غرباء ختمنا التراب وأنهينا التعب
خلفنا المرايا الضريرة ابتلعت الفوانيس
والأراجيح الموحشة ضجرت الانتظار
ربما كان الصراخ أهرم من ساعة رملية
والعتمة تسيل قبل الطيور والبارود
وربما ربما كانت الغابة تموت
قالوا أيقظ الشجر ضوء القمر
كنّا نخشى ألاّ يعود الصبح
فانتظرنا طويلاً على أبواب الحزن
كي يذرف الوقت لون الفرح
نرتدي دفاتر القيامة
ونضم الغيوم في جيوبنا
ويسألنا القلم هل صَدَقْتُمْ؟
كنّا كما نذكر موتنا
محمولين فوق أحزمة الملح
وخلفنا ثمر الشتاء
بيننا وبين فيض الغياب
أوتاراً حزينة بصوت مشروخ
ننتشل من رماد الشاطئ
صور الرحيل وتقاسيم القحط
نرسم بياض الحضور
على الرمل العتيق
قد كنّا هناك
في الدروب المجدولة
خلفنا صلاة الحالمين
ونوافذ تصرخ من عسف الريح
نصنع خطى في الطريق
إلى الفراغ
فينجب الرمل زهر الماء
ويشاطر وجه السماء شجر الوجع
تشدّنا البساتين لصخب الطيور
ويعتصرنا غصن الأمنيات
تجاعيد على وجه مرآة خرساء
تسألنا سوسنة الطريق
أين أنتم؟ أين وصلتم؟
كنّا مرتبكين نبحث في جناح الصقيع
عن عصافير لا ترحل وشجر جف نحره
نخمد كالغياب في حكايات النوارس
لنتوهج في وجه البحر المكتوب
قبل ميعاد الخواء زنبقة للصباح
وحدنا الغرباء
نرسم للهذيان كوّة وللشجر أفواه
نتحدث قليلاً عن ريح الوقت
والأرصفة المشاكسة مرة
ومرة نفرّ من الاسماء
كي تولد من رحم الاحتراق
لحظة لقاء
ما زلنا نتوغّل في الأحلام
حفاة الليل
لكن رؤوسنا مقيّدة من تلافيفها
والوسائد شغف جائع
لا زلنا فوق البساط الضرير
لكننا لا ننام
هذا الجنون البليد يلتهمنا
حسن العاصي
كاتب وباحث فلسطيني مقيم في الدانمرك
كم بقي للمغيب؟