الكونُ يتربعُ على عرش البحر ِ, تعالي ونامي بجانبي كما كنت أنام في محارة ٍ.كلما قررتُ روية َ الّشمس ,يدفعني الموجَ لمغارة الجنةِ,لأنام َأكثرَ,فما زال الوقتُ مبكراً للنهوض ِ.
استلقي وتصوري معي، كيف كنتُ أرى أمي مريم، تبث النار في شمعة الولادةِ وتنتظرُ أن يهبط نيزكا ً
لتبرقُ الدنيا وتلمعُ ، فيهطلُ الحبَ وابلاً .
كانت ترقصُ فأرقص ُ معها، كنت ُ أنتشي عندما اسمعها تغني: (بكرى أنت وجاي لح زين الرّيح..خلّي الشّمس مراية والكنار يصيح)
ياإلهي أمي تنتظرني ! كضوءٍ يخترقُ روحَ الأرض عند الصباح.
كم كانت تضحكُ ! حين تمسكُ قطعة من ثيابي، وتقولُ لجدتي :هذا الثوب لأبني الله كم سيكون جميلاً !؟
آه ما أصغرَه ُ! كنت أنزعج فأنا أكبرُ من أمي وأبي وحتى من نفسي .
لاتستغربي حبيبتي، إذ قلتُ لك، كنتُ أرى أمي نائمة على سرير وجودي . ربما
تقولينَ موسوس ٌ؟ إنها الحقيقة، صدقيني، يوماً ما سمعت أمي تبكي كحمامة ٍ قص َ جنَاحاها، بكيتُ معها دون دموع، يومها ماتت جد تي قبل أن تراني وأراها .
كنت أُرفرف ُ كعصفور جنةٍ عندما تمارسُ أمي رياضة َالصباح بطلب ٍالطبيب منها ذلك. وأضحكُ إذ رأيتُ دوريين يتبادلان تحية الحب، على ضوءِ الشفق .
رائحة َالأرض والشّمسُ تطبَعُ على جسدها قبلة البداية، تنعشني، وأتعب إذا هرولت أمي، ثم أقف لأخذِ شّهيقِ كافي ثم أتابعُ مشوارَ البداية ِ.
ألج البيت أرتشفُ القهوة فأستيقظ، لم أكن أرغبُ بها، لكنها عادة ًهمت بها على ما يبدو، أمعائي كانت تتقلبُ مابين الواجبِ والرفض لكأس الحليب والبيضة المسلوقة، كم اكره الواجباتِ .
آه !قبل أن أنسى سأخبرك كيف كنتُ أنام :رأسي للأمام , فيماركبتاي تلتصقان به إذ كان البرد يفتتُ عظامي، كعصفور ٍ يفردُ جنا حيه ِحالما ًبالنور ٍ والحرية ٍ, دفء أمي يعانقني في جنتها المخلوقة على الأرض .
تقول الحبيبة :
..يحلمُ.. يهلوسُ، أم يهذي ؟ يخطفُ الخوفُ لونَ وجهها، يرمقها بنظرةٍ ويقول : لا تخافي لم أذل في عقلي .
أخبرني أرجوك:
كيف .. متى .. أين.. هل تحب سواي، أعا شق أنت اليوم، ماذا يحدث، أين عشت هذه الأحداث؟
لا تخافي .. لا تخافي ..سأكملُ لك ,في لحظة خطفت كالبرق ِ,صرخت أمي، تزلزل تماسكَ الجسدين، لنفترق .
الموت لامس قلبها يوم انشطر منه جزءٌ لبيئة لا تشبه بيئتها المحاطة بماء النجاة ِ.
كم كنا سعداء وقت كنا روحا ً وجسداً ، لكنها نقطة التحول بين الأبيض والأسود في حياتي على نحو لم أبصر له مثيلاً.
صوت لآذان الصباح كانت أمي، منسوجة من لوعة الحب وشوق البعد ورحمة الآلهة، كانت جزءاً من نور الرّب .
لم تدرك إلا ما يرمي !
ضحك وضحك حتى عانقت ضحكته روح أمه، وقال إنها الحياة في رحمها : ومازال يضحك، لكن رقاص الساعة يتمايل، فتراءت له غجرية ترقص بجنون الشّمس المعلنة بداية الصباح .
مياده قداح-

