سرقة رمبرانت !

2009-08-12
قبل ثلاث سنوات تسببت لوحة صغيرة بمشكلة كبيرة لبوب ويتمان من مكتب ألتحقيقات ألفدرالي وهاهو الآن يقول كل شيئ .
كانت س//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/efd1db3d-bdc8-4093-b984-a54c4be74a2e.jpeg توكهولم ألعاصمة السويدية تعيش أعياد ألميلاد في 22 ديسمبر / كانون ألأول عام 2000، وفي ألساعة 4:45 بعد ألظهر على وجه ألدقة والأرض وقد إفترشها ألثلج وكأنه سجادة بيضاء وضعت فوقها كان آخر زوار ألمتحف ألوطني ألسويدي يضع معطفه على يديه إستعدادا للمغادرة وجمهور ألمتحف يتحدثون ويضحكون ، في هذا ألجو الإحتفالي ألذي يوشك أن يأتي إلى نهايته فجأة وفي تلك أللحظة أوقف عدة لصوص سيارة مازدا وأخرى نوع فورد عبر طريقين جانبيين يمران في هذه ألجزيرة ألتي يقع عليها ألمتحف والمطوقة بالكامل تقريبا بالمياه ، وأضرموا بالسيارتين ألنار ثم نثروا مساميرا فولاذية على ألطريق ألمؤدي إليه لثقب إطارات عجلات سيارات ألشرطة في حالة مطاردتها لهم .
أخذت ألنيران تشتعل بالسيارتين في حين دخل ثلاثة من أعضاء ألعصابة ألمتحف ألوطني ألسويدي في ستوكهولم وكانوا يرتدون أقنعة ويحملون مسدسات ورشاشات ، أضاف ويتمان أنهم أمروا جميع من بقي في ألمتحف بالإستلقاء على ألأرض ، ثم وضع زعيم ألعصابة مسدسه على رأس أحد ألحراس فيما صعد إثنان من أعضاء ألعصابة ألسلم ألمؤدي إلى ألطابق ألثاني وهم يعرفون أين يذهبون لأنهم درسوا وخططوا للعملية أشهرا عدة ، إلا أنهم وجدوا سهولة في عملهم لأنه لاتوجد شاشات أو كاميرات مراقبة فنزعوا لوحة رامبرانت من على ألجدار ووضعوها في كيس مع غنائمهم ألأخرى وهرولوا مسرعين خارج ألمتحف بينما أخذ رئيسهم يبتعد رويدا رويدا هو الآخر مبتعدا بمسدسه عن رئيس ألحرس وركضوا على طول ألرصيف ألممتد خلف ألمتحف حيث ينتظرهم قارب سريع أقلهم خارج هذه ألجزيرة حيث تواروا عن ألأنظارفي أقل من نصف ساعة ، أما ألأكثر جرأة فإن سرقة هذه ألتحفة ألفنية قد إختفت هي أيضا سنوات عن ألأنظار .
ألصدمة أحدثت دويا قويا بين كل ألأوساط ، فرمبرانت كان كنزا وطنيا ، ولوحته هذه ألتي وصلت ألسويد عام 1956 سببت سرقتها حدادا لدى ألسويديون ألتي من جانبها دعت شرطة كل من ألدنمارك والولايات ألمتحدة ألأميركية لمساعدتها وأنشأت لهذا ألغرض غرفة عمليات والتي وصلها بالفعل ويتمان ألذي شكل من جانبه قوة من فريق متخصص تعداده 13 من ألوكلاء ألأمنيون ألذين يتمتعون بخبرة جيدة في مجال مطاردة ألأعمال ألفنية ألمسروقة .
كان ويتمان قد عاد مؤخرا إلى ألعمل بعد أن تفرغ للمحاماة ، وقد قضى في مهنته ألسابقة قرابة 20 عاما ساعد فيها على إسترداد أكثر من 250 مليون دولار وهي قيمة ألأعمال ألفنية ألتي ساهم في رسمها ألرسام ( نورمان روكويل ) و ( مارك روثكو ) وأعاد دروعا مذهبة سرقت من مقبرة في بيرو وجيرونيمو، يقول ويتمان إن إنقاذ هذه ألأشياء يقربنا كبشر ، ويشرح لنا لماذا يذهب إلى عمله كل يوم إلى جانب ذلك تبدو لوحة رامبرانت حافزا قويا لإستئناف ذلك ألعمل .
بورتريه رامبرانت بمعطفه ألداكن ذي أللون ألبني مع ألقلنسوة ألسوداء وشعره ألمجعّد وتحديقة عينيه إلينا هذه هي سُمات لوحته ألمسروقة مع أنه رسم صورا ذاتية له بلغت أكثر من 90 صورة بفترات زمنية تعاقب عليها حتى وفاته عام 1669مارا بسني شبابه عام 1620 وحتى شيخوخته ، لكن هذه أللوحة بالذات تعد من أصغر رسوماته وتتجلى فيها عبقريته ألفذة تلاعب فيها بفرشاته بين ألعُتمة والضوء ويصل ثمنها الآن 40 مليون دولار .
يقول ويتمان ألذي قطع شوطا طويلا في هذا ألمظمار : ( سرقة ألأعمال ألفنية وتزويرها باتت تجارة تضاهي تجارى ألمخدرات وتهريب ألأسلحة وغسيل ألأموال ، فهي أكثر ربحية وزادت في الآونة الآخيرة على 6 مليارات سنويا ، إلا أن بعض ألمتاحف لاتستطيع أن تدفع أي فدية للحصول على معروضاتها ألمسروقة نظرا لقلة ألدعم ألمالي ألذي تتلقاه ، فيلجأ أللصوص إلى بيع هذه ألأعمال في ألأسواق ألمفتوحة ولكن نادرا ما ينجح ذلك ، أحد ألهواة أخبرني مرة أن أللصوص عرضوا عليه لوحة لمونيه فرفض شراؤها لأنه لايمكن عرضها علنا ويبقى هذا ألعمل مدة متوسطها سبعة سنوات حتى يستطيع أحدا شراؤها ، وقد يكون سعرها أقل بنحو 7 إلى 10 في ألمئة لأنها تحمل محاذير كثيرة مع أن قيمتها ملايين ألدولارات ).
كان الفريق ألذي شكله ويتمان مع ألشرطة ألسويدية يسابق الزمن لأن أي تأخير معناه فقدان أللوحة لسنوات طويلة أو تلفها، وهويعيش هذه ألدوامة في كل دقيقة من حياته أعلمته ألشرطة ألسويدية بدخول أموال جلبت من ألولايات ألمتحدة تقدر ب 250000 ألف دولار بصورة غير شرعية فأمر بملاحقة هذا ألمال وفعلا تم إلقاء ألقبض على حامله ومن زنزانته إعترف بأنه جاء لشراء لوحة تعود للرسام الهولندي ألشهير رامبرانت وأن ألوسيط سويدي يدعى ألكسندر لندغرين وبعد أن توضحت ألصورة امام ألفريق ألأمني أعد ويتمان خطته للقبض على ألعصابة ، يقول ويتمان : ( هناك قاعدة ذهبية نتداولها نحن ألعاملون في هذه ألأجهزة أن في كل عملية من ألعمليات ألتي تمر علينا تظهر وظيفة تسمى / ألمحاباة والخيانة / تتطور بتطور اللغة ألمتبادلة بين ألشرطة من جهة والعصابات من جهة أخرى ثم تنتقل بسرعة متجاوزة / ألشك على ألثقة / وهذا ماندعوه ب / لحظة ألقبول / فعملنا على لقاء كاظم وأخوته عن طريق لندغرين وهذا ما حصل فعلا وتم أللقاء في أحد ألفنادق وتقمصت شخصية ألأمريكي ألذي يروم شراء أللوحة وهكذا تم إسقاط ألعصابة في غضون نصف ساعة لكنها في حساباتنا سنوات لأن هناك من ينتظر ألنتيجة ).
كانت ألزنزانة بإنتظار ألثلاثة عشر من ألذين حاولوا سرقة وبيع أللوحة وعندما سألت بهاء كا ظم ألذي أكد أنه هو ألذي نزع أللوحة ألفنية من إطارها ، هل أنت من محبي ألفن ، أجاب : ( كلا ..فقط أنا مجرد رقم يحب ألمال ) ، ويتمان من جانبه ولخبرته ألطويلة في مجال فحص أللوحات أخذ بفحصها بمصباح يعمل بالأشعة فوق ألبنفسجية في غرفة معتمة للتأكد من أن أللوحة أصلية وليست مزورة أو أنها خالية من أي أضرار قد تلحق بها نتيجة ألسرقة .
بعد هذه ألحادثة ألتي أجبرت ألمتحف ألوطني ألسويدي عام 2005 عل وضع كاميرات للمراقبة مع حماية ألأعمال ألفنية بزجاج مضاد للرصاص ، وأصبحت شرطة حماية ألمتحف أكثر تسليحا من ذي قبل فباتوا يحملون أسلحة أوتماتيكية حديثة مع دروع واقية للبدن .
وايتمان ودع ألسويد مبتسما لأنه شعر بأن تعاون ألشرطة ألأمريكية والسويدية أثمر وبشكل كبير ، لكن ألأخوة كاظم والكسندر ليندغرين وآخرون أدينوا بتهمة ألحصول على بضائع مسروقة فقضوا فترات قليلة في ألسجن وأطلق سراحهم ولا زالوا يعيشون في ألسويد .
ألهوامش
مجلة / ريدرز دايجست ألأمريكية
سايمون ورال / كاتب أمريكي
أحمد فاضل

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved