ياموتنا في نصالك الحياة

2014-09-30
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/d22946ce-14e1-4ec0-bda6-cb710bf66539.jpeg
كنعانيون 
من البحر جاؤوا وإليه يعودون
مسافرون والزنازين رحلتهم
حزينون ودروبهم صمّاء
تلوكهم البلاد بِغُلٍ
معصوب مصيرهم
بين راحتيّ الأسى
منذ أن أمسوا بلا وطن
تهاوت أجسادهم في المنافي
وماتوا غرباء
بلا أوطان

اللّيلة يتمزق قلبي بين موتين
على مقربة من مسافتين
على سبيل الألم
يغسل الملح خُطاي
في وادي المقابر
بالبعد من جوف المرايا
أتكوّم أمام عتبة الله
أتضرع وكفي يبكي
ياموتنا
في نصالك الحياة
كأنك وطائر النار ضدّان

هذا الرحبل النازف لايتوقف
إنّه لايتوقف
أسدلت المدائن ستائر الذبح
فأبحرت قوارب الموت
كالسيقان المبتورة
كانت الدماء تنسدل على أسوار المدينة
كأسماء الراحلين والشهداء
جاء الموت محمولاً على عواهن الرياح
فقالوا اركبوا الفُلكُ قبل الطوفان

في البدء كان وجه القمر فضّة
ذات قتل صار لونه أزرق
يمضون إلى الماء 
وحيدون كأوّل مرة
أسندوا انكسارهم على الأفق الضرير
يتوسّدون المتاهات
هم الراقدون في شقوق الحسرة
مُثقلون بالدعاء
محمومة تلك الأجساد المتهالكة
تتلاطمها الرياح العمياء
وتصفعها الأحزان

كأنَّ الموت على عجلة من أرواحهم
وضعوا أسمالهم وبؤسهم
في ليلة ماطرة
يتقاسمون الخيبات المسمومة
تظنّهم يقظى وهم تائهون
بتر البحر وريد الماء
وأوصد الموج المسفوح
خاصرة الأخاديد دونهم
وأضحى العجز الممسوس
للأضرحة جدران

انقلب البحر على ظهره
ليطوي النزع الأخير
تتقلّص اليابسة وتتلاشى
البحر لانهاية له
موجات حبلى ماتنفك
تبتلع الأجساد الطرية
مابين الموجة والغيم الهاطل
تموت حبّات المطر باكية
تهاوت أجساد الصبية
أيّها الراقدون في قعر البحر
تحرسكم قلوب الأمهات
أموات بلا أكفان

أحتاج إلى أكثر من الحزن
أكثر من الغضب
لأتحسّس المسمار الأسود في خاصرتي
وهذا اليتم الموسوم
يتوالد وجعٌ كعشب السهول
مغروساً في أحشائي كلعنة العرّاف
أشهد أن جوارب من قضوا
أطهر من أعلام البلاد
يا أحمد الكنعاني
قلب أمك أيها الغريب
قد قتلك الخِذلانُ

ادْنُ مني ببطء
نعم هذا رماد قلبي يرتعش غماً
وحزني مالح بلون الدموع
كأنّ الوطن ينبذنا
كأنّ في استعارة الفجر الضرير
لامتسع للفرح
أيّها المبحرون
اعبروا بصمت
هنا يرقد الهاربون من أخمص أحلامهم
فبين طيّات الماء تغفو أرواحهم
قد أضحت والملح صنوان
 حسن العاصي
كاتب فلسطيني مقيم في الدنمرك

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved