وأصبحت الموسيقى تعزف في بيوت المواطنين ومدارس المدن الصغيرة والقرى، وانتشرت مؤلفات الأعلام بطريقة لم تكن متاحة من قبل.
ومن أهم أحداث ذلك العصر أيضا قيام حركة الإصلاح البروتستانتية في ألمانيا، وتعريض سلطة الكنيسة الكاثوليكية للخطر، وما ترتب على ذلك من قيام صراع بينهما دام طويلا، ولعبت الموسيقى دورا في هذا الصراع، شأنها في ذلك شأن الأدب وسائر الفنون
كان لحركة الإصلاح الديني أثرها في التقليل من أهمية الألحان المتداولة في الطقوس والقداديس الكاثوليكية، وانتشار الترتيل الجماعي الذي تتميز ألحانه بالبساطة والسهولة، والذي تبنته الكنيسة الكاثوليكية.
كانت خاتمة إنجازات روح عصر النهضة، هما: ( المادريجال )، ثم ( الأوبرا)، قبل أن يظهر ويعم الأسلوب ( الباروكي) الذي أتى بعد عصر النهضة، واختلف طابع ( المادريجال ) الإيطالي الجديد، فأصبح يمثل الصفوة المتحضرة، ويعكس في رشاقة وشاعرية روح الشعر الإيطالي في أرقى نماذجه.
وظلت ( البوليفونية) المبسطة باقية في المادريجال، وأضفت إليها جماليات لحنية وتركيبات هارمونية متآلفة، مع مزج مبتكر في الألوان وتناسق وتوازن في الشكل، وهو ما أضفى على المادريجال صفات جديدة لم يكن له بها عهد.
وجاء مولد الأوبرا إشباعا لرغبة المؤلفين في إحياء الدراما اليونانية وتقديمها لا بالأسلوب الإلقائي والخط اللحني المفرد، بل بأحدث ما وصلت إليه الفنون الموسيقية في التعبير من( بوليفونية وتلوين أوركسترالي) وقامت مجموعة من الأدباء في فلورنسا بدراسة طبيعة الموسيقى اليونانية القديمة، وكيفية استخدامها في الدراما، وظهرت أولى المحاولات في المسرحية الملحنة ( فن الأوبرا ) .
أبرز مؤلفي هذا العصر
جيوفاني بيولويجي دا بالسترينا
Giovanni Pieriuigi Da Paiestrina
في مدينة ( بالسترينا ) التي تقع بين روما ونابولي، ولد (جيوفاني بيولويجي دا بالسترينا ) الإيطالي، الذي عرف باسم مسقط رأسه (بالسترينا).
في طفولته كان يعمل منشدا في كاتدرائية بلده، ثم أرسله والده إلى روما ليتعلم الموسيقى، واستطاع أن يلم إلماما تاما بفن البوليفونيه والإنشاد الموسيقِي عند الفلمنكيين، غير أن مؤلفاته لم تكن ترديدا لأسلوب أساتذته، بل جمعت بين الخصائص التي تميزت بها النهضة الإيطالية.
أمضى بالسترينا حياته الفنية كلها في روما في خدمة الكنيسة الكاثوليكية، وإن كان قد ابتعد عنها لمدة سبعة عشر عاما، إذ قرر البابا ( بولس الرابع) إبعاد جميع المغنيين المتزوجين عن الكنيسة البابوية، لفرض العزوبية كأحد اتجاهات روما في مقاومة البروتستانتية. وكان بالسترينا متزوجا وأبا لولدين.
وبعد أن انتقل في عدد من الكنائس، عاد إلى مسقط رأسه وإلى الكاتدرائية التي كان يعمل فيها منشدا في طفولته، وكان قد بلغ الأربعين من العمر، ولم يكن يشكو فقراً أو عوزاً، فقد ورث هو وزوجته بعض المباني السكنية وحقولا لزراعة العنب.
وعلي الرغم من شعبية بالسترينا، واعتباره أمير الموسيقى في الكنيسة الكاثوليكية، وأعظم أعلام روما البابوية، فإن معظم أعماله لم تُنشر إلا بعد وفاته .
ومن أشهر موسيقين هذا العصر ايضا ، ( جون دولاند ) الموسيقي البريطاني ، الذي قام بتأليف حوالي الف قطعة موسيقية على الة العود ..