أمل الركابي إحدى خريجات كلية التجارة، عملت في قطاع البنوك لسنوات عديدة، لكن ذلك لم يبعدها يوماً عن رغبتها في أن تقف أمام مساحة بيضاء تملؤها بما يؤرقها و لتستحيل الرقعة البيضاء كتاباً ملوناً تحرك عليه ريشتها فينطلق ما ينوء بصدرها ...
من بغداد الى الإمارات العربية المتحدة،إلى الأردن حيث زرعت في أروقتها معارضها الفنية، وحين أقامت معرضها الشخصي الأول في شيراتون الإمارات العربية حيث بيعت أربعين من الستين لوحة التي احتضنها المعرض، كانت فَرِحة إلا ان فرحَها كان يشوبه حزن ام انتزعوا منها فلذاتها ...
أمل الركابي التي انتخبت في العام الماضي نائبة لرئيس مركز الجالية العراقية في مونتريال، وصلت إلى كييبك منذ ما يزيد على العشر سنوات، وكانت إحدى مؤسِسات التجمع العربي للرسامين في مونتريال، والذي يعرف حالياً بإسم لولوفون ومنذ تأسيسه تعتبر إحدى أبرز المشاركات في معارضه .
تعيش أمل الركابي في مونتريال لكنها شديدة الإلتصاق ببلدها، انها ابنة العراق الذي غادرته كل هذه السنوات الطوال لكنه لم يغادرها يوماً كما تقول، وعندما اختار التجمع العربي للرسامين أن يقدم معرضه تحت عنوان ( الصرخة ) شعرت أن الموضوع هذه المرة ربما يعنيها هي اكثر من سواها ...
قدمت أمل الركابي لوحة واحدة مزدحمة بكل ألم العراق، بكل ألوان الأنين والفقد، وإذا سألت أمل الركابي من أين تبدأ اللوحة ؟ تجيبك من الشمال الحبيب ومن الجنوب، من شرق العراق بدايات لمعاناة واحدة لشعب بأكمله ...
من أعالي الشمال تبدأ حكاية الجمال الطبيعي والمياه الرقراقة متجهة إلى الداخل لتستحيل معها شيئاً فشيئاً مياه آسنة راكدة تقتل ولا تحيي ليتحول المشهد إلى صحراء بدون حياة .
جمعت اللوحة شعب العراق بكل مكوناته وبكل طبقاته الإجتماعية، بكل فئات مثقفيه وجمعت معها صرخة واحدة على ضوء شموع الأمل،ولظلمة تريد أن تبددها في بلد النفط الذي لا يعرف الكهرباء منذ سنين .
توقد الركابي في لوحتها النار لتدفئ تلك البدويات من قساوة لفح الصقيع، ضربات ريشتها كشفت النقاب عن صبايا تائهات اختصرت فيهن عذاب ملايين الأرامل يتخبطن في المجهول، رسمت أحلام أطفال محرومين من دفئ حنان الوالدين، لتعبر عن ملايين الأيتام المتعطشين الى الأمان ... الى التفاتة إنسانية تعوضهم شيئاً من قهرهم ...
لا تحاولوا أن تبحثوا عن الشباب بين مفرداتها لأنها ستخبرك : هل أبقوا لنا شباباً لنرسمهم ؟
تصرخ الحنجرة معلنة عن الألم لكنه يبقى فردياً الأ أن صرخة الركابي تحمل معها صراخ العراق أطفالاً ونساءاً وشيوخاً، عرباً، كرداً، مسلمين، مسيحيين، عمال، أطباء، وأساتذة جامعيين ...
عندما يصرخ العراق بريشة أمل الركابي، تمتزج الألوان أملاً، لعل للصرخة من مجيب .