وهي رسمياً "خطة ترامب للسلام"، وترامب يُعَدُ الرئيس الأمريكي الأكثر التصاقاً بإسرائيل من بين كل الرؤساء الخمسة والأربعين الذين توالوا على رئاسة الإدارة الأمريكية.. والتي أعلن عن قسم الخطة الإقتصادي في حزيران إبان مؤتمر المنامة "للسلام الإقتصادي"، من العام المنصرف على أن يعلن قسمها السياسي في وقت مناسب لاحق، وكان الوقت المناسب هو يوم الثامن والعشرين من ك2 الحالي وخلال قمة جمعته مع صديقه الحميم نتنياهو، فهي صفقة أمريكية إسرائيلية بامتياز طبخت على نار هادئة بعيداً عن أي مشاركة دولية أخرى! بل أوكِل لتنفيذ الخطة ومتابعتها مع كل الأطراف المعنية لصهر ترامب، الصديق الحميم لإسرائيل كوشنر..
ويبدو من الواضح أن الظرف الذي اختاره ترامب مناسب تماماً، فالدولة الفلسطينة تعاني من مشاكل داخلية سياسية وإذا قلت من التشظي لا أكون مبالغا، ومن الناحية الإقتصادية من الفقر والحصار والفساد الذي يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني من تضخم وبطالة وركود في السوق يعكس الركود الإقتصادي لأجل هذا مُنّي وأغري الجانبُ الفلسطيني بإدخال رؤوس استثمارية واعتمادات مالية قد تصل لأكثر من خمسين مليار دولار يساهم فيها المجتمع الدولي ولا سيما الدول الخليجية وحتى إسرائيل نفسها الحالمة بالسيطرة على أسواق الشرق الأوسط؛ وما شجع ترامب ونتنياهو هو حالة التمزق التي تعاني منها البلدان القوية سوريا والعراق وليبيا وحتى الجزائر.. ناهيك عن ليونة تمثلت بعلاقات سرية مع السعودية ودول الخليج وخاصة الإمارات ومن امتنع اليوم كالكويت سيلين غداً !!
لذا فإن قطع السلطة الفلسطينية اتصالاتها الرسمية مع إدارة ترامب في كانون الأول الماضي هو لطمة سياسية تغابى عنها وبُذلت جهود استثنائية من مصر والسعودية في تليين السلطة الفلسطينية الرافضة بثبات، فإن فلسطين بدون القدس لن تكون فلسطين والقفز على قضايا هامة مثل عود اللاجئين وتقسيم أشلاء فلسطين إلى جزر أو كانتونات مرتبطة مع بعضها بأنفاق، وضم وادي الأردن التي أعلن عنها ترامب في سياق الخطة يشكل بالأساس اعتداء برتوكولياً سياسياً له عواقب خطيرة بل هي قنابل كبيرة موقوتة.. خلال أربع سنوات تجريبية تمكن إسرائيل أن تتنكر لكل بنود الإتفاقيات كما في اتفاقية أوسلو... في حين ظلت الحلول والقرارات الدولية مركونة على الرفوف العالية.. بما فيها مقترح الملك عبد الله الذي تنكر له سلمان والسيسي بدعوتهما السلطة الفلسطينية لدراسة الصفقة بدقة قبل الرفض ..
الجديد في الأمر هو أن التطبيع هو سيد الموقف ويجري على استحياء وسرية أول الأمر ثم سقطت قطرة الحياء وأسقطت معها أوراق التوت فالوفود العربية لا سيما السعودية (قلعة العروبة والإسلام) تأخذ طابعا فرديا عندما تنفضح؛ بمثل ما صافح الرئيس العراقي الراحل طالباني جزار قانا شمعون بيريس وخرق الدستور مدعياً إنه تصرف شخصي والعذر أسوأ من الفعل.. بل إن إسرائيل وصحيفة معاريف سمّت بعض أعضاء البرلمان العراقي الذين قاموا بزيارات سرية وبعضهم لثلاث مرات.. !
على كل الساسة العرب أن يقفوا مع الشعب الفلسطيني ويدعموا السلطة الفلسطينة على الأقل لحماية القدس والأقصى وإلا ستلاحقهم لعنة التاريخ التي لاترحم !
31 ك2/يناير 2020