الأمسية - الملتقى الثقافي , تكررت بمشاركة وحضور عدد متنوع من المبدعين , ومنهم من جاء البلاد زائرا بعد أن قضى سنوات عديدة في الغربة مثل الشاعرالمغترب الذي عاد مؤخرا لبغداد سلام سرحان ,وغيره من أصدقائنا الذين كانوا معنا في تلك الأمسية ومنهم الشاعر طالب كريم والشاعر جواد الحطاب والقاص حميد المختار ورئيس مؤسسة (العالم) للإعلام السيد مهدي الهاشمي وغيرهم , ليجد أجواء مختلفة عن ما يشاع في بعض منافذ الإعلام , وقدوجد إخلاصا ثقافيا وهما حقيقيا , ونوايا صادقة وطموحا اقترن بخطوات عمل جريئة , يكفي أن يكون أحد شهودها جمعة اللامي , وهو الرمز الإبداعي والثقافي المهم الفاعل في ضمير الثقافة العراقية الحي .
أمنياتنا بالصحة والعافية ودوام التألق لمبدعنا الكبير جمعة اللامي طائر الجنوب البهي.
بغداد /
الإثنين, 28 ماي/آيار 2012