قشطة

2009-05-31

 

 

 

 

 

 

 

عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، صدر للكاتب والقاص "أشرف نبوي" مجموعته القصصية الرابعة، وحملت عنوان " قشطة ".
تقع المجموعة في 148 صفحة من القطع المتوسط، وتضم ثلاثة عشر نصًا قصصيًا. تصميم الغلاف: محمود ناجيه

في المجموعة القصصية "قشطة" تتراءى لنا شخصيات "أشرف نبوي" لتنم عن قاص مبدع اختزن موهبته بين حقائب السفر والترحال، فجاءت قصصه محملة بخبرات السنين، وزخرت شخصياته بتناقضات البطل الأرسطي، الذي نحيا معه كل مشاعر الخوف والشفقة والألم... والزوج المكبل بقيود الحياة وطلبات زوجته البسيطة، ودمعة متحجرة في عيون الابن المحروم من كل شىء، إلى حلم الثراء الكاذب الذي يراوده، حين تبتهج له الحياه وينشر روايته الأولى معتقدًا أنه اجتاز بذلك أول أبواب الثراء والشهرة... وعابرًا من غرف تسكنها "طنط قشطة" هذا البركان الكامن خلف جسد مترهل بض، حتى إذا واتته الفرصة، كان أجرأ من الثوار، وأبلغ من الخطباء في الإقصاح عن ذواتهم...

هكذا كانت الشخصيات عند أشرف نبوي الذي تسربلت ذاته - رغمًا عنه - داخل النصوص، فضمن بعضًا من حياته، وسطورًا من حكايات عاشها ولا يزال داخل نصوصه التي أبت إلا أن تنتقل من كلاسيكيات السرد الأكاديمي، ومروراً بكسر التابوهات ولوي عنق الدراسات النقدية، ووصولاً إلى بلاغة القص والتشظي داخل الفضاء الإفتراضي، في سيمفونية بديعة تأخر صدورها كثيرًا، ولكن زخم التنوع يشرح باقتدار أسباب هذا التأخير.

• • • • •

أشرف نبوي

nabawy7@gmail.com

 

• كاتب وأديب مصري من مواليد الإسكندرية .
• نُشرت كتاباته بالعديد من الصحف والمجلات المصرية والعربية ، منها : صحيفة الجمهورية المصرية ، صحيفة شباب مصر ، صحيفة الحياة اللندنية ، صحيفة الرياض السعودية ، صحيفة عكاظ السعودية ، صحيفة الشرق القطرية ، صحيفة الراية القطرية .
• يكتب في العديد من المنتديات على شبكة الإنترنت.

• الإصدارات :

- ضحكات دامعة : مجموعة قصصية .
- القطار والثوب الأزرق : مجموعة قصصية .
- السماء تلامس البحر : مجموعة قصصية .
- فرار أنثى : مجموعة شعرية .
- قشطة : مجموعة قصصية . شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2009
- اللمبة الحمرا : مقالات . شمس للنشر والإعلام، القاهرة 2009

- البريد الإلكتروني : nabawy7@gmail.com

alsaaf7@hotmail.com

 

• • • • •

 طنط قشطه

لا اعرف بالضبط لماذا كنا نناديها بهذا الاسم ،، وهل لهذا علاقة بشدة بياض بشرتها وسمنتها المفرطه ،، أم ان هذا هو الاسم الحقيقي الذي اطلقه أبواها عليها ،،،
علي كل حال فلنترك أمر هذا الأسم الآن ولنتعرف على صاحبته،، سيدة أربعينيه تزين وجهها دوما أبتسامه وضاءه ،، عينين ودودتين،، بمجرد النظر إليهما ،، تستشعر إنك تعرف صاحبتهما من زمن ،، بساطتها تدخلك معها في حوار مباشر ،، مندفعه بعض الشئ برغم الهدوء الذي قد يشع من حولها ،، مثقفه بدرجه عاليه ،، تتابع الأحداث بشغف وتتفاعل مع كل حدث بطريقتها الخاصه ،، نشطة لحد مذهل ،، وبقدر إندافاعها وفرط نشاطها إلا انها تهدأ بسرعه ،، حين ترى إجتياح القوات الاسرائليه لغزه تنادي بمساندة أخوتنا في غزة ومقاطعه كل ما هو أمريكي ،، يحدث هذا صباحا ،، وتراها في المساء وقد جلست بأحد مطاعم الوجبات السريعه الأمريكيه والتي تهواها بشغف،،
حين نشرت الصحف الدنمركية الصور المسيئه لرسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) كانت أولى المنادين بمقاطعة بضاعتهم ،،، لكنها لم تلبث كثيرا حتي عادت وبررت أستخدامها لبعض تلك البضائع ،،، الضرورات تبيح المحظورات ،، وبعض هذه المنتجات في نظرها ضروريه ،،،
لم تحظ يوما بزوج رغم رقتها ودفء مشاعرها ،،، حين تسألها أحداهن عن السبب ،، تضحك وهي تحاول مدارة حيرتها مرجعة الامر للقسمة والنصيب،، رأيها ان المرأه نصف المجتمع لكن يجب ان تكون السياده للرجل والقياده لسفينة الحياة يجب أن تناط به ،، لكن لا يمنعها رأيها هذا من الانضمام لجمعيات حقوق المرأه ،،
تعشق حب وطنها ،، لكنها ناقمه على كل الساسه ،،، تظن إن التغير الجذري للقيادات الحالية سيأتي بكل خير ،،، لديها تصورها الخاص بمجتمع قائم علي العداله والمساواة .. لكنها لم تنخرط يوما في أي تنظيم سياسي او حزبي لتفعيل فكرها ،،،
تنصح كل رفيقاتها وبناتها في المدرسه الثانويه التي تعمل بها كمدرسه اولى للغة الفرنسيه بعمل حمية للمحافظه علي قوامهن ،، وهي أولى المخالفات لتلك النصائح ..
تركيبة عجيبة من المتناقضات،، لكنها تتمتع بحب كل المحيطين بها ،، وحافظة أسرار الجميع ،، الناصحة الأمينه التي يلجأ إليها الصغار والكبار،، صاحبة كريزما خاصة ،، بناتها كما تحب أن تطلق هي علي طالبات الصف عندها،،، يعاملنها بحب فائق يصادقنها ،، ويغتنمن كل فرصه للتقرب منها ،، كن طريقها إلى معرفة صفحات الانترنت ،، والشات .. من خلالهن عرفت عن الكثير من القضايا ،، وتفاعلت معها ،، كتبت وشاركت البنات أحلامهن ،، وشجعت الموهوبات منهن ،،، روحها المغامره وجرأتها جعلت منها خير محفز لأستنهاض طاقات البنات ،،، دلتها أحداهن على موقع شخصي يهاجم الحكومه ،، وينتصر لاحدى الصحفيات اللواتي أحتجزن ظلما ،، يجمعن التوقيعات لمناصرتها ،، كتبت بصدق رافضه الظلم ،، ومندده بما حدث ،،، تكرر الموقف حين سمعت عن موقع يدعو إلى الأضراب العام،، كتبت مشاركة ومساندة .. لم تكن على دراية قوية بتكنولوجيا الويب ،، تسجل باسمها الحقيقي ،، وتذكر كافة البيانات بشفافية ،..

وصلتها رسائل تهديد ،، ورسائل أخري تحمل في طياتها سب وشتائم رهيبة.. تجاهلت كل هذا ،،، فوجئت بجرس الهاتف في ساعة متأخره،،، شخصا يهددها ،، ويتوعدها ،، أغلقت السماعة .. باتت ليلتها متيقظة ... في الصباح طلبتها المديرة ... لمحت أثار الفزع والحزن على قسماتها ،،، سألتها بحذر عن اخر أجازة قامت بها ،،، لم تفهم المغزي ،، طلبت منها أن تقدم على إجازة ..  حين حاولت أن تفهم ،، لم تعطها الفرصه ..  ألمحت بأن عليها ضغوط ,, وانها تفضل لو قدمت إستقالتها ... فهي لا ترغب في وجود مشاكل.. لم تستطيع أن تفهم ،،، جلست في البيت أياما لا تدري أتبكي أم تكتم ألمها ... زارتها بناتها .. غضبن لما حدث .. وعدنها بأن يكتبوا عن ما حدث لها .. وأن يستنصروا الوزير .. تبسمت وهي تحذرهم من كتابة أي شئ .. الآن علي الأقل ... مضت الأيام رتيبة  لا.. يكسر كآبتها سوي زيارات البنات لها من وقت لأخر ... أقبالها علي الحياة خفف من حدة محنتها .. التي لم تعرف لأنتهائها تاريخا ... أفاقت ذات صباح على جرس الباب .. وجدتهن بصخبهن ومرحهن ... أخبرنها عن مظاهره سيشتركن فيها للتنديد بالظلم والفساد ... طلبن منها أن تخرج من عزلتها وتشاركهن.. ترددت في البدايه لكنها وجدتها فرصه لأستخراج مكنون صدرها من الحزن المكبوت ... هللن لموافقتها .. وأتفقن علي الحضور في الغد لأصطحابها ... مكثن يصغن بعض العبارات الرنانه ... وأتفقن علي عمل بعض اللوحات المعبره عن غضبهن ... تناست حزنها لوهله وهي تنصهر بين أفكارهن وحماسهن... في اليوم التالي كانت علي الموعد .. خرجت معهن وكلها حماسه ... أنضممن لجموع المتظاهرين ... هتفت بأعلي صوتها .. لم تشعر ألا وهي في مقدمة الصفوف .. شعورها بالظلم كان وقودا لمشاعرها...أزداد الهتاف .. وتكاثرت الجموع أكثر فأكثر ... أقتربن من سياج من رجال الأمن طوق المكان،، لم يجفلن .. تراجع السياج أمام ضغطهن خطوات .. بصيحه من رئيسهم أرتفعت الهروات في الهواء .. لم يتوقف الزحف .. صرخة أخري جعلت الهروات تهتز في أيديهم بعنف فوق الرؤوس،، تفرق البعض .. وأنهارالبعض تحت وطأة الضرب الأعمي والأصم ... بدأ رجال الأمن في إلقاء القبض علي البعض  وتقيدهم وشحنهم في السيارات المنتظرة ... لم تدر إلا وهي ملقاة في زاويه إحدي سيارات الأمن ... وفوقها ثلاث بنات قد خضب الدم وجوههن ... في ظلمة السجن جلست تبكي بحرقه ... لم يتوقف دمعها .. ألا بمواساة أحدي زميلاتها في الزنزانه ذكرتها بعدل الله وأن ما هم فيه انما هي محنه من الله .. أطمئنت لحديثها وهدأت نفسها قليلا .. في الصباح أفاقت علي أسمها ينادي .. نظرت بصمت إلي الضابط .. شعرت بكراهيه لم تستشعرها يوما... تبسم في تشفي وهو يوجه لها الأسئله .. لم ترد علي أغلب الأسئله ... كانت نظرات الأحتقار والأزدراء تملؤه غضبا عليها فيشير لأحد زبانيته أن يلطمها ... حين أعادها إلي الزنزانه كانت دموعها تغطي قسماتها،، احتضنتها رفيقتها في حنو ،، ربتت علي ظهرها همست في ود أصبري اقترب يوم القصاص .. لم تفهم ما تعنيه .. مكثت في حبسها عشرون يوما ... ذاقت فيها صنوف الذل والهوان... حظها العاثر أوقعها مع ضابط بلا ضمير ... يتسلي برؤية الدم والدموع .. يعتبر كل خارج عن السلطه وأوامرها مهما كان .. خائنا يجب النيل منه.. بأساليب قانونيه او قمعيه لا يهم ... قضت لياليها دامعه ذاهله .. وأيامها ذابله متألمه بين أساليب مهينه في التحقيق ... وسيل من الأهانات والتعذيب ...لم يخفف عنها الا حديث زميلتها التي عرفت فيما بعد أنها صحفيه في جريده معارضه للسلطة ،، وإنها منتميه لجماعة تدعو إلي الحريه والديموقراطيه ،، كما حاولت أن تشرح لها أهدافهم ورغبتها في أن تصبح واحده منهم تناضل من أجل الوطن وتحريره من الطغيان .. كانت تستمع إليها وتناقشها أحيانا في محاولة لقتل الوقت ،،لم تكن مقتنعه تماما بما تناقشها فيه ،، وبما تحاول أن تقنعها به وهو الأنضمام إليهم في سعيهم إلي إحداث تغييرولو بالعنف طالما أن الوسائل السلميه لم تفلح .. تعددت جلسات التحقيق .. لم يصل معها الضابط لشئ يدينها ،،، جاءته الأوامر بالافراج عن كل من أعتقلهم ،،، خرجت أنسانه أخري غير التي دخلت،،، مرتابه في كل من تقابله... زائغة النظرات... مرتبكة الفكر ... لا ترد علي الهاتف... لا تستقبل أحد في بيتها ... قاطعت الجيران ... وأنقطعت عن بناتها ... عبثا حاولن انتشالها من حزنها ،.. كانت الأسئله بداخلها كثيرة ،.. وعلامات الأستفهام لا حصر لها .. لماذا يحدث لها هذا ؟ وكيف يكون الحوار هكذا القلم ترد عليه العصا ؟ والقوه تتصدي لأي رأي؟ كانت تظن أن العالم ليس بهذا السواد، ولم تسكنه الظلمه بتلك القسوه .. خوفها علي بناتها إن أقتربن منها .. جعلها تتأني في إعادة علاقتها بهن .. حاولت استعادة وظيفتها .. كتبت للجهات المعنيه .. طال إنتظارها .. حاولت شغل وقتها بالكتابة .. راسلت بعض الصحف .. نشرت قصتها إحدي الصحف، قصدت مبني الصحيفه لتشكر المحرر .. فوجئت برفيقة زنزاتها .. تبسمت وهي تهم بالجلوس .. تجاذبا أطراف الحديث .. إنصرفت علي وعد بلقائها .. بعد عدة لقاءات عرضت عليها الإنضمام إلي جماعتها .. شعرت بأنه ماعاد شئ تخسره .. وافقت .
نشاطها وإخلاصها جعلها تتقدم الصف .. في أشهر قليله أنضمت لقيادة المجموعه .. تعلمت الكثير عن قضايا الوطن .. وكيف تدار الأمور لمصلحة ثلة قليله منتفعه .. لا يهمها سوي مصالحها .. قرأت الكثير من الملفات .. تعرفت علي الوجه الأخر لهؤلاء المتشدقين بحب الوطن أمام الشاشات .. وكيف هو فسادهم وأفسادهم الذي طال شتي مجالات الحياة .. حين أفاقت ذات يوم ونظرت في المرآه سرت بجسدها قشعريره .. لم تعرف وجهها في المرآه .. لم تكن ذات المرأه.

 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved