شرارة التي رفضت نهج الطاغية مرَّت ذكراها بصمت

2012-06-16
قيل (انهم) اختاروا لها ان تغادرنا هكذا فقد حاصروها تماما، منعوها من السفر الى خارج العراق، ومنعوها من العمل في العراق لانها لم تعد استاذة جامعية بعد أن اجبروها على ترك وظيفتها، ومنعوا عنها الراتب التقاعدي الضئيل ايضاً فخسرت خدمة ستة وعشرين عاما .. كشفت في روايتها (إذا الأيّام أغسقت) سلطة رجال المخابرات والأمن الصدامي والدور البعثي العبثي في الاوساط الجامعية ومحاصرة الكفاءات العلمية الحقيقية. عانت من جور السلطة وممارساتها القمعية.. ونهلت من معاناة غيرها وتجرعت الكثير من الهموم.. كانت محاصرة في أروقة الجامعة فشعرت من انها مراقبة فى حركاتها وسكناتها, وفُتحت رسائلها مرات عديدة من قبل مسؤول أمن الكلية لاعتبارها من المشكوك فى ولائهم ولانها غير حزبية. واحست ان ليس بامكانها الاستمرار على التدريس فى هذا الجو الخانق والكالح والمضايقات المتواصلة والابتزاز..مورست معها شتى الوسائل للنيل من كرامتها، صبرت،تحملت،صمدت، وكانت رغم العسف تواصل العطاء.. أنجزت في تلك الأجواء الكثير، لذا قاست «حياة» كثيراً في حياتها الجامعية بسبب رفضها الانتماء إلى حزب البعث، مؤكدة بحزم موقفها المستقل و التفرد الذي لا يتحمله الفكر التوحيدي و الأنظمة الشمولية، مما أدى إلى تعرضها إلى تلك الصعوبات، و خُلقت مشاكل كثيرة لها، أثناء وجودها في الجامعة. وعندما تضاعف العنف و اضطهاد الناس الذين لا يخضعون إلى فلسفة حزب البعث في تلك الفترة، أُتخذ قرار بالتخلص من جميع الأساتذة الذين لا ينتمون للحزب.
في آب 1997 توقف قلب الاكاديمية والمترجمة والباحثة والشاعرة حياة شرارة، في ظروف غامضة زمن النظام الدكتاتوري المباد، كشف عن موتها بعد سقوط النظام بانه عملية تصفية للراحلة الكبيرة وعائلتها، بعد اعدام زوجها الدكتور محمد صالح سميسم . تظل الراحلة كيانا انسانيا مميزا سواء في عطاءاتها الابداعية المتعددة في أكثر من حقل وميدان ، أو في سلوكها الحياتي المعيشي ودماثة أخلاقها ، فقد تنوع انتاجها الثر بين الكتابة السردية ، رواية وقصة ، وبحثا ومقالة وترجمة ،وتحقيقا، فضلا عن كتابتها لديوانين شعريين ، ويعود كل ذلك ، الى تنوع أدواتها الثقافية والمعرفية ، من كونها نشأت في بيئة ثقافية وفكرية وأدبية أسست الى حد كبير لقاعدتها المعرفية .
ومما يؤسف ذكره اليوم أن رجال الأمن والمخابرات لجهاز الطاغية صدام والذين زرعهم في كليات وجامعات العراق للتجسس واضطهاد الكفاءات المخلصة وحصلوا على شهادات عليا مزورة ما زالوا اليوم يشغلون مناصباً وقد وصل بعضهم الى مناصب رؤساء الجامعات ومعاونيهم وعمداء كليات ومعاهد.


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved