عودة مفاجئة

2008-10-17

إذا ت//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/1fc13f7e-28a4-422d-bac7-02d46963f895.jpeg ركت الحارة وراءك وخرجت إلى العمار ستجد تجاهك منزلين متجاورين، ارتفاعهما واحد فكلاهما من طابقين لكن أحدهما أكثر وجاهة من الآخر ، وسيُهيئ إليك أنهما يتساندان كعاشقين في بداية نشوة. وكان الرجلان الكبيران كأخوين والسيدتان كأختين. كان ذلك قبل أن يفرق طيش الأبناء بين العائلتين. ابتدأ الأمر بقصة حب ملتهبة كانت تشتعل نارها فوق السطحين المتجاورين. الشاب فوق منزله يعانق الفتاة التي فوق منزلها فلا حاجز سوى سور منخفض لا يمنع التقاء الشفاه وتبادل الآهات. أما الأهل فأغمضوا الأعين قليلا واثقين أن السفينة تعرف مرفأها جيدا وإنها سترسو باطمئنان إن لم يكن اليوم فغداً.

لكن الرياح هبت وكنست الأرض وقال الشاب لو لم يكن في الكون سواها لن آخذها!

- لماذا؟

- بلا سبب!

- لا يمكن يا بني!

أما أم الفتاة فلاحظتها منقبضة ساهمة شاردة لا تأكل ولا تنام. تتودد إليها لتبوح فلا تجد لديها كلاما مشجعا. ما عادت تسبقها إلى السطح لتنشر الغسيل أو لتجمعه بل تقول:

- - مالها البلكونات؟ ننشر غسيلنا على حبالها.

لكنك لم تتعودي على ذلك! -

الذي لم يتعود يتعود يا ماما-

كانت السيدتان فيما بعد العصاري الصيفية تتبادلان الثرثرات عبر البلكونات المتقاربة لكن أم الفتاة اختفت تماما فصارت أم الشاب تطل وتترقب دون طائل وقد تلمحها خلسة لكن الأخرى تعطيها ظهرها وتمرق نافضة الهواء وراء ظهرها.

- ما الذي جرى؟

- يا بني صارحني! لن تجد من هي في جمال دلال ولا أدبها!

- لم أعد أفكر فيها إطلاقاً

- لحست عقلك سمارة!

وعندما يحدث ويكون أحد الرجلين الكبيرين آتيا والآخر ذاهب ويلمح أحدهما الآخر فعلى الفور ينحرف أحدهما داخل أي دكان وكأنما ليشتري شيئا حتى يكون الآخر قد اختفى !

وتفاقم الحال عندما أعلنت خطبة سعيد على سمارة!

ذبلت وردة شوقية التي كانت مكللة بندى الصباح وحفيف النجوم ونزلت دمعتان من خد أمها وهي تؤكد لها: سأزوجك سيد سيده!

لكن القلب وما يريد. بعد أن خطب ازداد عندها غلاوة، لكنها لن تفصح لأحد بما في قلبها وستنسى.

وجاءها غيره لكنها صممت على الرفض رغم إغراءات أمها.

لكن الذي حدث الليلة لم يكن متوقعا على الإطلاق.

دق جرس الباب وكانت شوقية قريبة منه ففتحت لتجد عمو ناصف أمامها. بابا موجود؟ تفضل يا عمو!. وفتحت له حجرة الجلوس وهرعت لأمها فأخبرتها ثم جاء أبوها متباطئاً، ودخل الصالون مرحبا بالصديق القديم الذي نسي العشرة والعيش والملح.

- أبداً والله يا حاج ولكن الدنيا تلاهي. هل يمكن نسيان أولاد الأصول مثلكم

والست هانم كيف حالها؟ . نحمد الله. والآنسة شوقية التي فتحت لي؟. الشكر لله!

وأين هما؟ لماذا لا يأتيان للجلوس معنا؟ لو سمحت نادهما!

كان معه مظروف لا يتضح ماذا به. دخل الرجل إلى امرأته وسألته لماذا أتى؟ هل ليجدد الود المنقطع؟ ربما! قالت البنت: بعد أن نسيت؟ ولكن كيف؟ لقد رأيتهما أمس سمنا على عسل، هل يختلف مع خطيبته بهذه السهولة ويأتي أبوه طالبا الصفح؟

- - كل شيء جائز.

- - لا أريده.

- - لا تتسرعي!

وبعد تنهيد عميق: ربما يريدنا في أمر أهم وإلا ما جاء وطلب مقابلتنا جميعا.

- ودخلوا فنهض واقفا باحترام زائد ولسانه يلهج بالترحيب كأنه صاحب بيت والعيون على المظروف. والله كبرتِ يا آنسة وأصبحتِ زينة العرائس

- - هكذا؟

تعالي اجلسي إلى جواري

قالت أمها مستكشفة: والأستاذ زكي ما أخباره؟

- دعونا منه الآن عندي ما هو أهم!

وفتح المظروف والعيون مفنجلة، وأخرج مجموعة من الصور الفوتوجرافية . في الصورة الأولى شاب وسيم يجلس إلى مكتب وعلم مصر مثبت على حرف المكتب والخلفية كأنها داخل سفارة. من هذا؟ فقال: اصبروا!

وأراهم الصورة الثانية. ناس كثيرون والشاب في روب المحاماة يترافع وممثل مشهور في قفص الاتهام. بعض وجوه التمثيل في القاعة. قالت شوقية: أعرف كثيرين من هؤلاء. لكن من هذا؟ قال: اصبري!

الصورة الثالثة لنفس الشاب الأنيق. هل سيعرضه عليها زوجا؟ أبوها مدير بنك وأمها مديرة مدرسة ثانوية وأسرتها مرموقة وهي جميلة وسبحان الله! طول عمرها تحب التمثيل!. الشاب وجيه إلى حد الاستفزاز!

من هذا يا أخي كامل؟ -

- صل على النبي يا أخي الفاضل، هذا الشاب الذي تراه في هذه الصور قريبي أنا.

- - صحيح يا عمو؟ ،اندهشت البنت، وتربى عندنا في بيت والدي هو وأمه الطيبة ، كان هنا تلميذا في مدرسة كفر الزيات الإبتدائية. التحق بكلية الحقوق مع إن مجموعه كبير وتعثر لأنه كان يهوى التمثيل.

- ترك الكلية والتحق بمعهد التمثيل فدب المرض في جسد أمه الطيبة حزنا علي ما أصابه.لكنه اجتهد فاختاروه وأسندوا إليه في البداية أدوارا بسيطة. ضابط بوليس يقبض على المجرم في حلقة أو حلقتين. محام يدافع عن المتهم في حلقة أو حلقتين. ممكن كوباية ماء يا ست الستات؟

- - قومي اعملي لعمك عصير مانجو يا شوشو

- وكانت البنت قد قامت قبل أن تكمل أمها الجملة طالبة من عمو أن

- ينتظر فلا يحكي إلا بعد أن تعود. أما الترحيب به فأخذ يتضافر من الجميع. نورتنا يا سي كامل. والله زمان!، أما الأم فنهضت أيضا لتعمل له القهوة التي يحبها: من زمان لم تزرنا. جيئتك عزيزة.

- القهوة أولا أم العصير؟

بعد أن رشف المانجو قال: هذا شاب مكافح، تربيتي، ولذلك اختاروه ليظهر في جميع حلقات المسلسل الجديد واسمه: ليلة عمر، في خمسة وعشرين حلقة كاملة.

- - ما شاء الله، بطولة؟

- شيء كهذا. -

- والبنت تتطلع إلى الصورة مبهورة.

- - سيذاع المسلسل في رمضان القادم. انظروا! هذه صورته في جريدة الأهرام، اقرءوا: الفنان الشاب توفيق زايد في دور...

- خطفت شوقية الجريدة منه وقال: هذا المسلسل سيعوض صبره خيرا. سيدر عليه دخلا هائلا ، وأخذ منها الصور التي كانت ىكأنما تحتضنها وأعادها إلى المظروف، وطبق الجريدة كما كانت وضمها إلى صدره ثم نهض واقفا : أستأذنكم فأنا أنام مبكرا هذه الأيام لكن في رمضان يحلو السهر. لا تنسوا مشاهدة مسلسل ليلة العمر ، ستقضون معه وقتا ممتعا في الشهر الكريم. فتكم بعافية!

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved