استئصال اللوزتين

2016-01-27
الكثير من الأباء والأمهات يستفسرون عن أمكانية إستئصال لوزتي طفليهما في حدود طلب المعلومة الطبية والأستزادة العلمية، لكن في بعض الأحيان يتعدى الأمر الى أتخاذ ( قرار) حينما يصرح الأبوان "والله نريد نشيل اللوزتين"، وكأن اللوزتين زائدتان!
اللوزتان غدتان لمفوايتان ( اللمف هو نسيج جهاز المناعة في الجسم، ولولاه لما بقى إنسان على وجه البسيطة )، تقعان في الجهة الخلفية من اللسان على جانبي الحلق، يمكن رؤيتهما، مهمتهما يشبهها العلماء بالساتر الدفاعي الأول للجهاز التنفسي والهضمي وبالتالي بوابة التصدي للعديد من الأمراض الجسمانية الالتهابية المختلفة، علماً هناك نوعان آخران من  اللوز، أحداهما تسمى الغدد البلعومية تقع في أقصى الحلق قريبة من القناة الأنفية، والأخرى تسمى الغدد اللسانية وتقع في أقصى اللسان. خلايا هذه الغدد تطلق الأجسام المضادة للبكتريا والفيروسات التي تهاجم جسم الأنسان دوماً.
يوجد في هذه الغدد ( عدا البلعومية ) تجاويف صغيرة تعاني من تراكم بعض أجزاء الطعام وبالتالي البكتريا، أما اللسانية ففيها تجويف صغير.
هذه اللوز تعاني من شتى أنواع الأمراض ولكن الأكثر شيوعاً وبحكم موقعها ووظيفتها، هي الأمراض الالتهابية البكتيرية والفايروسية.
أن سبب تضخم اللوزتين هو الحالة الالتهابية التي تتعرض لها جراء التفاعل بين نسيجها وبين الجراثيم المهاجمة، وهذا الالتهاب ربما يتطور الى  كيس من الخرّاج ( القيح )، وهي حالة أكثر تقدماً جراء تأخر العلاج، وحينما تلتهب اللوزتان فالمريض سيعاني من أرتفاع درجة حرارته ( وبالتالي يشعر بآلام مختلفة في الجسم )، صداع، ألم في الأذن وربما الحنجرة كذلك ،صعوبة في البلع، علماً إن نفس هذه الأعراض ربما يعاني منها المريض وعند الفحص لا نجد الغدتين متضخمتين، والسبب هو التهاب النوعين الأخرين من اللوز.
أن تضخم اللوزتين يعني أنهما فعالتان ويعملان بشكل جيد، ولكن بنفس الوقت فأن تكرار الالتهابات ومع استخدام العلاجات المتنوعة، تتحول هذه الغدد من نسيج لمفاوي فعال مفيد في الدفاع عن الجسم الى نسيج ليفي ( اي تتلييف ) وهو نسيج غير فعال ضار بالجسم، وبالنتيجة ستتضخم أيضاً ولكن ليست ذي فائدة، تفقد خصائصها الدفاعية، وهذا ما يقرره الطبيب المعالج.
التهاب اللوزتين عند الأطفال وخصوصاً أقل من 7 سنوات ،غالباً ما يصاحبه التهاب الزوائد اللحمية الموجودة في الجهاز التنفسي العلوي والتي يولد معها الطفل، ففي الغالبية منهم تزول بتقدم العمر والبعض الأخر تبقى هذه الزوائد مسببةً مشاكل في التنفس (صعوبة ،أنسداد الأنف ،الشخير اثناء النوم ..ألخ).
أن أكثر مراحل التهاب اللوزتين هي مرحلتي الطفولة والبلوغ والسبب يعود الى عدم اكتمال بناء الجهاز المناعي وكذلك كثرة الوسائل التي تنقل العدوى لهم ومنها طبيعة الأطفال في ميلهم الى تناول المرطبات على سبيل المثال، والتي ستهيئ الظروف للإصابة بالعدوى البكتيرية والفايروسية. علماً أن حجم اللوز يقل بتقدم العمر، لذا نادر من نجد إنسان جاوز الستين أن تلتهب اللوزتين لديه.
أن البكتريا والفايروسات أنواعها عديدة جداً، وبإمكان أي نوع أن تصيب اللوزتين، بل هذه الجراثيم بإمكانها أن تنتج سلالات جديدة باستمرار وأيضا لها القدرة المَرَضية، لذلك نرى تكرار التهاب اللوزتين، ولكن هناك نوع واحد من البكتيريا والتي نطلق عليها ( بكتيريا ستربتوكوكس )، وبسبب تركيبتها البايوـ كيمياوية ،فأنها تنتج مضاعفات، وهذه المضاعفات نوعان:
الأول /بسيط وسريع الحصول وعلاجه سهل كما في خراج اللوزتين، التهاب الأذن الوسطى، التهاب الجيوب الأنفية.
الثاني / صعب نوعاً ما ويحصل لاحقاً ويحتاج علاج خاص كما في التهاب المفاصل الروماتزمي(حمى الروماتزم)، التهاب غشاء التامور في القلب، التهاب عضلة القلب نفسها، ألتهاب الشغاف (وهو الغشائ المحيط بالقلب) ، وكذلك التهاب أحدى التركيبات التشريحية للكليتين والتي يطلق عليها (الكُبيبات).
هذان النوعان من المضاعفات يحصلان ولكن بنسب قليلة جداً قياساً الى الكم الهائل من التهابات اللوزتين، كما أنهما لا يحصلان في أي التهاب لوزتي وإنما مقتصران على هذا النوع من البكتيريا.
من المهم جداً أن نعرف أن التهاب اللوزتين لدى الأطفال تحديداً يصاحبه التهاب الغدد اللمفاوية في الجهاز الهضمي مما يجعل أحد أهم أعراض التهاب اللوزتين عند الأطفال هو ألم البطن والتقيؤ، وأحيانا يصاحبه الإسهال.
عند فحص الطفل نجد ما يلي:
ارتفاع بدرجة الحرارة ،ألم بالبطن ،احمرار جوف الفم، ربما رائحة غير مستحبة منه ،تضخم اللوزتين وأحيانا نرى حبيبات او نقاط أو أخاديد ذات لون يختلف عن لون نسيج اللوزتين، مع تضخم في الغدد اللمفاوية على جانبي الرقبة.
في بعض الأحيان تتضخم اللوزتان جراء التهاب اللثة او الأسنان.
أن الغالبية العظمى من التهابات لوزتي الأطفال هي فايروسية ،أما لدى الكبار فأنها بكتيرية، لذا فأن استخدام المضادات الحيوية للأطفال خطأ كبير، بل مضر في احيان كثيرة، واذا حصل أي شك من قبل الطبيب المعالج فبإمكانه أن يجري بعض التحاليل للتأكد من الأصابة البكتيرية، (بعض الأحيان يحصل التهاب بكتيري ثانوي/ أي ما بعد الالتهاب الفايروسي) ،وهذا ما يحدده الطبيب نفسه، أن ألاستخدام العشوائي اللا ـ علمي (وأحياناً التجاري) للمضادات الحيوية تسبب الأتي:
1.   تعريض الطفل الى أضرار أخرى منها، آلام ـ الإبر ـ ، الخوف، الإسهال (جراء قتل البكتريا النافعة الموجودة في أمعاء الطفل).
2.   حصول حالة تُعرف بـ ( مقاومة الجراثيم المضادة للعلاجات )، وبالتالي فنجد أن المصاب يستلم العلاج ولكن بدون جدوى.
أذاً متى يتم استئصال اللوزتين؟
يقول العلماء ان العلاجات طويلة الأمد أو استئصال اللوزتين أثبتتا عدم جدواهما في علاج الإصابة المتكررة للوزتين، حيث وجدوا أن 15 ـ 30% من المرضى بقوا يعانون من وجود تلك الجراثيم في البلعوم، لذا يرى الأطباء أن تحول اللوزتين الى نسيج ليفي هو المؤشر الحقيقي لاستئصالهما،  وأحياناً يتم استئصال الزوائد اللحمية كذلك. كما يرى بعض الجراحين أن استئصال لوزتي طفل لابد من استئصالهما يجب ان يتم بعد عمر الخمس سنوات لإفساح المجال أمام الجهاز المناعي للنمو.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved